الوصف
عندما تكون عقولنا أسيرة للتحيز أو التصورات أو الأحكام المسبقة فإننا لن نرى أبدًا جمال أو حقيقة أي شيء، لذلك إذا كان عندك تصورات سلبية عن الإسلام، أو قرأت أو سمعت عنه من مصادر غير موثوقة أو غير دقيقة أو من مصادر منحازة تحاول تشويه الإسلام والمسلمين لأسباب وأغراض عديدة؛ فإننا ندعوك لقراءة هذه الرسالة التي تبين حقيقة الإسلام وبعض محاسنه.
ترجمات أخرى 24
د. ناجي بن إبراهيم العرفج
تمهيد:
يقدم هذا الكتاب مجرد بعض الجوانب المضيئة والأمثلة المنتقاة حول جماله وشموله وعظمته وروعته، وهذه الأمثلة وتلك الجوانب والصور الرائعة التي يعرضها هذا الكتاب هي أشبه برأس الجبل الجليدي الذي يطفو فوق سطح الماء، في حين أن هناك جزءاً كبيرًا وهائلاً من ذلك الجبل الجليدي تحت سطح الماء، لا نستطيع بأعيننا المجردة أن نرى حجمه أو ندرك وزنه ومساحته وعظمته الكاملة!
دعونا نكتشف بعض تلك الملامح المشرقة والجوانب الجذابة حول جماله!
بكل وضوح وجلاء، إنه ...
· يحثنا على التحلي بالنوايا الحسنة، والمواقف الإيجابية، والمشاعر الطيبة تجاه الآخرين.
· يدعونا إلى التسامح مع الآخرين، وحب الخير لهم، وأن نحب لهم ما نحب لأنفسنا.
· يحفزنا على التبسم، وبشاشة الوجه مع الآخرين بصدق وإخلاص.
· يوجهنا إلى أن نتعامل مع الآخرين بلطف، وتواضع، واحترام.
· يأمرنا بأن نتحلى بالأخلاق الفاضلة، والسلوك الحسن مع الناس.
· يعلمنا أن نتعامل برحمة وحرص مع البشر، والحيوانات والطيور والبيئة من حولنا.
· يرشدنا إلى احترام آبائنا وكبار السن ورعايتهم، والإحسان إلى الأهل والزوجة والأبناء.
· يشجعنا على إطعام الضعفاء، والفقراء، ومساعدة المحتاجين والمعاقين ومساندتهم.
· يحثنا على البذل والإنفاق، والصدقة والتعاون والتطوع في أعمال الخير والبر، والريادة في خدمة المجتمع والناس في كل مكان.
· يخبرنا بأن خير الناس هو أنفعهم للناس، وأن أكرمهم عند الله هو أتقاهم وأن أفضلهم هو نقي القلب سليم الصدر، الصادق الأمين الكريم المتواضع
· يحثنا على التفكير والتأمل وإعمال العقل، وأن نبني أحكامنا على الدليل الصحيح.
هل اكتشفت ما هو؟
قبل أن أفشي لك سر هذا الجمال وتلك العظمة، دعني أبين لك بأنه أيضا
· يؤكد لنا بأن جميع الناس سواسية، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الجنسية.
· يأمرنا بحفظ الأمن، ونشر السلام في الأرض، ويحذر من التعدي على الآخرين، أو قتل الأبرياء، أو سرقة أموالهم وممتلكاتهم.
· يوجهنا بأن نتجنب الحقد والكراهية، والغرور والتكبر تجاه الآخرين، وألا نحتقر الناس، ولا نحسدهم، ولا نغتابهم، ولا نكذب عليهم، ولا نغشهم، أو نخدعهم، ولا نسيء الظن بهم.
· يخبرنا بوضوح لماذا نحن هنا، ومن أوجدنا، وإلى أين المصير، وما هو المثوى الأخير.
· يرشدنا إلى أن نعيش في سلام، وعلاقات طيبة مع الله (الخالق)، ومع النفس ومع الآخرين.
· يجيب بوضوح عن أسئلتنا المهمة والحاسمة.
باختصار، إنه يدلنا إلى الحق المطلق والأخلاق الفاضلة والقيم السامية والسعادة الحقيقية والطمأنينة والراحة النفسية والخلاص والحياة الأبدية.
هل اكتشفت ما هو؟
إنه الإسلام!
في الحقيقة، قد تكون عند بعض غير المسلمين نقص في المعلومات عن الإسلام أو تصورات سلبية حوله، وربما ينظر البعض منهم إلى الإسلام فقط كما تعرضه وسائل الإعلام المنحازة (ذات المعايير المزدوجة) من خلال حديثها وتغطيتها عن "الإرهابيين" من المسلمين فقط! رغم أن معظم أولئك الأفراد الذين يسلكون طريق التطرف والإرهاب والقتل وسلب الأموال والثروات وتدمير الممتلكات بالظلم والعدوان إنما يسلكون هذا الطريق أو النفق المظلم بدوافع شخصية أو لأغراض مشبوهة سواء كانت سياسية أو فكرية أو أيدلوجية، بغض النظر عن الديانة أو الجنسية التي ينتسب إليها من يتبنى هذه الأعمال الإرهابية ويدعمها أو يقوم بعملها وتنفيذها ضد الدول والمجتمعات أو ضد الأفراد الأبرياء.
من جانب آخر، هناك من تشكلت لديه أحكاما مسبقة وأفكارا مغلوطة عن الإسلام والمسلمين؛ بناء على ما يشاهد أو يتابع أو يسمع أو يقرأ من كتب وصحف وجرائد ودراسات ومصادر وقصص وروايات وقنوات فضائية ووسائل تواصل اجتماعي غير موثوقة أو منحازة تحاول تشويه الإسلام والمسلمين لأسباب مختلفة أو أجندات مغرضة!
ومن أجل اكتشاف الحقيقة حول الإسلام والتعرف على بعض الجوانب الجلية والأمثلة الساطعة عن محاسنه وجماله ووضوحه ويسره وسماحته، أدعوك بإخلاص لقراءة هذا الكتاب بموضوعية وبعقل متفتح.
من الجوانب المضيئة والأمثلة الساطعة على وضوح الإسلام وجماله:
· الوضوح والنقاء في مفهوم الإله الواحد الحق الذي لا يعبد بحق سواه
· الوضوح حول مفهوم الخالق.
· الوضوح حول خلق الخلق والمخلوقات جميعا.
· الوضوح حول خلق الإنسان.
· الوضوح حول الجوانب الروحية الصحيحة.
· الوضوح والصفاء في مفهوم العبادة لله وحده.
· الوضوح حول الغرض والحكمة من الحياة.
· الوضوح حول ما يتعلق بطبيعة الإنسان وعلاقته مع ربه ونفسه وأهله ومجتمعه وتعامله مع الآخرين وتعاملاته وأعماله الدينية والدنيوية.
· الوضوح حول اليوم الآخر.
· الوضوح حول مثوانا الأخير (الجنة أو النار).
· الوضوح حول الطريق المؤدي إلى كسب السعادة الحقيقية وتحقيق الرضى والسرور المطلق في الجنة.
وقبل أن نقلع في هذه الرحلة لاكتشاف جوانب من جمال الإسلام وعظمته، دعونا نذكر هذه التعريفات الإسلامية الأساسية والجوهرية:
v الله c - في اللغة العربية - هو اسم الإله الواحد الخالق، الذي لا يعبد بحق سواه.
ويؤكد الإسلام بأن الله هو الإله الحق لكافة البشر. كما أن اليهود والنصارى العرب يستخدمون أيضا هذا الاسم " الله " إشارة إلى الإله. (سبحانه وتعالى: تشير إلى تمجيد الله تعالى وتسبيحه والثناء عليه).
v محمد g هو آخر نبي أرسله الله الواحد الحق إلى الناس كافة.
(هذا الرمز g في اللغة العربية يشير إلى الصلاة والسلام على النبي محمد، استجابة لأمر الله ورسوله محمد وحبا واحتراما له)
v الإسلام يعني التسليم والطاعة والاستسلام لله الواحد الحق.
v المسلم هو من آمن واستسلم للإله الحق (الله) بالطاعة والعبادة، وتوحيد الله وحده واتباع أوامره.
v القرآن الكريم هو كلام الله الموحى به إلى النبي محمد g، وهو آخر الكتب التي أنزلها الله تعالى.
يجيب الإسلام عن أهم وأعمق الأسئلة التي تحير البشرية؛ ومن تلك الأسئلة والاستفسارات:
ü ما هي الحقيقة؟
ü من خلقنا ولماذا خلقنا؟
ü من هو الإله الحق؟
ü من هو نبي الله (الخاتم)؟
ü من نعبد؟
ü من نحن؟
ü لماذا نحن هنا؟
ü ماذا بعد الموت؟
ü ما هي الحياة الآخرة؟
ü ما هو مثوانا (مصيرنا) الأخير، الجنة أم النار؟
ü كيف نحصل على الطمأنينة الصادقة، وكيف نحقق النجاح والسعادة الحقيقية؟
ü كيف نفوز بالحياة الأبدية؟
ما الحقيقة؟
يقرر الإسلام بأن الله الواحد الحق قد خلق كل الخلق، إنه هو هذا الإله العظيم (الله) الذي خلق جميع البشر والحيوانات، والأرض وجبالها ومحيطاتها وأنهارها ونباتاتها وغاباتها وهو الذي خلق الشمس والقمر والمجرات والأفلاك والليل والنهار وكل هذه المخلوقات التي نعلمها أو لا نعلمها أو لم يتم اكتشافها بعد هي جميعاً مجرد جوانب وأمثلة من خلقه العظيم الذي لا يعد ولا يحصى.
إن الله c هو الذي خلق الحياة والكون بأسره وما يشتمل عليه من زمن وفضاء وطاقة ومادة. وهو سبحانه الذي يرزق هذا الخلق والكون وكل ما فيه ويهيمن ويتصرف في كل ما يحدث فيه.
إلا أن البعض قد يُرجع حياته ووجوده " بالصدفة " إلى الطبيعة أو الاختيار (الانتقاء) الطبيعي. من منظور علمي، دعونا نتساءل: عن ماذا يتحدث هؤلاء؟ ... عن الطبيعة! ما هي الطبيعة؟ وما حقيقتها؟
لعلكم تتفقون معي بأن الطبيعة تشتمل على الشمس والقمر والنجوم الكواكب والأفلاك والمجرات والأرض والنباتات والأودية والجبال والبحار والمحيطات والأنهار والرمال والحجارة وغيرها من أشياء. فهل هذه الأشياء خلقت نفسها؟ أم أنها هي التي خلقت البشر؟!
وكذلك القرآن الكريم يتساءل:
﴿أمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لّا يُوقِنُونَ﴾ سورة الطور: 35-36
وإجابة عن هذه الأسئلة، وبأسلوب واضح وجازم، يخبرنا القرآن الكريم:
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ سورة البقرة:٢١
﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضَ بِالْحَقِّ﴾ سورة الزمر: 5
﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ سورة الأنبياء: 33
من جانب آخر، يجادل أولئك الذين يؤمنون بالطبيعة بأنهم لا يؤمنون بالله لأنهم ببساطة لا يستطيعون رؤيته أو لمسه أو إجراء تجربة علمية عليه – سبحانه وتعالى!
قبل عدة سنوات، قام أحد جيراني في ولاية أوريغن (Oregon) في الولايات المتحدة الأمريكية (USA) بزيارتي في منزلي. وتحدثنا حول عدة أشياء من بينها مفهوم الإله ووجوده. منكراً وجود الله،
أخذ جاري العجوز – منفعلا - يضرب بيده على طاولة الشاي قائلاً: "أنا أؤمن بهذه الطاولة لأني أستطيع أن ألمسها... أستطيع أن أحس بها".
وخلال الحوار معه بأسلوب عقلي، أشرت إلى المصباح في الغرفة وسألته:
"هل تؤمن بالطاقة أو قوة التيار الكهربائي؟ "
أجاب: بالتأكيد.
سألته: "هل تستطيع رؤية القوة أو الطاقة التي تولد الضوء؟"
فكان جوابه: كلا!
بعدها سألته هذه الأسئلة:
- هل رأيت بعينيك المجردتين الهواء الذي نتنفسه؟
- هل عندك مشاعر؟ ما لون مشاعرك وأحاسيسك وما ألوانها وأشكالها وأحجامها؟
- ما هو النوم؟ ما لونه وما وزنه؟
- كم من الأشياء نؤمن بها دون رؤيتها؟
وفي مناسبة أخرى، قابلت شابا يدعى كرس (Chris) مع زوجته في فندق في مدينة أوسلو بالنرويج.
وفي نقاش ودي معهما سألت (كرس):"ما الغرض من الحياة؟"
أجاب كرس مندهشاً: "هذه أول مرة أسمع سؤالاً مثل هذا!"
وأضاف قائلاً: "أعتقد أنه ليس هناك غرض من حياتي"، وختم بقوله: "أنا لا أؤمن بأي إله". سألته: "لماذا؟"
فأجاب: "إني لم أره."
معلقاً على رده، سألته (بابتسامة):
o هل تحب زوجتك؟
o هل تستطيع حسياً رؤية هذا الحب؟
o ما لون حبك؟
o كم يزن هذا الحب؟
ماذا كان رد فعل (كرس) وزوجته؟ حاول أن تتخيل ذلك!
إذاً، عدم قدرتنا على رؤية أو قياس هذا الحب المجرد بشكل ملموس لا يقود إلى إنكار حقيقة ووجود هذا الحب.
وبنفس القياس، إذا كنا لا نستطيع رؤية الله في هذه الحياة بسبب محدودية حواسنا وقدراتنا التي لا تستطيع أن تدرك عظمته، فإن هذا يجب ألا يجعلنا ننكر وجود الله.
إن وجود الله - سبحانه وتعالى- واضح بجلاء ويمكن تتبع أثره بسهولة في آيات وبراهين غير محدودة، ظاهرة في خلقه لعدد لا يحصى من الذرات والخلايا والأنسجة والعضلات، كما أن كل شيء مخلوق أو مصنوع يدل على وجود الخالق أو الصانع. فالخلق والمخلوقات تدل (بالعقل والمنطق والفطرة السليمة والعلم الصحيح) على أن الله هو الذي خلقها وأبدعها.
إن الآلاف من أنبياء الله والبلايين من أتباعهم عبر تاريخ الإنسانية أكدوا وجود الله وآمنوا به. فهل من العقل والمنطق أن يتم تجاهل هذا العدد الذي لا يحصى من الآيات وشهادات الخلق الكثيرة من أجل بعض النظريات مثل نظرية النشوء والارتقاء (لدارون) وغيرها من نظريات تم دحضها ورفضها بأدلة علمية دامغة؟
إن هذه النظريات تصف فقط الكون ولا تجيب عن "ماذا" أو من خلق هذا الكون وأبدعه على هذا النحو الذي هو عليه؟
في الواقع، هناك الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية التي تشير إلى أن احتمالية نشأة الكون عن طريق "الصدفة" هي احتمالية ضئيلة بشكل مذهل، ومع ذلك مازالت "الصدفة" هي إحدى التفسيرات أو التبريرات التي يقدمها بعض الملحدين كتفسير لمسألة خلق الكون، وحسب ما يزعمون ويعتقدون أن هذا الكون "إنما يحدث ويتشكل بهذه الطريقة فحسب"!
في ظل ما تم ذكره، دعونا نفكر قليلا ونتأمل بشكل صادق وأمين، أيهما الأكثر منطقية وعقلانية: الإيمان بفكرة "الصدفة" العمياء وبأنها تحكم الكون وكل شيء، أو الأيمان بأن هذا الكون إنما يسير بهذه الطريقة التي هو عليها لأن هناك إلها خالقا خبيرا بصيرا عليما قادرا، وهو الذي خلق الكون وأحكمه وأبدعه لغاية كبيرة وحكمة عظيمة.
· هل هذا الكون خلقه خالق خبير وعليم؟ أم أن هذا الكون جاء بمحض "الصدفة" وبشكل عشوائي؟
· هل "العلم" بشكل عام أو "نظرية النشوء" بشكل خاص تنفي وجود الإله الخالق أو تتعارض معه؟
· هل "العلم" يجيب عن السؤال: لماذا؟
· هل "العلم" التجريبي (من خلال الملاحظة والتجربة في المعمل) هو الأسلوب الوحيد لاكتشاف العالم والأشياء من حولنا؟
· هل يستطيع "العلم" التجريبي الإجابة عن الجوانب المتعلقة بالروح والنفس والعواطف والمشاعر والغيب أو ما يسمى بما وراء الطبيعة؟
إن الحقيقة الناصعة في دين الإسلام تبين بأن هناك إلهًا واحدًا خالقًا خبيرًا عليمًا قادرًا رازقًا ومدبرًا لهذا الكون.
لذلك يجب علينا أن نؤمن بهذا الإله الحق (الله) وبأنه لا أحد ولا شيء فوقه أو مثله.
إن الله خلقنا لنعرفه ونعبده وحده، وأولئك الذين يعبدونه بشكل صحيح ويتبعون أوامره ويجتنبون نواهيه سوف يدخلون الجنة (الحياة الأبدية). من جانب آخر، أولئك الذين لا يؤمنون بالله أو يعصونه ويتبعون شهواتهم ورغباتهم الآثمة فسوف يؤخذون إلى ........ (في ظنك إلى أين؟)
ما هي الحقيقة؟
الذي خلقنا وخلق الكون وكل شيء هو الله الواحد فلنؤمن به ونعبده وحده!
يستطيع الواحد منا أن يحصل على السعادة الحقيقية والطمأنينة الصادقة فقط من خلال الإيمان والتسليم لله الواحد الحق بالتوحيد الصافي والعبادة الخالصة له – سبحانه وتعالى.
يجيب الإسلام بوضوح عن هذا السؤال المهم ويبين لنا كثيرًا من التفاصيل عن الإله الواحد الحق وأسمائه الحسنى وصفاته العلى. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. اللَّهُ الصَّمَدُ. لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ سورة الإخلاص:1-4
هذه سورة شاملة كاملة من القرآن الكريم. وهذه السورة الرائعة تخبرنا بإيجاز ودقة عن الإله الحق ... الله الواحد الأحد، الذي يحتاج إليه الجميع بينما هو ليس في حاجة لأحد، وهو لم يلد ابنا له، ولم يولد، بل هو البارئ والخالق لكل شيء، وليس كمثله شيء. كم هو عظيم كلام الله (القرآن الكريم)، إنه يجيب في هذه السورة القصيرة - بكل روعة وجمال وبلاغة - عن أسئلة حاسمة ومهمة تحير الملايين من الناس!
من الأسماء والصفات التي يتميز بها هذا الإله الواحد الحق عمن يزعم أنه إله:
1) الإله الحق خالق وليس مخلوقاً.
2) الإله الحق واحد لا شريك ولا مثيل له.
3) الله منزه عن تصورات الخلق، فلا تدركه الأبصار في الدنيا.
4) الإله الواحد الحق أبدي حي لا يموت.
5) الله صمد قائم بذاته، غني عن خلقه، لا يحتاج إليهم، فليس له والد ولا والدة، ولا زوجة ولا ولد، ولا يحتاج إلى طعام أو شراب أو مساعدة من أحد. ولكن جميع المخلوقات التي خلقها الله في حاجة إليه.
6) الله متفرد بصفات الجلال والجمال والكمال التي لا يشاركه ولا يشابهه فيها أحد من خلقه، فليس كمثله شيء.
7) من أسماء الله وصفاته الحسنى: الخبير العليم السميع البصير العزيز الغفور الرحمن الرحيم اللطيف التواب الكريم القادر الرزاق الغني العظيم القوي الملك القدوس السلام العدل الخالق المحيي والمميت.
هل اكتشفت هذه الأسرار؟
إن الله سبحانه وتعالى الذي يعلم أسرار وخواطر أنفسنا وعقولنا وقلوبنا أخبرنا بأسرار ومفاتيح الطمأنينة والراحة لهذه الأنفس والعقول والقلوب. إضافة إلى ذلك، يراعي الإسلام ويدرك طبيعة الفطرة التي فطرنا الله عليها، إنه يخاطب أرواحنا وحاجاتنا النفسية والفكرية والروحية.
من هذه الأسرار والمفاتيح التي تحقق راحة البال والطمأنينة والراحة النفسية:
1- اعرف إلهك الحق وخالقك (الله).
2- آمن به وحده (لا شريك له).
3- اعبد الله وحده.
4- اتبع أوامره وتجنب نواهيه.
5- آمن بأنبياء الله ورسله جميعا (عليهم السلام وخاتمهم النبي محمد ).
6- أكثر من ذكر الله وحمده وشكره والثناء عليه.
7- استغفر الله وتب إليه.
8- أحب للآخرين ما تحب لنفسك.
9- تحلى بالخُلق الحسن والقلب السليم والكرم والعفو والتسامح والسعي في إسعاد الآخرين.
10- تحلى بالإخلاص والتقوى والعلم والصبر والصدق والتواضع والأمانة والعدل والحكمة.
بإيجاز، هذه عشرة مفاتيح من خلالها (بإذن الله) نستطيع أن نحقق الطمأنينة والراحة والسلام النفسي والروحي والاجتماعي والعالمي وهي مستمدة من كنوز القرآن الكريم والأحاديث النبوية.
خلاصة القول، يؤكد الإسلام بأنه يمكننا الحصول على السعادة الحقيقة والخلاص والطمأنينة والراحة النفسية بمعرفة الله الواحد الحق والإيمان به والتصديق بنبيه محمد ﷺ واتباع هديه وتعاليمه بصدق وإخلاص.
وبذلك فإن البوابة إلى حياة سعيدة ومطمئنة وأبدية هي من خلال الإيمان والتصديق بهذه الشهادة والنطق بها:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله
من جهة أخرى، فإن الإسلام يخبرنا بأن الإيمان بالله وأنبيائه فحسب لا يكفي للحصول على الطمأنينة والسعادة والخلاص! بل يجب علينا أن نعبد الله وحده ونخضع ونستسلم له ونعمل الصالحات ونتبع أوامره ونجتنب نواهيه.
والتسليم لأمر الله وطاعته هو جوهر الرسالة الخالدة التي حملها رسل الله عبر التاريخ. وتأكيدًا للمعنى الحقيقي للاستسلام لله وما أعده من أجر للذين آمنوا وعملوا الصالحات يقول الله في القرآن الكريم:
﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً﴾ سورة الكهف: ١٠٧
وعلى نحو مشابه، فإن الكتاب المقدس (العهد الجديد) يقول: "لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَسَدَ بِدُونَ رُوحٍ مَيِّتٌ، هَكَذَا الإِيمَانُ أَيْضاً بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ." (يعقوب 2 : 26)
ومن المثير للاهتمام، فإن العهد الجديد (الإنجيل) قد أشار إلى معنى الإسلام (وهو الاستسلام والخضوع والطاعة لله واتباع وصاياه وأوامره) في عدة مواضع، منها هذا النص: " "فَاستسلموا إذا لِلَّهِ." سفر يعقوب (4 :7)، كما أن عيسى (عليه السلام) أرشد قومه مراراً وتكراراً بحفظ وصايا الرب واتباعها وخشية الله وطاعته بعمل "مشيئة الله" (الاستسلام لإرادة الله وأمره واتباع وصاياه). قال عيسى: (لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي (إنجيل مرقس 3: 35).
إذاً المسلمون هم أيضا أتباع صادقون لعيسى والأنبياء والرسل من قبله! وكما تم بيانه والحديث عنه في مواضع سابقة في هذا الكتاب، فإن المسلم الحق هو الشخص الذي يستسلم ويخضع لأمر الله الواحد ويعبده وحده ويتبع أوامره c
إن المسلمين يؤمنون بالله الحق الواحد ويعملون الصالحات ويتبعون الوصايا التي جاء بها إبراهيم ونوحا وموسى وعيسى ومحمدا p والذين علموها للناس وعملوا بها مثل: الإيمان بالله والصلاة والركوع والسجود والصيام والزكاة والصدقة وقول "إن شاء الله" والتحية بتحية موسى وعيسى ومحمد والأنبياء: "السلام عليكم"
هذه مجرد بعض الأمثلة والأدلة التي توضح بجلاء حقيقة هذا الدين العظيم ووحدته وعالميته والذي اتبعه وأرشد إليه جميع أنبياء الله ورسله: إنه دين الإسلام (بمعناه العام الشامل).
وهذا يقودنا إلى الجانب الإيماني والتطبيقي للدخول في دين الله الحق... الإسلام، إذ يجب على الباحث الصادق والمخلص الذي يود أن يعتنق الإسلام، عليه أن يومن بأركان الإيمان الستة (وهذا ما يؤمن به المسلم الحق).
1) الإيمان بالله ويشمل هذا الإيمان بوجوده وتوحيده وألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته الفريدة، وأنه لا معبود يستحق العبادة بحق سواه c. وكما ذكرت من قبل، فإن هذا الإله الواحد الحق هو الخالق وليس هو مخلوقاً أو مولوداً أو مصنوعاً، وهو واحد أحد لا شريك ولا ند ولا مثيل له. وهو (الله) المنزه عن تصورات الخلق وتخيلاتهم، فهو لا تدركه الأبصار في الدنيا.
إن الله صمد قائم بذاته، غني عن خلقه، لا يحتاج إليهم، فليس له والد ولا والدة، ولا زوجة ولا ولد، ولا يحتاج إلى طعام أو شراب أو مساعدة من أحد. ولكن جميع المخلوقات التي خلقها الله في حاجة إليه. وهو المتفرد بصفات الكمال والجلال التي لا يشاركه ولا يشابهه فيها أحد من خلقه، فليس كمثله شيء.
ولله الأسماء الحسنى والصفات العلى ومنها أنه: الأول، الآخر، الخالق، المصور، البارئ، الرحمن، الرحيم، السميع، العليم، الخبير، البصير، العزيز، الغفور، اللطيف، التواب، الكريم، القادر، الرزاق، الغني، العظيم، القوي، الملك، القدوس، السلام، العدل، المحيي، المميت، وهو الحي الذي لا يموت، مالك الملك c.
2) الإيمان بالملائكة الذين خلقهم الله لذكره وحمده وطاعته وتنفيذ أوامره، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. وهذه أسماء بعض الملائكة وبعض مهامهم ووظائفهم:
- جبريل n المكلف بحمل الوحي من الله تعالى إلى رسله.
- ميكائيل n المكلف بالمطر.
- إسرافيل n المكلف بالنفخ في الصور يوم القيامة.
- ملك الموت n المكلف بقبض الأرواح.
- منكر ونكير qالموكلين بفتنة القبر وسؤال الميت في قبره عن ربه ودينه ونبيه.
- الكرام الكاتبون الذين يقومون بحفظ وكتابة أعمال العباد من خير أو شر، وهم أيضا يكتبون الحسنات ويكتبون السيئات لكل إنسان.
- الملائكة المتعاقبون الذين يتعاقبون فينا، ملائكة بالليل وملائكة بالنهار.
- الملائكة السياحون الذين يسيحون في الأرض يلتمسون مجالس الذكر ويستمعون إليها.
- الملائكة الموكلة بحفظ العبد المؤمن في يقظته ومنامه وفي كل أموره.
- ملائكة أو خزنة الجنة (في مقدمتهم رضوان n).
- ملائكة أو خزنة النار (في مقدمتهم مالك n).
3) الإيمان بكتبه والمقصود بذلك هو وحي الله وكلامه الأصلي الثابت الذي لم يحرف ولم يغير أو يبدل من الكتب التي أوحى بها الله إلى رسله لهداية الناس ودعوتهم إلى توحيد الله وعبادته وتوضيح الشرائع والأحكام والمبادئ والقيم والحقوق والواجبات وسرد القصص لأخذ العبرة وغير ذلك من تعاليم وتوجيهات. وتشمل تلك الصحف والكتب، صحف إبراهيم n والزبور الكتاب الذي أُرسل إلى داود n والتوراة التي أُنزلت على موسى n والإنجيل الكتاب الذي أُنزل على عيسى n والمسلمون يؤمنون بالنصوص الأصلية والثابتة لهذه الكتب (قبل التحريف والتغيير التي طرأ عليها).
4) والإيمان بكتب الله ووحيه يشمل أيضا القرآن الكريم، فهو آخر وحي أوحى به الله إلى النبي محمد g والقرآن الكريم يقرر بأنه لا ريب فيه وهدى للناس أجمعين وجوهر رسالته توحيد الله وعبادته في أوضح وأنقى وأجمل صورة.
﴿الم (1) ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين (2) الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون (3) والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون (4) أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون (5)﴾ سورة البقرة 2: 1-5
﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾
5) الإيمان برسل الله وأنبيائه الذين أرسلهم الله لدعوة قومهم إلى عبادة الله الحق ولهداية من كفر أو انحرف أو عصى الله تعالى أو عَبد آلهة أو أصناما أخرى مع الله.
ومن وظائف الأنبياء والرسل أيضا تعليم أتباعهم الأمور الدينية والدنيوية وحثهم على تقوى الله واتباع وصاياه، ولإخبار الناس بمآلهم في اليوم الآخر وما يؤدي أو يفضي بهم إلى الجنة أو النار. كما كانوا أسوة وقدوة حسنة لأتباعهم.
والمسلمون يؤمنون بجميع أنبياء الله ورسله، بل المسلم لا يكون مسلما إذا لم يؤمن بموسى وعيسى وبقية الرسل p جميعا. ومن الأنبياء والرسل الذين ذكروا في القرآن الكريم وأحاديث الرسول محمد ﷺ
نبي الله آدم n وهو الأب الأول وإليه تعود سلالة البشر جميعا. وهذا يشير بجلاء إلى أصل الإنسانية الواحد فكل البشر أبناء لأبيهم آدم. ومن أهم المعاني والدروس المستمدة من هذه الحقيقة، أن البشر سواسية لا فرق بين الأبيض والأسود، ولا تفاخر ولا تفاضل في الإسلام بالجنس أو النسب أو الجنسية أو الأرض التي ينتمي لها الفرد أو الجماعة إلا بالإيمان بالله وتقواه واتباع أوامره. وتأكيدا لهذه المبادئ العظيمة من وحدة العنصر البشري والمساواة والعدل بين الناس في دين الإسلام، قال النبي محمد ﷺ في خطبة الوداع:
يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم من آدم وآدم من تراب ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى).
وما أرشد إليه النبي محمد g وأخبر به أصحابه وأتباعه والناس كافة هو مستمد من كلام رب العالمين في القرآن الكريم، يقول الله تعالى:
﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير﴾ سورة الحجرات: 13
ومن الأنبياء والرسل الذين جاء ذكرهم أيضا في القرآن الكريم:
نوحًا وإبراهيم وموسى ويوسف وأيوب وداود وسليمان وزكريا ويحيى المعمداني وعيسى وخاتمهم محمدا p. إذاً المسلم لا يؤمن حق الإيمان إن لم يؤمن بإبراهيم ونوح وموسى وعيسى وبقية الأنبياء والرسل الذين خلقهم الله وأرسلهم لدعوة الناس إلى عبادة رب الناس.
6) الإيمان باليوم الآخر وهو يوم القيامة والحساب. ويشمل الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالبعث والنشور وأن الحياة الدنيا ليست النهاية. بل إن الله يحكم بين الناس يوم القيامة بالعدل حسب إيمانهم وأقوالهم وأعمالهم. ومن الدروس المستفادة من هذا الإيمان الإعداد لذلك اليوم والعدل مع الآخرين وعدم ظلمهم أو التعدي عليهم أو على حقوقهم أو أخذ أموالهم وممتلكاتهم بغير حق. وإذا هرب أو أفلت الظالم والمعتدي والمجرم من القضاء والحكم والعقوبة في الحياة الدنيا فلن ينجو من حكم الله وقضائه وعقابه العادل في يوم الحساب.
ومن الدروس أيضا أن من كفر بالله أو أشرك معه أحدا أو كذب برسله (ومنهم الرسول محمد) أو اقترف المعاصي والذنوب ولم يتب قبل موته، فإن الله بعدله يجزي كل نفس بما كسبت وبما عملت في الحياة الدنيا. ويشمل الإيمان باليوم الآخر كذلك الإيمان بالجنة والنار. فمن آمن بالله بصدق وإخلاص وصدق برسله وأنبيائه جميعا وعمل صالحا وفق ما أمره الله ورسله سيدخل حياة سعيدة أبدية هي الجنة. وأما من لم يؤمن بالله ورسله ولم يعمل الصالحات كما أمره الله، فما مصيره المحتوم عند الله؟!
جعلنا الله وإياكم ممن آمن بالله ورسله واتبع خاتم الأنبياء محمد g وعمل الصالحات، وممن يمنحهم الله بكرمه ورحمته السعادة والحياة الأبدية وأن نلتقي جميعا في الجنة في ذلك اليوم الحاسم.
7) الإيمان بالقضاء والقدر الذي كتبه الله بعلمه المطلق. إن الإيمان بالقضاء والقدر يجعل المؤمنين يثقون بالله، فهم راضون مطمئنون بكل ما يقضيه الله ويقدره عليهم سواء كان خيراً أم شراً، إن المؤمنين بالله وقضائه لا يقنطون ولا ييأسون ولا يفقدون الأمل عندما تصيبهم الأزمات أو الصعوبات. إنهم يتجهون إلى الله سائلين العون والأجر. هذا الإيمان الجميل بالله وقضائه يجعل المسلمين يشعرون بالطمأنينة والراحة والرضا في جميع الأحوال. (مع التوكل على الله وعمل المطلوب والأخذ بالأسباب).
بإيجاز، هذه أركان الإيمان التي يؤمن بها المسلمون، ويجب على من يريد الدخول في الإسلام الإيمان بها.
بالإضافة إلى أركان الإيمان، يبين لنا الإسلام بأن هذا الإيمان يتبعه العمل والممارسة الفعلية، فالمسلم يجب أن يمارس أركان الإسلام الخمسة وأي عمل طيب بشكل عام. وبكل بساطة وإيجاز هذه هي أركان الإسلام الخمسة.
1) الشهادة: وهي الإقرار والقبول والتصديق والإيمان بتوحيد الله وبرسوله محمد خاتم الأنبياء والمرسلين (والإيمان بمحمد واتباعه هو إيمان واتباع للأنبياء والمرسلين الذين قبله مثل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى).
وتتحقق هذه الشهادة بالنطق بها بصدق وإخلاص قائلا:
(أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله).
هذه هي الشهادة التي يجب أن ينطق بها المرء عند دخوله الإسلام، إنها تلخص توحيد الله وعبادته وحده واتباع رسوله الأمين. كما أنها تعكس جمال الإسلام وسهولته وبساطته.
2) الصلاة: وهي الصلة بين العبد وربه وطريق سلكه الأنبياء والمرسلين الذي عبدوا الله وحده وأقاموا الصلاة له، حيث كان إبراهيم ونوحا وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل كانوا يؤدون الصلاة لله c (تنص التوراة والإنجيل على ذلك في مواضع كثيرة). ويأمرنا الإسلام كذلك بإقامة الصلوات الخمس المفروضة كل يوم (وهي تشتمل على الوقوف والركوع والسجود وقراءة مقاطع من القرآن الكريم وحمد الله وذكره وطلب الرحمة والمغفرة والجنة من الله الغفور الرحيم). وكان رسول الله محمد g يحب الصلاة حبا عظيما فقد قال: (وجعلت قرة عيني في الصلاة) وكان ينادي صاحبه بلال لإقامة الصلاة بقوله: (أرحنا بها يا بلال).
وعندما نتحدث عن جمال الصلاة وأثرها القوي، فإن الحديث عنها لا ينتهي! باختصار، إنها تمدنا بالطمأنينة الروحية والراحة النفسية والسكينة لأنفسنا وعقولنا وقلوبنا. وما يضيف إلى جمال الصلاة وأهميتها ومكانتها العظيمة، أن المسلمين يقتدون بأنبياء الله ورسله الذين كانوا يصلون ويسجدون لله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن المسلمين يسيرون على هدي أنبياء الله ورسله p.
علاوة على ذلك، فإن هناك مفاهيم ودروس جميلة أخرى كثيرة ظاهرة بجلاء في الصلاة، ويمكن تعلمها من الصلاة. على سبيل المثال، حب الله وطاعته والخضوع والتسليم له والتوحيد والدعاء والمساواة والإخلاص والصبر والتواضع والخشوع والتضرع والتسبيح والاستغفار والتأمل والتفكر في قراءة القرآن الكريم.
في الحقيقة إن ذكر الله بإخلاص وتواضع والدعاء والاستغفار والصلاة لله بخشوع هي مفاتيح عظيمة ورائعة لراحة النفس والطمأنينة والبركة.
﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾
3) الزكاة: إيتاء الزكاة المفروضة على الأموال والممتلكات يقدمها الأغنياء للفقراء والمحتاجين وغيرهم وفق شروط وضوابط مقننة ومحددة في الإسلام. إن الزكاة والصدقة تطهرنا من الشح والبخل، وهي تزكي أموالنا وممتلكاتنا وتعلمنا الاهتمام والمشاركة التي تبني جسوراً قوية من الحب والاحترام المتبادل بين الغني والفقير. إنها في الحقيقة تشيع التماسك والتآخي والمساعدة والتعاون في المجتمع وبين أفراده.
4) الصوم: الصيام أو الامتناع عن الأكل والشرب والجماع خلال فترة معينة من الوقت (من طلوع الفجر إلى غروب الشمس) ومن بعض فوائد ودروس الصوم الجميلة:
الفوائد الروحية: إن الصيام ينمي التقوى والإخلاص. إن شهر الصوم (رمضان) موسم عظيم للحصول على رحمة الله ومغفرته والعتق من النار وكسب الحياة الأبدية في الجنة.
الفوائد الأخلاقية والوجدانية: في مدرسة رمضان (الصيام) نتعلم من تجربة الجوع والعطش الذي يعاني منه الملايين من الناس في أجزاء مختلفة في العالم. إنه يحثنا على المشاركة والعطاء والشعور بالآخرين والتواضع والكرم والطيبة.
الفوائد التربوية: نتعلم من الصوم دروساً تربوية كثيرة منها: أنه يمكن تغيير العادات السيئة أو الإقلاع عنها مثل الإسراف في المأكل والمشرب، إنه أيضاً يهذب سلوكنا ويدربنا على الصبر وضبط النفس. وإضافة إلى ذلك، فإنه يذكرنا بصيام أنبياء الله: محمد وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء والرسل.
الفوائد الصحية: خلال عملية الصوم يتخلص الجسم من الدهون الزائدة والمواد الضارة، ويوصي به الأطباء وخبراء التغذية ويصفونه بـ (حارق الفضلات) و (العلاج الوقائي)، حيث إن الصوم علاج جيد للكثير من الأمراض، وما ذكرناه هنا مجرد أمثلة على جمال وفوائد صيام شهر رمضان.
5) الحج: يقصد به الذهاب لمكة المكرمة لأداء فريضة الحج وهي فريضة على كل مسلم مرة واحدة في العمر، بشرط الاستطاعة البدنية والعقلية والمالية. وفي الحج - مثل باقي أركان الإسلام – هناك فوائد ومحاسن وجوانب تربوية جميلة كثيرة منها:
إن ملايين من المؤمنين (من ألوان وأجناس وأماكن مختلفة من العالم) يلبون دعوة (نداء) إبراهيم عليه السلام. كما أن مبادئ ومفاهيم رائعة يمكن أن ترى ماثلة خلال الحج منها: التوحيد والاستسلام والطاعة لله والأخوة الإسلامية والوحدة والصبر والتضحية والصلاة والصدقة والصيام. إن موسم الحج يشهد أكبر مؤتمر ديني. إنه تجمع فريد من نوعه في التاريخ البشري.
حول هذا الملتقى العظيم لكل الأجناس والألوان لعبادة إله واحد فقط (الله الخالق) واتباع رسالة واحدة فحسب، يعلق مالكوم اكس (أمريكي من أصول أفريقية صاحب شخصية قوية ومؤثرة، كان يدافع عن حقوق السود في أمريكا قبل عدة عقود) قائلاً:
إن رحلتي للحج وسعت نظرتي وإدراكي، لقد وهبني الحج فهماً جديداً، فخلال أسبوعين في الأراضي المقدسة، رأيت ما لم أره في تسع وثلاثين سنة هنا في أمريكا، لقد رأيت كل الأجناس وكل الألوان من أصحاب العيون الزرقاء إلى الأفارقة ذوي البشرة السوداء في أخوة حقيقية... في وحدة! يعيشون كشخص واحد ويعبدون الله الواحد.
إذا عندما ذهب إلى مكة لتأدية الحج، تعلم الحاج مالكوم اكس الدرس واكتشف جمال العقيدة الصحيحة وتوحيد الله ووحدة الدين وعالميته ووحدة العنصر البشري والأخوة الإسلامية والمساواة وغير ذلك من تعاليم ومبادئ عظيمة وأخلاق وقيم سامية.
القرآن الكريم هو كلام الله الموحى به إلى نبي الله الخاتم (الأخير) محمد g دليلاً على نبوته. والقرآن معجزة خالدة في رسالته وطبيعته ولغته وبلاغته وحفظه وعظمته، وهو فريد من نوعه ولا يحاكى على الإطلاق، ورغم أنه أوحي به إلى محمد g قبل أربعة عشر قرناً مضت، إلا أنه بقي حتى اليوم محفوظاً لم يُحرف أو يُبدلْ في (شكله ومحتواه) بلغته العربية الأصلية.
وقد أنزل الله القرآن الكريم لهداية الناس ودعوتهم إلى توحيد الله وعبادته وتوضيح الشرائع والأحكام والمبادئ والقيم والحقوق والواجبات وسرد القصص عن الأنبياء والأقوام والأمم التي كانت قبل بعثة النبي محمد g لأخذ الدروس والعبر ولمعرفة أخبارهم. كما أنه تحدث عن النبي محمد وأصحابه وأخبر عن معجزات وأمور تحدث في المستقبل.
وجاء القرآن أيضا لينظم حياة الإنسان ويقدم معلومات وتفاصيل مهمة عن مصير الإنسان ومآله. إن القرآن الكريم يرفع الناس إلى أعلى المستويات الروحية والأخلاقية والعلمية والعقلية والاجتماعية، عندما يعملون على فهمه وتدبره وتطبيق تعاليمه.
والآن دعوني أعرض بعض الآيات الجميلة من القرآن الكريم، وقد وجدت نفسي محتارًا جدًا فيما أختاره لأعرضه هنا، فالاختيار كان صعباً ومساحة هذا الكتاب محدودة. (إذا أحببت اكتشاف المزيد حول كلام الله الجميل والصافي، يمكنك أن تقرأ القرآن الكريم بنفسك، وللحصول على نسخة الكترونية موثوقة من القرآن الكريم، فضلا ارجع للمواقع الإلكترونية الإسلامية المذكورة في الجزء الأخير من هذا الكتاب).
آيات قرآنية جميلة: دعونا نقرأ ونستمتع ببعض الآيات الرائعة من القرآن الكريم التي تبين نظرة الإسلام إلى بعض المفاهيم المهمة.
المغفرة والنجاة:
﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ سورة الزمر: ٥٣
تؤكد هذه الآية بأنه إذا تاب العبد ورجع إلى ربه يقابله ربه بالقبول والعفو والمغفرة. نعم، يغفر الله جميع الذنوب والخطايا إذا رجعنا إليه تائبين. ﴿إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين﴾ البقرة: 222
بكل تأكيد، الله b - في الإسلام - هو مصدر السلام والرحمة والمغفرة وليس مصدرًا للكراهية وسفك الدماء والإرهاب. وفي الإسلام، من أجل الحصول على الخلاص والحياة الأبدية يمكنك ببساطة أن ترجع إلى الله وتؤمن به وحده وتعمل الصالحات، فلا حاجة لصلب أو قتل رجل صالح بريء من أجل ذنوب اقترفها آخرون. من جانب آخر، الإسلام يأمر أتباعه (المسلمين) بالعفو عن الآخرين. ﴿والعافين عن الناس والله يحب المحسنين﴾
بإيجاز هذا هو المفهوم الجميل عن الخلاص والمغفرة في الإسلام. إنه دين الرحمة والمغفرة.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ سورة المائدة: ٨
إن الإسلام يعلمنا أن نكون عادلين مع جميع الناس، سواء الأصدقاء أو الأعداء وفي كل الأوقات، في السلم أو في الحرب، إنه يأمر أتباعه أن يسلكوا طرق العدل والأخلاق غير المشروطة والخالية من الدوافع والنزوات الفردية والظروف الاجتماعية والثقافية أو الأمور الدنيوية.
﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً﴾ سورة النساء: ٥٨
وكتوضيح عملي لجماله وقيمه الخالدة ورحمته وعدله، يأمرنا الإسلام بأن نحافظ على ما يسميها علماء المسلمين: الضرورات الخمس.
الإسلام يأمر المسلمين بحفظ ما يخصهم ويخص الآخرين فيما يتعلق بالضرورات الخمس والتي هي:
1- الدين.
2- النفس.
3- العقل.
4- العرض.
5- المال.
ويؤكد القرآن الكريم بوضوح وجلاء أنه من قتل نفساً بريئة ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾. سورة المائدة: ٣٢
وفيما يتعلق بحرية وحماية الاعتقاد، فإن القرآن الكريم يشير إلى أنه ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾. سورة البقرة: ٢٥٦
وهكذا فإن الإسلام يكرم الإنسان ولا يكره أحداً على اعتناق عقيدة الإسلام بالقوة. هذه هي حقيقة الإسلام وجماله وعدله وسماحته عند التعامل مع غير المسلمين.
لذا يجب علينا أن نكون أمناء وموضوعيين وعادلين في حكمنا على الآخرين. ودعونا نتذكر قول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم:
﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ سورة المائدة: 8
وتعليقا على أقوال وتصريحات بعض القيادات الدينية والسياسية والكتاب والمؤرخين والإعلاميين في الشرق أو الغرب، الذين يتهمون الإسلام والمسلمين بالإرهاب بلا عدل ولا إنصاف، ويزعمون بأن الإسلام قد انتشر بالقوة والسيف والعنف، وأولئك الذين تجاوزوا حدود الحرية والاحترام للشعوب والثقافات والحضارات الأخرى من خلال إساءتهم وتصويرهم لله تعالى الواحد الحق ونبيه محمدا g بأسوأ الصور وأقبح الرسوم الكاريكاتيرية، فإني أتساءل متعجباً:
· هل هذا ما تعنيه الحرية وحرية الرأي (أو حرية التعبير)؟ أليست هناك ازدواجية تمارس حين التعامل مع الإسلام والمسلمين؟ وعلى سبيل المثال لماذا لا نسمع بشكل متكرر في وسائل الإعلام عبارات مثل: الإرهاب والتطرف اليهودي أو الإرهاب والتطرف النصراني أو الإرهاب والتطرف البوذي أو الإرهاب والتطرف الهندوسي، على الرغم من وجود أمثلة كثيرة على فظائع وجرائم ترتكب من قبل بعض أصحاب تلك الديانات. (هناك دراسات وتقارير وإحصاءات علمية وأكاديمية من جامعات أمريكية وغيرها تؤكد بأن المسلمين هم الأقل عنفا خلال المائة سنة الماضية مقارنة مع أصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى).
· هل أي أحد حر في إهانة أو لعن أو احتقار الآخرين ومعتقداتهم، أو اتهامهم جميعاً بالإرهاب والقتل؟
· أهكذا يتم تعليم الحضارة والديمقراطية والحرية للأجيال في المدارس والجامعات والمجتمع بشكل عام؟
· هل هو سيف الإسلام الذي جعل الآلاف من الرجال والنساء المخلصين ومتفتحي العقول يعتنقون الإسلام في كل مكان في العالم عبر التاريخ وفي هذا الزمان؟
(هناك الكثير من الكتب والمقالات والمقاطع المرئية والصوتية والمواقع الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية العالمية الإنترنت التي تبين كيف اعتنق هؤلاء الأخوة والأخوات الإسلام).
وبحسب تقارير أمريكية وغربية حديثة فإن الإسلام هو أسرع الأديان نمواً وانتشاراً في العالم.
إذاً لماذا الإسلام؟
المساواة في الإسلام
﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ سورة الحجرات: ١٣
وتأكيداً على هذا المفهوم الرائع حول المساواة في الإسلام قال النبي g في خطبة الوداع:{يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم من آدم وآدم من تراب ولا فضل لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى}.
إضافة إلى ذلك، يحثنا الإسلام ألا نكره الآخرين أو نحتقرهم على أساس العرق أو لون البشرة أو لون العين أو على أساس الجنسية. إن الإسلام هو علاج عملي للصراع والتمييز العرقي والعنصرية التي يشهدها العالم.
في الإسلام الأسود والأبيض هم مجرد إخوة وأخوات من نفس العرق البشري، هم جميعاً من نفس الأب آدم (عليه السلام) الذي خُلق من تراب وهكذا، فإننا جميعاً خلقنا الله من تراب وسنعود إلى الأرض حيث تتحول أجسادنا إلى تراب مرة أخرى.
هذا هو الدرس المهم الذي نستنبطه من النصوص القرآنية والنبوية السابقة، والذي تعلمه مالكوم اكس عندما ذهب إلى مكة لتأدية مناسك الحج. فلماذا يشعر بعض الناس بالاستعلاء والتكبر؟
عالمية ووحدة الرسالة
﴿قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ سورة البقرة: ١٣٦
إن المسلمين يؤمنون بجميع أنبياء الله تعالى ورسله ويحبونهم جميعا ويشمل ذلك: آدم ونوحا وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمدًا p.
ويقول النبي g: (أنا أولى الناس بعيسى بن مريم، الأنبياء إخوة من علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد وليس بيننا نبي).
إذاً ما هو هذا الدين الحق العالمي والواحد لجميع أنبياء الله؟
آيات أخرى جميلة للتفكر فيها:
إن جمال وحلاوة ونقاء القرآن الكريم ليس له حد، لذا دعوني أسرد فقط بعض الآيات القرآنية بدون أي تعليق أو شرح، وأود منكم التفكر والتأمل في هذه الآيات لاكتشاف المزيد من كنوز القرآن الكريم وجواهره.
الله ورسوله:
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ﴾ سورة الفتح: 28
﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً﴾ سورة الأحزاب: 40
الطمأنينة والجنة:
﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً · لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا اْلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً﴾ سورة الفتح: ٤-٥
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ · ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً · فَادْخُلِي فِي عِبَادِي · وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ سورة الفجر: ٢٧- ٣٠
الرجال والنساء:
﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً﴾ سورة الزمر: 35
﴿وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا﴾ سورة النساء:١٢٤
تعاليم عظيمة:
﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ · الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ · وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ · أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ سورة آل عمران: 132 – ١٣٦
أوامر ونواهي:
﴿... لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ سورة البقرة: 83
الذكر والطمأنينة
﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ الرعد: ٢٨
ختاماً لهذا الجزء، صدقوني بأن حقائق القرآن ومحاسنه وروائعه لا تنقضي وليس لها نهاية وكلما قرأنا القرآن كلما اكتشفنا المزيد من المعاني وكلما قرأناه أكثر كلما شعرنا بأننا نقرأه للمرة الأولى (وهذه من معجزات القرآن الكريم).
علاوة على ذلك، فإنني لم أتطرق – حتى لا يطول الكتاب وكي لا نخرج عن مقاصده ومحاوره الرئيسية في بيان نماذج وأمثلة من جمال الإسلام ومحاسنه - إلى جوانب مهمة تتعلق بحفظ الله للقرآن الكريم على مر العصور وإعجازه اللغوي والعلمي والنفسي والطبي وغيرها من جوانب تتعلق بالعقيدة والفقه والإرث والمعاملات والأخلاق مستمدة من القرآن الكريم.
دين آدم وحواء
كتبته السيدة ليندا بارتو (من الولايات المتحدة الأمريكية)
من أحد جوانب الجمال في دين الإسلام اكتشاف أن الله تعالى لم يخلق البشر على أنهم كائنات روحية ثم تركهم لأنفسهم للتفكر في أمرهم ومعرفة الغاية من خلقهم.
لقد وهبنا الله عقولا تتساءل من أجل البحث عن الحقيقة.
لقد أمد كل واحد منا معينًا من الهداية لا ينضب طالما استمر الفرد (هو أو هي) في الشرب منه. ومن خلال التفكر في كمال الله تعالى فإننا نرى نوره يشع رحمة ونعمة وعدلا ويضفي بظلاله على أرواحنا بعقيدة تامة منحها الله.
لقد خلق الله كل هذا العالم وما يحتويه من أجل نفع البشرية، ومن المنطقي أن يشمل ذلك دينًا صحيحًا تامًا. فما الدين الذي ارتضاه الله تعالى لآدم وحواء؟
طبقًا لما ورد في القرآن فإن الدين الذي ارتضاه الله لعباده كان الخضوع التام والذي يسمى الإسلام في اللغة العربية. يطلق عليه القرآن ملة إبراهيم – خليل الله – والذي أسلم نفسه لله.
ومن المنظور الإسلامي فإن كل إنسان يولد بروح خاضعة مستسلمة لله تعالى، حرًا في اختياراته التي تتفق أو تحيد عن حياة الإيمان وعمل الصالحات التي خلق من أجلها.
وفي مرحلة ما في الحياة ينبغي على المرء أن يتخذ قرارًا شخصيًا سواءاً بالبقاء خاضعًا لله تعالى أو منغمساً في دورة الحياة الفاسدة من المادية وحب النفس وإشباعها. وبطبيعة الحال فإن كثيراً من الناس يحيدون عن الصراط المستقيم بواسطة آبائهم الذين لا يدينون بدين الإسلام أو بسبب ظروفهم السيئة أو المأساوية الخالية من الرعاية الروحية.
والمنظور الإسلامي لمفهوم الله يوضح بأن الله هو الذي يقضي ويحكم بين الناس كل بحسب إيمانه وعمله. لذا فإننا على يقين بعدالة أحكامه يوم القيامة.
وعندما يستسلم المرء بكل نفسه لله فإنه يقدم كل جانب من كيانه - عقله وجسده وروحه – لله تعالى بإخلاص. لذا فإن حفظ المرء لروحه من خلال الصلاة والعبادات له أهمية حيوية، ولكن من الأهمية بمكان أيضًا أن نغذي عقولنا بالمعرفة النافعة وأن نحرص على أسلوب حياة صحية لأجسادنا.
إضافة إلى ذلك، يقدم لك الإسلام الفرصة لتتعرف على نفسك كما خلقها الله وكما أراد لها ان تكون. وعند اعتناقك الإسلام فإنك تعود لطبيعتك الحقيقية كما لو كنت تركت أمتعتك الثقيلة وراءك وسافرت على الطريق الذي وضعت عليه قدميك عندما دخلت إلى هذه الحياة.
حقائق الإسلام الساطعة يمكنها أن تبين وتوضح حقيقة كل الأديان، وفي نفس الوقت تساعد المؤمنين في تمييز ونبذ الباطل. اعتناق الإسلام أصبح أمرًا كونيا (عالميًا).
* ليندا بارتو كاتبة وشاعرة وفنانة أميركية.
ولد محمد بن عبد الله g في مكة عام 570م تقريباً. وقد عُرف في قومه بالصادق الأمين.
وعندما بلغ محمد 40 سنة، جاءه جبريل بالوحي. وقد أُمر محمد في بداية رسالته بأن ينذر أهله وعشيرته الأقربين. وأولهم زوجته خديجة i بعد ذلك جاءه الوحي بأن يبلغ الرسالة إلى الناس كافة. وخلال سنوات حياته وسيرته النبوية، حمل الرسول g الرسالة إلى الآخرين وكان قدوة طيبة وأسوة حسنة للناس. وفي عام 632م، رحل النبي محمد g عن هذه الحياة وكان عمره 63سنة.
إن النبي محمداً g هو خاتم الأنبياء والمرسلين فهو آخر نبي أرسل مؤكداً ومصدقًا للوحي الذي أوحي للنبيين من قبله، ويشمل ذلك وحي الله لعيسى n
ويشهد القرآن الكريم بأن النبي محمد g هو "رسول الله وخاتم النبيين".
وتأكيدًا على الرابط والعلاقة القوية بينه وبين عيسى n يقول النبي محمد g: (... وَإِذَا آمَنَ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ). وكذلك قال النبي محمد: (أنا أولى الناس بابن مريم والأنبياء أولاد علات ليس بيني وبينه نبي).
هذه الأحاديث النبوية ترينا كيف كان النبي محمد يحترم النبي عيسى ابن مريم ويثني عليه خيرا. وهذا تحقيق لنبوءة النبي محمد التي ذكرها عيسى في الإنجيل عندما قال:
(وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي) إنجيل يوحنا 16: 14
(في الترجمة الإنجليزية لهذا النص، نجد هذه العبارة "He will glorify me").
إن المنصفين من القادة والكتاب والمهتمين والمتخصصين والمؤرخين عبر التاريخ قد انبهروا بشخصية محمد g منذ طفولته إلى شبابه وكهولته ومن النبوة حتى موته – لقد كانت شخصيته عظيمة فريدة في خُلقه ورحمته وأمانته وإخلاصه وطيبته وصدقه وتواضعه. إن كل تفاصيل حياته العامة والخاصة تم حفظها إلى وقتنا الحاضر والتحقق منها.
لقد كان محمدًا نبيًا ورسولاً ومعلمًا ومصلحًا ودليلاً إلى الأخلاق الفاضلة وقدوة حسنة وقائداً ورجل دولة وصديقاً مخلصاً وصاحبا وفيًا وزوجًا محبًا وأبًا حانيًا.
وفي هذا الصدد، يصف الفيلسوف الهندي البروفيسور راما كرشنا في كتابه (محمد: نبي الإسلام) النبي محمد g بأنه "الأنموذج التام والكامل للحياة البشرية". ويوضح الدكتور هذا الوصف بقوله:
إنه من الصعب جدًا أن نحيط بالحقيقة الكاملة حول شخصية محمد. مجرد ومضة أو لمحة سريعة عن شخصية محمد أستطيع أن أمسكها. يا له من عرض ديناميكي وسريع من مشاهد عظيمة حول شخصية محمد: ها هو محمد النبي، ومحمد المحارب، ومحمد التاجر، ومحمد رجل الدولة، ومحمد الخطيب البليغ، ومحمد المصلح، ومحمد ملجأ الأيتام، ومحمد حامي الرقيق، ومحمد محرر النساء، ومحمد الحاكم والقاضي، ومحمد الولي. إنه في كل هذه الأدوار العظيمة وفي كل هذه المجالات الإنسانية كان بطلاً على حد سواء.
علاوة على ذلك، ذكر المؤرخون المنصفون أن محمدا - في فترة قصيرة دامت ثلاثة وعشرين عاماً هي عمر نبوته - استطاع تغيير شبه الجزيرة العربية...
· من الوثنية وعبادة الأصنام إلى توحيد الله الواحد...
· ومن الخلافات والحروب القبلية إلى الاتحاد والتماسك ...
· ومن شرب الخمر وفساد الأخلاق إلى الفضيلة والتقوى ...
· ومن الفوضى وعدم النظام إلى الحياة المنضبطة والمنظمة ...
· ومن إفلاس أخلاقي شديد إلى أعلى المعايير من الامتياز الأخلاقي.
إن تاريخ الإنسانية لم يشهد قط مثل هذا التغيير والتحويل في مجتمع أو مكان ما منذ تلك الحقبة أو حتى قبلها. كل هذه الأمور الرائعة تمت فيما يقارب عقدين من الزمان فقط.
إن هذا الكتاب لا يهدف إلى سرد النبوءات في الكتب الدينية المقدسة الأخرى التي بشرت بمقدم النبي محمد، إلا أنني أود أن أذكر بعض تلك النبوءات، حيث إن عددا من علماء المسلمين قد أشاروا إلى تلك النبوءات في الكتب المقدسة لدى الهندوس والبوذيين واليهود والمسيحيين وغيرهم.
في كتابه الرائع "محمد في الكتاب المقدس"، علق البروفيسور عبد الأحد داود (سابقاً القسيس ديفيد بنجامين) على ما ذكره الكتاب المقدس حول ظهور نبي مثل موسى بقوله:
نقرأ في سفر التثنية، الإصحاح 18: الفقرة 18 (سأقيم لهم نبياً من بين إخوتهم مثلك، وأجعل كلامي في فمه). إذا كانت هذا الكلمات لا تنطبق على محمد فإنها تبقى غير متحققة. إذ إن عيسى بنفسه لم يدعي أنه النبي المشار إليه هنا.
من جهة أخرى، فإن عيسى n – حسب اعتقاد الكنيسة - سوف يظهر قاضياً وليس مشرعاً. أما النبي الموعود به (في النبوءة) سيأتي "بشريعة متوهجة" في "يده اليمنى". سفر التثنية 2:33
ويؤكد العلماء المسلمون بأن هذه النبوءة لا تنطبق على أحد غير محمد - g، حيث إن موسى ومحمدا q يتشابهان في عدة أمور منها:
· موسى ومحمد يبدأ اسمهما بنفس الحرف الأول (م).
· موسى ومحمد يتشابهان في ولادتهما الطبيعية وفي الزواج والمهام وفي الموت الطبيعي.
· موسى ومحمد كلاهما كانا نبياً ورسولاً وحاكماً وقائداً ورجل دولة وصاحب شريعة. بينما في الجانب الآخر، لم يكن عيسى مثل موسى - عليهما السلام - في عدة أمور. فأتباع عيسى ينظرون إليه كإله أو ابن إله وولادته ومهمته ونهايته لم تكن مثل موسى. كما أن عيسى لم يتزوج ولم يحكم قومه ولم يحارب في معارك وحروب مثل موسى.
وتجدر الإشارة إلى أن ذكر الكتاب المقدس "نبيًا من بين إخوتهم" يشير إلى نبي من أخوة الإسرائيليين (أي من أبناء إسماعيل n). إضافة إلى هذه النبوءة، فإن عيسى في العهد الجديد من الكتاب المقدس بشر بقدوم "معزٍ آخر". وقد صرح عيسى بقوله: "فيعطيكم معزيًا آخر"
(لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ: إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ، لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي، وَلكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ... إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي). يوحنا 16: 7-14
إذاً، من هو هذا المعزي الآخر الذي يأتي بعد عيسى؟
يؤكد أيضا علماء المسلمين بأنه النبي محمد هو النبي الوحيد الذي تنطبق عليه هذه البشارة التي أخبر عنها عيسى عليه السلام، لعدة أسباب نذكر بعضها:
· إن إشارة عيسى إلى "معزٍ آخر" لا يمكن أن تنطبق على روح القدس، حيث إن روح القدس جزء من عقيدة التثليث - الله الأب والله الابن والله روح القدس - حسب اعتقاد النصارى الذين يؤمنون بعقيدة التثليث، وقد كان متواجداً قبل وخلال رسالة عيسى حسب ما نص عليه الكتاب المقدس بينما هذا المعزي يأتي بعد عيسى!
· إضافة إلى ذلك، فإن محمدًا g جاء لينذر الناس من عمل المعصية والذنب ويأمرهم بعمل المعروف والخير والأعمال الصالحة وكان يقضي ويحكم بين الناس.
· لقد دل محمد g الناس إلى الحق المطلق فيما يتعلق بالله الواحد الحق، كما أرشدهم إلى حقيقة الحياة والغاية منها وحقيقة الموت والآخرة والحياة الأبدية وغيرها من حقائق وأمور كثيرة.
· كما أخبرنا g عن أخبار ونبوءات ومعجزات كثيرة أعطاه إياها وأعلمه بها الله الذي أرسله.
· كان محمداً نبياً لا يتكلم من نفسه (هواه) بل بما يسمعه ويتلقاه (من الله) وكان محمداً يتلو القرآن باسم الله (بسم الله الرحمن الرحيم). وهذه نبوءة أخرى عن محمد في الكتاب المقدس (في التوراة) التي نصت على "الذي يتكلم به باسمي" (سفر الثثنية – الإصحاح 18: الفقرة 19). وسور القرآن الكريم تبدأ بعبارة "بسم الله الرحمن الرحيم".
· لقد أثنى محمد g والقرآن الكريم على عيسى n ثناءً عاليًا كما أن المسلمين تشريفاً لعيسى ومحبة واحترامًا له، يُسمون أبناءهم على اسمه.
علاوة على ما ذكر، فإنه عندما سأل اليهود يوحنا (يحيى) المعمداني عن نفسه "وَهَذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ: مَنْ أَنْتَ؟ فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ وَأَقَرَّ أَنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ. فَسَأَلُوهُ: إِذاً مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا. النَّبِيُّ أَنْتَ؟ فَأَجَابَ: لاَ ".
مرة أخرى يؤكد علماء المسلمين بأن ما يشير إليه هذا النص الإنجيلي هو النبي محمد g:
فحسب بعض النسخ من الكتاب المقدس نجد هذا السؤال: "هل أنت ذلك النبي؟ فأجاب (يوحنا): كلا! ". إذاً، من هو ذلك النبي؟ بكل وضوح، "ذلك النبي" لا يعني أو يشير إلى يحيى المعمداني ولا إلى عيسى المسيح q كما أقر بذلك يحيى (يوحنا).
إذا فإن الباحث عن الحقيقة بحكمة وأمانة وإخلاص ينبغي عليه أن يتساءل بموضوعية:
· من هو ذلك النبي؟
· من هو النبي الحق الذي جاء بعد يحيى وعيسى عليهم السلام يبلغ الرسالة الأصيلة والصافية حول الله الواحد الحق وحده لا شريك له؟
إنه محمد
في الحقيقة، أن موضوع النبوءات حول النبي محمد بالكتب المقدسة هو موضوع مهم وجذاب، وقد تمت مناقشته باستفاضة في كثير من الكتب والمقالات والمقاطع الصوتية والمرئية على شبكة الإنترنت العالمية. وللحصول على المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، يمكنك البحث في شبكة الانترنت أو زيارة المواقع الإلكترونية الإسلامية الموثوقة. (كما يمكنك الرجوع إلى المواقع الإلكترونية الإسلامية المذكورة في الجزء الأخير من هذا الكتاب).
مقتطفات من بعض ما قيل عن النبي محمد
لقد قيل وكتب عن النبي محمد g الشيء الكثير عبر التاريخ، وفيما يلي فقط بعض أقوال المشاهير والمؤرخين والشخصيات البارزة:
يقول المؤرخ الفرنسي المشهور لامارتين: "لو أن عظم الغاية وصغر الوسائل وبروز النتائج المدهشة، هي ثلاثة معايير عبقرية الإنسان، فمن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ الحديث مع محمد؟"
ويختم لامارتين بقوله: "ووفقاً لكل المقاييس التي يمكن أن تقاس بها عظمة البشر يحق لنا أن نتساءل هل هناك أي إنسان أعظم منه؟" (تاريخ تركيا، باريس 1854، المجلد الثاني، الصفحات من 276- 277)
قال مايكل هارت في كتابه، المائة: ترتيب لأكثر الأشخاص تأثيرا في التاريخ (The 100: Ranking of the World's Most Influential Persons in History) "إن اختياري لمحمد ليأتي في المرتبة الأولى من قائمة أكثر أشخاص العالم تأثيراً في البشرية قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض ولكنه كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحاً بارزاً على كل من المستوى الديني والدنيوي".
ويختتم هارت قائلا: "فهذا مزيج لا مثيل له من التأثير الدنيوي والديني الذي أعتقد أنه أهّل محمداً لأن يكون أعظم شخصية مؤثرة في التاريخ الإنساني".
وينسب إلى برنارد شو قوله: "...في رأيي أنّه لو تولّى (محمد) أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يعزز السعادة والسلام التي يرنو البشر إليه ... لقد كان ولا يزال أفضل من وطي الأرض بقدميه. لقد دعا إلى الإسلام، وأسس دولة، وبنى أمة، وأرسى قواعد أخلاقية، وبدأ إصلاحات اجتماعية وسياسية عديدة، أنشأ مجتمعا قويا وفعالا لممارسة وتمثيل تعاليمه وأقام ثورة في عالم الفكر والسلوك البشري للقادم من السنوات والأزمان ".
وقال مهاتما غاندي: "لقد أصبحت مقتنعا كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول مع نسيانه حظ نفسه وصدقه في الوعد، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة في ربه وفي رسالته".
وذكرت الموسوعة البريطانية (المجلد 12): ... كمية كبيرة من التفاصيل بالمصادر القديمة تظهر أنه كان رجلا أمينًا ومستقيمًا نال احترام وولاء الآخرين ممن كانوا على نصيب من الأمانة والاستقامة. "... محمد هو أكثر الأنبياء والشخصيات الدينية نجاحًا."
ويقول توماس كارليل " كيف لرجل واحد بمفرده، أن يوحد القبائل المتحاربة والبدو الهائمة إلى أمة قوية ومتحضرة في أقل من عقدين من الزمن".
ويشير جون اسبوزيتو (أستاذ جامعي في الشؤون الدينية والدولية ومدير مركز الدراسات الدولية في كلية الصليب المقدس، والمدير المؤسس لمركز PABT للتفاهم المسلم المسيحي، جامعة جورج تاون، الولايات المتحدة الأمريكية) في كتابه الإسلام: الطريق القويم: " كان محمدا من بين تلك الشخصيات الدينية العظيمة والأنبياء ومؤسسي الأديان، وقد كانت أخلاقه وشخصيته المتميزة دافعاً إلى ثقة والتزام غير مألوف من قبل. إن ظاهرة نجاحه في جذب الأتباع وخلق أمة ودولة استطاعت أن تسيطر على الجزيرة العربية يمكن أن يعزى هذا ليس فقط إلى حقيقة أنه كان مخططاً عسكرياً استراتيجياً ذكياً، ولكن أيضاً إلى حقيقة أنه كان رجلاً غير عادي ... ولمس أتباعه منه التقوى والصدق والأمانة والرحمة."
وأضاف اسبوزيتو: " لم يؤسس محمد ديناً جديداً "، وأكد هذه الحقيقية قائلا: " فلقد تبني الإسلام مبدأ الإصلاح ودعا مرة أخرى إلى الاستسلام الكامل لله وتطبيق أمره كما أوحي به في صيغته التامة والكاملة بشكل نهائي إلى محمد، آخر وخاتم الأنبياء. إذن بالنسبة لمحمد، فإن الإسلام لم يكن عقيدة جديدة ولكن استعادة للعقيدة الحقيقية (الصحيحة)".
هل ما زلت تذكر ما ورد في الجزء الأول في هذا الكتاب؟ إن المفاهيم والجوانب والقيم الإسلامية التي ذُكرت في ذلك الجزء إنما هي تعاليم قرآنية وتوجيهات نبوية. وفيما يلي بعض الأمثلة الرائعة من أقوال النبي محمد ، متمنيا أن تستمتع بها وتتذوق شيئا من جمالها وعظمتها.
ü (الكلمة الطيبة صدقة) رواه البخاري.
ü (تبسمك في وجه أخيك لك صدقة) رواه الترمذي.
ü (إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاَقًا) رواه البخاري.
ü (إماطة الأذى عن الطريق صدقة) رواه البخاري ومسلم.
ü (أفضل الإيمان الصبر والسماحة) رواه البيهقي وصححه الألباني.
ü (أن رجلا سأل النبي g أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) رواه البخاري.
إضافة إلى هذه الأقوال والتوجيهات النبوية، قال رسول الله محمد g أيضاً:
ü (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) رواه الترمذي.
ü (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري ومسلم.
ü (ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه) رواه البيهقي.
ü (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) موطأ مالك.
ü (إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" رواه مسلم
ü (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي.
ü (خياركم خياركم لنسائهم) رواه الترمذي وابن ماجه.
ü (خير الناس أنفعهم للناس) رواه الدارقطني.
هذه مجرد أمثلة من الأقوال الذهبية الرائعة للنبي محمد g، ومطبقا لما كان يقوله ويُعلمه على أرض الواقع، فإن تعامل النبي محمد وتعاملاته مع الآخرين عكست شخصيته الفريدة من نوعها في أخلاقه ورحمته وحرصه وأمانته وإخلاصه وعطفه وصدقه وتواضعه وكرمه وعفوه وصبره وسماحته وغيرها من أخلاق فاضلة وصفات عظيمة كان يتحلى بها محمد g.
وهناك الكثير من القصص والأمثلة والبراهين التي تثبت هذه الأخلاق الحميدة والصفات الشخصية الفريدة للنبي الخاتم التي لا يتسع المجال لذكرها بالتفصيل. دعونا نأخذ مثالا واحدا فقط.
§ بعدما رفضه معارضوه وأعداؤه في مكة وكفروا برسالته رسالة الإسلام...
§ بعد اضطهادهم وإساءتهم له ومحاولة قتله أكثر من مرة...
§ بعد تعذيب وقتل الكثير من أتباعه وأحبائه...
§ بعد محاربته وأصحابه وإخراجهم من بيوتهم وأرضهم وأموالهم ...
ماذا كان رد فعل محمد g تجاه أعدائه عندما دخل مكة وحررها من عبادة الأصنام والأوثان. وبعدما أحرز محمد g وأصحابه انتصاراً عظيماً، وبينما هم في أوج فرحهم بعودتهم إلى وطنهم مكة المكرمة اجتمع النبي محمد g بمن أرادوا قتله بالأمس لكنهم الآن يخشونه من أن يقتلهم انتقاماً لما فعلوه من إساءة له واضطهاد وقتل لأتباعه، سألهم النبي قائلا: "ما تظنون أني فاعل بكم؟" فقالوا: "أخ كريم وابن أخ كريم". فقال لهم النبي الرحيم المتسامح الكريم صافحاً عنهم: "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
· هل سبق وأن رأيت مثل هذا المشهد؟
· هل سبق وأن سمعت مثل هذه القصة؟
· هل استشعرت رحمته؟
وفي وصفه لهذا الحدث التاريخي غير المسبوق، يقول البروفيسور جون اسبوزيتو:
"لقد تحاشى النبي الانتقام والنهب ورضي بتسوية الأمر بينه وبين أعدائه بدلا من ذلك، ومنحهم العفو بدلا من إشهار سيفه أمام أعدائه السابقين. أما المكيين فقد دخلوا الإسلام وقبلوا بقيادة النبي لهم واندمجوا مع المجتمع الإسلامي".
في المقابل، انظر وتأمل كم من الفظائع والجرائم التي ارتكبتها بعض الدول ومنها ما تسمى "بالدول العظمى"، عندما هاجمت وغزت وأرهبت -على مر التاريخ البشري وحتى يومنا هذا-دولاً وشعوباً مسالمة واحتلت أراضيهم ونهبت ثرواتهم وقتلت الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء بشكل عام، بل بيوتا وأحياء كاملة قصفت ودمرت وهدمت على رؤوس وأجساد وأشلاء من يسكن فيها ظلمًا وعدوانا وباستخدام جميع أنواع الأسلحة والقنابل التقليدية والمحرمة دولياً! تفكر في الملايين من الأبرياء الذين قتلوا في أوربا وفي روسيا وغيرها من دول خلال الحرب العالمية الأولى والثانية واستخدام القنابل الذرية في اليابان وتذكر ما حدث ويحدث من قتل جماعي في العراق وسوريا وبورما وغيرها.
في المقابل، كلما قرأنا واكتشفنا المزيد من التفاصيل والجوانب المضيئة عن حياة محمد وأخلاقه الفاضلة وقيمه السامية في السلم والحرب، كلما أدركنا وعرفنا الكثير عن شخصيته العظيمة الفريدة، وأنه بالفعل أرسل رحمة للعالمين (القرآن الكريم: 21: 107).
يقول النبي محمد: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق." وتأكيدًا على هذا المعنى يخبر القرآن الكريم عن ذلك بقوله: "وإنك لعلى خلق عظيم."
وأخلاق النبي محمد وعدله كان في سلمه وحربه، ففي الحروب التي خاضها النبي وأصحابه من أجل إزالة الظلم والحواجز التي كانت تحول بينه وبين الشعوب لتبليغ رسالة الله للناس كافة كما أمره الله تعالى، كان الرسول يأمر أتباعه وجنوده بتوجيهات هامة وقيم سامية منها:
لا تغُلُّوا، ولا تغْدِرُوا، ولا تُمثِّلُوا، ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، فهذا عهْدُ اللهِ وسِيرةُ نبِيِّهِ فِيكُمْ))
(اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سبِيلِ اللّهِ، ولا تغُلُّوا، ولا تغْدِرُوا، ولا تمْثُلُوا، ولا تقْتُلُوا ولِيدًا، أوِ امْرأةً، ولا كبِيرًا فانِيًا، ولا مُنْعزِلاً بِصوْمعةٍ).
(أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ لا تَعْصُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تَجْبُنُوا، وَلا تُغْرِقُوا نَخْلا، وَلا تَحْرِقُوا زَرْعًا، وَلا تَحْبِسُوا بَهِيمَةً، وَلا تَقْطَعُوا شَجَرَةً مُثْمِرَةً، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخًا كَبِيرًا، وَلا صَبِيًّا صَغِيرًا، وَسَتَجِدُونَ أَقْوَامًا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لِلَّذِي حَبَسُوهَا، فَذَرُوهُمْ وَمَا حَبَسُوا أَنْفُسَهُمْ لَهُ).
(لا تقتلوا صبياً ولا امرأة ولا شيخاً كبيراً ولا مريضاً ولا راهباً ولا تقطعوا مُثمراً ولا تخربوا عامراً ولا تذبحوا بعيراً ولا بقرة الا لمأكل).
(لا تقتلوا وليداً ولا امرأة ولا كبيراً فانياً ولا منعزلاً بصومعة ولا تقربوا نخلاً ولا تقطعوا شجراً ولا تهدموا بناءً).
هذه مجرد بعض توجيهات الإسلام السامية وقيمه وأخلاقياته العظيمة في حالة الحروب التي أمر بها النبي محمد g. وكل من ينتهك أو يتجاوز هذه التوجيهات والقيم ممن يدعي الإسلام وينسب إرهابه وقتله للأبرياء إلى الإسلام الحق، فعلينا أن نتأكد من صحة إسلامه وحقيقة اتباعه لهدي النبي محمد g! وأما من يتهم الإسلام والمسلمين بالإرهاب والعنف والقتل وغيرها من تهم معلبة وجائرة، فعلينا أن نتأكد من أقواله وافتراءاته وأن نتحلى بالموضوعية والصدق والعدل والأمانة في كل الأحوال والأحكام والأحداث والمناسبات والمواقف.
أخبرنا الله عن أسماءه الحسنى وصفاته العلى في القرآن الكريم، كما أوضح لنا النبي محمد g أسماء الله الحسنى وحثنا على ذكرها والثناء على الله بها ودعاءه بها.
قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ﴾ سورة الأعراف: الآية 180
وكان النبي محمد g يدعو الله بقوله ( ... أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو علَّمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ...) رواه أحمد
ومعرفة هذه الأسماء والصفات العظيمة التي يتصف بها الله والإيمان بها والتفكر فيها يجعلنا نكتشف المزيد عن خالقنا سبحانه وتعالى، فهو الإله الواحد الحق الذي خلقنا ووهبنا نعما كثيرة منها العقل والقلب والسمع والبصر وبقية الحواس وأعضاء الجسم (لنعلم الحقيقة حول الذي خلقنا ولنعبده على بصيرة ولنحمده ونشكره وندرك عظمته وجماله وجلاله)، وهو الذي يرحمنا ويغفر لنا ذنوبنا إذا عدنا إليه مؤمنين به وتائبين إليه فهو الغفور الرحيم اللطيف الذي يفرح بتوبتنا ورجوعنا إليه.
وهذه بعض أسماء الله الحسنى وصفاته العلى:
· الله
· الرحمن.
· الرحيم.
· الملك.
· القدوس.
· السلام.
· الحكيم.
· العليم.
· البصير.
· السميع.
· العدل.
· العظيم.
· الغفور.
· العلي.
· القوي
هذه مجرد بعض أسماء الله الحسنى وصفات الجمال والكمال المطلق التي وصف الله بها نفسه.
"إن الله جميل يحب الجمال"
الإسلام هو دين آدم وحواء وأبنائهما إلى اليوم الآخر. ويمتاز هذا الدين العظيم بأنه سهل ومنطقي وواضح وعملي وشامل، كما أن روعة الإسلام لا حدود لها لأنه جاء من عند الله الخالق العليم الخبير البصير القادر.
قال الله b في القرآن الكريم: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ المائدة: 3
وقد أخبرنا الله أن النبي محمد g هو خاتم الأنبياء وأنه أُرسل لجميع البشر (المسلمين واليهود والنصارى والهندوسيين والبوذيين والملحدين وغيرهم).
وأنزل الله نوره وهدايته للناس كافة كي يؤمنوا به ويعبدوه وحده ويؤمنون بأنبيائه ورسله جميعا وآخرهم النبي محمد، وهذا الإيمان بالله ورسله وعمل الصالحات بصدق وإخلاص هو الطريق إلى الجنة والحياة الأبدية السعيدة. كما بين لهم مسالك السكينة والطمأنينة والرضى والسلام للروح والمجتمع والعالم بأسره.
ختاما، يحثنا الإسلام على الصدق والأمانة والموضوعية عند بحثنا عن الحقيقة، وأن يكون هذا البحث مبنيا على الحقائق والمصادر الموثوقة. كما يؤكد لنا الإسلام، بأن تعاملنا مع الآخرين والحكم عليهم ينبغي أن يتم بالعدل والموقف الإيجابي والفهم الواضح والحوار البناء والاحترام المتبادل.
· القرآن الكريم
· السيرة والأحاديث النبوية
· كتاب رسالة واحدة فقط للدكتور / ناجي إبراهيم العرفج
· إضافة إلى مصادر ومراجع وكتب ومقاطع صوتية ومرئية مفيدة تجدها على المواقع الإلكترونية الإسلامية الموثوقة منها:
· www.islamhouse.com
· www.alukah.net
· www.sultan.org
· www.edialoguec.com
· www.islamreligion.com
· www.itsrealbeauty.com
· www.etawasol.org
عندما تكون عقولنا أسيرة للتحيز أو التصورات أو الأحكام المسبقة فإننا لن نرى أبدًا جمال أو حقيقة أي شيء، لذلك إذا كان عندك تصورات سلبية عن الإسلام، أو قرأت أو سمعت عنه من مصادر غير موثوقة أو غير دقيقة أو من مصادر منحازة تحاول تشويه الإسلام والمسلمين لأسباب وأغراض عديدة؛ فإننا ندعوك لقراءة هذه الرسالة التي تبين حقيقة الإسلام وبعض محاسنه.