×

الهندوسية في ميزان تعاليمها الأصلية والعقل والفطرة السليمة (العربية)

إعداد: هيثم طلعت

الوصف

كتاب نافع أظهر فيه مؤلفه - أثابه الله - حقيقة الهندوسية الحالية واعتراضها مع العقل والعلم الحديث والمنطق وتعاليم الفيدات الأصلية التي ما زالت بين أيدي الهندوس حتى الساعة، وبيّن أنَّ بقايا الحق الذي في الفيدات والذي في فطرة الهندوسي كفيلان بإيصال الهندوسي بسلام إلى الدين الحق.

تنزيل الكتاب

 الهندوسيةفي ميزان تعاليمها الأصلية والعقل والفطرة السليمة

سؤال وجواب

إعداد وتأليف

د.هيثم طلعت

بسم الله الرحمن الرحيم

 الـمقدمة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعد:

فالهندوسية قد تكون ديانة لكنها بتعريف أكثر دقة هي: طريقة في الحياة.

يُشكِّل أتباع الهندوسية حوالي 15% من سكان العالم، فأتباعها يزيدون على مليار ومئتي مليون إنسان.

وقد تغيرت الهندوسية كثيرًا عبر الزمن...

فالهندوسية بعد عصر الفيداتVedas صارت تمتليء بالإشكالات العقلية والعلمية والفطرية والتي سنرصُد بعضًا منها في هذا الكتاب.

نعم!

لقد ابتعدت الهندوسية بشدة عن تعاليم الفيدات الأصلية (المصادر الأصلية للديانة الهندوسية)، واتبعت تعاليم الناس والنُسَّاك والبهاغافاد غيتا

Bhagavad Gita भगवद्गीता والتانترا الباطنية Tantras.

سأحاول في هذا الكتاب الصغير أن أُحاكم الهندوسية الحالية للعقل والعلم الحديث والمنطق وتعاليم الفيدات الأصلية التي ما زالت بين أيدي الهندوس حتى الساعة، وأنا على يقين أنَّ بقايا الحق الذي في الفيدات والذي في فطرة الهندوسي كفيلان بإيصال الهندوسي بسلام إلى الدين الحق.

فالفيدات هي: أقدس كتب الهندوسية على الإطلاق.

والفطرة هي: ذلك الدافع نحو النظر في غاية وجود الإنسان ومآله، وتوجيه هذا الدافع نحو الإيمان بالله والعبودية له بما شرع.

والدين الحق هو: تلك الرسالة التي شملت بقايا الحق في الفيدا وهي صوت الفطرة وهي وحي الله للعالمين، وهي الرسالة الناطقة بآثار توحيد الله في تعاليم الأبانيشاد Upanishad उपनिषद्.

أحاول في هذا الكتاب الصغير أن أجري مقارنة يسيرة بين هندوسية عصر الفيدا وهندوسية اليوم!

فقد تغيرت الهندوسية كثيرًا...

لقد ابتعدت بعيدًا جدًا عن بقايا التعاليم التوحيدية النقية الصافية في الفيدا، فأنت في الهندوسية الحالية تجد الاعتقاد بوحدة الوجود حيث يتحد الخالق بالمخلوق، فيصير المخلوق هو عين الخالق، وهذا الاعتقاد العجيب لا يناقض تعاليم الفيدا الصريحة فحسب، بل ويناقض بديهيات عقلية، إذ كيف يَحِل الإله في كل شيء، ثم أنت أيها الهندوسي تسعى للوصول إليه بمجموعة من الطقوس والممارسات وهو في الأصل حالٌ فيك؟

أليس هذا إشكال عقلي ظاهر؟

ثم إنَّ الاعتقاد بوحدة الوجود يدعو للقول بنسبية الحقيقة، فكل الديانات التي تعبد أصنامًا أو أحجارًا هي بالتالي تعبد الإله، لأن الإله وفقًا لهذه العقيدة هو الصنم والحجر فالإله حالٌ في كل شيء وهو كل شيء.

ونسبية الحقيقة هذه تُدمر المعنى والقيمة كما سأوضح في الكتاب.

أضف إلى ما سبق أن الفيدا تدعو صراحةً للإيمان بالإله المنفصل عن خلقه، فهذه المخلوقات هي مخلوقات الله، والله لا تسعه مخلوقاته ليحل فيها.

تقول الفيدا وتحديدًا في الريج فيدا ऋग्वेद: "يا الله! الشمس والعالم كلاهما، لا يقدران أن يحيطاك ويسعاك".([1])

فهذا دليل واضح من الفيدا على خطأ الاعتقاد بوحدة الوجود، فالله مستقل عن خلقه.

وفي الهندوسية الحالية تجد الاعتقاد بتناسخ الأرواح حيث تنتقل أرواح البشر بعد الوفاة إلى كائنات أخرى لتولد من جديد في كائن حي جديد، فكل إنسان كانت له حياة سابقة في كائن حي آخر قبله وهكذا، وهذه العقيدة تُولِّد إشكالات كثيرة، فإذا كان تناسخ الأرواح صحيحًا فكيف لا يُولد الرُضع بنفس القدرات العقلية للبالغين؟([2])

ثم إنَّ عقيدة تناسخ الأرواح تقوم على تسلسل الولادات المتكررة، فكيف هذا وقد أثبت العلم المعاصر أن للحياة بداية، والأرض ذاتها لها بداية وليست أزلية.

ثم لو صحَّ تناسخ الأرواح فالمفترض أن تكون أعداد الكائنات الحية ثابتة، لأنها تتناسخ فيما بين بعضها البعض، وهذا لا يقول به إنسان اليوم!

والأهم من ذلك أن الفيدا لا تقول بتناسخ الأرواح، حتى قال العالم الهندوسي شري ستياكام وديالنكار: "إن عقيدة التناسخ ليست في الفيدات، وأنا أتحدى من يقول بذلك".([3])

وخير دليل على صحة كلام وديالنكار أنَّ الهندوس يؤدون طقوسًا دينية قديمة تسمى: "شرادة srddha श्राद्ध وهدف هذه الطقوس هو: تسكين أرواح الموتى.

فكيف تتناسخ الأرواح وهم يُسكنون أرواح الموتى؟

ومن عقائد الهندوسية الحالية أيضًا الاعتقاد بـ: الكارما، حيث أنَّ البشر طبقًا للكارما يولودون نتيجةً لأعمالهم السابقة، فمَن كان فاسدًا سيولد في حياة أخرى جديدة في طبقة أقل أو ببلاءات أكبر.

وعلى هذا فالهندوس ينظرون للشخص المُبتلَى على أنَّ ابتلاءه هو نتيجةً لآثامٍ ارتكبها في حياةٍ سابقة، وهذا التصور المغلوط المُشوَّش يُفسد الحياة بأكملها فهو لا يُقدم أية خدمة للإنسانية، بل يقرر أنَّ ما في الناس من بلاء هو عقوبة طبيعية على جريمة سابقة في حياة سابقة، إنَّ هذا نوعٌ من مصالحة التخلف والظلم والطبقية.

s          لكن الإشكال الأكبر: أين توجد عقيدة الكارما هذه في الفيدا؟

إنَّ الفيدات تُصرِّح بأنَّ هناك جنة ونار يهبها الله للناس بحسب أعمالهم، وليس ولادات جديدة في حيوات أخرى.

تقول الريج فيدا: "اجعلني خالدًا في المكان الذي تودَع فيه جميع أنواع المتع والسرور، والذي تعطي فيه ما تشتهيه الأنفس".([4])

أيضًا من العقائد الأساسية في الهندوسية الحالية: السعي للتخلص من الولادات المتكررة وتناسخ الأرواح والوصول لمرحلة ما يُعرف بـ"الموكشا Moksha मोक्ष" والتي فيها يتوحد الإنسان مع الذات الإلهية، لكن هذه الفكرة تقوم على نظرة تشاؤمية تمامًا للوجود، فيصبح الهدف من الوجود هو محاولة التخلص من الوجود!

وهذه الفكرة خطيرة على المجتمع فهي تجعل الإنسان بلا وازع من خوف، فمهما ارتكب من فواحش سيولد مجددًا وسيخلُص في ولادة قادمة يومًا ما ولابد.

وهذا الأمر مخالف تمامًا لتعاليم الفيدا التي تنص على عقوبة الظالمين والمذنبين في مكان خاص بهم، كما تقول الريج فيدا: "مكان غاية العمق بعيد قعره للمذنبين".([5])

s          فأين هذا المكان من فكرة تكرار الولادات؟

أما عن أشهر مشكلات الهندوسية الحالية العلمية فهي: نظرتها لطبيعة نشأة الكون، فالهندوسية الحالية تفترض أنَّ الكون ينحل ثم يتشكل وهكذا إلى ما لا نهاية، وهذا خطأ علمي عجيب مخالف للعلم الحديث.

فمن المعلوم تمامًا أنَّ العلم الحديث يقرر أنَّ لهذا الكون بداية مُطلقة وأنَّه لم تسبقه أكوان أخرى.

فالكون علميًا مفطور... مُبدَع على غير مثالٍ سابق.

وهذه بالمناسبة نفس العقيدة الموجودة في الفيدا، ففي الفيدا هناك حياة دنيا ظهرت فجأة وهناك الآخرة، أما في الفلسفات التي جاءت في مرحلة متأخرة من الهندوسية كالبوراناتPuranas ، فقد ظهر فيها جليًا القول بتكرار العالم وأزليته.

لقد خالفت الهندوسية الحالية عقيدة الفيدا، وخالفت العلم الحديث، وخالفت الإسلام الذي يحمل الحق الذي نطقت به الفيدا.

فعقيدة المسلمين التي أوحاها الله في القرآن الكريم أنَّ الكون ظهر على غير مثال سابق، فقد قال الله في كتابه ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [١١٧] سورة البقرة.

فالكون مُبدَع في مفهوم الإسلام أي: ظهر على غير مثالٍ سابق.

وهذا هو ما انتهى إليه العلم، وهو ما أخبر به رجلٌ يرعى الغنم منذ 1400 عامًا، يُدعى محمد بن عبد الله رسول الله ونبي الإسلام  ﷺ.

في هذا الكتاب أناقش كثير من الإشكالات التي تواجه الهندوسية، وأعرض في المقابل الرؤية الإسلامية للعالم والحياة والثواب والعقاب والغاية من الوجود والتي تتوافق تمامًا مع بقايا الفيدا ومع الفطرة.

وأُبين كيف أنَّ الإسلام هو أدق وأوثق وأحكم نموذج في جواب الحاجة الإنسانية لمعرفة كيف نحيا، وفي تحليل معنى الوجود الإنساني وغاية الوجود الإنساني بما يوافق الفطرة والعقل والعلم.

ويقدم هذا الكتاب بعض الأدلة على صحة دين الإسلام، والبشارات بهذا الدين من الفيدا، فالفيدات بشَّرت بالإسلام وبشَّرت بالرسول محمد  ﷺ، ودعت الهندوس للإيمان به.

والإسلام ليس دينًا على الأرض ضمن الأديان، بل هو الدين التوحيدي الأوحد الذي بعث الله به جميع الأنبياء، فجميع الأنبياء أتوا بدعوة الناس للتوحيد ولم يبق على هذا التوحيد النقي اليوم سوى الإسلام، بينما بقية الديانات صار لها من الشرك نصيب قلَّ أو كَثُر.

والله لا يقبل من البشر دينًا غير الإسلام، قال الله تعالى في كتابه ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [٨٥] سورة آل عمران.

فالإسلام هو الدين الذي أرسل الله به جميع الأنبياء والرسل.

وسِمة الإسلام الأساسية أنَّ: فيه معنى الاستسلام لله وعبادة الله وحده، ونفي أي تجسيد لله في أصنام أو أوثان كما في الهندوسية الحالية.

ثم يُختم الكتاب ببيان كيف يصبح الإنسان مسلمًا لله، وبيان معنى الإسلام وضرورة الإسلام.

فلنبدأ رحلة الكتاب على بركة الله...

 1- ما هي الهندوسية؟

الهندوسية: هي ديانة أو بمعنى أصح: "طريقة في الحياة"، وهي تشمل جملة من الطقوس والشعائر والعبادات والكتب المقدسة والمفاهيم الكونية والوجودية.([6])

وقد تشكلت الهندوسية عبر قرون طويلة من الزمن ومن خلال تجمعات معقّدة من المذاهب تُجيز نظامًا إيمانيًا متنوعًا وأحيانًا متناقضًا، ولا تجد الهندوسية الحالية مُشاحة في ذلك، فالهندوسية الحالية لا تملك عقيدة واحدة أو مرجعًا واحدًا أو نصَّا مُلزِمًا يتم التحاكم إليه.

وإن كانت الفيدات Vedas أقدس كتب الهندوس على الإطلاق إلا أنَّ الهندوس وكما سنعرض في هذا الكتاب صاروا يخالفونها بصورة عجيبة، فأصبحت الهندوسية بمخالفتها للفيدا تَقبل تصورات متنوعة وأفكارًا متباعدة لا علاقة لها بعصر الفيدات الأول.

وتهدف الهندوسية في المجمل إلى التخلص من المعاناة، وسنشرح فيما بعد كيفية التخلص من المعاناة في مفهومهم، وكيف خالفوا عقيدة الفيدا في الخلاص والتي فيها الكثير من بقايا الحق.([7])

 2- كيف نشأت هذه الديانة بهذا التشابك؟

الهندوسية تعني الهند: الهند الدولة والمناخ والتاريخ والتشابك والتقاليد.

فهي ديانة تكاد تكون حصرية بالهند، حيث يوجد في الهند قرابة 95% من الهندوس في العالم.([8])

وقد نشأت الهندوسية على إرث الفيدات الأولى لكنها للأسف امتزجت بفلسفات ومعتقدات وكتب وتصورات تشكلت عبر قرون من الزمن، فقد اتبعت الهندوسية في مرحلة تالية لعصر الفيدات تعاليم النُسَّاك والتانترا الباطنية Tantras والبهاغافاد غيتا  भगवद्गीता.

ومنذ قرابة العام 1500 قبل الميلاد وحتى العام 500 ميلادية زاحمت كثير من هذه التصورات والفلسفات الفيدات وطغت عليها، حتى أننا لم نعد نرى اليوم على السطح إلا هذه التصورات والفلسفات.

 3- ما هي عقيدة الهندوس بالتحديد؟

الهندوسية الحالية هي عقيدة تؤمن بعدد كبير من الآلهة، ففي الهندوسية عدد لا حصر له من الآلهة، والهندوس مع ذلك يؤمنون بالله الواحد.

فهم يتصورون أن الإله يحل في كل هذه المسبوكات التي يقدسونها.

وهنا قد يتصور البعض أنَّ: إيمان الهندوس بإلهٍ واحد واعتبار أن هذه التماثيل والمسبوكات صورًا للإله ليس وثنية!

وهذا خطأ شديد!

فاعتقاد أنَّ التماثيل صورًا للإله الواحد هو أصل العقيدة الوثنية المخالفة لتعاليم الأنبياء ولتعاليم الفيدات في كل تاريخ البشر.

فكل المشركين المخالفين للأنبياء والمخالفين لتعاليم الفيدات كانوا يؤمنون بالله، لكنهم يجعلون الأصنام تمثيلاً للإله، فإيمان المشركين بوجود الله وأنه واحد لا ينفي عنهم الكفر به والكفر بأنبيائه والكفر بالفيدات طالما اتخذوا هذه الأصنام.

فالفيدات صريحة وقاطعة في تحريم اتخاذ الأصنام، أو التقرب لها، أو تقديسها.

تقول الفيدا: "الذي يعبد من دون الله الأشياء المصنوعة، فهو يغرق في الظلمات ويذوق عذاب النار أحقابًا".([9])

فمن يتخذ هذه الأصنام التي صارت تمتليء بها الديانة الهندوسية اليوم فهو طبقًا للفيدا سيخلد في النار.

وتقول الفيدا أيضًا: "مالك الكل عالم الغيب، الذي لا يحتاج إلى معاونة آلهة أخرى، ذلك هو الله الذي يستحق أن يعبده الإنسان، والذين يتخذون من دون الله آلهة أخرى، فأولئك الأشقياء، يجدون دائمًا المصائب الكبرى المخيفة".([10])

بل لقد ورد في البهاغافاد غيتا Bhagavad Gita भगवद्गीता: "الذين يعبدون الآلهة ينالون الآلهة، والذين يعبدون الأسلاف ينالون الأسلاف، والذين يعبدون الشيطان ينالون الشيطان، والذين يعبدونني يجدونني".([11])

فهذه النصوص وغيرها الكثير تدعو الهندوس صراحةً لتوحيد الله وترك هذه الأصنام، حتى يقول مهارشي ديانند سرسوتي: "لا يوجد حرف في الفيدات يدل على عبادة الأصنام المصنوعة من الحجر وغيره".

فما ترك الهندوس عقيدة التوحيد في الفيدات إلا على يد تعاليم باطلة جاءت في مرحلة تالية متأخرة.

يؤكد القرآن الكريم الذي أنزله الله على نبيه محمد  ﷺ أنَّ الذين يعبدون الأصنام يزعمون أنهم يؤمنون بالله الواحد ومع ذلك فهم باتخاذ هذه الأصنام كافرون بالله.

قال الله تعالى في القرآن الكريم ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ﴾ [٣٨] سورة الزمر.

وقال الله تعالى ﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّـهُ﴾ [٨٧] سورة الزخرف.

فاتخاذ هذه الأصنام يجعل الإنسان كافرًا بالله باتفاق القرآن والفيدا.

يقول الله تعالى في القرآن الكريم ﴿إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّـهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [١٧] سورة العنكبوت.

فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه وحده، فهو الذي سنرجع إليه جميعًا.

ولم يبق على توحيد الله ونبذ كل صور الشرك اليوم على وجه الأرض سوى الإسلام.

لذلك يجب على كل هندوسي أن ينظر في أمر الإسلام ببصيرة ودون تعصب، وينظر لعقيدة التوحيد في هذا الدين وهل توافق فطرته وتوافق ما عليه الفيدا، أم لا؟

إنَّ دعوة كل الأنبياء الذين أرسلهم الله إلى البشر هي في: إفراد الله بالعبادة، وهذا يكون: بنَزْع كل الأصنام والتسليم بما جاءت به رسل الله، وما جاء به خاتمهم محمد بن عبد الله  ﷺ.

 4- كيف نشأت فكرة تمثيل الإله الواحد بعشرات الأصنام في الهندوسية؟

مشكلة الهندوسية الحالية الكبرى بعد عصر الفيدات هي في افتراض أن صفات الإله المتعددة تتطلب ذواتًا متعددة، أي: تتطلب آلهة متعددة.

فهم يفترضون أن لكل صفة إلهية صنمًا يُمثل تلك الصفة.

فالخالق عندهم أصبح:

براهما: من حيث هو خالق الكون.

وفشنو: من حيث هو حافظ الكون.

وشيفا: من حيث هو مدمر الكون.([12])

وهذا افتراض مخالف لبديهيات العقل والفطرة ومخالف لما هو موجود في الفيدا، فتعدد الصفات لا يقتضي تعدد الذوات.

فقد يكون إنسانًا ذكيًا وقويًا وأديبًا.

فلا يلزم من تعدد الصفات تعدد ذوات ذلك الإنسان.

فالإنسان الذكي هو نفسه القوي هو نفسه الأديب.

ولله المثل الأعلى!

وتؤكد الفيدا على نفس هذه الحقيقة، فقد ورد في الريج فيدا: "هو يسمى بـ: اِندر، متر و وايو وهو ماترشوا، العقلاء يذكرون الإله الواحد بأسماء مختلفة".([13])

والنصوص بأسماء الله وصفاته كثيرة في الفيدات.

فالأسماء والصفات تقوم بالذات الواحدة.

هذا ما عليه الفيدات الأولى وهو ما عليه العقيدة الإسلامية، فالله سبحانه الواحد في الإسلام له الأسماء الحسنى والصفات العلا، قال الله تعالى ﴿وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَـٰنُ الرَّحِيمُ﴾ [١٦٣] سورة البقرة.

فالله هو الرحمن وهو الرحيم.

ويقول الله تعالى في القرآن الكريم ﴿هُوَ اللَّـهُ الَّذِي لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّـهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [٢٣] سورة الحشر.

فتعدد الأسماء والصفات يقوم بالله الواحد.

والمشكلة الثانية في فكرة تجسيد صفات الإله في صور أصنام مختلفة، أنَّه لا أمان للكون مع هذه الوثنيات.

لذلك القرآن الكريم ينفي عن الله كل هذه التصورات الوثنية، ويُثبت أن اتخاذ آلهة مع الله يقتضي عدم أمان الكون كله ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّـهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّـهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [٢٢] سورة الأنبياء.

لو كانت آلهة مع الله لفسدت السماوات والأرض.

﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ﴾ [٧١] سورة المؤمنون.

 5- كيف ينظر الهندوس للعلاقة بين الخالق والمخلوق؟

الهندوس اليوم في أغلبهم يؤمنون بوحدة الوجود، حيت يتحد الخالق بالمخلوق، فالإله في الهندوسية الحالية يحل في مخلوقاته، بحيث تصير الموجودات والموجِد شيءٌ واحد.([14])

وهذا الأمر مخالف لأبسط بديهيات العلم والعقل والرصد والفيدا.

s          وهناك كثير من الإشكالات العلمية والعقلية في فلسفة وحدة الوجود، ومنها:

الإشكال الأول: الإله عندهم يحل في كل شيء، إذن ما معنى ممارسة طقوس من أجل الوصول للتوحد مع الإله فيما يعرف بـ: "الموكشا Moksha मोक्ष

كيف تصل لشيء هو فيك... فأنت حالٌّ فيه وهو حالٌّ فيك؟

الإشكال الثاني: الزلات والخطايا بمفهومهم لوحدة الوجود هي ذات الإله، لأن الإله عندهم هو الزلة وهو الخطيئة وهو الزنا وهو القتل فهو حالٌّ في كل شيء، وهو ذات كل شيء؛ فلماذا التخلص من الزلات والخطايا إذن؟

لماذا يحرصون أشد الحرص على الابتعاد عن الشهوات والأهواء الدنيوية؟

أليست المعصية ضمن وحدة الوجود؟

أليست الدنيا نفسها هي الإله ذاته؟

ليس ثمة مبرر للحرص على فعل الخير وفقًا لهذا التصور الهندوسي الحالي.

لكن الجميع يحرص على فعل الخير ويعلم أنَّ هذا واجب، أليس كذلك؟

إنَّ الحرص على فعل الخير هو استجابة لنداء الفطرة النقي، فهذا دليل فطري مباشر على خطأ فلسفة وحدة الوجود.

الإشكال الثالث: القول بوحدة الوجود دعا إلى القول بنسبية الحقيقة، فكل الديانات التي تعبد أصنامًا أو أحجارًا هي عندهم تعبد الإله، لأن الإله في تصورهم هو الصنم وهو الحجر فالإله حالٌ في كل شيء وهو كل شيء.

ونسبية الحقيقة هذه تدعو لضياع المعنى والقيمة، فكل شيء يصير صوابًا!

أضف إلى ما سبق أنَّ: الاعتقاد بوحدة الوجود لا يجيب عن سؤال: مِن أين جاء العالم؟

فافتراض أن ذات الخالق هو ذات المخلوق هذا افتراض ساقط عقلاً، لأنه يفترض تعلق ظهور الشيء على ظهوره.

وهذا تناقض غريب، ومحال عقلي.

فكيف يكون الشيء سببًا لظهور نفسه، إذا لم يكن قد ظهر بَعدُ أصلاً.

الإشكال الرابع: أنَّه أيضًا ثابت علميًا أنَّ الكون بكل ما فيه حادث، وهذا ثابت عند جميع العقلاء.

فالكون حادث بكل طاقته ومادته ومكانه وزمانه...

وقد ثبت أنَّ للكون بداية بأدلة لا حصر لها، فعلميًا: لم يكن ثمة كون ثم ظهر الكون.

وطالما لم يكن ثمة كون، فـ: كيف نقول بوحدة الوجود؟

إنَّ وحدة الوجود لو كانت صحيحة فإنها تقتضي أزلية العالم أو على الأقل أزلية المادة.

الغريب أنَّ الهندوس المعاصرين يُصرون على القول بأزلية العالم المادي لأنه القول الضروري الذي يبرر وحدة الوجود.

يقول العالم الهندوسي وويكانند Wiwekanand: "المكان لا يجري عليها زمان ولا يأتي عليها حدوث".([15])

فالهندوس المعاصرون اضطروا للقول بأزلية العالم المادي حتى يتوافقوا مع فكرة وحدة الوجود.

وما كان لهم أن يدخلوا في ذلك، وما كان لهم الاعتقاد ابتداءًا بوحدة الوجود، لكن الشيطان قعدَ لابن آدم بأطرقه، فهو يجتال بني الإنسان عن دين الأنبياء كلما سنحت له فرصة.

قال الله تعالى في الحديث القدسي: «إنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وإنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عن دِينِهِمْ، وَحَرَّمَتْ عليهم ما أَحْلَلْتُ لهمْ، وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بي ما لَمْ أُنْزِلْ به سُلْطَانًا».([16])

فكل البشر كانوا على توحيد الله، فأتتهم الشياطين وأغرتهم بهذه الكفريات.

وقال النبي  ﷺ: «إنَّ الشَّيطانَ قعدَ لابنِ آدمَ بأطرُقِهِ».([17])

فالشيطان يلتمس أي طريق غواية للإنسان، وليس من نجاة إلا بالتسليم بما كان عليه الأنبياء من توحيد وعبادة.

لقد صرحت الفيدا أن العالم مخلوق وله بداية.

وأن الله مستقل عن خلقه لا يحل فيهم.

فكيف وصل الهندوس لهذه المرحلة من الاعتقاد بوحدة الوجود؟

تقول الريج فيدا ऋग्वेद: "يا الله! الشمس والعالم كلاهما، لا يقدران أن يحيطاك ويسعاك".([18])

هذا دليل واضح من الفيدا على خطأ الاعتقاد بوحدة الوجود، فالله مستقل عن خلقه، والشمس والقمر ليسا هما الإله.

وتقول الريج فيدا أيضًا: "الله هو الذي خلق الليل والنهار، وهو مالك الدنيا وما فيها، وهو الذي خلق الشمس والقمر، والأرض والسماء".([19])

فأي عقيدة أظهر من ذلك في نفي وحدة الوجود وأزلية العالم المادي؟

وتقول اليجر فيدا: "وهو الذي لم يخلق شيء قبله، وهو خالقنا ومالكنا ويعلم كل شيء".([20])

فالله لم يُخلق شيء قبله فهو الأول والعالم خلقه الله وليس أزليًا: "هو العظيم مالك الأرض والسماء".([21])

والقرآن الكريم يقرر نفس هذه الحقيقة الجلية، فقد أوحى الله لنبيه محمد بن عبد الله  ﷺ منذ أكثر من 1400 عام أنَّ الله منفصل عن خلقه مستوٍ على عرشه لا يحل في مخلوقاته ولا تحل فيه.

قال الله تعالى ﴿اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ﴾ [٤] سورة السجدة

فأصل عقيدة الأنبياء وأصل دينهم وشريعتهم أن الله الخالق الواحد الأحد بائنٌ، أي منفصلٌ عن خلقه غير حالٍ فيهم!

الإشكال الخامس في فلسفة وحدة الوجود أنَّ: هذه الفلسفة لا تجيب عن السؤال الأهم: مِن أين جاء العالم؟

كيف ظهر العالم وفقًا لهذه الفلسفة؟

ثم: مَن الذي قال بهذه الفلسفة ابتداءًا؟

وما هو الدليل عليها؟

تساؤلات كثيرة وإشكالات أكثر تكتنف هذه العقيدة التي خالفت العلم الحديث والعقل والفيدا ودين الأنبياء.

 6- كيف تنظر الهندوسية للحياة والموت؟

تقوم الهندوسية الحالية على فكرة تناسخ الأرواح ودورة التوالد التي لا تنتهي: فنحن في التصور الهندوسي ندور في حلقة دائرية من الولادات، فكل مولود كان موجودًا في كائنٍ قبله وستنتقل روحه بعد موته لكائنٍ آخر وهكذا، وهذا ما يُعرف في الهندوسية بمصطلح: السامسارا samsara संसार.([22])

s          وهناك عدة إشكالات عقلية وعلمية في مسألة تناسخ الأرواح هذه ومنها:

الإشكال الأول: ويُعرف بـ"اعتراض ترتليان Tertullian's objection" وهو يقول: إذا كان تناسخ الأرواح صحيحًا فكيف لا يُولد الرُضع بنفس القدرات العقلية للبالغين؟([23])

الإشكال الثاني: لو كان تناسخ الأرواح صحيحًا، فالمفترض أنَّ أعداد الكائنات الحية ثابتة، لأنها تتناسخ فيما بين بعضها البعض في دورات من الولادات، وهذا لا يقول به عاقل اليوم!

فقد ثبُت أنَّه كان هناك زمان ليس للكرة الأرضية فيه وجود أصلاً، وكان هناك زمان لم يكن للكائنات الحية على الأرض وجود، وكان هناك زمان لم تكن الكائنات حية فيه بهذا العدد بل كانت قليلة جدًا، ثم ازدادت مع الوقت وهذا أيضًا بإجماع البشر اليوم.

وكان هناك زمان فيه أعداد البشر أقل مما هم عليه اليوم.

فأعداد البشر ليست ثابتة بالإجماع، فكيف يحدث تناسخ أرواح في دورات ثابتة؟

الإشكال الثالث: لماذا لا يوجد مَن يتذكر الحياة الماضية – الولادة السابقة- التي كان فيها، إلا من أبناء تلك الفلسفة؟

كانت هناك امرأة أمريكية تدعى روث سيمنز Ruth Simmons، ادعت أنها تناسخ لروح امرأة أخرى تسمى بريدي مورفي Bridey Murphy وبدأت روث سيمنز في استحضار ذكرياتها السابقة حين كانت بريدي مورفي في القرن التاسع عشر في أيرلندا، وبعد تقصِّي باحثين لحياة روث سيمنز تبين أن لها جارة قديمة من أيرلندا تُدعى بريدي مورفي، فأخذت ذكريات بريدي عن أيرلندا ونسبتها لنفسها، وادعت أنها هي بريدي.([24])

فتناسخ الأرواح وهم وخيال ويخالف أبسط بديهيات العلم والحس.

يقول بول إدواردز رئيس تحرير الموسوعة الفلسفية والأستاذ بجامعة نيويورك: "تناسخ الأرواح مجرد خيال يتعارض مع العلم الحديث".([25])

فالإنسان إذا مات لن يولد في حياةٍ أخرى.

والفيدات دائمًا تؤكد على هذه الحقيقة، ولا يوجد في الفيدات أي حديث عن تناسخ الأرواح أو عن السامسارا.([26])

حتى قال العالم الهندوسي شري ستيا كام وديالنكار: "إن عقيدة التناسخ ليست في الفيدات وأنا أتحدى من يقول بذلك".([27])

وخير دليل على صحة كلام وديالنكار أنَّ الهندوس يؤدون طقوسًا دينية تسمى: "شرادة Sraddha -  श्राद्ध - " وهدفها تسكين أرواح الموتى.

فكيف تتناسخ الارواح والهندوس يُسكِّنون أرواح الموتى؟

والقرآن الكريم الذي أنزله الله على نبيه محمد  ﷺ، قام بالرد على القائلين بتكرار الحياة ممن قالوا ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ﴾ [٣٧] سورة المؤمنون.

فرد الله عليهم قولهم في كتابه العزيز فقال ﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ﴾ [٣١] سورة يس.

فليس لمن يموت عودة إلى الدنيا أو رجعة مرةً أخرى.([28])

قال الله تعالى ﴿لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَىٰ﴾ [٥٦] سورة الدخان.

فهذه عقيدة المسلمين، وهي عقيدة الفيدا التي هجرها الهندوس مع الأسف.

الإشكال الرابع في تناسخ الأرواح: هم يزعمون أن الغاية هي الوصول لمرحلة التوحد مع المطلق أو ما يعرف بالموكشا، للتخلص من هذه الولادات المتكررة، وهذا معناه أن الولادات المتكررة عذاب.

لكن مَن قال أن الولادات المتكررة عذاب؟

إن أغلب البشر لو سألتهم هل تتمنون أن تولدوا ثانيةً وأن تُجربوا الحياة مرةً أخرى فلن يتردد كثيرون منهم في الإجابة بنعم.

ثم إن هذه النظرة التشاؤمية للوجود على أنه عذاب هي نظرة كاذبة؛ فالوجود فيه خيرٌ كثير وفيه نعمٌ لا تُحصى.

فالموكشا هي خلاص وهمي من شيء غير موجود في الحقيقة!

الإشكال الخامس: فلسفة تناسخ الأرواح تدفع نحو عدم الاكتراث بفعل أية جريمة أو معصية، فهي تبرر لارتكاب الجرائم، لأنَّ الإنسان حتمًا سيَخلُص في ولادة قادمة من الولادات ولابد، فليستمتع بهذه الولادة التي هو فيها.

إنَّ هذا الأمر يمثل مصالحة مع ارتكاب أي جريمة، وربما لهذا السبب تعتبر الهند من أعلى المعدلات عالميًا في ارتكاب الجريمة وجريمة الاغتصاب تحديدًا.([29])

والهند من أعلى الدول في معدلات جرائم الاغتصاب الجماعي.

 7- ما هو مصدر فكرة تكرار الولادات وتناسخ الأرواح عند الهندوس؟

لا أحد يعرف كيف نشأت هذه الأفكار ولا مَن الذي أسسها، ولا ما هو دليله على ذلك.

ولا يوجد دليل على تكرار الولادات في الفيدات، ولا توجد كلمة واحدة عن تناسخ الأرواح في الفيدات، ولم تظهر هذه الأفكار إلا في فلسفات البورانات Puranas المتأخرة.

ولا يُستبعد أن تكون هذه الأفكار قد قفزت إلى ذِهن أحد النساك الهندوس، كنوع من التخيلات نتيجة الجلوس لفترات طويلة بدون أكل أو شرب كما يجري في طقوس البرانا Prana.

ومن المعلوم أن طقوس البرانا تشتمل على الجلوس لفترات طويلة في وضع معين دون أكل أو شرب.

وهذا السكون التام لساعات في وضعية معينة بدون طعام أو شراب، يؤدي مع الوقت إلى خلل في أيونات الدماغ بسبب نقصان جلكوز الدم فتحصل إفرازات غير منضبطة من هرمون الإندورفين وتبدأ تحصل مشاعر هلوسة حقيقية.([30])

فما يراه النساك وما سطروه في البورانات من تكرار الولادات هو أقرب إلى الهلوسة أو التخدير الدماغي.

وهذا بتقرير العلم الحديث، حيث أنَّه طبقًا للمركز الوطني الأمريكي لبحوث التقانة الحيوية، وهو موقع حكومي ويعد من أكبر المراجع البحثية الطبية في العالم، يقرر أن نقص الجلوكوز في الدم لفترات طويلة بهذه الصورة يؤدي إلى الهلوسة.([31])

قال الإمام الذهبي رحمه الله: "ثم العابد العري من العلم، متى زهد وتبتل وجاع، وترك اللحم والثمار، واقتصر على الدقة والكسرة، لازمته خطرات النفس وولج الشيطان في باطنه وخرج، فيعتقد أنه قد وصل، وخوطب وارتقى، فيتمكن منه الشيطان ويوسوس له".([32])

لذلك حذَّر الإسلام من التقشف بهذه الصورة والتشديد على النفس بهذا الشكل.

فهذا التشديد على النفس يؤدي لخلل التصورات وفساد الدين مع الوقت.

قال الله عز وجل في القرآن الكريم: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّـهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ [٣٢] سورة الأعراف.

وقال رسول الله  ﷺ: "لا تُشَدِّدُوا على أنفُسِكم ؛ فيُشَدِّدَ اللهُ عليْكُمْ ، فإِنَّ قومًا شدَّدُوا على أنفُسِهم ، فشدَّدَ اللهُ عليهم فتلْكَ بقاياهم في الصوامِعِ والديارِ ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [٢٧] سورة الحديد".([33])

فهذا التشدد ولَّد هلوسات أفرزت هذه التصورات المخالفة للفيدا والتي أصبحت اليوم أحد أصول الهندوسية.

ولو نظرنا في المقابل إلى المعجزات الحقيقية التي يؤيد الله بها أنبيائه، فالمعجزات تحدث فجأةً ودون إعدادٍ مسبق، ويراها الناس ويشهدونها بأم أعينهم، ولا يمكن للبشر أن يأتوا بمثلها!

وهذا هو الفرق بين أخبار الأنبياء وأخبار الرائين مِن نُساك الهندوس.

 8- كيف ينظر الهندوس إلى الكون؟

طبقًا للفلسفة الهندوسية فإن الكون في حالة انحلال ثم يعاود الظهور مرةً أخرى، وهكذا بطريقة دائمة.

حيث يتشكل الكون ثم ينحل ثم يُعاد تشكله وهكذا.

وهذا التصور عن الكون الذي ينحل ثم يتشكل، هو خطأ علمي.

فالكون علميًا لم تسبقه أكوان أخرى، بل هو مَفطور ومُبدع على غير مثالٍ سابق.

وهذه هي عقيدة المسلمين التي أخبر بها رجل يرعى الغنم على قراريط لأهل مكة منذ 1400 عامًا يدعى محمد بن عبد الله رسول الله ونبي الإسلام  ﷺ، لقد أوحى الله له بأنَّ هذا الكون مُبدع على غير مثال سابق، فقال الله تعالى في القرآن الكريم ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ﴾ [١١٧] سورة البقرة.

 9- مِم يتشكل جسم الإنسان في الهندوسية؟

يتشكل جسم الإنسان في الهندوسية من قوى العناصر الخمسة: الماء والأرض والهواء والنار والأثير.

وكل الكون بكل ما فيه جاء من هذه العناصر الخمسة.

ولكل عنصر من العناصر الخمسة ما يقابله من الكواكب، فالمريخ ناري وزحل أرضي، ولكل عضو في الإنسان ما يقابله من العناصر الخمسة فالطحال أرضي والقلب ناري.

وكل ما في الوجود يُصنف وفق العناصر الخمسة حتى الأزمنة، وما الداء عندهم إلا خلل في توازن العناصر الخمسة.

وقد شاعت فكرة العناصر الخمسة من خلال البرانا Prana التي تُمثل طقوسًا تجويعية وجلسات سكون تام لساعاتٍ طويلة.

وللأسف انتشرت فكرة العناصر الخمسة في العالم وترتب عليها كثير من علوم العلاج بالطاقة.

فأصل علوم العلاج بالطاقة والماكروبيوتك والفينج شوي والعلاج بالألوان وغيرها من الممارسات تقوم على ضبط هذه العناصر.

فضبط هذه العناصر الخمسة عندهم يجلب الرزق ويدفع الشر.

وفي المعابد الهندوسية اليوم يتم التدليك لضبط هذه العناصر الخمسة، باعتبار أن هذا علاج لكثير من الأمراض.

وهذه الفكرة فكرة العناصر الخمسة لا تنتمي للعلم في شيء.

ولا علاقة لها لا بالفيزياء ولا الطب.

بل إن العلم يحكم عليها وعلى الممارسات المرتبطة بها بأنها نوع من الخرافة والوهم والدجل.

فقد تم تصنيف فكرة العناصر الخمسة باعتبارها علمًا زائفًا.([34])

وتم الحُكْم على الممارسات المرتبطة بها على أنها خيال وتوهمات.([35])

وربما تكون فكرة العناصر الخمسة قد قفزت لذهن أحد النُسَّاك بنفس الطريقة التي قفزت بها فكرة الولادت المتكررة وتناسخ الأرواح، فلا دليل عقلي ولا علمي ولا منطقي عليها.

فهي مجرد فكرة تخيلية.

والمشكلة أنَّ ممارسات هذه الفكرة هي مجرد طلسمات وثنية وتعلٌّق بالكواكب والأشكال والرموز والألوان والتمائم التي ما أنزل الله بها من سلطان.([36])

وقد سبق الإسلام العلم الحديث في التحذير من هذه الممارسات المرتبطة بفكرة العناصر الخمسة، فهذه الممارسات تؤدي إلى تأخُر تلقي العلاج الصحيح، وتؤدي لعيش الإنسان في أوهام موزاية للعالم الواقعي، وتؤدي لتعلق الإنسان بغير الله، لذلك حذَّر الإسلام أشد التحذير من هذه الممارسات، قال الله عز وجل في الحديث القدسي: «أصبحَ من عبادي مؤمنٌ بي وكافرٌ فأمَّا من قالَ مُطِرنا بفضلِ اللَّهِ ورحمتِهِ فذلكَ مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكبِ، وأما من قال مُطِرنا بنَوْءِ كذا وكذا فذلكَ كافرٌ بي مؤمنٌ بالكواكبِ».([37])

فمن آمن بالكواكب وتأثيرها على البشر وأنَّها تتدخل في الأرزاق فقد كفر بالله، ومن آمن بالله فقد كفر بتدخل الكواكب في أقدار البشر.

وقد قال رسول الله  ﷺ: «إنَّ الرُّقى، والتَّمائمَ، والتِّوَلَةَ شركٌ».([38])

لذلك المسلم لا يصدق خرافة تأثير العناصر الخمسة والطلسمات والتمائم المرتبطة بها.

بل إنَّ الإسلام يقرر أنَّ صناعة الطلاسم والأشكال الهندسية وبندولات الطاقة وغيرها من الأمور المرتبطة بالعناصر الخمسة، واعتقاد أنَّ هذه الطلسمات تورث منافعًا أو تدفع مضارًا هو عين الشرك والكفر بالله.

وقد رأى رسول الله  ﷺ رجلاً وفي يده حلقة من صُفْر فقال: «ما هذا؟ قال: مِن الواهنةِ قال: ما تَزيدُك إلَّا وَهْنًا، انبِذْها عنكَ فإنَّكَ إنْ تمُتْ وهي عليك وُكِلْتَ عليها».([39])

وفي رواية: «فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً».([40])

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «صناعة طلاسم تورث منافع وتدفع مضار هذا هو الشرك الأكبر».([41])

وهذه هي نفس العقيدة التي تقررها البهاغافاد غيتا Bhagavad Gita भगवद्गीता حيث تقول: "الذين يعبدون الآلهة ينالون الآلهة، والذين يعبدون الأسلاف ينالون الأسلاف، والذين يعبدون الشيطان ينالون الشيطان، والذين يعبدونني يجدونني".([42])

فكل من يتعلق بغير الله من هذه الطلسمات فهو عابد لغير الله.

ومصيره طبقًا للفيدا الخلود في النار، تقول اليجر فيدا: "الذي يعبد من دون الله الأشياء المصنوعة، فهو يغرق في الظلمات ويذوق عذاب النار أحقابًا".([43])

قال ربنا سبحانه ﴿بَل لِّلَّـهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا﴾ [٣١] سورة الرعد.

وقال النبي  ﷺ: «إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ».([44])

لذلك المسلم لا يصدق خرافة تأثير العناصر الخمسة والكواكب والطلسمات والتمائم، بل هو يعتقد أنَّها عين الوثنية والضلال والدجل والخرافة.

 10- ما هي صورة المجتمع الهندوسي؟

المجتمع الهندوسي نظرًا لإيمانه بفكرة تناسخ الأرواح وفكرة الكارما هو مجتمع طبقي لا محالة.

حيث أن الإنسان الفاسد سيُولد الولادة التالية في طبقة أدنى مما كان عليها.

وبالتالي فالمبتلى مستحقٌ لمعاناته...

وهذا ترسيخٌ كامل للطغيان في وجه الفقراء والمبتَلَين وعدم الاكتراث بهم... إنَّ هذا تطبيع صريح مع الطغيان.

s          وفي الهندوسية ينقسم البشر إلى أربعة طبقات وهم:

1- البراهمن: المعلمون والكهنة.

2- الكشاتريا: المحاربون والملوك.

3- الفيشية: المزارعون والتجار.

4- الشودرا: العمال.

وأقل الطبقات هم: المنبوذون الشودرا ممن يتعاطون أعمالاً مدنسة –من وجهة نظرهم- مثل النظافة والخدمة.

وطبقة كل إنسان تُحدِد نوع عمله ولباسه وطعامه.

والزواج يتم في إطار الطبقة الواحدة.

فالمرء محكومٌ بالانتماء إلى أن يموت إلى الطبقة التي ولد فيها.

وهذا التصور الطبقي نابع كما قلت من الإيمان بعقيدة تناسخ الأرواح وعقيدة الكارما –العقاب والجزاء-، فالشودرا يستحق أن يكون من المنبوذين، لأنه حتمًا في ولادات سابقة كان صاحب آثام، فوُلد في هذه الطبقة.

وهذا التصور المغلوط المشوش يُفسد الحياة بأكملها، فبهذا التصور يمكن أن نعتبر أنَّ مساعدة المنبوذين هي نوع من عدم احترام الكارما.

إن هذا نوع من مصالحة التخلف والظلم والطبقية والطغيان.

لقد أنتجت فلسفة تناسخ الأرواح وفلسفة الكارما هذه الطبقية، وأنتجتا هذا التصور الخاطيء لأناس مساكين ومرضى وضعفاء، ليس بأيديهم شيء.

لقد فوَّتت الهندوسية فرصة مساعدة هؤلاء وتقديم يد العون لهم.

وهذه النظرة الهندوسية هي نظرة مخالفة لطبيعة الفطرة الإنسانية، تلك الفطرة التي تدفع نحو العطف على الضعفاء والمساكين والمرضى، وتحث على الشعور بالواجب تجاههم من تقديم الخدمات ومحاولة رفع ما بهم من أذى وبلاء.

لا أدرى كيف ابتعد الهندوس عن عقيدة الإيمان باليوم الآخر المسطورة في الفيدا، تلك العقيدة التي تَصلح بها حياة الإنسان وتَصلح بها نظرته للعالَم، فمحاسبة الإنسان تكون في الآخرة بين يدي الله، وكل البشر يولدون أبرياء، وتقديم يد العون للمبتلَين من الناس هذا يرفع منزلة الإنسان عند الله في الآخرة.

فأي النظرتين أولى وأصلح للإنسان وأقرب لفطرته؟

فلسفة الكارما... أم عقيدة الفيدات؟

جاء في الريج فيدا: "يا الله أنت تعطي الرجل الصالح أحسن الجزاء".([45])

وجاء فيها: "اجعلني خالدًا في المكان الذي توجد فيه جميع أنواع المتع والسرور، والذي يعطي فيه ما تشتهيه الأنفس".([46])

فهذه عقيدة الفيدا.

هناك جنة ينعم فيها الصالحون.

وهناك أيضًا طبقًا للفيدا عذاب أُعد للمذنبين.

تقول الريج فيدا: "مكان غاية العمق بعيد قعره للمذنبين".([47])

فأين هذه الأماكن من فكرة تكرار الولادات وتناسخ الأرواح؟

أين المكان الشديد العمق للمذنبين في فلسفة الكارما؟

إذن فلسفة الكارما ككل هي اختراع بشري وتصور مخالف لروح الفيدات.

لقد كانت عقيدة الأنبياء جميعًا هي: الإيمان باليوم الآخر والجنة والنار، وأنَّ البشر يولدون أبرياء بلا ذنب.

وهذه هي العقيدة التي تتفق مع الفطرة وتصالحها، وتخاصم الظلم والتخلف والطبقية والطغيان.

فدين الأنبياء يسعى للارتقاء بالإنسان، ويدعو لجعل الناس سواسية.

وقيمة الإنسان في الإسلام ليست في طبقته ولا في شكله ولا في حالته الصحية ولا في مستواه المادي وإنما قيمة الإنسان بقدر ما يقدم من أعمال صالحة.

والإسلام يدعو للارتقاء بالجميع وتجاهل الأنساب والأحساب.

بل ويرفض بشدة فكرة المنبوذين والفكر الطبقي عمومًا.

قال الله تعالى في القرآن الكريم ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [١٣] سورة الحجرات.

وقال رسول الله  ﷺ: «مَن بَطَّأَ به عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ به نَسَبُهُ».([48])

وقال  ﷺ: «لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم».([49])

فالأنساب لا قيمة لها ولا وزن في الإسلام.

وقال رسول الله  ﷺ: «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوي».([50])

وقال  ﷺ: «ابغوني الضُّعَفاءَ ، فإنما تُرزقون و تُنصَرون بضُعفائِكم».([51])

فانظر لهذه الصورة «ابغوني الضُّعَفاءَ ، فإنما تُرزقون و تُنصَرون بضُعفائِكم»، والصورة التي ينظرها الهندوس للضعفاء.

لقد جُبلت النفس البشرية على العاطفة نحو الفقراء والضعفاء والبسطاء والبُله من الناس، فمعاندة الهندوسية الحالية لهذه الفطرة مشكلة حقيقية.

 11- هل بالفعل يقدس الهندوس الأبقار؟

البقرة في الهندوسية لها تقديس خاص باعتبارها مصدرًا للعطاء، وهناك أيضًا مسألة أخرى وهي التصور الهندوسي المعاصر المرتبط بأنَّ الإله يحل في مخلوقاته بما فيهم الأبقار فيما يعرف بـ: فلسفة وحدة الوجود، فالبقرة لها صور مختلفة من التقديس في الهندوسية.

وتُقام احتفالات خاصة للأبقار باستمرار في أنحاء مختلفة من الهند.([52])

وفي المقابل قَدَّمت الفيدات تنزيه الله وتعظيمه على كل شيء وعلى كل مخلوق.

فقد ورد في الريج فيدا: "أنا الله الموجود قبل كل شيء، وأنا المالك لكل العالم، وأنا المنعم الحقيقي والمختار الكل لجميع النعم، فينبغي لكل الأرواح ان تناديني للإعانة والإمداد".([53])

فهذا نص واضح كالشمس ينفي فكرة وحدة الوجود فالله هو خالق العالم ومستقل عن العالم.

وأيضًا في هذا النص تحذير من تقديس العالم المادي أو الاستغاثة بالمخلوقات، فلا يتوجه طلب المدد من أحد إلا من الله خالق الأبقار وخالق كل شيء.

وعقيدة التسليم لله وحده هي جوهر عقيدة الإسلام.

فالإسلام يقرر أنَّ الأبقار وكل شيء مادي من حولنا هو مُسخر لنا، قد خلقه الله بفضله، قال الله تعالى في القرآن الكريم﴿وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [١٣] سورة الجاثية.

هذه عقيدة الإسلام وهي فطرة الإنسان.

لن يستطيع الهندوسي العودة لما كانت عليه الفيدا من توحيد وتسليم لله إلا بالإسلام، فالإسلام هو الناطق بكل الحق في الفيدا وهو الذي يصحح كل أخطاء البشر، وينفي كل تحريفات البشر للوحي الإلهي.

 12- لكن الهندوسية فيها الشيء الكثير من التعفف ومحاولات البعد عن المعصية، أليست هذه سمة مميزة؟

قد أشرت سابقًا إلى موضوع التشدد الزائد في الهندوسية، لكن الذي أود أن أقوله هنا أنَّ وخز المعصية وتأنيب الضمير هي أمور طبيعية مرتبطة بالتكليف الإلهي.

فبما أننا مكلفون فنحن نشعر بتأنيب الضمير في حال ارتكاب أية مخالفة.

فهذه فطرة، قال الله تعالى في القرآن الكريم ﴿فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾ [٣٠] سورة الروم.

أمام هذه الفطرة يشعر الإنسان بوخز الضمير مع أية مخالفة لقيم الخير والحق.

وقد أرشد الله عز وجل في الرسالة الخاتمة -الإسلام- إلى طريق الاستغفار والتوبة من مخالفة قيم الخير والحق، وأيضًا أمر الله برد المظالم إلى أهلها وبهذا يمحو الله الذنب.

لكننا نجد في الهندوسية طريقة أخرى لمقاومة الذنب وهي التشديد المبالغ فيه على النفس، إلى جانب مجموعة من الممارسات والتأملات والطقوس السكونية التي يَسكُن صاحبها تمامًا.

 13- لكن أليس السكون التام والجلسات التأملية في الهندوسية هي أمور جيدة؟

التأمل في الهندوسية كما يحصل في جلسات اليوجا التي ظهرت في فلسفة البرانا Prana المتأخرة: ليس تدُّبرا لمخلوقات الله وحِكمته، وليس للنظر في بديع صنعه وآلاء نعمه.

وإنما التأمل عند هؤلاء هو نوع من السكون التام وتفريغ الذهن من أية شاردة أو واردة.

فهو سكون تام كسكون الموت يتم فيه إسكات العقل عن التفكير

 Silence your Mind During Yoga.

وهذه الجلسات التأملية السكونية الغريبة التي ظهرت في عصر ما بعد الفيدات، أثَّرت على تفكيرهم وبدأت تأتيهم الهلاوس والتخيلات، وبدأت الشياطين تعبث في عقولهم.

وبعضهم يظن أنَّه قام بتحصيل معارف، وما جرى له ليس أكثر من هلوسات نتيجة خلل أيونات الدماغ مع عدم الأكل والسكون التام كما أوضحت قبل ذلك.([54])

فالتأمل السكوني الطويل والجوع الشديد يؤديان إلى مثل هذه الهلاوس، ويعترف بهذا أحد أشهر مؤسسي مدارس التأمل السكوني في العالم ميكاو أوسوي Mikao Usui.

حيث قرّر أنه بدأ يفقد وعيه ويصاب بالهلوسة بعد ساعات طويلة من الجوع والحرمان، وفي هذه اللحظة بدأت تأتيه الخواطر.([55])

وقد أكدَّ عالم الأمراض النفسية دونوفان راكليف Donovan Rawcliffe في بحث مستقل أن الخواطر التي تأتي نتيجةً لهذه الممارسات لا فرق بينها وبين الوهم المرضي الناشيء عن هلوسة.([56])

أضف إلى ما سبق أنَّ أغلب جلسات اليوجا هي جلسات معيبة صحيًا، وطول التعود عليها يؤدي إلى الارتباك والتشوش وفقدان الإحساس بالمكان والزمان، وهذا يضعف الذاكرة ويُعجل بالزهايمر.([57])

لقد ابتعدت الهندوسية بهذه الممارسات عن الفيدات وابتعدت عن تعاليم الأنبياء.

لقد دعا الإسلام إلى التفكر والتدبر والتأمل في مخلوقات الله، وهو تفكر وتدبر وتأمل يؤدي إلى عمل وطاعة وشكر لله واجتهاد في الحياة، وليس سكون وإسكات للعقل يعقبه سكون.

فالتفكر الحق هو الذي يؤدي إلى الطاعة والإنابة لله ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [١٩١] سورة آل عمران.

فهذا هو التفكر الذي أتى به الإسلام وهو الذي يتوافق مع طبيعة الفطرة الإنسانية ويعين الإنسان على شكر نِعم الله المحيطة به والنظر في هذه النعم.

أما جلسات السكون التام في الهندوسية الحالية فهي مرابض شيطان، حيث تمد الشياطين هؤلاء ببعض المدد والرؤى والمكاشفات أثناء جلسات التأمل السكوني فتأتيهم الخواطر بفكرة الولادات المتكررة والخواطر بفكرة تناسخ الأرواح والخواطر بفكرة وحدة الوجود والخواطر بفكرة تجسد الإله في الأصنام فيُلقي النساك إلى أوليائهم بهذه الخواطر والتعاليم فيَضلوا ويُضلوا.

 14- ما العيب في الانقطاع في الخرِبات كما يحصل في الهندوسية الحالية؟

الهندوسية تحارب الغريزة والشهوة ليس من باب تهذيبها كما شريعة الإسلام ولكن من باب إحراق الجسد، فالهندوسية الحالية تَجُر الإِنسان جرًا إلى الرهبانية وترك الدنيا.

حيث تنظر الهندوسية إلى أنَّ نسيان الغريزة يكون بنسيان الجسد.

فيذهب الهندوسي الذي يريد الموكشا إلى الخَرِبات ليتعفن فيها جسده، ويقضي بقية عمره مُتسولاً حتى يموت.

وهذا خلل كارثي يُدمر الإنسان والأسرة والمجتمع.

فالغريزة والشهوة منحة إلهية لتكوين أسرة وتأسيس مجتمع وللسعي والكد وبناء حياة.

والغريزة تُعالَج بتهذيبها ووضعها في مجاريها الطبيعية، لا بأن نُحرق الجسد.

فمَن هذا الذي قال أن غاية وجودنا تكمن في أن: نتسول وجبة طعام، ثم نقضي بقية اليوم في الخربات إلى أن نموت؟

مَن قال أننا جئنا إلى هذا العالم من أجل أن نرتدي قطعة قماش زعفرانية ثم ننزوي عن العالم إلى أن يأتي الموت؟

إن أدنى الحشرات أوعى منّا لمهمة الوجود وعمارة الأرض وإصلاح الحياة، فأنت تجد أسراب النحل تعمل في جهد ونظام لخيرها وخير أولادها، وتجد الباكتريا الدقيقة تنتظم في الأمعاء لتُفيد وتستفيد.

والحياة ككل تسير بنواميس وعمل.

إن الهندوسية الحالية تدعو للبطالة والتقاعس والتسول، لقد صار التسول في الهندوسية منهج حياة.

والسؤال هنا: ما معنى أن يعتزل الهندوسي الناس، وأن يتوطن في رؤوس الجبال والمواضع البعيدة عن العمران، ما هي الفائدة التي ستعود على الناس من ذلك؟

إن الدين الحق وطريقة الحياة الصحيحة هي طريقة جد ونصيحة ومخالطة للناس وإصلاحٌ لهم وصبر على أذاهم، وليست تفلتًا منهم في الوديان والصحاري!

قال رسول الله  ﷺ: «المسلِمُ إذا كانَ مخالطًا النَّاسَ ويصبِرُ على أذاهم خيرٌ منَ المسلمِ الَّذي لا يخالطُ النَّاسَ ولا يصبرُ على أذاهم».([58])

 15- ما هي الطريقة الأصلح لمقاومة الشهوة والتخلص من الذنوب؟

أصل مقاومة الشهوة والغريزة هو أصل فطري وأصل تكليفي، والمسلم يلتزم بطريقة تهذيب الشهوة كما أمر الوحي الإلهي.

فهناك زواج صالح، وهناك غض من البصر، وهناك تقوى لله في السر والعلن، وهناك تحذير إلهي من عقوبة ارتكاب المعصية.

وهناك طريقة للتوبة إذا أخطأ الإنسان وضعفت نفسه.

لكن في الهندوسية نجد الشخص الهندوسي الذي يريد أن يصل للموكشا يترك زوجته وأولاده ووظيفته وينام على الأرصفة وفي الخربات ويتسول وجبة طعامه، ويظل في إحراق جسده بهذه الكيفية إلى أن يموت، فهل هذه طريقة سوية لتهذيب النفس؟

إنَّ النساك الهندوس والذي يزيد عددهم في الهند اليوم على 5 مليون ناسك لا يكتفون بإثم تضييع من يعولون بل هم بأنفسهم يصبحون بحاجة إلى مَن يعولهم ويطعمهم.

لقد هذَّب الإسلام النفس الإنسانية بأفضل طريقة وأحكم طريقة.

فقد قرَّر الإسلام حرمة تقصير الرجل في حق من يعول، فقال رسول الله  ﷺ: «كفى بالمرءِ إثمًا أن يضيِّعَ مَنْ يقوتُ».([59])

ثم قرَّر الإسلام أنَّ إصلاح النفس وتهذيبها يكون بعمل الصالحات ومقاومة الشهوة دون مغادرة العالم، فالإنسان في الإسلام يمكنه أن يعيش في مجتمعه وأن يبنيه وأن ينجو عند الله في نفس الوقت دون الحاجة لإحراق الجسد بهذه الصورة في الهندوسية.

قال الله تعالى ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ [٤٠] فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ [٤١]﴾ سورة النازعات .

فالخوف من الله وعمل الصالحات هو طريق الجنة، ولو كنت تعيش في أحد القصور.

فتهذيب النفس لا يستلزم إحراق الجسد، قال الله تعالى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ [١١] وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ [١٢] فَكُّ رَقَبَةٍ [١٣] أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ [١٤] يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ [١٥] أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ [١٦] ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [١٧] أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ [١٨]﴾ سورة البلد.

فحتى تفوز بالجنة عليك أن تحرر العبيد وتطعم الفقراء وتعمل الصالحات وتوصي الناس بالخير.

بهذا تنجو.

وليس بأن تعتزل الناس وتتسول بقية عمرك!

 16- لماذا يرفض الإسلام الهندوسية؟

الهندوسية اليوم ليست دينًا ولا مذهبًا ولا توجهًا اعتقاديًا، بل صارت خليطًا من الفيدات مع فلسفات وتعاليم نساك وتانترا باطنية، وطقوسًا لا حصر لها.

ولذلك لم يعد للهندوسية نظام لاهوتي تعبدي واحد، أو منظومة طقوسية محددة الملامح، أو منهج ديني ثابت، أو هيكل ديني مركزي يجمع الهندوس، لن تجد اليوم شيئًا من ذلك، فأنت حرفيًا أمام شتات من آلاف التجمعات الدينية المستقلة لاهوتياً تمامًا!([60])

فكيف يُتعبد الله بشيء مشوَّش كهذا ما أنزل به من سلطان؟

وكيف يُتخذ هذا الخليط المشوش من التصورات غاية في الحياة؟

ثم انظر لاتخاذ الهندوس الحاليين للأصنام تجسدًا لله!

وقد وصف الله عز وجل الذين يتخذون أصنامًا تجسيدًا له وتقربًا منه، بأنهم كفار، فقال سبحانه ﴿أَلَا لِلَّـهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّـهِ زُلْفَىٰ إِنَّ اللَّـهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ   إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [٣] سورة الزمر.

والهندوس باتخاذ هذه الأصنام خالفوا الفيدات كما أوضحت من قبل، وخالفوا فطرهم، فهم يعلمون أنهم لا يملكون برهانًا فطريًا على جعلهم أصنامهم تجسيدًا لله ﴿أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ   أَإِلَـٰهٌ مَّعَ اللَّـهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [٦٤] سورة النمل.

وأنى لهم البرهان!

وأنى لهم البرهان!

فمشكلة الهندوسية الحالية أنها تُضخم الوثنية وتجعلها ركنًا من أركان الدين.

فالأوثان في كل مكان.

ويتجسد الإله في الوثن.

وهناك آلاف الأشكال من الأوثان والصور والأيقونات في الهندوسية.

فالهندوسية صارت ديانة الأوثان والمسبوكات البشرية والأيقونات.

أيضًا الهندوسية الحالية تقول بـ: وحدة الوجود.

والهندوسية الحالية تقول بـ: أزلية العالم.

وأيضًا هي تؤسس للطبقية.

والهندوسية الحالية تقول بتجسد الإله في البشر: "الأفاتار".

وتقول بتجسد الإله في الأصنام والأوثان: "شاكتي".

والهندوسية الحالية تقول بـ: تناسخ الأرواح.

وتقول بـ: بتكرار الولادات.

وتقول بـ: العناصر الخمسة وما يتبعها من طلسمات وتمائم وتعلق بغير الله.

لكل هذا فالإسلام يرفض الهندوسية، فهي خالفت تعاليم الأنبياء ونسيت التوحيد.

والإسلام يدعو كل هندوسي للعودة لله من خلال الإسلام، فلن تكون هناك نجاة عند الله بغير ذلك.

قال الله تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ﴾ [١٩] سورة آل عمران.

وقال تعالى: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [٨٥] سورة آل عمران.

وقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [٣] سورة المائدة.

فلا نجاة للهندوسي ولا لأي إنسان إلا بهذا الدين... الإسلام.

فالإسلام ليس دينًا على الأرض ضمن الأديان، بل هو الدين التوحيدي الأوحد الذي بعث الله به جميع الأنبياء، فجميع الأنبياء أتوا بدعوة الناس للتوحيد ولم يبق على هذا التوحيد النقي اليوم سوى الإسلام، بينما بقية الديانات صار لها من الشرك نصيب قلَّ أو كَثُر.

فالإسلام هو عبادة الله وحده دون كل ما سواه، وطاعة أوامره وترك نواهيه والوقوف عند حدوده، والإيمان بكل ما أخبر به مما كان وما يكون، والتبرؤ من كل الأصنام والصور والأيقونات.

قال الله سبحانه: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾ [١٨٠] سورة الصافات.

تنزه الله عما يصفه به الهندوس من تجسده في الأصنام.

﴿وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [١٨١] سورة الصافات.

سلام على المرسلين الذين يُعرفون الناس بربهم، وينزهونه عن كل نقيصة.

 17- لماذا يجب على كل هندوسي أن يعتنق الإسلام؟

إلى جانب أنَّ الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده وهو الشريعة الإلهية التي لا يقبل الله غيرها، إلى جانب ذلك فالكتب الهندوسية والتي ربما يكون فيها من بقايا النبوات ما فيها، نقلت الكثير من البشارات بالإسلام وبقدوم نبي الإسلام محمد  ﷺ، وهذا أدعى لاعتناق الهندوسي للإسلام وعدم تردده في طريق نجاته الوحيد بين يدي الله يوم القيامة.

وسأذكر بعض البشارت من الكتب الهندوسية المقدسة بالإسلام.

لكن قبل الدخول في البشارات من كتب الهندوس أود أن نتذكر حال تشريعات الهندوس وكيف يحرق الهندوسي جسده من أجل أن يتطهر.

وكيف يمارس الهندوس طقوسًا تقشفية غير طبيعية.

والحال ليس ببعيد عن أهل الكتاب، فأهل الكتاب وخاصةً اليهود كانت عليهم أيضًا أغلال كثيرة في الطهارة وقيود شديدة في المأكولات، وأغلال خاصة بالأحكام التشريعية التي فُرضت عليهم لظلمهم وبغيهم وفسادهم.

يقول الله عز وجل في القرآن الكريم ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ كَثِيرًا﴾ [١٦٠] سورة النساء.

ويكفيك أن تقرأ في سفر اللاويين بالتوراة أحكام الحيض على المرأة اليهودية، تقول التوراة:

و َكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِسًا، وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا.

وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ.

وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ، يَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ.

وَإِنِ اضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا.([61])

فكانت هذه الأحكام الشديدة لقساوة بني إسرائيل وغِلظة قلوبِهم.

وقد أخبرهم الله في التوراة، أنَّه سيرسل نبيًّا يرفع عنهم كل هذه الأغلال.

وفي وقت احتضار النبي يعقوب عليه السلام تقول لنا التوراة أنَّه جمع بنيه الاثني عشر وبدأ يوصيهم، في وصية يعقوب الشهيرة في التوراة، تقول التوراة:

وَدَعَا يَعْقُوبُ بَنِيهِ وَقَالَ: اجْتَمِعُوا لأُنْبِئَكُمْ بِمَا يُصِيبُكُمْ فِي آخِرِ الأَيَّامِ.

اجْتَمِعُوا وَاسْمَعُوا يَا بَنِي يَعْقُوبَ، وَاصْغَوْا إِلَى إِسْرَائِيلَ أَبِيكُمْ....

ثم قال ليهوذا، ويهوذا جد الأنبياء: داود وسليمان والمسيح عليهم جميعًا الصلاة والسلام.

قال له:

لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.([62])

هذا النص بلا خلاف بين أهل الكتاب يمثل بشارة عظيمة ومهمة جدًا!

فهو بشارة عن شخص سيأتي وسوف تنتقل له النبوة وينتقل له الحكم والتشريع.

لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا: القضيب هو صولجان الحُكم، يعني سيكون في ذرية يهوذا الأنبياء الحُكام.

حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ.

فمن هو شيلون الذي تنبأ به يعقوب عليه السلام والذي ستخضع له الشعوب؟

قبل أن نجيب عن هذا السؤال علينا أن نعلم أنَّ آخر أنبياء بني إسرائيل هو المسيح عليه السلام، وكان من نسل يهوذا.

ثم حصل توقف مفاجيء للأنبياء في بني إسرائيل!

وطبقًا لنبوءة يعقوب عليه السلام فالمفترض أنْ يكون قد حصل انتقال للحكم والنبوة والتشريع إلى شخصٍ آخر من خارج يهوذا بعد توقف الرسالة في بني إسرائيل، أليس كذلك؟

ومن البديهي أنَّ هذا الشخص ليس هو المسيح، لأن المسيح كان من نسل يهوذا!

وهذا الشخص ستستلم أمته أرض يهوذا نفسها طبقًا لنبوءة يعقوب "لاَ يَزُولُ قَضِيبٌ مِنْ يَهُوذَا وَمُشْتَرِعٌ مِنْ بَيْنِ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ شِيلُونُ، وَلَهُ يَكُونُ خُضُوعُ شُعُوبٍ" ستستلم أمة هذا النبي القادم الأرض... ستستلم فلسطين، وستخضع لأمته أكبر الامبراطوريات!

وقد استلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته أرض يهوذا ودانت بلاد الشام والعراق وفارس بالإسلام.

فهذه حقيقة لا تحتاج إلي طول نظر أو تحرير!

إذن التاريخ يقول لنا أنَّ النبوءة التي في وصية يعقوب لبنيه قد تحققت، ولم تنطبق على نبي غير محمد  ﷺ ولم تحصل بتفاصيلها لأمة غير أمته!

لكن ما معنى كلمة شيلون؟

شيلون تعني: مُعطي الراحة أو رافع الأغلالRest-giver ؛ وهذا هو المعنى الذي ذهبت له الكثير من مواقع الدراسات الكتابية المتخصصة في العهد القديم.([63])

فيعقوب عليه السلام يبشرهم بالشخص الذي سيرفع عنهم الأغلال والقيود التي كانت عليهم.

والآن لنقرأ قولَه تعالى ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ﴾ [١٥٧] سورة الأعراف.

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ: لقد أتت شريعة الإسلام السمحة اليسيرة التي رفعت كل تلك الأغلال والقيود.

والآن دعونا ننتقل إلى كتب الهندوس المقدسة.([64])

والهندوسية هي الأخرى كما ذكرت تمتليء بالطقوس العسيرة في إحراق الشهوة للتطهر من الذنوب.

فتأتي كتب الهندوس لتبشر بنبي عظيم يضع عنهم إصرهم ويطهرهم من ذنوبهم.

تقول كتب الهندوس: "كالكي يولد في الثاني عشر من ظهور القمر في شهر مادهو".([65])

وكالكي تعني: المُطهِر من الذنوب.

وشهر مادهو: هو شهر الربيع المحبب للنفوس.

فالنبي القادم الذي سيطهرهم من ذنوبهم سيولد في الثاني عشر من شهر الربيع.

والنبي محمد  ﷺ كما هو معلوم عند جمهور أهل العلم من المسلمين وُلد في الثاني عشر من شهر ربيع الأول.([66])

أما عن مكان ميلاده  ﷺ فهو في كتب الهندوس المقدسة: "يولد كالكي في قرية شمبهل، عند سدنة البيت، في بيت رجل يدعى وشنوياش".([67])

أما قرية شمبهل فتعني: البلد الآمن.

والبلد الآمن هو مكة ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـٰذَا بَلَدًا آمِنًا﴾ [١٢٦] سورة البقرة.

والنبي  ﷺ وُلد في مكة.

أما قول: "في بيت رجل يدعى وشنوياش" فكلمة وشنوياش تعني: عبد الله.

أما أم هذا النبي القادم فتدعى سومتي: "يولد كالكي في بيت وشنوياش من زوجته سومتي".([68])

وسومتي من الأمن... تعني: آمنة.

ومن المعلوم أن محمد بن عبد الله  ﷺ أمه اسمها آمنة.

وطبقًا للهندوسية فإن كالكي سيخرج من قريته شمبهل، وسيحارب الشيطان ويقضي على الظلام والفساد والطغيان، ثم يعود إليها في آخر أيامه، وبعد ذلك يرفعه الله إلى السماء.

وكل مسلم يعرف هذه الحقيقة، فالنبي محمد بن عبد الله  ﷺ غادر مكة إلى المدينة ونشر التوحيد بين الناس ثم عاد لمكة فاتحًا قبل وفاته بسنوات قليلة.

وقد أضافت الهندوسية لهذا النبي القادم صفات لا نوافقهم عليها، مثل أنَّ كالكي عندهم هو تجسد لله –كعادتهم- تعالى الله عن ذلك، وقد فصلنا قبل ذلك الرد على هذا الافتراء من كتب الفيدا.

فالله لا يتجسد في مخلوقاته ولا تسعه سماواته ولا أرضه.

لكن من الصفات التي استوقفتني في كتبهم عن هذا النبي القادم أنه يركب فرسًا أبيض، وقد كان للنبي  ﷺ فرس أبيض يدعى المرتجز.([69])

وتُصور تماثيل الهندوس صورة النبي القادم كالكي على أنه يمتطي فرسًا أبيض ويرفع السيف على عاتقه، وكل الصور والتماثيل الهندوسية التي رأيتها لكالكي تصوره بهذه الصورة.

فهو نبيٌ مجاهد، وهذه صفة النبي محمد بن عبد الله  ﷺ فقد جاهد بالسيف، وحارب أعداء الله.

أيضًا من صفات النبي القادم كالكي في كتبهم أنه: يخبر بالغيب، ويكون من أشراف قومه، وقليل الكلام وسخي وقوي البنية ومعترف بالجميل.

لكن من الصفات المميزة له: "إن كالكي يُهلِك الشيطان بمساعدة أربعة من أصحابه".([70])

ولا يرد في ذهن كل مسلم حين يقرأ هذا النص إلا: أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.

فهؤلاء هم أقرب صحابة النبي  ﷺ إليه، وهم الذين ساندوه من أول دعوته وهم خلفاؤه من بعده.

فكان للنبي  ﷺ أربعة مميزين جدًا من الصحابة قريبين منه وساندوه في دعوته بالفعل.

وهم الذين قادوا خلافة المسلمين بعد وفاته بالترتيب:

1- أبو بكر الصديق.

2- عمر بن الخطاب.

3- عثمان بن عفان.

4- علي بن أبي طالب.

وبمقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، انتهى زمن الخلافة الراشدة.

ومن سمات كالكي أيضًا أن الملائكة تنزل من السماء لتساعده في حروبه.([71])

وهذه سمة من سمات الجهاد الإسلامي في عهد النبي  ﷺ، حيث نزلت الملائكة من السماء في غزواته  ﷺ، قال الله تعالى ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [٩] سورة الأنفال.

وكالكي في كتب الهندوس سيذهب للجبل ليتعلم من الملَك العظيم "براش رام" ثم يتوجه نحو الشمال ثم يعود لقريته قبل أن يرفعه الله إلى السماء.([72])

وبراش رام عند الهندوس هو: ملك عظيم يأتي بالعذاب على الكافرين، وهو عند المسلمين جبريل.

وقد ذهب النبي  ﷺ بالفعل إلى جبل حراء ونزل عليه جبريل عليه السلام، ثم توجه النبي  ﷺ نحو الشمال مهاجرًا إلى المدينة، ثم عاد فاتحًا لمكة قبل وفاته بسنوات قليلة.

وكالكي في كتب الهندوس سيكون آخر الرسل.([73])

ومن المعلوم أنَّ النبي محمد  ﷺ هو آخر الأنبياء والمرسلين ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَـٰكِن رَّسُولَ اللَّـهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [٤٠] سورة الأحزاب.

وقد وردت صفة النبي القادم في كتب الهندوس أنَّه: كثير الحمد... نراشَنْس.

فـ: نراشنس تعني: كثير الحمد.

أي محمد أو أحمد.

وكلا الإسمين هما لرسول الله  ﷺ فهو: محمد وهو أحمد.

ومن صفات نراشنس أنَّه: "يَكون مركبه الإبل، وتكون له اثنتا عشرة زوجة، وهو يمس السماء بمركبته ثم ينزل".([74])

وهذه الصفات لا تنطبق على أحد سوى النبي محمد  ﷺ.

فأما مركبه الإبل فهذا معلوم عن حاله  ﷺ، وهذا بالمناسبة فيه إشارة مهمة وهي على الرغم من حديث كتب الهندوس أنَّه سيكون آخر الأنبياء، إلا أنه سيُبعث قبل السيارات والطائرات.([75])

وفيه إشارة أخرى وهي أنَّ هذا النبي القادم سيكون من خارج الهندوس البراهمة لأنَّهم يحرمون الإبل.

وأما أنَّ له اثنتي عشرة زوجة فهذا معلوم من سيرة النبي محمد  ﷺ.

وأما كونه يمس السماء بمركبته ثم ينزل، فهذا حال رحلة الإسراء والمعراج التي يؤمن بحصولها للنبي  ﷺ كل مسلم، حين صعد  ﷺ إلى السماء.

وتتحدث كتب الهندوس المقدسة في نفس الفصل عن هجرة نراشنس وتثني عليه خيرًا فتقول: "أيها الناس وقِّروا نراشنس أنا أحفظ ذلك المهاجر مقيم الأمن".([76])

ذلك المهاجر: من أعظم أحداث السيرة النبوية هجرة النبي محمد  ﷺ من مكة إلى المدينة لينشر الأمن والتوحيد بين الناس.

وفي المنترا التالية تتحدث عن جهاده  ﷺ فتقول: "المُسبِّح مع المُسبِّحين يخرج للحروب ويؤمن الناس".([77])

 فهو نبي مجاهد ينشر الأمن بين الناس بجهاده في سبيل الله.

وهناك عشرات النصوص بالبشارت بالإسلام وبنبي الإسلام وبسيرته وبدعوته وبمكة المكرمة في كتبهم.

وقد يختلف بعض الهندوس مع بعض هذه النصوص، وقد ينكروا كونها تشير إشارة صريحة إلى النبي  ﷺ، وهذه أمور لا ينبغي أن تشغل الهندوسي الباحث عن الحق كثيرًا، فهذه البشارات في الأساس هي من باب الاستئناس لا أكثر، ولذلك لم أطيل في سرد البشارات على كثرتها وتنوعها، لأن أعظم برهان على صحة الإسلام هو رسالة الإسلام نفسها ودعوة التوحيد ونداء الفطرة فيه وخواء كل دين على الأرض من كمال تلبية الحاجة الإنسانية لمعرفة غاية الإنسان ومآله.

فلم يبق على الأرض سوى وثنيات مشوشة وشركيات وإلحاد، ولم يبق على التوحيد النقي وعلى تنزيه الله سوى الإسلام.

﴿قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ [١] اللَّـهُ الصَّمَدُ [٢] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [٣] وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [٤]﴾ سورة الإخلاص.

 18- ما هو الإسلام؟

ج: الإسلام هو: الاستسلام والخضوع والانقياد لله تعالى .

 قال جل شأنه ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا   وَاتَّخَذَ اللَّـهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ [١٢٥] سورة النساء.

ومعنى أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ: أي استسلم لله وانقاد له سبحانه تعالى وتقدس ربُّنا، وهذا أحسن الناس دينًا.

وقال تعالى ﴿فَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا   وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ﴾ [٣٤] سورة الحج.

ومعنى فَلَهُ أَسْلِمُوا أي: استسلموا لحكمه.

فهذه الآيات تفيد أنَّ معنى الإسلام هو الاستسلام المطلق لله تعالى، والانقياد له جلَّ في علاه، والامتثال لشرعه ومنهجه برضىً وقبول، وهذا هو جوهر الإسلام وحقيقته.

فالإسلام هي الاستسلام لله في قضائه وشرعه.

والإسلام هو دين الله لجميع البشر، قال تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ﴾ [١٩] سورة آل عمران.

فالإسلام هو الدين الذي لا يقبل الله غيره من الأديان ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [٨٥] سورة آل عمران.

والإسلام هو الدين الذي أرسل الله به جميع الأنبياء والرسل، فدين الأنبياء واحد وهو الإسلام، وكل الأنبياء أتوا بالتوحيد وإن اختلفت شرائعهم.

قال الله تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [٢٥] سورة الأنبياء.

ولم يبق على هذا التوحيد دين سوى الإسلام.

الإسلام هو الدين التوحيدي الأوحد اليوم على الأرض.

بينما كل المنتسبين للشرائع الأخرى أصبح لهم من الشرك نصيبٌ قَلَّ أو كَثُر، فبعد موت الأنبياء وبعد أن تركوا الناس على التوحيد اتخذ الناس مع الوقت الشركيات، ولم يبق اليوم على التوحيد النقي الذي جاء به الأنبياء دين سوى الإسلام.

لذلك أعظم دليل على صحة الإسلام ينبغي أن يلتفت له الهندوسي هو رسالة هذا الدين التوحيدية النقية.

 19- هل في الإسلام جواب للأسئلة التي حارت العقول في الإجابة عنها: مِن أين جئنا؟ ولماذا نحن هنا في هذا العالم؟ وإلى أين المصير؟

ج: الاسلام أجاب عن كل هذه الأسئلة في آيةٍ واحدة من القرآن الكريم، قال ربنا سبحانه ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [٢٢] سورة يس.

من أين جئت؟ الله خلقني (الَّذِي فَطَرَنِي).

وإلى أين أنا ذاهب؟ سوف أذهب إلى الله لأحاسب على عملي (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

لماذا جئت إلى هذا العالم؟ لعبادة الله ولأُختبر.

لماذا أعبد الله؟ من الطبيعي أن أعبد الله الذي فطرني، فهذه طبيعة العلاقة بين العبد وربه... أنْ يعبد العبد ربه وخالقه (وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي).

آية واحدة جمعت جواب أهم ثلاثة أسئلة يحار فيها البشر ﴿وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [٢٢] سورة يس.

 20- كيف علمت أن محمدًا  ﷺ رسول من عند الله؟

ج: تعدُّد دلائل الإعجاز يفيد التواتر المعنوي واليقين التام.

فأرسطو فيلسوف بمجموع أعماله وليس بجملةٍ قالها أو تحليلٍ فلسفيٍ أجراه.

وأبوقراط طبيب بمجموع مشاريعه الطبية وليس بجراحةٍ قام بها.

وكذلك تعدد دلائل الإعجاز المنقولة عن النبي محمد  ﷺ تفيد التواتر المعنوي واليقين التام أنَّه نبي.

فإذا نظرت في سيرته  ﷺ ووجدته صادقًا وقد اشتهر بالصدق باعتراف أشد الناس له عداوةً، ولم يُرم بكذبٍ ولا فجورٍ، ثم هو يُخبِر بالمغيبات فتقع كما هي، وقبل ذلك تتفق عقيدته التي دعا لها من أول يوم مع عقيدة الأنبياء جميعًا، ثم هو الذي يُبشِر الأنبياء به وتبشر كتب الهندوس المقدسة بقدومه  ﷺ قبل أن يأتي بمئات السنين، فكل هذا يفيد التواتر المعنوي واليقين التام على صحة الرسالة.

ثم ماذا عن أعظم آية أتى بها وهي القرآن الكريم؟

القرآن الذي تحدى الله به أهل البيان، أن يأتوا بمثله أو بسورةٍ منه، فما فعلوا.

﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [٣٨] سورة يونس.

وقال الله عز وجل في القرآن الكريم ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ [٢٣] فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ [٢٤]﴾ سورة البقرة.

لاحظ قوله تعالى﴿لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا﴾ [٢٤] سورة البقرة.

فما فعلوا، ولا قَدروا.

ولم يزل القرآن الكريم يتحدى بلغاء المشركين وأهل الفصاحة، وهم في كل هذا ناكصون عن معارضته، محجمون عن مماثلته.

يقول د.عبد الله دراز رحمه الله: "ألم يكن يخشَ الرسول  ﷺ بهذا التحدي أن يثير حميتهم الأدبية؟

فيهبوا لمنافسته وهم جميعٌ حذرون؛ وماذا عساه يصنع لو أن جماعة من بلغائهم تعاقدوا على أن يُخرجوا كلامًا يساميَه ولو في بعض نواحيه!

ثم لو طوعت له نفسه أن يصدر هذا الحكم على أهل عصره فكيف يصدره على الأجيال القادمة؟

إن هذه مغامرة لا يتقدم إليها رجلٌ يعرف قدر نفسه إلا وهو مالئٌ يديه من تصاريف القضاء، وخبر السماء، وهكذا رماها بين أظهر العالم، فكانت هي القضاء المبرم، فكل من عارضه باء بالعجز الواضح، والفشل الفاضح، على مر العصور والدهور".([78])

لقد رأى هؤلاء المشركون أن تجميع الجيوش وتحزيب الأحزاب لمحاربة رسول الله  ﷺ أهون وأيسر من معارضة القرآن وقبول التحدي، فهذا بالغ جهدهم ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ﴾ [٢٦] سورة فصلت.

فلم يأت العرب جميعًا ولا الأمم التي نُقل لها التحدي بشيءٍ يستريح له الملاحدة ويريحون به غيرهم.

يقول الألوسي رحمه الله: "فلم ينطق أحد منهم إلى يومنا هذا ببنت شفه ولا أعرب عن موصوفٍ أو صفة".

قال جبير بن مطعم ولم يكن قد أسلم بعد: سَمِعْتُ النَّبيَّ  ﷺ يَقْرَأُ في المَغْرِبِ بالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هذِه الآيَةَ: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [٣٥] أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ [٣٦] أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [٣٧]﴾ سورة الطور.

قالَ: كَادَ قَلْبِي أنْ يَطِيرَ".([79])

فالقرآن فيه أسرار عجيبة تصل للنفس الإنسانية.

تأمل كيف أنَّ نساء المشركين كن يزدحمن حول بيت أبي بكر حين يقرأ القرآن من فرط انجذابهن وتأثرهن به، حتى أفزع ذلك رجال قريش.([80])

ولذلك اجتمعت كلمة وفود العرب على ألا يسمعوا للقرآن ولا يُسمِعوه أهليهم، فهذا هو السبيل الوحيد للبقاء على الكفر.

ومن عجائب القرآن الكريم وعجائبه لا تنفد ما ذكره د.عبد الله دراز رحمه الله في قضية نزول آيات القرآن في أوقات متفاوته، ثم يشير النبي  ﷺ إلى وضع بعض الآيات في أماكن محددة بين السور وآيات آخرى بين سور أخرى، ثم تظهر في الأخير كل سورة كبناء مستقل، يقول رحمه الله: "في وقت نزول القرآن كانت بعض المواضيع في القرآن تتزايد بمعزل عن مواضيع أُخرى، وتُكوِّن تدريجيًا وحدات مُستقلة بعد أن تنضم إليها آيات أُخرى نزلت بعدها، وأن بعضها كانت تُضاف هنا، والأُخرى تتداخل مع غيرها هناك، بحسب أمر الرسول  ﷺ الذي كان يتلقاه بدوره من الروح القدس.

فإذا أخذنا في اعتبارنا التواريخ التي لا حصر لها - تواريخ نزول آيات القرآن الكريم-، ولاحظنا أن هذا الوحي كان بوجهٍ عام مرتبطًا بظروفٍ ومناسباتٍ خاصة، فإن ذلك يدعونا إلى التساؤل عن الوقت الذي تمت فيه عملية تنظيم كل سورة على شكل وحدة مستقلة.

وكأن القرآن كان قطعًا متفرقة ومرقمة من بناء قديم، كان يُراد إعادة بناؤه في مكانٍ آخر على نفس هيئته السابقة، وإلا فكيف يمكن تفسير هذا الترتيب الفوري والمنهجي في آنٍ واحد، فيما يتعلق بكثير من السور؟

ولكن أي ضمان تاريخي يستطيع أن يتحصل عليه الإنسان عند وضع مثل هذه الخطة إزاء الأحداث المستقبلة، ومتطلباتها التشريعية، والحلول المنشودة لها، فضلاً عن الشكل اللغوي الذي يجب أن تُقدم به هذه الحلول، وتوافقها الأُسلوبي مع هذه السورة بدلاً من تلك؟

ألا نستنتج ان اكتمال هذه الخطة وتحققها بالصورة المرجوة، يتطلب تدخلاً من خالق عظيم، تتوفر عنده القدرة على إقامة هذا التنسيق المنشود؟".([81])

فالقرآن معجزة مستقلة على صدق نبوته  ﷺ.

ومعجزات النبي محمد  ﷺ التي جرت على يديه كثيرة تزيد على الألف بكثير، والعهد بها قريب وناقلوها هم أصدق الخلق وأبرهم.

وهؤلاء الرواة الذين نقلوا إلينا هذه المعجزات كانوا لا يجيزون الكذب فيما دقَّ فكيف يكذبون عليه، وهم يعلمون أنَّ من كذب عليه متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار، كما حذّر هو  ﷺ.

وبعض معجزاته  ﷺ شهدها آلاف الصحابة ممن كانوا حوله  ﷺ، وبعضها رواه العشرات منهم فكيف يُجمعون على الكذب في كل هذا؟

ومثال على معجزاته التي حضرها جمع كبير من الناس: حديث حنين الجذع وهو حديث مشهور متواتر حيث كان النبي  ﷺ يخطب على جذع، فلما عُمل له المنبر ورقي عليه وخطب حنّ الجذع، وأنّ أنين الصبي، ولم يزل يئن ويحن حتى ضمه النبي  ﷺ فسكت.

هذا الحديث رواه من الصحابة: أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأُبي بن كعب، وأبي سعيد، وسهل بن سعد، وعائشة بنت أبي بكر، وأم سلمة.

فهل مثل هذا العدد من الصحابة يُجمِع على الكذب في رواية خبرٍ كهذا؟

بل إنَّ بعض معجزاته شهدها آلاف الصحابة مثل نبع الماء من بين أصابعه الشريفة حتى توضأ منه وشرب ألف وخمسمائة صحابي، والحديث متواتر ورواه البخاري ومسلم.

وتكثير الطعام اليسير ليَطعم منه الجيش العظيم وهذا أيضًا جاءت به الأخبار المتواترة عن الصحابة، وقد ذكر البخاري وحده معجزات تكثير الطعام على يد النبي  ﷺ في خمسة مواضع من صحيحه.([82])

فإذا كانت أدلة الصدق ثابتة والمعجزات حافلة على نبوته  ﷺ، فأنى لعاقل أن يُكذب بكل هذا؟

وهذه أمثلة أخرى يسيرة من معجزاته  ﷺ:

أخبر  ﷺ في ليلةٍ من الليالي بأن ريحًا شديدة ستهُب، ونهى الناس عن القيام، فقام رجل فحملته الريح وألقته في مكان بعيد عن مكانه.([83])

وأخبر  ﷺ بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وكبَّر عليه أربعًا.([84])

وأخبر النبي  ﷺ بشهادة عمرَ وعثمانَ وعلي وطلحة والزبير رضي الله عنهم أجمعين، وأنهم لن يموتوا على فُرُشِهم كما يموت الناس.

فقد صعد رسول الله  ﷺ الجبل ذات يومٍ هو وأبو بكرٍ وعمرُ وعثمانُ وعليُ وطلحةُ والزبيرُ، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله  ﷺ للجبل: "اهدأ، فما عليك إلا نبيٌ أو صديقٌ أو شهيد".([85])

فحكم لنفسه بالنبوة ولأبي بكر بالصدِّيقية وللباقين بأنهم سيكونون شهداء، وحصل ما أخبر به  ﷺ.

وهناك 150 حديثًا دعا فيهم النبي  ﷺ ربَّه وأُجيب في الحال والناس يشهدون!([86])

وحيث سأل أهلَ مكَّةَ رسولَ اللهِ  ﷺ أنْ يُريَهُم آيَةً، فأراهُمُ القمَرَ شِقَّينِ، حتى رأوْا حِراءً بَينهُما، وهذا الحديث متواتر، أي أنه في أعلى درجات الصحة.

وقد كان النبي  ﷺ يقرأ سورة القمر التي فيها معجزة شق القمر في المجامع الكبار كالجُمع والأعياد ليُسمع الناس ما فيها من معجزاته  ﷺ وكان يستدل بها على صدق نبوته.

ثم إخبار النبي ﷺ بأن آدم هو آخر الخلق من الكائنات الحية: "وخَلَقَ آدمَ بعدَ العصْرِ من يومِ الجمعةِ ؛ في آخِرِ الخلقِ".([87])

وهذه الحقيقة صارت الآن ثابتة علميًا، فالعلم أثبتَّ أن البشر هو آخر الكائنات الحية ظهورًا على الأرض، فكيف عَلِم  ﷺ بأنَّ آدم عليه السلام آخر الكائنات ظهورًا على الأرض بعد ظهور النبات والحيوان؟

وانظر لقول الله عز وجل ﴿وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً﴾ [١٢] سورة الإسراء.

فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ: أي أنَّ القمر وهو آية الليل كان مضيئًا ثم مُحي ضوؤه.

وهذا بالفعل ما فسّر به الصحابة الآية الكريمة فقد روى الإمام ابن كثير في تفسيره أنَّ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان القمر يضيء كما تضيء الشمس، وهو آية الليل، فمُحي".

والعجيب أنَّ هذا ما انتهى إليه العلم اليوم، فقد نشرت ناسا على موقعها الرسمي وقناتها الرسمية: الحقبة الأولى من عمر القمر وكان فيها مضيئًا متوهجًا.([88])

فقد ثبت بالتواتر وقوع الآيات والإخبار بالمغيبات ودقائق أسرار الأرض والسماوات التي لا حصر لها على يد رجلٍ واحدٍ  ﷺ، ونزول القرآن عليه، وجاء بما عليه النبيين من قبله، وكان مؤيدًا من عند الله ولم يَمُت حتى تمت الشريعة وكَملت.

فالقطع بأنه نبيٌ هو رشاد العقل!

فآياته  ﷺ الغيبية تزيد على الألف.

ونقَلَة المعجزات هم صحابته أصدق الخلق وأبّرهم بعده.

والعجيب أن كبار الصحابة أسلموا قبل أن يروا المعجزات، فهم أسلموا لأنهم يعلمون أنَّ النبي محمد  ﷺ صادق، وأنَّه لم يكذب قط.

وهذا الموقف من كبار الصحابة هو موقف عقلي حكيم، فصِدق النبي صلى الله وعليه وسلم دليل كافٍ مستقل لإثبات صحة النبوة... وهذا لأن: الشخص الذي يدَّعي النبوة إما أن يكون: أصدق الناس، لأنه نبيٌّ... فالنبي هو أصدق الناس.

وإما أن يكون: أكذَبَ الناس، لأنه يفتري كذبًا في أعظم الأمور شأنًا.

ولا يختلط أصدق الناس بأكذب الناس إلا على أجهل الناس.([89])

فما أيسر أن يستطيع العاقل أن يُميز بين أصدق الناس وأكذب الناس.

وقد اعترف المشركون في أول يومٍ من بعثته  ﷺ أنه لم يكذب قط، فقالوا له: "ما جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا".([90])

وحين سأل هرقل أبو سفيان قبل أن يُسلم: "هل كنتُم تتهِمونه بالكذبِ قبلَ أن يقولَ ما قال؟".

فقال أبو سفيان: "لا".

فقال هرقل: "لم يكُن لِيَذَرَ الكذبَ على الناسِ ويكذِبَ على اللهِ".

ثم أكمل هرقل فقال قولته الشهيرة: "لو كنت عنده لكنت غسلت عن قدميه".([91])

فقد عجَز الكُفار عن إظهار كَذِبةٍ واحدة في كل حياته  ﷺ، ولذلك أنكر القرآن عليهم كفرهم مع علمهم بحاله هذا قبل بعثته فقال ربنا سبحانه﴿أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ﴾ [٦٩] سورة المؤمنون.

فحال النبي وسيرته دليل مستقل على أنه نبي ﷺ.

فإذا كانت دواعي الصدق عامة متعاضدة على نبوته  ﷺ، فأنى لهندوسي عاقل أن يُكذب بكل هذا؟

 21- هل يكفي الإيمان بالله والكفر بالأنبياء كما يفعل بعض الهندوس؟

ج: لا.

الإيمان بوجود الله مع عدم الإيمان بالأنبياء لا يكفي حتى يكون الإنسان مسلمًا لله، فما معنى أن تؤمن بأن الله هو الخالق الرازق المُدبِّر، ثم تكفر بوحيه وتنكر رسله؟

هذا كفر أكبر.

بل ليس هناك أعظم جُرمًا من الذي يرد على الله وحيه، قال الله تعالى ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّـهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَٰلِكَ سَبِيلًا [١٥٠] أُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا [١٥١]﴾ سورة النساء.

فمن يؤمن بالله ويكفر بالأنبياء فهو الكافر حقًا.

فكل من كفر بنبي من الأنبياء فهو كافر بالله لأنه أنكر وحي الله، لذلك فأهل الكتاب من اليهود والنصارى كفروا لكفرهم بنبوة محمد بن عبد الله  ﷺ ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَـٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [٦] سورة البينة.

ووعيد الله بدخولهم النار حق ﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ [١٤] سورة ق.

فليس الإسلام وليست النجاة لمجرد إقرار الإنسان بأنَّ الله هو الخالق الرازق المحيي المميت فحسب، بل لابد من الإيمان برسله.

إذن فالإيمان بوجود الله والكفر بالأنبياء لا يكفي ولا ينفع العبد عند الله يوم القيامة، إذ لابد أن يُعبد الله ويتم الإيمان بكل رسله.

ولو كان الإيمان بوجود الله كافيًا لما أرسل الله رسله ولا أنزل كتبه، لأن البشر جميعًا يعرفون الله بالفطرة.

فالله الذي خلقك وهداك ورزقك هو وحده المستحق أن تعبده كما شرع من خلال رسله وأنبيائه.

فينبغي الإيمان بجميع الأنبياء وبخاتمهم محمد بن عبد الله  ﷺ.

 22- لماذا خلق الله الشر؟

أو بمعنى آخر: كيف يَرُد المسلم على "معضلة الشر"؟

ج: فتنة الشر هي تقريبًا أكبر مشكلة في الهندوسية وفلسفة الهندوسية تقوم على أن الإنسان يعيش في الخربات حتى يتخلص من الشر، وتعتبر الهندوسية أن تكرار الولادات بسبب الشر الذي ارتكبه الإنسان في حياة سابقة.

وهذا كله خطأ فالشر موجود في العالم ببساطة: لأننا مُكلفون.

لأننا في عالم اختباري.

قال ربنا سبحانه ﴿وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [٣٥] سورة الأنبياء.

فالخير والشر لأنك مكلف، والتكليف هو غاية وجودك.

قال الله تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [٢] سورة الملك.

فطالما أننا مكلفون إذن من الطبيعي أن يكون هناك فتن وبلاء ومن الطبيعي أن نستوعب الشر.

فالشر وبعض الألم والقدرة على ارتكاب المعصية هو المقتضى الطبيعي والنتيجة البديهية لحرية الإرادة والتكليف الإلهي.

ووجود الشر والبلاء والمصائب والشهوات هؤلاء يُخرجون أفضل ما في الإنسان الصالح وأسوأ ما في الإنسان الفاسد.

وبجانب الشر نحن نعيش خير لا يحصى.

ونِعم لا تُحصى.

والشر بسيط ويسير بجوار الخير الكبير الذي نحيا فيه.

ولو لم يكن هناك شر في العالم لما خرجْت من المكان الذي وُلدت فيه!

ولما وُجدت حضارة ولا بُنيت مدن ولا مصانع ولا بيوت ولا احتاج الناس إلى عمل ولا فَكَّر الناس في مقاومة مرض أو حل مشكلة أو اختراع فكرة لجلب الراحة!

ولما احتاج الإنسان أن ينتقل من مكان ولادته أصلاً.

إذ لا شر ولا عناء ولا بلاء ولا تعب ولا مشاكل تبحث لها عن حلول!

فلماذا التعب والسهر والتفكير والعمل؟

فالشر هو الضرورة التي لابد منها في الدنيا!

فتدبر!

وكثير من الناس ينزل بهم البلاء والشر فيعودون إلى الله ويصبحون من الصالحين فسبحان الله العظيم وبحمده.

فكل أقدار الله فيها حكمة وخير وإن بدا في بعضها شر أو ضيق أو أذى ظاهريًا، لكنها في الأخير تكتنف على خير عظيم وحكمة إلهية بالغة.

فالشر لأنك مكلف وليس لأنك ارتكبت آثامًا في حياة سابقة.

 23- ما هي مظاهر التسليم لله تعالى؟

أو بصيغةٍ أخرى: كيف تعرف أنك مسلم لله مستسلم له استسلامًا كاملاً؟

ج: علامات الاستسلام لله تعالى أربع وهي:

أولاً: العبودية لله في كل صغيرة وكبيرة في حياتك، قال تعالى ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [١٦٢] لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [١٦٣]﴾ سورة الأنعام.

صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ: كل شيء أفعله لله، فهي عبودية لله في كل عمل، وهذه أولى مظاهر وعلامات التسليم لله.

العلامة الثانية حتى تكون مستسلمًا لله تمام الاستسلام: هي اتباع ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه، قال ربنا سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ [٢٠] سورة الأنفال.

وقال عزَّ وجلَّ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾ [٢٠٨] سورة البقرة

فِي السِّلْمِ أي: في الإسلام.

ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً: أي التزموا بكل ما أمر به الله وانتهوا عما نهى عنه.

أمرني الله بشيء في القرآن أو أمرني بشيء في سنة نبيه  ﷺ أفعله.... نهاني عن شيء أنتهي عنه، فهذا هو تمام الاستسلام والانقياد لله.

العلامة الثالثة على التسليم لله هي أن: نُسَّلم بتحكيم ما شرع الله، فنرضى بشرعه ونقبل به.

نقبل بكل تشريع إلهي في القرآن وسنة النبي محمد  ﷺ، لأنَّ الله يعلم ما يُصلِح خلقه ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [١٤] سورة الملك.

وقال سبحانه ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا﴾ [٥٠] سورة المائدة.

فالله هو الذي يعلم ما يصلح الناس في دنياهم وفي آخرتهم.

وتطبيق شرع الله يُطهر الناس ويجعلهم يعيشون في أمان.

قال الله عز وجل ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ [٦٤] سورة النساء.

فالله لم يرسل الرسل حتى نترك شرعهم ونحتكم إلى شرع غيرهم.

ويقول سبحانه ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [٦٥] سورة النساء.

فلابد من التسليم التام لما شرع الله فالتسليم لشرع الله من علامات الانقياد للإسلام!

أما العلامة الرابعة على التسليم لله تعالى فهي: التسليم لأقدار الله، فكل شيء قدَّره الله سبحانه بحكمته وبالتالي فالمسلم يستسلم لله في كل أقداره ... في الخير والشر.

إن أصابت المسلم سراء شكر، وإن أصابته ضراء صبر.

فكل بلاء لحكمة ولتكليف.

فكل شيءٍ بتقدير الله عز وجل: الصحة والمرض والغنى والفقر... كل شيء بتقديره وحكمته، وعلى المسلم الرضا بالأقدار لأن الله هو الذي يُقدِّرها.

قال ربنا سبحانه ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ [٤٩] سورة القمر.

وقال تعالى ﴿قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَنَا﴾ [٥١] سورة التوبة.

لن يصيبنا إلا ما قدّر الله لنا.

وقال عز من قائل ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ﴾ [١٤٥] سورة آل عمران.

الآجال قدرها الله.

وكل شيء يحصل في الكون وكل ذرة تسير في العالم وكل حادث يحدث، إنما يَحدُث بعلم الله ومشيئة الله وبتقدير الله وبحكمة الله وبقدرة الله.

قال ربنا سبحانه ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [٢] سورة الفرقان.

فهو سبحانه خلق كل شيء وقدَّر كل شيء، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.

فأنا كمسلم مطالب بالتسليم بكل أقدار الله عز وجل.

وبهذا يصبح الإنسان مسلمًا لله.

s          وفي الختام!

 كيف أدخل في الإسلام؟

الإسلام هو دين الله لجميع البشر، قال تعالى ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّـهِ الْإِسْلَامُ﴾ [١٩] سورة آل عمران.

فالإسلام هو الدين الذي لا يقبل الله غيره من الأديان ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [٨٥] سورة آل عمران.

ولذلك يجب على كل إنسان هندوسي وغير هندوسي أن يعتنق الإسلام.

ففي الإسلام النجاة من النار والفوز برضا الله وبالجنة.

والدخول في الإسلام نعمة من أعظم النعم، بل هو أعظم وأهم شيء في وجودك.

والإسلام في حقيقته رجوع إلى الفطرة والعقل والفيدا.

والدخول في الإسلام أمره يسير ولا يحتاج إلى طقوس ولا أمور رسمية، فقط على الإنسان أن ينطق بالشهادتين، وذلك بأن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.

وهو بهذا صار مسلمًا.

ثم يبدأ في ممارسة الإسلام.



 ([1]) ريج فيدا، مندل: سوكت:10، منترا:8.

Rig Veda 1.10.8

مصدر نصوص الفيدا التي سأوردها في هذا الكتاب هي نقلاً عن كتاب: دعوة الهندوس إلى الإسلام، رسالة دكتوراة من إعداد: د. إبراهيم عبد الغفور، من إصدارات دار إيلاف الدولية.

وقد قمت بمراجعة وتحرير هذه النصوص بنفسي من الفيدا النسخة السنسكريتية Sanskrit text والترجمة الإنجليزية المعتمدة.

وأحيانًا أضع المصطلح هنا كأسماء الفيدات بنفس طريقة النطق الغربية له لشيوعها، وأحيانًا أستخدم المصلطح بطريقة نطقه في السنسكريتية.

([2]) Cogan, Robert. (1998), Critical Thinking: Step by Step, University Press of America, pp. 202–203.

([3]) أواكمن، ص104، نقلاً عن كتاب: دعوة الهندوس إلى الإسلام، ص 99.

([4]) ريج فيدا، مندل: سوكت: 113، منترا: 9-11.

([5]) ريج فيدا، مندل: سوكت: منترا: 5.

([6]) دراسة الهندوسية، أرفيند شارما (غير مترجم).

([7]) الهندوسية: العقيدة والممارسة، جينين د. فاولر (غير مترجم).

([8]) http://www.pewforum.org/files/2012/12/globalReligion-tables.pdf

([9]) يجر فيدا، سوكت:40، منترا:9.

([10]) ريج فيدا، مندل1، سوكت: منترا:9.

([11]) بهاغافاد غيتا، 9-25.

 ([12])موسوعة الفلسفة الشرقية والدين، ستيفان شوماخر، ص397.

([13])  ريج فيدا: مندل: 1، سوكت: 164، منترا: 46.

([14])  موسوعة الهندوسية، جونز ورايان وجميس د.، ص315 (غير مترجم).

([15]) Hinduism, Wiwekanand, p61-63.

نقلاً عن كتاب: دعوة الهندوس إلى الإسلام، تأليف د: إبراهيم بن عبد الغفور لنيل شهادة الدكتوراة، دار إيلاف للنشر والتوزيع، ص 122.

([16])  صحيح مسلم، ح:2865.

([17])  صحيح سنن النسائي، ح:3134

([18])  ريج فيدا، مندل: سوكت:10، منترا:8.

([19])  ريج فيدا، مندل: 10، سوكت:190، منترا: 2-3.

([20])  يجر فيدا، سوكت: 32، منترا:13.

([21])  ريج فيدا، مندل: سوكت: 100، منترا:1.

http://1stholistic.com/prayer/hindu/hol_hindu-samsara-and-karma.htm([22])

( الموقع يتبع مجلة بوذية تُقدم بحوث معرفية في البوذية وطقوسها).

([23]) Cogan, Robert. (1998), Critical Thinking: Step by Step, University Press of America, pp. 202–203.

([24]) توصيف حالة روث سيمنز : https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/12116612

 (نقلاً عن مقالات موقع د. فوز كردي).

([25]) Edwards, Paul. (2001), Reincarnation: A Critical Examination, Prometheus Books.

([26]) Yuvraj Krishan: Bharatiya Vidya Bhavan, 1997.

([27]) أواكمن، ص104، نقلاً عن كتاب: دعوة الهندوس إلى الإسلام، تأليف د: إبراهيم بن عبد الغفور لنيل شهادة الدكتوراة، دار إيلاف للنشر والتوزيع، ص 99.

 ([28]) يقول القرطبي في تفسيره: وهذه الآية رد على من زعم أن من الخلق من يرجع قبل القيامة بعد الموت.

([29]) https://en.wikipedia.org/wiki/Rape_in_India

([30]) https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8931651

( موقع المركز الوطني الأمريكي لبحوث التقانة الحيوية وهو موقع حكومي ويعد من أكبر المراجع البحثية الطبية في العالم).

 ([31]) المصدر السابق.

([32]) سير أعلام النبلاء، ترجمة أحمد ابن أبي الحواري، نقلا عن موقع د.فوز كردي.

 ([33]) سنن أبي داود، ح: 4904، درجة الحديث: صحيح.

 ([34]) "Energy – (according to New Age thinking)", The Skeptic's Dictionary, 2011-12-19.

 ([35]) "Some Notes on Wilhelm Reich, M.D", Quackwatch.org, 15-02-2002.

([36]) قمت بمناقشة مسألة العلاج بالطاقة في كتاب كامل مستقل بعنوان: الإلحاد الروحي.

([37]) صحيح مسلم، ح:71.

([38]) صحيح الجامع، ح: 1632.

 ([39])صحيح ابن حبان، ح:6085.

 ([40])صحيح من رواية الهيتمي المكي، الزواجر، م1 ص166.

([41]) مجموع الفتاوى، م9ص34.

([42]) بهاغافاد غيتا، 9-25.

([43]) يجر فيدا، سوكت:40، منترا:9.

 ([44]) سنن الترمذي، ح:2516، صحيح.

([45])  ريج فيدا، مندل: سكوت: منترا:6.

([46])  ريج فيدا، مندل: سوكت: 113، منترا: 9-11.

([47]) ريج فيدا، مندل: سوكت: منترا: 5.

 ([48])صحيح مسلم، ح: 2699.

([49]) حسنه الوادعي في الصحيح المسند، ح: 1426.

 ([50])رواه البيهقي في شعب الإيمان والحديث صحيح، السلسلة الصحيحة، ح:2700.

([51]) سنن أبي داود والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع وصحيح أبي داود، ح:2594.

([52]) أسطورة البقرة المقدسة، دويجندرا نارايان (غير مترجم).

([53]) ريج فيدا، مندل:10، سوكت:48، منترا:1.

([54]) https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/8931651

([55]) الريكي للمبتدئين، ديفيد إف فينلس، ص30-35، نقلاً عن (التطبيقات المعاصرة لفلسفة الاستشفاء الشرقية، د.هيفاء بنت ناصر الرشيد).

([56]) Rawcliffe, Donovan, (1988), Occult and Supernatural phenomena, Dover Publications, p. 123

([57]) An introduction to complementary medicine, Simon Borg Olivier, p.290

(نقلا عن: حركة العصر الجديد، د.هيفاء بنت ناصر الرشيد).

([58])  صحيح سنن الترمذي، ح: 2507.

 ([59]) صحيح سنن أبي داود، ح: 1692، درجة الحديث: صحيح.

([60]) الهندوس: معتقدهم الديني وممارساتهم، جوليوس ج. ليبنر، ص8.

([61])  سفر اللاويين، إصحاح 15، الأعداد 20-24.

([62])  سفر التكوين، إصحاح: 49، الأعداد: 1-2 و10.

([63]) https://www.christiancourier.com/articles/1101-who-is-the-mysterious-shiloh

Rest-giver or peace-bringer.

http://www.abideinchrist.com/messages/gen49v8.html

Shiloh is the man of rest, the giver of rest or rest-bringer.

([64])  قد فصَّلت في بشارة يعقوب عليه السلام لبنيه، قبل الدخول في بشارات الهندوسية لكونها دليل مستقل على صحة الإسلام من خارج الإسلام.

([65])  كالكي بران، أدهياي: شلوك:15.

([66])  صحيح السيرة النبوية، محمد بن ناصر الألباني، ص13، نقلاً عن كتاب: دعوة الهندوس إلى الإسلام، رسالة دكتوراة من إعداد: د. إبراهيم عبد الغفور، ص198.

([67])  كالكي بران، أدهياي: شلوك:4.

([68])  كالكي بران، أدهياي: شلوك:11.

([69])  رواه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.

 ([70]) كالكي بران، أدهياي: شلوك:5.

([71])  كالكي بران، أدهياي: شلوك:7.

([72])  كالكي بران، أدهياي 3، شلوك 1-5.

([73])  بهاغْوَت بران، اسكند: أدهياي: شلوك: 25.

([74])  أتهر ويد، كاند:20، سوكت:127، منترا:2.

([75])  دعوة الهندوس إلى الإسلام، رسالة دكتوراة من إعداد: د. إبراهيم عبد الغفور، ص215.

([76])  أتهر ويد، كاند:20، سوكت:127، منترا:1.

([77])  أتهر ويد، كاند:20، سوكت:127، منترا:5 وما بعدها.

 ([78]) النبأ العظيم، د. عبد الله دراز رحمه الله، ص44-45.

 ([79]) صحيح البخاري، ح: 4854.

 ([80]) صحيح البخاري، ح: 3905.

 ([81]) كتاب مدخل إلى القرآن الكريم، د. عبد الله دراز.

 ([82]) البخاري (1217)، البخاري (2618)، البخاري (3578)، البخاري (4101)، البخاري (6452). وكلها أحداث ووقائع مختلفة متباينة وهذا في البخاري وحده!

([83])  صحيح مسلم، ح: 3319.

([84])  صحيح البخاري، ح:1333.

([85])  صحيح مسلم، ح:2417.

([86])  جمع هذه الأحاديث سعبد ين عبد القادر باشنفر، في كتابه دلائل النبوة، والكتاب من إصدارات دار ابن حزم.

([87])  صحيح الجامع، 8188.

([88]) http://www.nasa.gov/mission_pages/LRO/news/vid-tour.html

https://www.youtube.com/watch?v=UIKmSQqp8wY

([89]) ثبوت النبوات عقلًا ونقلًا، ابن تيمية، دار ابن الجوزي، ص573، وبمعناه في نفس المصدر ص318.

([90]) صحيح البخاري، ح:4971.

([91])  صحيح البخاري، ح:7.