×
جدبد!

تطبيق موسوعة بيان الإسلام

احصل عليه الآن!

التقليد في حياة المسلم الجديد (العربية)

إعداد: عبد الله بن إبراهيم اللحيدان

الوصف

التقليد في حياة المسلم الجديد: ليس من هدْي الإسلام أن يفرض على الداخلين في الإسلام أن يجتهدوا في تحصيل العلوم الشرعية، ويعرفوا تفاصيل الشرع ودقيق مسائله. لذا فإن هذه المقالة تُبيِّن أن المسلم الجديد يُقلِّد في الأمور الشرعية إلى أن يستوي عُوده ويشتدَّ في دينه ويثبُت عليه، ويأخذ نصيبًا يُعينه على الاجتهاد بعد مجالسة العلماء والأخذ منهم.

تنزيل الكتاب

    التقليد في حياة المسلم الجديد

    ليس من هدْي الإسلام أن يفرض على الداخلين في الإسلام أن يجتهدوا في تحصيل العلوم الشرعية، ويعرفوا تفاصيل الشرع ودقيق مسائله، وليس من هدي الإسلام بلبلةُ المسلم الجديد بالفتاوى التي ظاهرُها التعارض، ولا يجوز للمفتي أن يجعله في حيرة، أو أن لا يبين له بيانًا مزيلاً للإشكال، كأن يقول عندما يسأله عن الزكاة: يُخرِج القدر الواجب، أو مثل هذه الأجوبة التي لا تشفي داءَ الجهل عنده، فلا بد من مراعاة احتياجه وعجزه عن تصوُّر المسائل في بداية إسلامه، كما لا يطالَب المسلم الجديد بما لا يقدر عليه من معرفة الفتوى بالأدلة، ولا يلزم المسلمَ الجديد أن يكون مفتيًا أو عالمًا، قال ابن القيم: "كان الحديث العهد بالإسلام يسألهم - يعني الصحابة رضي الله عنهم - فيفتونه، ولا يقولون له: عليك أن تطلب معرفة الحق في هذه الفتوى بالدليل، ولا يعرف ذلك عنهم البتة، وهل التقليد إلا من لوازم التكليف ولوازم الوجود، فهو من لوازم الشرع والقدر، والمنكِرون له مضطرون إليه ولا بد".

    ولا ينبغي للداعية أن يوجب على المسلم الجديد ما ليس بواجب من الأقوال والأعمال، قال شيخ الإسلام في "كتاب الإيمان" ج 7 ص 408: "وأمة محمد، وإن وجب عليهم جميعهم الإيمانُ بعد استقرار الشرع، فوجوب الإيمان بالشيء المعيَّن موقوفٌ على أن يبلغ العبدَ إن كان خبرًا، وعلى أن يحتاج إلى العمل به إن كان أمرًا، وعلى العلم به إن كان علمًا، وإلا فلا يجب على كل مسلم أن يعرف كل خبر وكل أمر في الكتاب والسنة ويعرف معناه ويعلمه؛ فإن هذا لا يقدر عليه أحد، فالوجوب يتنوَّع بتنوع الناس فيه، ثم قدرتهم في أداء الواجب متفاوتة، ثم نفس المعرفة تختلف بالإجمال والتفصيل، والقوة الضعف، ودوام الحضور ومع الغفلة، فليست المفصَّلة المستحضَرة الثابتة التي يثبِّت الله صاحبَها بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، كالمجمَلة التي غفل عنها، وإذا حصل له ما يريبه فيها وذكرها في قلبه، ثم رغب إلى الله في كشف الريب، ثم أحوالُ القلوب وأعمالها مثل محبة الله ورسوله، وخشية الله، والتوكل عليه، والصبر على حكمه، والشكر له، والإنابة إليه، وإخلاص العمل له - مما يتفاضل الناس فيها تفاضلاً لا يعرف قدرَه إلا اللهُ - عز وجل - ومن أنكر تفاضُلَهم في هذا، فهو إما جاهل لم يتصوره، وإما معاند".

    إن المسلم الجديد لا يعيبه أن يكون مقلدًا في دينه، وإن كان من العلماء في تخصصه ومجاله الذي يعمل فيه، وإذا كان المسلم الجديد من المختصين بنوعٍ من العلم أو المعرفة، لا ينبغي أن يلزم بترك مجاله ليطلب الدليل في كل مسألة من مسائل الدين، وهو وإن كان مطالبًا بالتفقه في الدين؛ ليدخل في زمرة من قال فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من يُرِدِ الله به خيرًا، يفقهه في الدين»، ولكن ما حد الفقه في الدين؟ وما القدر اللازم لكل أحد؟ وإذا كان المسلم الجديد مبدعًا في تخصصه، فهل يطالَب بترك ذلك للتفقه في الدين، مما قد يكون سببًا في ضعف إبداعه في تخصصه؟ ثم إن التفقه إنما يكون فيما هو محتاج إليه في عبادته.

    وبعض المسلمين الجدد - لا سيما من يسلم على كِبَر ويكون من المنتسبين إلى العلم والعلماء - يندفع إلى الحديث والبحث في فقه بعض الأحكام الشرعية، وأدواتُ البحث لم تكتمل عنده بعد، ومن واجب هؤلاء وهؤلاء أن يعلموا أن العمر قصير، ولا يسع المرءَ أن يكون بارعًا في كل شيء، وفي تاريخ الإسلام كثير ممن اهتدوا على كِبَر وكانوا في عداد العلماء لم يبحثوا في فقه الأحكام الشرعية، وربما كان لهم إسهام في مجال نقض عقائدهم التي كانوا عليها؛ لأنهم كانوا من أعرف الناس بها، وقيمة كل امرئ ما يحسنه.