×
New!

Bayan Al Islam Encyclopedia Mobile Application

Get it now!

حاجات البشرية في رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم (العربية)

ߟߊ߬ߓߍ߲߬ߢߐ߲߰ߡߊ߬ߟߌ: عادل بن علي الشدي

Description

حاجات البشرية في رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم: هذا البحث عبارة عن إجابة لسؤال بعض الغربيين عن الجديد الذي قدّمه محمّد صلى الله عليه وسلم للعالم؟

Download Book


سلسلة « رحمة للعالمين » (1)

حاجات البشرية في رسالة النبي محمّد ﷺ‬

إعداد

د. عادل بن علي الشدي

د. عبد الرزاق معاش

ههه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، أما بعد..

فيتساءل بعض الغربيين عن الجديد الذي قدّمه محمّد ﷺ‬ للعالم ؟ و لا مرية في أن أصحاب الرسالات العظيمة عظماء في ذواتهم، وعظماء في سيرتهم، و هم وإن ظهروا في مرحلة تاريخية بعينها فقد تركوا بصماتهم ليس في مجتمعاتهم فحسب، بل مدوا ظلهم على التاريخ في مشارق الأرض و مغاربها، ومن هؤلاء : نبينا محمّد ﷺ‬؛ وإن عظمة الرسول البارزة للعيان ، تكمن في أنه كان حامل رسالة سماوية توحيدية ، شمولية تهدف أساساً إلى إصلاح حياة البشرية عامة، ونقلها من البربرية والوثنية إلى الحضارة التوحيدية اليقينية .. يقول مؤلف "قصة الحضارة" الباحث الأمريكي ول ديوارنت :« إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس، قلنا: إن محمدًا ﷺ‬ كان من أعظم عظماء التاريخ، فلقد أخذ على نفسه أن يرفع المستوى الروحي والأخلاقي لشعب ألقت به في دياجير الهمجية حرارة الجو وجدب الصحراء، وقد نجح في تحقيق هذا الغرض نجاحًا لم يدانه فيه أي مصلح آخر في التاريخ كله، وقلّ أن نجد إنسانًا غيره حقق ما كان يحلم به.. ولم يكن ذلك لأنه هو نفسه كان شديد التمسك بالدين وكفى، بل لأنه لم يكن ثمة قوة غير قوة الدين تدفع العرب في أيامه إلى سلوك ذلك الطريق الذي سلكوه.. وكانت بلاد العربي لما بدأ الدعوة صحراء جدباء، تسكنها قبائل من عبدة الأوثان قليل عددها، متفرقة كلمتها، وكانت عند وفاته أمة موحدة متماسكة. وقد كبح جماح التعصب والخرافات، وأقام فوق اليهودية والمسيحية، ودين بلاده القديم، دينًا سهلاً واضحًا قويًا، وصرحًا خلقيًا وقوامه البسالة والعزة القومية. واستطاع في جيل واحد أن ينتصر في مائة معركة، وفي قرن واحد أن ينشئ دولة عظيمة، وأن يبقى إلى يومنا هذا قوة ذات خطر عظيم في نصف العالم»([1]).

وانطلاقاً من مسئوليات البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة ﷺ‬ فإننا نرى أن من المتعين علينا أن نجيب عن هذا التساؤل المتعلق بما قدّمه نبينا محمدr للعالم والبشرية وذلك في النقاط التالية:


عبادة الله وحده

· نقل محمّد ﷺ‬ البشر - بوحي الله إليه - من عبودية البشر والخضوع لهم إلى عبودية الله وحده لا شريك له فأصبح الإنسان حرّاً من عبودية غير الله تعالى وهذا أعظم تكريم للإنسان.

فقد كان الوضع السائد قبل بعثة النبي محمّد ﷺ‬ هو النظام الطبقي على أساس قبلي ونفوذ مالي، وعلى أساس سادة وعبيد، فالأغنياء والزعماء سادة متبوعون ومتنفّذون، والفقراء والملوّنون (وهم السّود غالباً) عبيد أتباع خاضعون.فكان العبيد لا يختلفون عن المتاع المادي الذي يمتلكه الإنسان بيعاً وشراءً وهبةً وغيرها من صور التعامل، مع الغياب التام للشعور الإنساني في التفريق بين الأمّ وابنها، والأب وابنه، والزوجة وزوجها، ببيع أو شراء أو هبة!

وكانت الوثنية تضرب أطنابها من خلال عبادة الأصنام والأشجار والأحجار والتقرب إليها.

وكان السادة المتنفّذون يفرضون أعرافاً وأوضاعاً هي أقرب إلى التشريعات، يلزمون بها الناس ويخضعونهم لسلطانها. فنازعوا الإله المعبود ا لحقّ في سلطانه وألوهيته التي تستوجب أن يكون العباد كلهم: أبيضهم وأسودهم، غنيّهم وفقيرهم، عريق النسب فيهم والمولى.. كلهم خاضعين لسلطان الله وحكمه وحده؛ ولهذا أرسل الله نبيه محمّداً صلى الله عليه وسلّم برسالة الإسلام التي شعارها : لا إله إلا الله محمّد رسول الله.

فدعا ﷺ‬ الناس إلى الإقرار بوحدانية الله في ربوبيته وألوهيته، وتفرّده باستحقاق العبادة والطاعة المطلقة له وحده دون سواه - معه أو من دونه-؛ قال الله تعالى: â $pkš‰ﷺ‬'¯»tƒ â¨$¨Y9$# (#ﷺ‬߉ç6ôã$# ãNä3­/u‘ “Ï%©!$# öNä3s)n=s{ tûïÏ%©!$#uﷺ‬ `ÏB öNä3Î=ö6s% öNä3ª=yès9 tbqà)­Gs? á [ البقرة: 21]، وقال : â $yg•ƒﷺ‬'¯»tƒ â¨$¨Z9$# z>ΎàÑ ×@sWtB (#qãèÏJtGó™$$sù ÿ¼ã&s! 4 žcÎ) šúïÏ%©!$# šcqããô‰s? `ÏB Èbrߊ «!$# `s9 (#qà)è=øƒs† $\/$t/èŒ Èqs9uﷺ‬ (#qãèyJtGô_$# ¼çms9 ( bÎ)uﷺ‬ ãNåkö:è=ó¡o„ Ü>$t/—%!$# $\«ø‹x© žw çnrä‹É)ZtFó¡o„ çm÷YÏB 4 y#ãè|Ê Ü=Ï9$©Ü9$# Ü>qè=ôÜyJø9$#uﷺ‬ á [الحج: 73].

وقد عبّر أحد أ صحاب رسول الله ﷺ‬ عن النقلة التي نقل بها الإسلام حياة العرب من الذل والعبودية إلى العزة والكرامة، وكيف خرجوا من ظلمات العبادة والخضوع للأشخاص إلى عبادة الله وحده التي بها شعروا باتساع الدنيا وفسحتها في ظل التوحيد لله وعبادته وحده دون سواه ، يقول في ذلك ربعي بن عامر مخاطباً أحد عظماء الفرس: «الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام» . [ابن كثير: البداية والنهاية 7/39].

يقول الفرنسي الذي اعتنق الإسلام في الجزائر إتيين (نصر الدين فيما بعد) دينيه في كتابه : "محمد رسول الله" إذ يتحدث عن ميزات الرسالة وعالميتها ودورها الممكن في المستقبل يقول : « وهناك شيء مهم ، وهو انتفاء الواسطة بين العبد وربه ، وهذا هو الذي وجده أهل العقول العملية في الإسلام ، لخلوه من الأسرار وعبادة القديسين ، ولا حاجة به إلى الهياكل والمعابد لأن الأرض كلها مسجد لله ، وفوق ذلك قد يجد بعض أهل مذهب الاعتقاد بالله دون غيره من العصريين المتحيزين في التعبير عما عاج نفوسهم من التطلع ، قد يجدون في الإسلام المذهب النقي للاعتقاد بالله ، فيجدون فيه أبدع وأسمي أعمال العبادة ، وما يمكن أن يتخيله من معنى ألفاظ الدعاء..» [محمد رسول الله ﷺ 362-363].


تحرير العقل من الخرافات

· حرّر محمّد ﷺ‬ عقول البشر - بوحي من الله - من الخضوع للخرافات والدجل والارتهان للأصنام والمعبودات الباطلة أو التصديق بأفكار مناقضة للعقل كالقول بأن لله ابناً من البشر وبأنه ضحّى به دون خطيئة أو ذنب منه فداءً للبشر.

خيّم على العقل العربي قبل بعثة النّبي محمّد ﷺ‬ كثير من الاعتقادات والأساطير التي تناقض العقول السليمة التي لا تقبل ما لم يتوافق معها، ومن أهم ما اعتقده الجاهليون دون إعمال للفكر والعقل هو : اعتقاد النفع والضر في حجارة وأخشاب منحوتة بالأيدي، عبدوها مع الله أو من دونه، وخافوا من انتقامها بزعمهم وخوّفوا الأتباع الذين بدورهم عطّلوا عقولهم عن إدراك الخطأ من الصّواب في مثل تلك الاعتقادات.

فأرسل الله النبي محمّداً ﷺ‬ بدين الإسلام الذي كرّم الإنسان بالعقل وجعله مناط التكليف بواجبات الدين وأوامره ونواهيه، ورفع الإصر والمؤاخذة عن المجنون الذي فقد عقله، والصغير الذي لم يكتمل نموه العقلي، كما دعا وحثّ بل وجازى على إعمال العقل في البحث عن حقائق الكون والعلوم، ونهى وحرّم كل ما من شأنه أن يؤثّر على العقل كالمسكرات بأنواعها.

وأوّل ما بدأ الإسلام بتطهيره من الخرافات والدّجل هو العقيدة التي خاطبت العقل لإقناعه بصواب الحق الذي جاء به القرآن، وبطلان ما عليه الجاهليون من اعتقادات باطلة كاعتقاد تعدد الآلهة ، من ذلك قوله تعالى : â $tB x‹sƒªB$# ª!$# `ÏB 7$s!uﷺ‬ $tBuﷺ‬ šc%Ÿ2 ¼çmyètB ô`ÏB >s9Î) 4 #]ŒÎ) |=yds%©! ‘@ä. ¥s9Î) $yJÎ/ t,n=y{ Ÿxyès9uﷺ‬ öNßgàÒ÷èt/ 4’n?tã <Ù÷èt/ 4 zysö6ߙ «!$# $£Jt㠚cqàÿÅÁtƒ á [المؤمنون: 91].

فهذا البرهان الباهر بهذا اللفظ الوجيز الّبين فيه أنّ الإله الحقّ لا بد أن يكون خالقاً فاعلاً، يوصل إلى عابده النفع ويدفع عنه الضّر، فلو كان معه سبحانه إله لكان له خلق وفعل وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر معه بل إن قدر على قهره وتفرده بالإلهية دونه فعل، وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه وذهب به كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضا بممالكهم؛ وإذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو عليه فلا بد من أحد أمور ثلاثة:

- إمّا أن يذهب كلّ إله بخلقه وسلطانه.

- وإمّا أن يعلو بعضهم على بعض.

- وإمّا أن يكون كلّهم تحت قهر إله واحد وملك واحد يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه.

وانتظام أمر العالم العلوي والسفلي، وارتباط بعضه ببعض، وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يفسد، من أدلّ دليل على أن مدبّره واحد لا إله غيره.

فكما يستحيل أن يكون للعالم ربّان خالقان متكافئان؛ يستحيل أن يكون له إلهان معبودان.

فهذا الإحكام في سياق الدليل على صحّة ما جاء به نبيّ الله محمّد ﷺ‬ من التّوحيد ، وكون الربّ واحداً ، وهو المعبود بحقّ وحده دون سواه، هو أقبل في عقول العقلاء، بخلاف ما ادُّعي من أنّ الإله ثالث ثلاثة، أو أنّ الأصنام تشاركه في ربوبيّته واستحقاقه للعبادة وحده.

فأيّ شيء أعظم من هذا التّوحيد الواضح البيّن الذي لم تكن تعرفه البشرية يوم بُعث نبيّ الرّحمة محمّد ﷺ‬، وأي عقيدة في الله أوفق للعقل والنظر الصحيح من هذه العقيدة ؟


التسامح والتعايش بين البشر

· أرسى محمّد ﷺ‬ دعائم التسامح بين البشر - وأوحى الله إليه في القرآن- أن لا إكراه في الدّين وبيّن ﷺ‬ حقوق غير المسلمين الذين لا يحاربون المسلمين وأنّ لهم الأمن على أنفسهم، وأبنائهم، وأعراضهم ، وأموالهم ، وفي بلاد المسلمين إلى اليوم رعايا من اليهود والنّصارى يعيشون حياة كريمة ، بينما قضت محاكم التّفتيش على وجود المسلمين في إسبانيا في تطهير عرقي مخالف للمبادئ المعلنة في الحضارة الغربيّة .

من أعظم قواعد الدين الذي جاء نبيّ الرّحمة محمّد ﷺ‬ : أن اعتناق الإسلام متروك للقناعة الشخصية للأفراد والجماعات، وأنّ الدعوة إليه تقوم على الحكمة والموعظة الحسنة لا على الإكراه والإجبار بقوّة السيف أو غيره، وقد ورد في ذلك كثير من نصوص القرآن والسنة، من ذلك:

قوله تعالى: â Iw on#tø.Î) ’Îû ÈûïÏe$!$# ( ‰s% tû¨üt6¨? ߉ô©”9$# z`ÏB ÄcÓxöø9$# 4 `yJsù öàÿõ3tƒ ÏNqäó»©Ü9$$Î/ -ÆÏB÷sãƒuﷺ‬ «!$$Î/ ωs)sù y7|¡ôJtGó™$# Íouﷺ‬óãèø9$$Î/ 4’s+øOâqø9$# Ÿw tP$|ÁÏÿR$# $olm; 3 ª!$#uﷺ‬ ìì‹Ïÿxœ îÎ=tæ á [البقرة: 256].

وقوله تعالى: â È@è%uﷺ‬ ‘,ysø9$# `ÏB óOä3În/§‘ ( `yJsù uä!$x© `ÏB÷sã‹ù=sù ÆtBuﷺ‬ uä!$x© öàÿõ3u‹ù=sù 4 á [الكهف:29].

كما راعى دين محمّد ﷺ‬ غير المسلمين فنهى عن قتالهم إذا لم يكونوا من المقاتلين، بل ولم يحرّم البرّ بهم والإحسان إليهم؛ فقال تعالى: ⠞w â/ä38yg÷Ytƒ ª!$# Ç`tã tûïÏ%©!$# öNs9 öNä.qè=ÏG»s)ム’Îû ÈûïÏd‰9$# óOs9uﷺ‬ /ä.qã_̍øƒä† `ÏiB öNä.̍»tƒÏŠ bﷺ‬& óOèdr•Žy9s? (#þqäÜÅ¡ø)è?uﷺ‬ öNÍköŽs9Î) 4 ¨bÎ) ©!$# =Ïtä† tûüÏÜÅ¡ø)ßJø9$# á [الممتحنة :8].

ومن القواعد العظيمة التي أرساها دين الإسلام كذلك: احترام حقوق غير المسلمين، سواء كانوا رعايا للدولة الإسلامية، أو كانوا خارج الدولة الإسلامية ولم يعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين.. فهؤلاء كلهم لهم حقوق في ذمة كل مسلم حيث يأمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، لا يجوز لمسلم أن يعتدي عليهم في شيء من ذلك. يقول رسول الله ﷺ‬ : «من قتل معاهَدا لم يرِح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما» رواه البخاري. وقال ﷺ‬ : «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس؛ فأنا حجيجه (أي أنا الذي أخاصمه وأحاجّه) يوم القيامة» رواه أبو داود.

بل لقد استوى أمام القاضي في الحكم والقضاء المسلم وغيره، فعن عن الأشعث قال: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «ألك بينة؟» قلت: لا. قال لليهودي: «احلف». قلت: يا رسول الله، إذا يحلف ويذهب بمالي فأنزل الله â ¨bÎ) tûïÏ%©!$# tbrçŽtIô±o„ ωôgyèÎ/ «!$# öNÍkÈyJ÷ƒﷺ‬&uﷺ‬ $YYyJﷺ‬O ¸Î=s% á إلى آخر الآية. رواه أبو داود.

ولقد ظلّ هذا الوضع قائماً في بلاد الإسلام إلى يوم الناس هذا، فقد عاش في ديار المسلمين اليهود والنصارى وغيرهم من أتباع الملل الأخرى في ظلٍّ من الأمن والعدل والتسامح قلما يتوافر مثله، وما التصفيات العرقية والدينية التي تشهدها بعض البلاد إلا دليل على قيمة ما قدّمه الإسلام للرعايا من غير أتباعه، وعلى العكس من ذلك فقد عانى المسلمون الويلات من جراء حروب التصفية الدينية والعرقية ، أشهرها ما حدث في الأندلس على يد محاكم التفتيش التي لم توفّر حتى المخالف لها من أتباع الديانة النصرانية، ناهيك عن اليهود وغيرهم الذي وجدوا بعد ذلك الملاذ الآمن في البلاد الإسلامية الأخرى.


الرحمة الشاملة

· كان محمّد ﷺ‬ رحمة من الله للعالمين على اختلاف أديانهم وأعراقهم بل إن في تعاليمه ما يؤكد على الرحمة للطيور والحيوانات وعلى تحريم الإضرار بها دون حق والاعتداء عليها .

اتسعت رحمة نبي الإسلام ﷺ‬ لتشمل مع بني الإنسان: الطّير والحيوان ، حيث أمر بالرّفق بها، وتوّعد من عذّبها أو أساء إليها حتى تموت بالعذاب والنار في الآخرة.

فقد نهى ﷺ‬ أن تجعل الطّيور وغيرها من ذوات الروح هدفاً للرّمي بالسّهام وغيرها من الأسلحة ؛ فقال ﷺ‬: « لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضًا»، رواه مسلم. أي: لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه.

وقال ﷺ‬ : « دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض » رواه البخاري.

وقال ﷺ‬ : « بينما كلب يطيف بركية كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فسقته فغفر لها به» . رواه البخاري.

وقال ﷺ‬: « بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش، فنزل بئرا فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي! فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقى فسقى الكلب؛ فشكر الله له فغفر له » . قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم أجرا ؟ قال : « في كل كبد رطبة أجر». رواه البخاري.

ونهى ﷺ‬ أن تصبر البهائم . قال العلماء : صبر البهائم: أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي ونحوه.

ومرّ رسول الله ﷺ ببعير قد لحق ظهره ببطنه فقال: «اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة وكلوها صالحة ». رواه أبو داود.

احترام جميع الأنبياء واحترامهم

· قدّم محمّد ﷺ‬ صورة مشرقة من صور الاحترام والتقدير لجميع الأنبياء الذين سبقوه ومنهم إبراهيم وموسى وعيسى ( عليهم الصلاة والسلام) ، بل أوحى الله إليه نصاً على أن من كذَّب أحداً منهم أو انتقصه فإنه ليس بمسلم فالأنبياء جميعاً إخوة يشتركون في دعوة الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له .

إنّ حديث النبي محمّد ﷺ‬ المحبّب عن إخوانه الأنبياء والمرسلين، كوصف أحدهم بـ « العبد الصالح »، أو بـ « أخي» ، وبتوجيه أمّته إلى تعظيمهم وتوقيرهم، وبنهيه لهم عن تفضيله على أحد منهم؛ وقبل هذا كله : ما نجده من حديث مستفيض في القرآن الذي أوحاه الله إليه عن الأنبياء والرّسل، والثناء عليهم ، وأمر النبي محمّد ﷺ‬ بالاقتداء بهم يؤكد على معنى عظيم هو أخوة الأنبياء وعظم تقدير اللاحق للسابق واحترامه والثناء عليه، بل لقد جعل الله تعالى قصص الأنبياء السابقين البلسم الحاني لما كان يعانيه النبي محمّد ﷺ‬ في دعوته من أذى ونصب.

وهذه بعض النصوص التي جاءت مقررة للمعاني التي تقدمت :

قال الله تعالى : â y7Í´¯»s9'ﷺ‬é& tûïÏ%©!$# “y‰yd ª!$# ( ãNßg1y‰ßgÎ6sù ÷nωtFø%$# 3 @è% Hw öNä3è=t«ó™ﷺ‬& Ïmø‹n=tã #·ô_ﷺ‬& ( ÷bÎ) uqèd žwÎ) 3“tø.ό šúüÏJnyèù=Ï9 á [ الأنعام :90].

وقال : â z`tB#uä ãAqߙ§9$# !$yJÎ/ tA̓Ré& Ïmø‹s9Î) `ÏB ¾ÏmÎn/§‘ tbqãZÏB÷sßJø9$#uﷺ‬ 4 <@ä. z`tB#uä «!$$Î/ ¾ÏmÏFs3Í´¯»n=tBuﷺ‬ ¾ÏmÎ7çFä.uﷺ‬ ¾Ï&Î#ߙâ‘uﷺ‬ Ÿw ä-ÌhxÿçR šú÷üt/ 7‰ymﷺ‬& `ÏiB ¾Ï&Î#ߙ•‘ 4 (#qä9$s%uﷺ‬ $uZ÷èÏJy™ $oY÷èsÛﷺ‬&uﷺ‬ ( y7tR#tøÿäî $oY­/u‘ šø‹s9Î)uﷺ‬ 玍ÅÁyJø9$# á [ البقرة: 285].

وقد سُمّيت سورةٌ بكاملها باسم « الأنبياء» ، وبعد أن ذكر جملة طيبة منهم، وذكر ما امتازوا به من خصال وصفات عظيمة ختم قصصهم بقوله تعالى: â öNßg¯RÎ) (#qçR$Ÿ2 šcqãã̍»|¡ç„ ’Îû ÏNºuŽöy‚ø9$# $oYtRqããô‰tƒuﷺ‬ $Y6xîu‘ $Y6ydu‘uﷺ‬ ( (#qçR%Ÿ2uﷺ‬ $uZs9 šúüÏèϱ»yz á [الأنبياء:90].

وقال ﷺ‬: «أنا أوْلى الناس بعيسى بن مريم في الدنيا والآخرة، والأنبياء أخوة لعلّات: أمهاتهم شتى ودينهم واحد » . رواه البخاري.

وقال ﷺ‬ :«...فأقول كما قال العبد الصالح(أي: عيسى عليه السلام) â àMZä.uﷺ‬ öNÍköŽn=tã #Y‰‹Íky­ $¨B àMøBߊ öNÍÏù á إلى قوله â ÞÅ3ptø:$# á. رواه البخاري.

وقال ﷺ‬ : «... فذكرت قول أخي سليمان: â Éb>u‘ öÏÿøî$# ’Í< ó=yduﷺ‬ ’Í< %Z3ù=ãB žw ÓÈöt7.^tƒ 7‰tnL{ .`ÏiB ü“ω÷èt/ á .... ».رواه البخاري.

فهذا الموقف الإيجابي من أنبياء الله ورسله في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، بل إن النبي محمّداً ﷺ‬ قد أرشد المسلمين جميعاً من خلال وحي الله إليه أن من كذّب بأحد من أنبياء الله السابقين فإنه ليس بمسلم، وهذا هو النص القرآني الوارد في ذلك: â ¨bÎ) šúïÏ%©!$# tbrãàÿõ3tƒ «!$$Î/ ¾Ï&Î#ߙâ‘uﷺ‬ šcr߉ƒÌãƒuﷺ‬ bﷺ‬& (#qè%Ìhxÿムtû÷üt/ «!$# ¾Ï&Î#ߙâ‘uﷺ‬ šcqä9qà)tƒuﷺ‬ ß`ÏB÷sçR <Ù÷èt7Î/ ãàÿò6tRuﷺ‬ <Ù÷èt7Î/ tbr߉ƒÌãƒuﷺ‬ bﷺ‬& (#ﷺ‬ä‹Ï‚­Gtƒ tû÷üt/ y7ÏsŒ ¸Î6y™ á [ النساء:150].

وفي المقابل نجد في وصفاً قبيحاً للذين قتلوا الأنبياء وطعنوا فيهم من اليهود، فسجّل القرآن العظيم موقفهم ذاك بقوله : â ô‰s)s9 $tRõ‹s{ﷺ‬& tsV‹ÏB ûÓÍ_t/ ŸÏäÂuŽó Î) !$uZù=y™ö‘ﷺ‬&uﷺ‬ öNÍköŽs9Î) Wxߙ①( $uH©>à2 öNèduä!%y` 7Aqߙu‘ $yJÎ/ Ÿw #“uqôgs? öNåkߦàÿRﷺ‬& $Z̍sù (#qç/¤‹Ÿ2 $Z̍sùuﷺ‬ tbqè=çGø)tƒ á [ المائدة :70].

وقوله : â ôMt/ΎàÑ ãNÍköŽn=tã èp©9Ïe%!$# tûøïﷺ‬& $tB (#þqàÿÉ)èO žwÎ) 9@ö6pt¿2 z`ÏiB «!$# 9@ö6ymuﷺ‬ z`ÏiB Ĩ$¨Y9$# ﷺ‬âä!$t/uﷺ‬ 5=ŸÒtóÎ/ z`ÏiB «!$# ôMt/ΎàÑuﷺ‬ ãNÍköŽn=tã èpuZs3ó¡yJø9$# 4 šÏsŒ öNßg¯Rﷺ‬'Î/ (#qçR%x. tbrãàÿõ3tƒ ÏM»tƒ$t«Î/ «!$# tbqè=çGø)tƒuﷺ‬ uä!$uŠÎ;/RF{$# ΎötóÎ/ 9d,ym 4 y7ÏsŒ $yJÎ/ (#q|Átã (#qçR%x.¨ﷺ‬ tbr߉tG÷ètƒ á [آل عمران :112].

حماية حقوق الإنسان

· دافع محمّد ﷺ‬ عن حقوق الإنسان ذكراً كان أو أنثى صغيراً كان أو كبيراً وبغض النظر عن مكانته الاجتماعية أو مستواه المعيشي ، وقرّر جملة من المبادئ السامية في هذا المجال ومن ذلك نصه في خطبة حجة الوداع التي توفي بعدها بأقل من ثلاثة أشهر على شدة تحريم الاعتداء على الدماء والأموال والأعراض وذلك قبل أن يعرف العالم قانون الشرط الكبير عام 1215م ووثيقة إعلان الحقوق عام 1628م وقانون تحرير الجسد عام 1679م وإعلان الاستقلال الأمريكي عام 1776م ووثيقة حقوق الإنسان والمواطن عام 1789م والإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م .

لقد سبقت مبادئ الحقوق التي أقرّتها شريعة الإسلام للإنسان كل المبادئ التي أُعلنت بعد ذلك بقرون، بل تعدّت حقوق الإنسان إلى حقوق الحيوان والنبات والبيئة التي جعل المحافظة عليها من شعب الإيمان ، فقال نبي الله محمّد ﷺ‬: «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق» [رواه البخاري ومسلم]، كما نهى ﷺ‬ أن يقضي الإنسان حاجته في المكان الذي يستظل فيه الناس!!

ومن المبادئ العامة في هذا المجال:

õالمحافظة على النفس الإنسانية : فجاء بعدة تشريعات وأوامر ونواهٍ، منها:

- تحريم قتل النّفس بغير حقّ، واعتبار قتل نفس واحدة كقتل جميع النّاس، قال الله تعالى: â `tB Ÿ@tFs% $G¡øÿtR ΎötóÎ/ C§øÿtR ÷ﷺ‬ﷺ‬& 7Š$|¡sù ’Îû ÇÚö‘F{$# $yJ¯Rﷺ‬'x6sù Ÿ@tFs% }¨$¨Z9$# $Yè‹ÏJy_ á [المائدة:32].

- تحريم الانتحار : قال ﷺ‬: «من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيها خالداً مخلداً ومن تحسّى سمًّا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحسَّاه في نار جهنم» رواه البخاري.

- سدّ الذرائع المؤدية إلى القتل و إزهاق الأنفس : قال ﷺ: «من حمل علينا السّلاح فليس منَّا». رواه البخاري ومسلم.

- تحريم الإخافة والترويع ولو مزاحاً.

- تحريم الأذى ولو المتوقع، كأمر من مرّ في سوق بنبل أن يكفه حتى لا يجرح أحداً ، قال ﷺ‬ : « من مر في شيء من مساجدنا أو أسواقنا بنبل فليأخذ على نصالها لا يعقر بكفه مسلم» رواه البخاري.

والنصوص النبوية في تحريم الأذى والأمر بكفه كثيرة، منها قوله ﷺ‬ : «من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه » . رواه مسلم. وجعل ﷺ‬ كفّ الأذى من حقوق الطريق التي يجب على المسلم احترامها.رواه البخاري.

õ الحفاظ على العقل :

تحريم ما يفسد العقل :

- مفسدات حسية: كشرب المسكرات وتناول المخدرات؛ قال ﷺ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خمر، وكُلُّ خمرٍ حرام» رواه مسلم.

- مفسدات معنوية :كالاعتقاد في الخرافة و الشعوذة والتقليد الأعمى وعدم إعمال الفكر.

õ الحفاظ على النّسل :

- الترغيب في الزواج: قال ﷺ‬:«يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج »رواه البخاري ومسلم.

- تحريم قتل الأولاد وإجهاض الحوامل: قال تعالى : ⠟wuﷺ‬ (#þqè=çGø)s? öNä.y‰»s9÷ﷺ‬ﷺ‬& á [الإسراء :31]. فحرّم الإسلام قتل الأجنّة وتعمّد إسقاطهم دون أن يكون في بقاء الحمل خطر مؤكد على الأم.

õ الحفاظ على العرض :

- تحريم الزنا وإيجاب الحدّ عليه: قال تعالى: ⠟wuﷺ‬ (#qç/tø)s? #’oTÌh“9$# ( ¼çm¯RÎ) tb%x. Zpt±Ås»sù uä!$y™uﷺ‬ WÎ6y™ á [ الإسراء :32].

وقال تعالى: â èpu‹ÏR#¨“9$# ’ÎT#¨“9$#uﷺ‬ (#ﷺ‬à$Î#ô_$$sù ¨@ä. 7‰Ïnºuﷺ‬ $yJåk÷]ÏiB sps($ÏB ;ot$ù#y_ á [النور :2].

- تحريم القذف وإيجاب الحد عليه: قال تعالى: â ¨bÎ) tûïÏ%©!$# šcqãBötƒ ÏM»uZ|ÁósãKø9$# ÏM»n=Ïÿ»tóø9$# ÏM»oYÏB÷sßJø9$# (#qãZÏèä9 ’Îû $u‹÷R‘‰9$# ÍotÅzFy$#uﷺ‬ öNçlm;uﷺ‬ ë>#x‹tã ×Ïàtã á [النور : 23].

وقال تعالى: â tûïÏ%©!$#uﷺ‬ tbqãBötƒ ÏM»oY|ÁósßJø9$# §NèO óOs9 (#qè?ù'tƒ Ïpyèt/ö‘ﷺ‬'Î/ uä!#y‰pkà­ óOèdr߉Î=ô_$$sù tûüÏuKﷺ‬O Zot$ù#y_ Ÿwuﷺ‬ (#qè=t7ø)s? öNçlm; ¸oy‰»pky­ #Y‰t/ﷺ‬& 4 y7Í´¯»s9'ﷺ‬é&uﷺ‬ ãNèd tbqà)Å¡»xÿø9$# á [النور:4].

وقال ﷺ :«اجتنبوا السبع الموبقات» وذكر منها: «قذف المحصنات المؤمنات الغافلات».

- الحثّ على اتقاء مواضع التهم والريبة، سدّاً لذريعة الطعن في السلوك أو الخُلق.

õ الحفاظ على المال :

- الأمر بالتوسط في إنفاق المال ، قال الله عزّ وجلّ : ⠟wuﷺ‬ ö@yèøgﷺ‬B x8y‰tƒ »'s!qè=øótB 4’n<Î) y7É)ãZã㠟wuﷺ‬ $ygôÜÝ¡ö6s? ¨@ä. ÅÝó¡t6ø9$# y‰ãèø)tFsù $YBqè=tB #·‘qÝ¡øt¤C á [ الإسراء:29].

- تشريع العقوبات على التعدي على أموال الناس وممتلكاتهم.

- الأمر بالحفاظ على أموال اليتامى والضعفاء.

- تحريم الرّبا وأكل أموال الناس بالباطل.

õ تكريم المرأة :

- شدة وصية النبي ﷺ‬ بالنساء، وقد ورد عنه أحاديث كثيرة في ذلك، منها: قوله ﷺ‬: «استوصوا بالنساء خيراً» رواه البخاري، وقوله ﷺ‬: «خيركم، خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي » رواه الترمذي.

- المرأة إنسان هي شقيقة الرجل : جاء في حديث النبي ﷺ : «النساء شقائق الرجال» رواه أبو داود والترمذي.

- مشاركة النساء للرجال في الشعائر الدينية والأعمال الاجتماعية: قال الله تعالى: â tbqãZÏB÷sßJø9$#uﷺ‬ àM»oYÏB÷sßJø9$#uﷺ‬ öNßgàÒ÷èt/ âä!$uŠÏ9÷ﷺ‬ﷺ‬& <Ù÷èt/ 4 šcrâßDù'tƒ Å$ﷺ‬ã÷èyJø9$$Î/ tböqyg÷Ztƒuﷺ‬ Ç`tã ̍s3ZßJø9$# šcqßÉ)ãƒuﷺ‬ no4qn=¢Á9$# šcqè?÷sãƒuﷺ‬ no4qx.¨“9$# šcqãèŠÏÜãƒuﷺ‬ ©!$# ÿ¼ã&s!qߙu‘uﷺ‬ 4 y7Í´¯»s9'ﷺ‬é& ãNßgçHxq÷Žzy™ ª!$# 3 ¨bÎ) ©!$# ͕tã ÒÅ3ym á [التوبة:71].

- حقوق النساء في التربية والتعليم : قد ثبت من عدة طرق أن إحدى الصحابيات المتعلمات علّمت حفصة بنت عمر (زوجة النبي ﷺ‬ ) الكتابة . وقد أقرّها النبي ﷺ على ذلك، مما يدلّ على ترغيبه في تعليم المرأة إذ أعطى القدوة العملية بأهل بيته.

- حقوق النساء المالية: فقد شرع الإسلام لهن الإرث كالرجال، وزادهنّ ما فرض لهنّ على الرجال من مهر الزوجية والنفقة على المرأة وأولادها وإن كانت غنية، وأعطاهنّ حقّ البيع والشراء والإجارة والهبة والصدقة وغير ذلك .


الدعوة إلى الأخلاق الكريمة

· رفع محمّد ﷺ‬ من شأن الأخلاق في حياة الإنسان فدعا إلى الأخلاق الكريمة وحماها مثل الصّدق والوفاء والعفاف ، ودعا إلى توثيق الروابط الاجتماعية مثل برّ الوالدين وصلة الأقارب وطبّق ذلك عملياً، ونهى عن الأخلاق السّيئة وابتعد عنها وحذّر منها مثل الكذب والغدر والحسد والزّنا وعقوق الوالدين ، وعالج المشكلات الناتجة عنها .

مدح الله نبيه محمّداً ﷺ‬ في القرآن بقوله: â y7¯RÎ)uﷺ‬ 4’n?yès9 @,è=äz 5Ïàtã á [القلم :4]. وقد لُقّب ﷺ‬ قبل بعثته بـ « الأمين » لما عُرف عنه من حفظ الأمانة وصيانتها، حتى إنه وهو يخرج مهاجراً من مكّة لم ينس أن يكلف علياً بن أبي طالب رضي الله عنه بأداء الأمانات التي كانت عنده لأصحابها، وقد يكون بعضهم من كفّار قريش الذين أخرجوه من أرضه !!

ولهذا أكثر النبي محمّد ﷺ‬ من الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، وحثّ على التحلي بها بما كان يسوقه من أحاديث في الوعد على الخلُق الحسن، بل لقد كانت بعض آيات القرآن الجامعة للأخلاق الفاضلة سبباً في إسلام بعض المكيين في عهده ﷺ ، فقد ورد في سيرته ﷺ‬ أنه قرأ قوله تعالى : â * ¨bÎ) ©!$# ããBù'tƒ ÉAô‰yèø9$$Î/ Ç|¡ômM}$#uﷺ‬ Ǜ!$tGƒÎ)uﷺ‬ “ÏŒ 4†n1öà)ø9$# 4‘sS÷Ztƒuﷺ‬ Ç`tã Ïä!$t±ósxÿø9$# ̍x6YßJø9$#uﷺ‬ ÄÓøöt7ø9$#uﷺ‬ 4 öNä3ÝàÏètƒ öNà6¯=yès9 šcr㍩.x‹s? á [ النحل: 90] على رسولي أحد زعماء القبائل، فأتيا سيدهما فقالا: قد رمى إلينا بكلمات قد سمعناها فلما سمعهن سيدهما قال : إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن سيّئها.

ومن القواعد الأخلاقية التي وردت في القرآن الكريم:

قوله تعالى: â ö@yd âä!#t“y_ Ç|¡ômM}$# žwÎ) ß|¡ômM}$# á [الرحمن :60].

وقوله تعالى : â (#qä9qè%uﷺ‬ Ĩ$¨Y=Ï9 $YZó¡ãm á [ البقرة: 83].

وقوله تعالى: â 4 bﷺ‬&uﷺ‬ (#þqàÿ÷ès? Ûﷻ‬tø%ﷺ‬& 3”uqø)­G=Ï9 4 Ÿwuﷺ‬ (#âq|¡Ys? Ÿ@ôÒxÿø9$# öNä3uZ÷t/ 4 ¨bÎ) ©!$# $yJÎ/ tbqè=yJ÷ès? ÅÁt/ á [ البقرة: 237].

وقوله تعالى: â ɋè{ uqøÿyèø9$# óßDù&uﷺ‬ Å$óãèø9$$Î/ óÚ̍ôãﷺ‬&uﷺ‬ Ç`t㠚úüÎ=Îpgø:$# ÇÊÒÒÈ $¨BÎ)uﷺ‬ š¨Zxîu”\tƒ z`ÏB ÇsÜø‹¤±9$# Øø÷“tR õ‹ÏètGó™$$sù «!$$Î/ 4 ¼çm¯RÎ) ìì‹ÏJy™ íÎ=tæ á [الأعراف:199-200].

ومن القواعد الأخلاقية في السنة النبوية ما ورد من أحاديث عن النبي ﷺ‬ تعدّ حلا لكثير من المشكلات النفسية والاجتماعية التي يعاني منها الناس إذا ابتعدوا عن هديه ﷺ‬ الذي جاء به رحمة بالناس وتعليماً لهم، وإنجاءً لهم من الشقاء في الدنيا والعذاب في الآخرة، ومن ذلك :

قوله ﷺ‬ : « ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب » رواه البخاري.

وقوله ﷺ مراراً لمن استنصحه: «لا تغضب». رواه البخاري.

وقوله ﷺ : « من لا يشكر الناس لا يشكر الله » . رواه الإمام أحمد وغيره.

وقوله ﷺ‬ : « إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً ». رواه البخاري ومسلم.

وقوله ﷺ‬ : « لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يح لنفسه ». رواه البخاري.


الدعوة إلى التفكير واكتساب المعرفة

· دعا محمّد ﷺ‬ - بوحي من الله تعالى - إلى إعمال العقل واكتشاف الكون واكتساب المعرفة وعدّ ذلك مما يُثاب عليه الإنسان في حين كان العلماء والمفكرون يعانون في حضارات أخرى من الاضطهاد والاتهام بالتجديف والهرطقة ، ويتم إرهابهم بالسجن والتعذيب وربما القتل.

لقد كانت أول آية نزلت على النبي محمّد ﷺ هي قوله تعالى: â ù&tø%$# ÉOó™$$Î/ y7În/u‘ “Ï%©!$# t,n=y{ á [ العلق:1]، وكان مما أوحي إليه كذلك قوله تعالى : â ô`¨Bﷺ‬& uqèd ìMÏs% uä!$tR#uä È@ø‹©9$# #Y‰É`$y™ $VJͬ!$s%uﷺ‬ â‘x‹øts† notÅzFy$# (#qã_ötƒuﷺ‬ spuH÷qu‘ ¾ÏmÎn/u‘ 3 ö@è% ö@yd “ÈqtGó¡o„ tûïÏ%©!$# tbqçHs>ôètƒ tûïÏ%©!$#uﷺ‬ Ÿw tbqßJn=ôètƒ 3 $yJ¯RÎ) ㍩.x‹tGtƒ (#qä9'ﷺ‬é& É=»t7ø9F{$# á [الزمر: 9]، وقوله تعالى : â Æìsùötƒ ª!$# tûïÏ%©!$# (#qãZtB#uä öNä3ZÏB tûïÏ%©!$#uﷺ‬ (#qè?ﷺ‬é& zOù=Ïèø9$# ;M»y_u‘yŠ 4 ª!$#uﷺ‬ $yJÎ/ tbqè=yJ÷ès? ׎Î7yz á [المجادلة:11].

وأبعد من هذا، فإن الكتاب الذي أوحي إلى النّبيّ محمّد ﷺ‬ قد حوى إشارات علمية تعدّ من إعجازه ؛ إذ لا يمكن أن يكون ما تحدّثت الآيات عنه القرآنية من حقائق علمية من قبيل تأليف النبي محمّد ﷺ‬ إذ كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب، كما لم يكن في وقته من يعلم بتلك الحقائق، كوجود الماء العذب والماء المالح واختلاطهما دون امتزاج، وحديثه عن ضخامة النجوم، وعن ظلمات رحم المرأة... وغير هذا مما دوّنه علماء الإعجاز في القرآن وأيدهم عليه علماء غير مسلمين، وهو موجود مطبوع ومنشور في الكتب والأشرطة وغيرها..

وما حوته السنة كذلك من ذكر مراحل تكوّن الجنين في رحم أمّه، وغير ذلك من الحقائق التي أثبتها العلم الحديث..

فكيف يُظنّ برسول أوحى الله إليه بدين حوى هذه الحقائق أن يحارب العلم أو يحجر على العلماء، بل لم ينتشر العلم في العالم الإسلامي خلال حضارته التي امتدت لقرون إلا لأن دين النبي محمّد ﷺ‬ شجّع على ذلك وحثّ عليه، بل وأثّم الأمة بكاملها إذا قصّرت في جانب من جوانب العلوم التي تحتاجها.

وفي مقابل هذا، وبعد قرون من بعثة النبي محمّد ﷺ‬، نجد كثيرا من العلماء والمكتشفين في أوروبا يصدر عليهم حكم الإعدام والحرمان واتهامهم بمخالفة إرادة الربّ والكفر به بسبب تلك الاكتشافات والنظريات العلمية التي توصّلوا إليها ، كما حدث لجاليلو وغيره، ولم يُعترف بتلك النظريات إلا بعد إزهاق كثير من الأرواح، وسجن العديد من المتحررين فكرياً، الأمر الذي لم يحدث بتاتاً في حضارة الإسلام التي بنى أسسها نبي الرحمة محمّد ﷺ‬.


التوازن بين حاجات الروح

ومطالب الجسد

· جاء محمّد ﷺ‬ - بوحي من الله - بدين موافق للفطرة البشرية الطبيعية يراعي حاجات الروح ومطالب الجسد ويوازن بين العمل للدنيا والعمل للآخرة، يُهذب غرائز الإنسان ونوازعه ولا يكبتها أو يلغيها كما حصل في حضارات أمم أخرى أغرقت في المثاليات المخالفة للفطرة البشرية وحرمت الراغبين في التعبد والتنسك من حقوقهم الفطرية كالزواج ، ومن ردّات فعلهم البشرية الطبيعية على الاعتداء فدعتهم إلى عدم الردّ على المعتدين؛ مما أدى إلى نفور الغالبية من أبناء تلك الحضارة عن تلك التعاليم وإيغالهم في عالم المادية المجردة التي تلبي مطالب الجسد وتترك الروح في وحشة كبيرة .

إن الذي أرسل محمّداً ﷺ‬ برسالة الإسلام هو الله خالق الناس أجمعين، العليم بما يصلح لهم، وما يوافق ما فطرهم عليه وما أودعه في تلك الفطرة من استعدادات وطاقات وحاجات، لا تستقيم تلك الفطرة إذا لم تشبعها، أو إذا أفرطت فيها، كما لا تستقيم إذا ووجهت بما يتصادم معها؛ وبانحراف تلك الفطرة وفسادها تفسد حياة الإنسان على هذه الأرض وتضطرب، فتظهر الأدواء النفسية والاجتماعية المستعصية، وهذا ما هو واقع في كثير من بقاع الأرض في المجتمعات التي فيها مخالفة للفطرة المستقيمة، كترك الزواج والاتجاه للرهبنة، وكالشذوذ الجنسي في العلاقات بين النساء بعضهن مع بعض، أو بين الرجال بعضهم مع بعض، وكترك عمارة الأرض والميل إلى الانعزال عن العالم، أو الانهماك التام في الماديات والإفراط في إشباع الرغبات الجسدية دون اهتمام بحاجات الروح ومتطلباتها... وغير ذلك من مظاهر الشذوذ عن الفطرة السليمة ومتطلباتها.

في حين يلحظ المتأمّل في تعاليم الدّين الإسلامي الذي جاء به محمّد ﷺ‬ من عند الله عزّ وجلّ التّوازن فيها بين مختلف الجوانب في الحياة الإنسانية؛ بين مطالب الجسد الماديّة من أكل وشرب وزواج وحقوق، وبين مطالبه الروحيّة من عبادة لله وتزكية للأخلاق، وبين مطالبه الفكرية والعقلية من حبّ للعلم والاطّلاع والاكتشاف.

فقد وازن الإسلام بين هذه المطالب كلّها في اتّساق لا طغيان فيه لجانب على جانب، بل أكّد على ذلك بالنهي عن الغلوّ والإفراط، كما نهى عن التفريط والإهمال، وأمر بالتوسّط والاعتدال في جميع الأحوال، ولم تأت الشريعة إلا بتنظيم تحقيق تلك المطالب، وبيان حدودها التي لا تتصادم مع فطرة الإنسان ووظيفته التي خُلق من أجلها ألا وهي عبادة الله وعمارة الأرض بالنافع والصالح، فأباحت الشريعة كل شيء فيه منفعة راجحة للإنسان، ونهت عن كل شيء فيه مفسدة ومضرة على حياة الإنسان أو عقله أو ماله أو جسده.

وهذه بعض نصوص الوحي الذي نزل على محمّد ﷺ‬ :

قال تعالى : â t¤‚y™uﷺ‬ /ä3s9 $¨B ’Îû ÏNºuyJ¡¡9$# $tBuﷺ‬ ’Îû ÇÚö‘F{$# $Yè‹ÏHsd çm÷ZÏiB 4 ¨bÎ) ’Îû šÏsŒ ;M»tƒﷻ‬y 5Qöqs)Ïj9 šcr㍩3xÿtGtƒ á [الجاثية:13]، فلم يخلق الله تعالى هذا الكون ليبقى هملاً غير مستثمر، أو لينعزل عنه الخلق، والتعبير بـ «¤‚y™» فيه معنى التذليل والتسهيل لاستكشاف هذا الكون والاستفادة من مكنوناته وكنوزه.

وقال الله تعالى : â Æ÷tGö/$#uﷺ‬ !$yÏù š9t?#uä ª!$# u‘#¤$!$# notÅzFy$# ( Ÿwuﷺ‬ š[Ys? y7t7ŠÅÁtR šÆÏB $u‹÷R‘‰9$# ( `Å¡ômﷺ‬&uﷺ‬ !$yJŸ2 z`|¡ômﷺ‬& ª!$# šø‹s9Î) ( Ÿwuﷺ‬ Æ÷ö7s? yŠ$|¡xÿø9$# ’Îû ÇÚö‘F{$# ( ¨bÎ) ©!$# Ÿw =Ïtä† tûïωšøÿßJø9$# á [ القصص:77].

وقال تعالى: â ×A%y`͑ žw öNÍÎgù=è? ×ot»pgÏB Ÿwuﷺ‬ ììø‹t/ `tã ̍ø.ό «!$# ÏQ$s%Î)uﷺ‬ Ío4qn=¢Á9$# Ïä!$tGƒÎ)uﷺ‬ Ío4qx.¨“9$# tbqèù$sƒs† $YBöqtƒ Ü=¯=s)tGs? ÏÏù Ûﷻ‬qè=à)ø9$# ㍻|Áö/F{$#uﷺ‬ á [النور:37]. فهم مع تجارتهم لم يهملوا الجانب الروحي والتعبدي والخلقي الذي يدفع إليه الإشفاق من الحساب بين يدي الله في الآخرة، فلنتصوّر كيف يكون سلوك مثل هؤلاء التجار بمثل هذه العقيدة وهذه الأخلاق، ثم لنتصوّر كيف تكون الحياة فيه أناس كهؤلاء في مجالات أخرى من مجالات الحياة.

وقد أثبت التاريخ أن أمثال هؤلاء التجار المسلمين كانوا سبباً في دخول الإسلام إلى بلدان شاسعة المسافات، كأندونيسيا والسودان وغيرهما، دون أن تكون هناك جيوش فاتحة كما يزعم بعض الذين لم يقرأوا التاريخ جيداً.

وقال تعالى: â ºp§‹ÏR$t6÷du‘uﷺ‬ $ydqããy‰tGö/$# $tB $yuZö;tGx. óOÎgøŠn=tæ á [الحديد:27].

وقد ضرب نبي الإسلام محمّد ﷺ‬ أروع الأمثلة العملية والتوجيهية في التوازن الروحي والمادي، حتى يصل إلى درجة الغضب الشديد ممن يخالف الفطرة البشرية وسنة الأنبياء والمرسلين، فقد بلغه – مرّةً – أن ناساً حلفوا - مبالغة في التعبدّ لله - بالامتناع عن النوم وعن الزواج وعن الأكل والشرب؛ فكان موقفه منهم حاسماً تحقيقاً لمنهج التوازن الذي بُعث به، فعن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال: جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي ﷺ‬ يسألون عن عبادة النبي ﷺ‬، فلما أُخبِروا، كأنهم تقالّوها (أي: عدّوها قليلة )! فقالوا: أين نحن من النبي ﷺ‬ ؟ قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم : أمّا أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا.

فجاء رسول الله ﷺ‬ فقال: « أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني » . رواه البخاري ومسلم.

كما رغّب في العمل والكدّ وجعل ذلك من أطيب ما يأكل منه الإنسان فقال ﷺ‬ : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده». رواه البخاري.

الأخوّة بين أجناس البشر

· قدّم محمّد ﷺ‬ للبشرية النموذج المتكامل في الأخوّة بين بني البشر وأخبر أنه لا فضل لجنس بشري على جنس آخر فكلهم متساوون في أصل الخلقة والحقوق والواجبات ، ولا فضل لأحد على أحد إلا بقدر إيمانه وخشيته لله تعالى، وأتاح الفرصة المتساوية بين أصحابه لخدمة الدين والانتماء إليه فكان منهم صهيب الرومي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي جنباً إلى جنب مع إخوانهم من العرب.

عاش محمّد ﷺ‬ في مجتمع خيّمت عليه الطبقية المبنية على الفوارق الاجتماعية والمادية والإثنية والعرقية، ولم تكن هذه الأوضاع خاصة بجزيرة العرب، بل كان هذا حال العالم كله آنذاك، وبهذا ندرك النقلة العظيمة التي نقل إليها محمّدٌ ﷺ‬ العرب وغيرهم من سكان الأرض بما جاء به من تعاليم أوحيت إليه من ربه سبحانه وتعالى، حيث دعا إلى الأخوة والتساوي بين بني البشر، وحدّد أن ما يميّز إنساناً عن آخر هو ما يتمتع به من تقوى وأخلاق ونفع وعمل صالح، وأن الصورة الظاهرة واللون والعرق كلها لا أثر لها في التميّز أو التفاضل أبداً.

فقد كان شأن العرب أنهم يسترقون الأحرار بحد السّيوف في المعارك، أو بالحيلة والغدر في أحوال أخرى. وما كان أحد يتحدث عن الرقيق إلا باعتبارهم متاعًا يحق لسيده فيه التصرف كما يحلو له، حتى إن أراد أن يزهق روحه لم يلمه في ذلك لائم، أو يعتب عليه عاقل، تكره الإماء على ممارسة البغاء؛ ليحصل سادتها الأجور، ويساق العبيد إلى العمل الشاق كما تساق البهائم والشاء، والأعجب من هذا كله ألا يسمع بين الرقيق صوت لمعارض أو ممانع!! كيف وهم يعلمون أنها قوانين الحياة وطبيعتها!

فكانت النقلة التي جاء بها محمّد ﷺ‬ في ذلك المجتمع حيث أعلن – بوحي الله تعالى – أنه لا اعتبار لتلك الفوارق المتعارف عليها في ذلك المجتمع، وأعلن ذلك على الملأ ولم يتوان في ذلك.

ومن وحي الله له في ذلك :

قول الله تعالى: â $pkš‰ﷺ‬'¯»tƒ â¨$¨Z9$# $¯RÎ) /äoYø)n=yz `ÏiB 9x.sŒ 4Ós\Ré&uﷺ‬ öNäoYù=yèy_uﷺ‬ $\/qãèä© Ÿ@ͬ!$t7s%uﷺ‬ (#þqèùu‘$yètGÏ9 4 ¨bÎ) ö/ä3tBtò2ﷺ‬& y‰YÏã «!$# öNä39s)ø?ﷺ‬& 4 ¨bÎ) ©!$# îÎ=tã ׎Î7yz á [ الحجرات: 13].

وبيّن أصل خلقة الإنسان في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، من ذلك:

قوله تعالى: â ô‰s)s9uﷺ‬ $oYø)n=yz z|¡SM}$# `ÏB 7's#»n=ߙ `ÏiB &ûüÏÛ á [المؤمنون:12]، وقوله تعالى : â uqèd “Ï%©!$# Nä3s)n=yz `ÏiB &ûüÏÛ ¢OèO #Ó|Ós% Wxy_ﷺ‬& ( ×@y_ﷺ‬&uﷺ‬ ‘‡K|¡•B ¼çny‰YÏã ( ¢OèO óOçFRﷺ‬& tbrçŽtIôJs? á [الأنعام:2].

وقال نبي الله ﷺ‬: «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى ». رواه الإمام أحمد.

وقال ﷺ‬ : « الناس بنو آدم، وآدم من تراب ». رواه الترمذي.


وختاماً : فكل نقطة من هذه النقاط العشر السابقة قابلة للبسط والتفصيل وذكر الشواهد التي تؤكد ما جاء فيها أكثر مما يحتمله هذا الإصدار، كما أن هناك الكثير مما قدمه محمّد ﷺ‬ للبشرية - بوحي من الله عز وجل – قد تكلّم عنه منصفون من الشرق والغرب بعدما درسوا سيرة هذا النبي العظيم ﷺ‬، فجاءت شهادتهم مبنية على العلم والبحث المتجرّد، وهذه هي طبيعة البحث العلمي الموضوعي التي توصل إلى النتائج الحقيقية دون زيادة أو نقصان.

وسيأتي ذكر هذه الشهادات القيّمة في الإصدار الثاني – إن شاء الله – من هذه السلسلة التعريفية بنبي الإسلام محمّد بن عبد الله ﷺ‬ ، والذي هو بعنوان : أقوال المنصفين في محمّد ﷺ‬.

وللاستزادة من كل ذلك يمكن الرجوع إلى موقع البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة ﷺ‬

www. Prophet-of-mercy.com

وصلّى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى إخوانه من النبيين وعلى آله وصحبه والتابعين.

* * *



(1) ول ديورانت : قصة الحضارة 13/47.