×
جدبد!

تطبيق موسوعة بيان الإسلام

احصل عليه الآن!

صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة (العربية)

إعداد: سعيد بن علي بن وهف القحطاني

الوصف

صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في صلاة الجمعة بيَّنت فيها: مفهوم الجمعة، والأصل في وجوبها، وحكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب، وأنها فرض عين على من توفرت فيه ثمانية شروط، ومن حضرها ممن لا تجب عليه من المسلمين العقلاء أجزأته عن صلاة الظهر، وانعقدت به وصح أن يؤم فيها إلا المرأة فلا يصح أن تكون خطيباً، ولا إماماً، ثم بيّنت عقوبة تارك الجمعة، وأوضحت فضائل يوم الجمعة، وفضائل صلاة الجمعة، وآداب الجمعة: الواجبة والمستحبة، ثم ذكرت خصائصها بإيجاز، ثم شروط صحة الجمعة، ثم صفة صلاة الجمعة، وقد استفدت كثيراً من تقريرات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى، ورفع درجاته في جنات النعيم -».

تنزيل الكتاب

صلاة الجمعة في ضوء الكتاب والسنة

مفهوم، وشروط، وفضائل، وخصائص، وآداب،وأحكام

تأليف الفقير إلى الله تعالى



بسم الله الرحمن الرحيم

 المقدمة

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:

فهذه رسالة مختصرة في ((صلاة الجمعة)) بيَّنت فيها: مفهوم الجمعة، والأصل في وجوبها، وحكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب، وأنها فرض عين على من توفرت فيه ثمانية شروط، ومن حضرها ممن لا تجب عليه من المسلمين العقلاء أجزأته عن صلاة الظهر، وانعقدت به وصح أن يؤم فيها إلا المرأة فلا يصح أن تكون خطيباً، ولا إماماً، ثم بيّنت عقوبة تارك الجمعة، وأوضحت فضائل يوم الجمعة، وفضائل صلاة الجمعة، وآداب الجمعة: الواجبة والمستحبة، ثم ذكرت خصائصها بإيجاز، ثم شروط صحة الجمعة، ثم صفة صلاة الجمعة، وقد استفدت كثيراً من تقريرات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله تعالى، ورفع درجاته في جنات النعيم.

والله أسألُ أن يجعل هذا العمل: مقبولاً مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه تعالى خير مسؤول وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا وإمامنا، محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

المؤلف

حرر في ضحى يوم السبت الموافق 17/3/1422هـ


 أولاً: مفهومها: الجمعة لغة:

 قال ابن فارس رحمه الله: ((الجيم، والميم، والعين أصل واحد يدل على تضامِّ الشيء، يقال جمعت الشيء جمعاً)). ((وتقول: استجمع الفرس جرياً. وجَمْع: مكة سُمِّي لاجتماع الناس فيه، وكذلك يوم الجمعة))([1]). سمِّي به لاجتماع الناس فيه([2] وجمعة جمعها: جُمَع، وجُمُعات، والذين قالوا: الجُمُعة ذهبوا بها إلى صفة اليوم، ويقال: الجُمْعة، والجُمَعة([3]) ([4]).

والجمعة اصطلاحاً: بضم الجيم والميم، ويجوز سكون الميم وفتحها، يوم من أيام الأسبوع، تُصلَّى فيه صلاة خاصة هي صلاة الجمعة([5]).

وصلاة الجمعة: صلاة مستقلة بنفسها، تخالف الظهر: في الجهر، والعدد، والخطبة، والشروط المعتبرة لها، وتوافقها في الوقت([6]).

وأول جمعةٍ جُمِّعت بعد جمعةٍ في مسجد رسول الله ﷺ‬ في مسجد عبد القيس بجواثى من البحرين))([7]).

 ثانياً:الأصل في وجوب صلاة الجمعة:الكتاب والسنة والإجماع:

 

 1 - أما الكتاب فقول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [([8]) فأمر بالسعي، ومقتضى الأمر الوجوب، ولا يجب السعي إلا إلى واجب، ونهى عن البيع؛ لئلا يشتغل به عنها، فلو لم تكن فرضاً لَمَا نهى عن البيع من أجلها، والمراد بالسعي هنا الذهاب إليها لا الإسراع؛ فإن السعي في كتاب الله لم يُرَدْ به العَدْوُ([9]).

 2 - وأما السُّنَّة؛ فلحديث ابن عمر وأبي هريرة y أنهما سمعا رسول الله ﷺ‬ يقول: ((لينتهينَّ أقوام عن وَدْعهم([10]) الجُمُعاتِ أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين))([11])؛ ولحديث أبي الجعد الضمري t: أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((من ترك ثلاث جُمَع تَهَاوُناً بها طبع الله على قلبه))([12] ولفظ الترمذي وابن ماجه: ((من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاوناً بها طبع الله على قلبه))([13]). وعن حفصة رضي الله عنها ، أن النبي ﷺ‬ قال: ((رواح الجمعة واجب على كل محتلم))([14]).

 3 - وأما الإجماع، فأجمع المسلمون على وجوب الجمعة([15] وقال ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن الجمعة واجبة على الأحرار، البالغين، المقيمين الذين لا عذر لهم))([16]).

 

 ثالثاً:حكم صلاة الجمعة:من تجب عليه، ومن لا تجب عليه:

 

صلاة الجمعة فرض عين على كل مسلم، بالغ، عاقل، حُرٍّ([17])، مستوطن ببناء يشمله اسم واحد ولا تفرق يسيراً، فإن كان في البلد الذي تقام فيه الجمعة لزمته، ولو كان بينه وبين موضعها فراسخ، ولو لم يسمع النداء؛ لأن البلد كالشيء الواحد مثل: اسم: مكة، والمدينة، والرياض، فما دام البناء يشمله اسم واحد فهو بلد واحد، ولو فرض أن هذا البلد اتسع وصار بين أطرافه أميال كثيرة، أو فراسخ فتلزم الجمعة من بأقصاه الشرقي، كما تلزم من بأقصاه الغربي، وهكذا الشمال والجنوب؛ لأنه بلد واحد ليس بينه وبين المسجد أكثر من ثلاثة أميال تقريباً إذا لم يكن له عذر؛ لأن الموضع الذي يسمع منه النداء في الغالب، إذا كانت الأصوات هادئة، والموانع منتفية، والريح ساكنة، والمؤذن صيِّتاً على موضع عال، والمستمع غير ساهٍ ثلاثة أميال أو ما يقاربها، فحُدَّ بذلك تقريباً، والله أعلم([18]). هذا إذا كان خارج البلد، أما إذا كان البلد واحداً، فإن الجمعة تلزمه ولو كان بينه وبين موضع الجمعة فراسخ كما تقدم.

وخلاصة القول: أن صلاة الجمعة تلزم من توفرت فيه هذه الثمانية شروط، وهي: الإسلام، والبلوغ، والعقل، والذكورية، والحرية، والاستيطان، وإمكان سماع النداء إذا كان لا يشمل المستمع اسم البلد، وانتفاء الأعذار([19]).

1 - أما الإسلام؛ فلأن الكافر لا تصح منه الصلاة، ولا أي عبادة؛ لقول الله ﷻ‬ : ] وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا [([20] وقوله تعالى: ] ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [([21])، والكافر مخاطب بفروع الشريعة الإسلامية كما هو مخاطب بأصولها، ولكن لو عمل بفروع الشريعة ولم يدخل في الإسلام لا تقبل منه حتى يدخل في الإسلام([22]).

2 - وأما البلوغ؛ فلحديث علي بن أبي طالب t عن النبي ﷺ‬ قال: ((رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل))([23])؛ ولحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ‬ قال: ((رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق))([24]).

3 - وأما العقل؛ فلحديث علي وعائشة رضي الله عنهما كما تقدم.

4 - وأما الذكورية، فذكر ابن المنذر الإجماع على أنه ليس على النساء جمعة([25]).

5 - وأما الحرية؛ فلحديث طارق بن شهاب t عن النبي ﷺ‬ قال: ((الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض))([26]).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول: ((هذا يدل على أن الجمعة حق واجب))([27]).

6 - الاستيطان ببناء معتاد، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((كل قوم كانوا مستوطنين ببناء متقارب، لا يظعنون عنه شتاءً ولا صيفاً، تقام فيه الجمعة إذا كان مبنياً بما جرت به عادتهم: من مدر([28]) وخشب، أو قصب، أو جريد، أو سعف، أو غير ذلك؛ فإن أجزأ البناء ومادته لا تأثير لها في ذلك، إنما الأصل أن يكونوا مستوطنين، ليسوا كأهل الخيام، والحلل الذين يتتبعون في الغالب مواقع القطر، ويتنقلون في البقاع، وينقلون بيوتهم معهم، إذا انتقلوا، وهذا مذهب جمهور العلماء ... وقال الإمام أحمد: ليس على البادية جمعة؛ لأنهم ينتقلون، فعلَّل سقوطها بالانتقال، فكل من كان مستوطناً لا ينتقل باختياره فهو من أهل القرى))([29]).

والمسافر لا جمعة عليه؛ لأن رسول الله ﷺ‬ كان يسافر أسفاراً كثيرة:قد اعتمر ثلاث عمر سوى عمرة حجته، وحج حجة الوداع،ومعه ألوف مؤلفة، وغزا أكثر من عشرين غزوة ولم ينقل عنه أحد قط أنه صلى في السفر لا جمعة ولا عيداً،بل كان يصلي ركعتين ركعتين في جميع أسفاره،ويوم الجمعة يصلي ركعتين كسائر الأيام،وكان يوم عرفة في حجة الوداع يوم الجمعة،وصلى ظهراً،ففي صحيح مسلم من حديث جابر t:((أن النبي ﷺ‬ لَمّا وصل بطن الوادي يوم عرفة نزل فخطب الناس،ثم بعد الخطبة أذَّن بلال،ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر))([30]).

وهذا نص واضح صريح صحيح أنه ﷺ‬ لم يصلِّ الجمعة، وإنما صلى ظهراً([31]) هذا هو الحق الذي لا شك فيه([32]).

7 - سماع النداء؛ لقول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [([33]) فالمعتبر في رواية عن الإمام أحمد: إمكان سماع النداء، ويمكن سماعه في الغالب على بعد فرسخ، وهو: ثلاثة أميال تقريباً إذا كانت الأصوات هادئة،والموانع منتفية، والريح ساكنة، والمؤذن صيِّتاً، على موضع عالٍ، والمستمع غير ساهٍ، وهذا إذا كان خارج البلد، أما إذا كان داخل البلد، ويشمل موضعه اسم البلد وجبت عليه الجمعة ولو كان بينه وبينها فراسخ([34])، ولو لم يسمع النداء؛ لأن البلد كالشيء الواحد([35]).

8 - انتفاء الأعذار، فإذا كان من توفرت فيه شروط الجمعة غير معذور وجبت عليه، أما إذا كان معذوراً فلا تجب عليه الجمعة، وقد ذكرت هذه الأعذار بأدلتها في آخر صلاة الجماعة([36] وهذه الشروط تنقسم إلى أربعة أقسام:

القسم الأول: شرط للصحة والانعقاد،وهو: الإسلام والعقل.

القسم الثاني: شروط للوجوب والانعقاد، وهي: الحرية على قول، والذكورية، والبلوغ، والاستيطان.

القسم الثالث:شرط لوجوب السعي فقط،وهو انتفاء الأعذار.

القسم الرابع: شرط الانعقاد: وهو الإقامة بمكان الجمعة على قول([37]).

 رابعاً: من حضر الجمعة ممن لا تجب عليه من المسلمين

 العقلاء، أجزأته عن الظهر، وانعقدت به، وصح أن يؤم فيها على الصحيح؛ إلا المرأة، فلا يصح أن تكون خطيباً ولا إماماً، ولا تنعقد بها الجمعة: أي لا تحسب من العدد الذي تصح به صلاة الجمعة، ولكن لو حضرتها أجزأتها عن صلاة الظهر، قال ابن المنذر - رحمه الله -: ((وأجمعوا على أنهن إذا حضرن الإمام فصلين معه أن ذلك يجزئ عنهن))([38]) ([39]).

 خامساً: عقوبة تارك صلاة الجمعة عظيمة؛

 لحديث عبد الله بن مسعود t أن النبي ﷺ‬ قال لقوم يتخلفون عن الجمعة: ((لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أُحرِّق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم))([40])، ولحديث أبي هريرة وابن عمر y أنهما سمعا رسول الله ﷺ‬ يقول: ((لينتهينَّ أقوام عن ودعهم الجُمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكونُنَّ من الغافلين))([41])؛ ولحديث أبي الجعد الضمري t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((من ترك ثلاث جُمع تهاوناً بها طبع الله على قلبه))([42]).

 سادساً: حكم السفر في يوم الجمعة لمن تلزمه:

لا يجوز إذا أذن المؤذن بعد دخول وقتها؛ لقول الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [([43])([44]) إلا إذا خاف فوات رفقته، فإن خاف فواتهم فله أن يسافر؛ لأن هذا عذر في ترك الجمعة نفسها، فكذلك يكون عذراً في السفر بعد دخول وقت الجمعة بعد الزوال.

وكذلك يجوز له السفر إذا كان يمكنه أن يأتي بصلاة الجمعة في طريقه في مسجد آخر من غير كراهة([45])، والله ﷻ‬ أعلم([46]).

 سابعاً: فضائل يوم الجمعة،له فضائل كثيرة،منها ما يلي:

- هداية هذه الأمة ليوم الجمعة فضل عظيم؛ لحديث أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد([47]) أنهم أُوتوا الكتاب من قبلنا، ثم هذا يومهم الذي فرض الله عليهم اختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع: اليهود غداً، والنصارى بعد غدٍ)) وفي لفظ للبخاري: ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد كل أمة أُوتوا الكتاب من قبلنا وأُوتيناه من بعدهم ...)) ولفظ مسلم: ((نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، ونحن أول من يدخل الجنة، بيد أنهم أُوتوا الكتاب من قبلنا وأُوتيناه من بعدهم، فاختلفوا فهدانا الله لِمَا اختلفوا فيه من الحق، فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه هدانا الله له - قال يوم الجمعة([48])- فاليوم لنا، وغداً لليهود، وبعد غد للنصارى))([49]). وقد فسرته الرواية الأخرى عند مسلم من حديث حذيفة t ((أضلّ الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة، والسبت، والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضيُّ لهم قبل الخلائق)). وفي رواية واصل: ((المقضي بينهم))([50]).

2 - يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس؛ لحديث أبي هريرة tقال: قال رسول الله ﷺ‬: ((خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة: فيه خُلِقَ آدم، وفيه أُدْخِلَ الجنة، وفيه أُخْرِجَ منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة))([51] ولفظ أبي داود: ((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة: فيه خُلِق آدم، وفيه أُهبط، وفيه تِيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مسيخة([52]) يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة، إلا الجن والإنس، وفي ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله حاجة إلا أعطاه إياها)) قال كعب: ذلك في كل سنة يوم؟ فقلت: بل في كل جمعة، قال: فقرأ كتب التوراة فقال: صدق النبي ﷺ‬، قال أبو هريرة: ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب، فقال عبد الله بن سلام: قد علمت أي ساعة هي! قال أبو هريرة: فقلت له: أخبرني بها؟ فقال عبد الله بن سلام: هي آخر ساعة من يوم الجمعة، فقلت: كيف هي آخر ساعة من يوم الجمعة وقد قال رسول الله ﷺ‬: ((لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي)) وتلك الساعة لا يُصلَّى فيها؟ فقال عبد الله بن سلام: ألم يقل رسول الله ﷺ‬: ((من جلس مجلساً ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصلي)) قال: فقلت: بلى، قال: هو ذاك))([53]).

3 - يوم الجمعة سيد الأيام؛ لحديث أبي لبابة بن عبد المنذر، قال: قال النبي ﷺ‬: ((إن يوم الجمعة سيد الأيام، وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى، ويوم الفطر، فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم، وأُهبط فيه آدم إلى الأرض، وفيه تَوفَّى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل اللهَ فيها العبدُ شيئاً إلا أعطاه ما لم يسأل حراماً، وفيه تقوم الساعة، ما من ملك مقرب ولا سماء ولا أرض، ولا رياح، ولا جبال، ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة))([54]).

4 - يوم الجمعة أفضل الأيام؛ لحديث أوس بن أوس t، قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة؛ فيه خُلِق آدم، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ)). قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تُعرض صلاتنا عليك وقد أرَمْتَ؟ - يقولون: بليت - فقال: ((إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))([55]).

5 - يوم الجمعة عيد الأسبوع، ويوم المزيد لأهل الجنة؛ لحديث أنس بن مالك t قال: عرضت الجمعة على رسول الله ﷺ‬، جاء جبريل في كفه كالمرآة البيضاء، في وسطها كالنكتة السوداء، فقال: ((ما هذه يا جبريل) قال: هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيداً ولقومك من بعدك، ولكم فيها خير، تكون أنت الأول، ويكون اليهود والنصارى من بعدك، وفيها ساعة لا يدعو أحد ربه بخير هو قِسْمٌ إلا أعطاه، أو يتعوذ من شر إلا دفع عنه ما هو أعظم منه، ونحن ندعوه في الآخرة يوم المزيد، وذلك أن ربك اتخذ في الجنة وادياً أفيح من مسك أبيض، فإذا كان يوم الجمعة نزل من عليين فجلس على كرسيه، وحُفّ الكرسي بمنابر من نور، فجلس عليها النبيون، وحُفَّ المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالجواهر، وجاء الصديقون والشهداء، فجلسوا عليها، وجاء أهل الغرف من غرفهم حتى يجلسوا على الكثيب وهو كثيب أبيض من مسك أذفر، ثم يتجلَّى لهم ذو الجلال والإكرام، فيقول: أنا الذي صدقتكم وعدي، وأتممت عليكم نعمتي، وهذا محل كرامتي فسلوني، فيسألونه الرضى، [فيقول: رضاي أحلكم داري، وأنالكم كرامتي، فسلوني، فيسألونه الرضا] فيشهد عليهم على الرضا ثم يفتح لهم ما لم ترَ عينٌ، ولم يخطر [على] قلب بشر، إلى مقدار منصرفهم من الجمعة، وهي زبرجدة خضراء، أو ياقوتة حمراء، مُطَّرِدة فيها أنهارها متدلية فيها ثمارها، فيها أزواجها وخدمها، فليس هم في الجنة بأشوق منهم إلى يوم الجمعة، ليزدادوا نظراً إلى ربهم ﷻ‬ وكرامته، ولذلك دعي يوم المزيد))([56]).

وعن أنس t، أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((إن في الجنة لسوقاً يأتونها كل جمعة، فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم، فيزدادون حسناً وجمالاً، فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسناً وجمالاً، فيقول لهم أهلوهم: والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً، فيقولون: وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسناً وجمالاً))([57]). قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى: ((وسمي سوقاً؛ لقيام الناس فيها على ساق، وقيل: لسوق الناس بضائعهم إليها، فيحتمل أن يكون سوق الجنة عبارة عن مجتمع أهل الجنة، ومحل تزاورهم، وسمِّي سوقاً بالمعنى الأول، ويؤيد هذا أن أهل الجنة لا يفقدون شيئاً حتى يحتاجوا إلى شرائه من السوق، ويحتمل أن يكون سوقاً مشتملاً على محاسن ومشتهيات مستلذات تجتمع هنالك مرتبة، محسَّنة، كما تجتمع في الأسواق، حتى إذا جاء أهل الجنة فرأوها فمن اشتهى شيئاً وصل إليه من غير مبايعة ولا معاوضة، ونعيم الجنة وخيرها أعظم وأوسع من ذلك كله، وخصّ يوم الجمعة بذلك لفضيلته، ولِمَا خصّه الله تعالى به من الأمور التي تقدم ذكرها؛ ولأنه يوم المزيد: أي الذي يُوفَّى لهم ما وُعِدوا من الزيادة، وأيام الجنة تقديرية إذ لا ليل هناك ولا نهار، وإنما هناك أنوار متوالية لا ظلمة معها))([58]).

6 - يوم الجمعة فيه ساعة إجابة الدعوات؛ لحديث أبي هريرة t قال: قال أبو القاسم ﷺ‬: ((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها [عبد] مسلم قائم يصلي يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه))وقال بيده يُقَلِّلُها يُزهِّدها.وفي لفظ للبخاري: وأشار بيده يقللها.وفي رواية لمسلم:((وهي ساعة خفيفة))([59]).

وقد اختلف الناس في تعيين ساعة الإجابة يوم الجمعة أي ساعة هي([60] قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: ((وأرجح هذه الأقوال قولان تضمنتهما الأحاديث الثابتة وأحدهما أرجح من الآخر))([61])، ثم ذكر أنها من جلوس الإمام إلى انقضاء الصلاة، والقول الآخر: أنها آخر ساعة بعد العصر([62] والقولان تفصيلاً على النحو الآتي:

القول الأول: إنها من جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة، وحجة هذا القول؛ حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، قال: قال لي عبد الله بن عمر: أسمعت أباك يحدث عن رسول الله ﷺ‬ في شأن ساعة الجمعة؟ قال: قلت: نعم، سمعته يقول: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة))([63]).

القول الثاني: إن ساعة الإجابة في يوم الجمعة آخر ساعة بعد العصر، قال الإمام ابن القيم: ((وهذا أرجح القولين وهو قول: عبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والإمام أحمد، وخلق))([64])، وحجة هذا القول أحاديث كثير، منها، حديث جابر t عن رسول الله ﷺ‬ قال: ((يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة [فيها ساعة] لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر))([65] وحديث عبد الله بن سلام قال: قلت - ورسول الله ﷺ‬ جالس -: إننا لنجد في كتاب الله تعالى في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا قضى له حاجته. قال عبد الله: فأشار إليَّ رسول الله ﷺ‬: ((أو بعض ساعة)) فقلت: صدقت، أو بعض ساعة. قلت: أي ساعة هي؟ قال: ((هي آخر ساعات النهار)) قلت: إنها ليست ساعة صلاة؟ قال: ((بلى، إن العبد المؤمن إذا صلى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة فهو في صلاة))([66] ولحديث: ((التمسوا الساعة التي ترجى في يوم الجمعة بعد العصر إلى غيبوبة الشمس))([67])؛ ولحديث أبي سعيد، وأبي هريرة رضي الله عنهما ([68])، وحديث أبي هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله، وفيه مناظرة أبي هريرة له في ذلك، واحتجاج عبد الله بن سلام بأن منتظر الصلاة في صلاة([69] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح إلى أبي سلمة بن عبد الرحمن أن ناساً من أصحاب رسول الله ﷺ‬ اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة))([70])، والله الموفق([71]).

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:((وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس y ، قال: الساعة التي تذكر يوم الجمعة ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.وكان سعيد بن جبير إذا صلى العصر لم يكلم أحداً حتى تغرب الشمس، وهذا قول أكثر السلف وعليه أكثر الأحاديث. ويليه القول بأنها ساعة الصلاة وبقية الأقوال لا دليل عليها))([72]).

قال ابن القيم: ((وعندي أن ساعة الصلاة ساعة تُرجى فيها الإجابة أيضاً، فكلاهما ساعة إجابة، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم ولا تتأخر، وأما ساعة الصلاة فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت؛ لأن لاجتماع المسلمين، وصلاتهم، وتضرعهم، وابتهالهم إلى الله تعالى تأثيراً في الإجابة، فساعة اجتماعهم ساعة ترجى فيها الإجابة، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها ...))([73]).

وقال رحمه الله: ((وهذه الساعة هي آخر ساعة بعد العصر، يُعَظِّمُها جميع أهل الملل، وعند أهل الكتاب هي ساعة الإجابة، وهذا مما عرض لهم في تبديله وتحريفه، وقد اعترف به مؤمنهم))([74]).

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول عند بيانه لفضل الجمعة: ((هذا يبين أنه ينبغي للمسلم أن يعتني بيوم الجمعة، ففيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله بشيء إلا أعطاه إياه، وهي بعد العصر، وربما تكون بعد جلوس الإمام على المنبر، فإذا جاء الإنسان وجلس بعد العصر ينتظر المغرب ويدعو فهو حري بالإجابة، وكذلك بعد صعود الإمام على المنبر، فيدعو الإنسان في سجوده، وجلوسه، فإنه حريٌّ بالإجابة))([75]).

 ثامناً: فضائل صلاة الجمعة كثيرة متعددة، منها ما يأتي:

1 - التبكير إليها من أعظم الصدقات والقربات العظيمة؛ لحديث أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر))([76]). وعنه t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف، وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهجِّر كمثل الذي يهدي البدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة)). ولفظ البخاري: ((إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول، ومثل المهجِّر كمثل الذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كبشاً، ثم دجاجة، ثم بيضة، ثم إذا خرج الإمام طووا صحفهم ويستمعون الذكر))([77]).

2 - القائم بآداب صلاة الجمعة يغفر له عشرة أيام؛ لحديث أبي هريرة t عن النبي ﷺ‬ قال: ((من اغتسل، ثم أتى الجمعة، فصلى ما قدِّر له، ثم أنصت حتى يفرغ من خطبته، ثم يصلي معه، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام)). وفي رواية أخرى: ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة، فاستمع وأنصت([78]) غفر له ما بين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مسّ الحصى فقد لغا))([79]) ([80]). وعن سلمان الفارسي t قال: قال النبي ﷺ‬: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من الطهر([81]) ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كتب لـه، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر لـه ما بينه وبين الجمعة الأخرى))([82]). وعن أبي ذر t عن النبي ﷺ‬ قال: ((من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله، وتطهر فأحسن طهوره، ولبس من أحسن ثيابه، ومس ما كتب الله لـه من طيب أهله، ثم أتى الجمعة ولم يلغُ، ولم يفرق بين اثنين، غُفِرَ لـه ما بينه وبين الجمعة الأخرى))([83]).

وعن أبي سعيد الخدري، وأبي هريرة رضي الله عنهما ، قالا: قال رسول الله ﷺ‬: ((من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومسّ من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله لـه، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها)) قال: ويقول أبو هريرة: وزيادة ثلاثة أيام، ويقول: إن الحسنة بعشر أمثالها([84])؛ ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي ﷺ‬ أنه قال: ((من اغتسل يوم الجمعة، ومسّ من طيب امرأته - إن كان لها - ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغُ عند الموعظة، كانت كفارة لِمَا بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت لـه ظهراً))([85])، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ‬ قال: ((يحضر الجمعة ثلاثة نفر: رجل حضرها يلغو وهو حظه منها، ورجل حضرها يدعو فهو رجل دعا الله ﷻ‬ إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم، ولم يؤذ أحداً، فهي كفارة إلى الجمعة التي تليها، وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله تعالى ﷻ‬ يقول: ]  مَن جَاءَ بِالـْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [))([86]).

3 - المتأدب بآداب صلاة الجمعة يكتب لـه بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها؛ لحديث أوس بن أوس الثقفي t قال: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ، كان لـه بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها، وقيامها)) وفي رواية لأبي داود: ((من غسّل رأسه يوم الجمعة واغتسل) وفي سنن الترمذي قال محمود: [هو ابن غيلان شيخ الترمذي]: قال وكيع: اغتسل هو وغسَّل امرأته، قال: ويروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال في هذا الحديث: ((من غسَّل واغتسل))([87]) يعني غسل رأسه واغتسل. وفي لفظ النسائي: ((من غسَّل واغتسل، وغدا وابتكر ...))([88]).

4 - الجمعة إلى الجمعة كفارة لِمَا بينهما؛ لحديث أبي هريرة أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهن، إذا اجتنبت الكبائر))([89]).

 تاسعاً:آداب صلاة الجمعة:الواجبة والمستحبة،كثيرة،منها ما يلي:

1 - الغسل يوم الجمعة سنَّة مؤكدة جداً؛ لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ‬ قال:((إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل))([90])،وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب t بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ جاء رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي ﷺ‬ فناداه عمر: أية ساعة هذه؟ قال: إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد على أن توضأت، فقال: والوضوء أيضاً، وقد علمت أن رسول الله ﷺ‬ كان يأمر بالغسل)). وفي لفظ البخاري: ((ألم تسمعوا النبي ﷺ‬ يقول: ((إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)) وفي لفظ لمسلم: ((بينما عمر بن الخطاب t يخطب يوم الجمعة إذ دخل عثمان بن عفان t، فعرَّض به عمر، فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت، فقال عمر: والوضوء أيضاً؟ ألم تسمعوا أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل))([91]).

وعن أبي سعيد الخدري t قال: ((أشهد على رسول الله ﷺ‬ أنه قال: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وأن يستنَّ([92] وأن يمس طيباً إن وُجد)) قال عمرو: أما الغسل فأشهد أنه واجب، وأما الاستنان والطيب فالله أعلم أواجب هو أم لا؟ ولكن هكذا في الحديث)). وفي لفظ مسلم: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم، وسواكٌ، ويمسُّ من الطيب ما قَدَرَ عليه))([93]). وعن أبي هريرة t: ((حقٌّ على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغتسل فيه رأسه وجسده)). وفي رواية للبخاري: ((لله تعالى على كل مسلم حقٌّ أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً))([94]). وفي لفظ النسائي عن جابر t يرفعه: ((على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم، وهو يوم الجمعة))([95]).

وقال ابن عمر رضي الله عنهما :((إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة))([96]).

وهذه الأحاديث استدل بها جمع من أهل العلم على وجوب الغسل يوم الجمعة على من يحضر صلاة الجمعة؛ لهذه الأخبار الصحيحة، وقال جمع آخر من أهل العلم: غسل يوم الجمعة لمن يشهد صلاة الجمعة سنة مؤكدة جداً، ولا يجب؛ لحديث سمرة بن جُندب قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل))([97])؛ ولحديث أبي هريرة tقال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى يوم الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة، وزيادة ثلاثة أيام، ومن مس الحصا فقد لغا))([98]). ورجح شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: أن غسل الجمعة سنة مؤكدة، ينبغي للمسلم أن يحافظ عليه خروجاً من خلاف من قال بالوجوب، وأقوال العلماء في غسل الجمعة ثلاثة: منهم من قال بالوجوب مطلقاً، وهذا قول قوي، ومنهم من قال: بأنه سنة مؤكدة مطلقاً، ومنهم من فصَّل فقال: غسل يوم الجمعة يجب على أصحاب الأعمال الشاقة؛ لما يحصل لهم من بعض التعب والعرق، ومستحب في حق غيرهم، وهذا قول ضعيف، والصواب أن غسل الجمعة سنة مؤكدة، أما قوله ﷺ‬: ((غسل الجمعة واجب على كل محتلم)) [ف] معناه عند أكثر أهل العلم: متأكد كما تقول العرب: ((العدة دين وحق عليَّ واجب)ويقول بعضهم: ((حقك عليَّ واجب)) أي متأكد، ويدل على هذا المعنى اكتفاؤه ﷺ‬ بالأمر بالوضوء في بعض الأحاديث... وهكذا الطيب، والاستياك، ولبس الحسن من الثياب، والتبكير إلى الجمعة كله من السنن المرغَّب فيها، وليس شيء منها واجب([99])، والقول بأن غسل الجمعة سنة مؤكدة هو قول أكثر أهل العلم([100]).

2 - الطيب لصلاة الجمعة؛ لحديث أبي سعيد الخدري t، أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، ويمس من الطيب ما قدر عليه))([101]).

3 - السواك لصلاة الجمعة؛ لحديث أبي سعيد السابق؛ ولحديث أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((لولا أن أشق على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة)) وفي لفظ: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك))([102] ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه: ((إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وإن كان طيب فليمس منه، وعليكم بالسواك))([103]).

4 - الدهن لصلاة الجمعة؛ لحديث سلمان الفارسي t، قال: قال النبي ﷺ‬: ((لا يغتسل رجل يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من الطهر، ويدهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتِبَ له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))([104]). وقوله ﷺ‬: ((ويتطهر ما استطاع من الطهر)) المراد به المبالغة في التنظيف، ويؤخذ من عطفه على الغسل أن إفاضة الماء تكفي في حصول الغسل، أو المراد بالتنظيف: بأخذ الشارب، والظفر، والعانة، أو المراد بالغسل غسل الجسد، وبالتطهر غسل الرأس، وأما قوله: ((ويدهن)) فالمراد به إزالة شعث الرأس به، وفيه إشارة إلى التزين يوم الجمعة([105]).

5 - يلبس لصلاة الجمعة أحسن ما يجد من الثياب؛ لحديث أبي ذر t يرفعه: ((من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله، وتطهر فأحسن طهوره، ولبس من أحسن ثيابه، ومس ما كتب الله له من طيب أهله، ثم أتى الجمعة، ولم يلغُ، ولم يفرق بين اثنين، غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))([106] ولحديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما : ((من اغتسل يوم الجمعة، ولبس من أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته، كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها)). ويقول أبو هريرة: وزيادة ثلاثة أيام، ويقول: ((إن الحسنة بعشر أمثالها))([107])؛ ولحديث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب t رأى حلة سيراء([108]) عند باب المسجد فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة، وللوفد إذا قدموا عليك؟ فقال رسول الله ﷺ‬: ((إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة))([109]).

ووجه الاستدلال به من جهة تقريره ﷺ‬ لعمر على أصل التجمل للجمعة، وللوفد، وقصر الإنكار على لبس مثل تلك الحلة؛ لكونها كانت حريراً([110])، وعن محمد بن يحيى بن حبَّان أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((ما على أحدكم إن وجد - أو: ما على أحدكم إن وجدتم - أن يتخذ ثوبين يوم الجمعة سوى ثوبي مهنته)). وعن ابن سلام أنه سمع رسول الله ﷺ‬ يقول ذلك على المنبر([111]).

6 - يستقبل الإمام بوجهه أثناء الخطبة؛لحديث عبدالله بن مسعود t قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا))([112]).

وعن ثابت t قال: ((كان النبي ﷺ‬ إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم))([113]).

قال الإمام الترمذي رحمه الله: ((والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ‬ وغيرهم: يستحبون استقبال الإمام إذا خطب، وهو قول: سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق))([114]).

7 - يُبَكِّر إلى الجمعة؛ لحديث أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة، فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة، فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة، فكأنما قرب بيضة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر))([115]).

وقوله ﷺ‬: ((من اغتسل يوم الجمعة ثم راح)) يدل على أن الغسل المستحب للجمعة أوله طلوع الفجر، وآخره الرواح إلى الجمعة، فإن اغتسل قبل دخول يوم الجمعة لم يأت بسنة الغسل، كما لو اغتسل بعد صلاة الجمعة، وبهذا قال مالك، والشافعي، وأحمد، وأكثر العلماء([116]). وقوله ﷺ‬: ((غسل الجنابة)) قيل: المراد تعميم الجسد بالغسل كما يعمه بغسل الجنابة، فيكون المعنى: اغتساله للجمعة كاغتساله للجنابة في المبالغة وتعميم البدن بالماء، وهذا قول أكثر الفقهاء من الشافعية وغيرهم.

وقيل: المراد به غسل الجنابة حقيقة، وأنه يستحب لمن له زوجة أو مملوكة أن يطأها يوم الجمعة ثم يغتسل؛ لأنه أغض لبصره([117]).

وقوله ﷺ‬: ((ثم راح فكأنما قرب بدنة)) المراد راح في الساعة الأولى، بدليل قوله ﷺ‬: ((ومن راح في الساعة الثانية)) وقد صرح الإمام مالك في روايته للحديث بذكر الساعة الأولى، وقد اختلف العلماء في المراد بهذه الساعة، فقيل: المراد بها الساعة التي بعد زوال الشمس؛ لأن حقيقة الرواح إنما تكون بعد الزوال، والغدوّ يكون قبله، كما قال الله تعالى: ] وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ [([118])، وهذا قول مالك وأكثر أصحابه، ووافقهم طائفة من الشافعية على ذلك. وعلى هذا تكون الساعات أجزاء من الساعة السادسة بعد الزوال. وقيل: المراد بالساعات من أول النهار، وأولها من طلوع الفجر، وهو ظاهر مذهب الشافعي، وأحمد.

وقيل: أول الساعات من طلوع الشمس، ذُكِرَ عن الثوري، وأبي حنيفة، ورجحه الخطابي وغيره؛ لأن ما قبله وقت للسعي إلى صلاة الفجر، ورجح هذا القول عبد الملك بن حبيب المالكي، وهؤلاء حملوا الساعات على ساعات النهار المعهودة، وهو الظاهر المتبادر إلى الفهم؛ فإن ظاهر الحديث يدل على تقسيم نهار الجمعة إلى اثنتي عشرة ساعة مع طول النهار وقصره، ولا يكون المراد به الساعات المعروفة من تقسيم الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة؛ فإن ذلك يختلف باختلاف طول النهار وقصره، ويدل على هذا حديث جابر t عن النبي ﷺ‬ أنه قال: ((يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة [فيها ساعة] لا يوجد فيها عبد مسلم يسأل الله شيئاً إلا آتاه الله إياه، فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر))([119]).

وأما ذكر الرواح فيجاب عنه بجوابين:

الأول: أنه لما كان آخر الساعات بعد الزوال هو رواح حقيقي سُميت كلها رواحاً، كما يسمى الخارج للحج والجهاد: حاجّاً وغازياً قبل تلبسه بالحج والغزو؛ لأن أمره ينتهي إلى ذلك.

الثاني: أن الرواح أريد به هنا القصد والذهاب مع قطع النظر عن كونه قبل الزوال أو بعده؛ فإن الرواح والغدو عند العرب يستعملان في السير أي وقت كان من ليل أو نهار، يقال: راح في أول النهار وآخره، وغدا بمعناه([120] قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: ((الغدوّ يكون من أول النهار، والرواح: يكون من آخره بعد الزوال، وقد يعبَّر بأحدهما عن الخروج والمشي، سواء كان قبل الزوال أو بعده))([121]).

وذكر ابن قاسم: أن ذكر الساعات في قوله ﷺ‬: ((يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة)) ذكر للحث على التبكير إلى الجمعة، والترغيب في فضيلة السبق، وتحصيل فضيلة الصف الأول، وانتظارها بالتنفل، والقراءة والذكر([122]). وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يرجح أن التبكير إلى الجمعة أول ساعة بعد ارتفاع الشمس؛ لأن للمسلم أن يجلس بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس([123]) ([124]).

8 - المشي على الأقدام؛ لحديث أوس بن أوس t، قال: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((من غسَّل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغُ، كان له بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها، وقيامها))([125]). فقال: ((ومشى ولم يركب) ولحديث عباية بن رفاعة قال: أدركني أبو عبس وأنا أذهب إلى الجمعة فقال: سمعت النبي ﷺ‬ يقول: ((من اغبرَتْ قدماه في سبيل الله حَرَّمه الله على النار))([126]). وقد أورد البخاري هذا الحديث هنا؛ لعموم قوله ﷺ‬: ((في سبيل الله)) فدخلت فيه الجمعة؛ ولكون راوي الحديث استدل به على ذلك، وقد جعل أبو عبس حكم السعي إلى الجمعة حكم الجهاد وليس العدو من مطالب الجهاد، فكذلك الجمعة([127])؛ ولأن كل خطوة يخطوها يكتب له بها درجة([128])، لكن لو كان منزله بعيداً يشق عليه المشي، أو كان ضعيفاً أو مريضاً، فالأولى ألا يشق على نفسه.

9 - القراءة فجر يوم الجمعة بـ] الم [ السجدة في الركعة الأولى وفي الركعة الثانية بسورة الإنسان؛ لحديث أبي هريرة t قال: ((كان النبي ﷺ‬ يقرأ في فجر يوم الجمعة: ] الم، تَنزِيلُ [ السجدة، و] هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [([129]).

10 -القراءة في صلاة الجمعة بسورتي الجمعة والمنافقون؛ لحديث أبي هريرة t ((أنه صلى بها في صلاة الجمعة، فسئل عن ذلك؟ فقال: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقرأ بهما في يوم الجمعة))([130]).

أو يقرأ بسبح، والغاشية؛ لحديث النعمان بن بشير t، قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ] سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [، و] هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [، قال: وإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم يقرأ بهما أيضاً في الصلاتين))([131]).

أو يقرأ بسورتي الجمعة والغاشية؛ لرواية مسلم عن النعمان tأنه سئل: أي شيء قرأ رسول الله ﷺ‬ يوم الجمعة سوى سورة الجمعة؟ فقال: ((كان يقرأ: ] هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [)) ولفظ أبي داود: ماذا كان يقرأ به رسول الله ﷺ‬ يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة؟ فقال: ((كان يقرأ بـ] هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [))([132]).

11 - يكثر الصلاة على النبي ﷺ‬ يوم الجمعة، وليلة الجمعة؛ لحديث أنس t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((أكثروا الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة، فمن صلى عليَّ صلاة صلى الله عليه عشراً))([133])؛ ولحديث أوس بن أوس t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة: فيه خُلِقَ آدم، وفيه قُبِضَ، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه؛ فإن صلاتكم معروضة عليَّ)) قال: قالوا: يا رسول الله! وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ - يقولون بليت - فقال: ((إن الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))([134]).

12 - يكثر الدعاء يوم الجمعة؛ لعله يوافق ساعة الإجابة؛ لحديث أبي هريرة t قال: قال أبو القاسم ﷺ‬: ((إن في الجمعة لساعةً لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله خيراً إلا أعطاه إياه))([135]). وقد تقدمت الأقوال في تعيين هذه الساعة، ولكن ينبغي للعبد المسلم أن يكثر من الدعاء في جميع ساعات الجمعة لعله أن يُوفَّق لها([136]).

13 - لا يُفرِّق بين اثنين أثناء دخوله الجامع؛ لحديث سلمان الفارسي t، قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من اغتسل يوم الجمعة، وتطهر ما استطاع من طهر، ثم ادهن، أو مس من طيب، ثم راح فلم يفرِّقْ بين اثنين، فصلى ما كتب له، ثم إذا خرج الإمام أنصت، غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى))([137]).

14 - لا يتخطى رقاب الناس؛ لحديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما ، قالا: قال رسول الله ﷺ‬: ((من اغتسل يوم الجمعة، ولبس أحسن ثيابه، ومس من طيب إن كان عنده، ثم أتى الجمعة فلم يتخطَّ أعناق الناس، ثم صلى ما كتب الله له، ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها وبين جمعته التي قبلها)) قال: ويقول أبو هريرة: وزيادة ثلاثة أيام، ويقول: إن الحسنة بعشر أمثالها))([138])؛ ولحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي ﷺ‬ قال: ((من اغتسل يوم الجمعة، ومس من طيب امرأته - إن كان لها - ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس، ولم يلغُ عند الموعظة، كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً))([139] ولحديث أبي الزاهرية قال: كنا مع عبد الله بن بسر - صاحب النبي ﷺ‬ - يوم الجمعة، فجاء رجل يتخطى رقاب الناس، فقال عبد الله بن بُسر: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي ﷺ‬ يخطب فقال له النبي ﷺ‬: ((اجلس فقد آذيت))([140]).

15 - لا يقيم أخاه ويقعد مكانه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما ، قال: ((نهى النبي ﷺ‬ أن يقيم الرجلُ الرجلَ من مقعده، ويجلس فيه)) فقيل لنافع وهو الراوي عن ابن عمر: الجمعة؟ قال: الجمعة وغيرها))([141]). وفي رواية لمسلم: ((لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مقعده ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا))([142])؛ ولحديث جابر t عن النبي ﷺ‬ قال: ((لا يُقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم ليخالف إلى مقعده فيقعد فيه، ولكن يقول: تفسّحوا))([143]).

16 - إذا دخل المسجد والإمام يخطب فلا يجلس حتى يصلي ركعتين؛ لحديث جابر t قال: دخل رجل والنبي ﷺ‬ يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: ((أصليت يا فلان؟)) فقال: لا. قال: ((قم فاركع)). وفي رواية للبخاري: ((فصلِّ ركعتين ) وفي لفظ للبخاري أيضاً: ((إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصلِّ ركعتين)). وفي لفظ لمسلم: ((جاء سُليكٌ الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله ﷺ‬ يخطب فجلس فقال له: ((يا سليكٌ قم فاركع ركعتين وتجوَّز فيهما) ثم قال: ((إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوَّز فيهما))([144]).

17 - ينصت للخطبة؛ لحديث أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت))([145]وفي حديث أبي هريرة الآخر عند مسلم:((ومن مس الحصى فقد لغا))([146])،وفي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي ﷺ‬ قال:((يحضر الجمعة ثلاثة نفر:رجل حضرها يلغو وهو حظه منها...)) الحديث([147] ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من تكلم والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول: له أنصت ليس له جمعة))([148] ومعنى لا جمعة له: أي لا جمعة له كاملة، ولكنها تجزئه عن صلاة الظهر كما في حديث ابن عمر عند أبي داود كما تقدم، وهذا للإجماع على إسقاط فرض الوقت عنه([149]).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن حديث ابن عباس السابق وحديث أبي هريرة في الصحيحين: ((هذان الحديثان يدلان على وجوب الإنصات، ومعنى ليس له جمعة: أي يفوته فضلها، وإلا فهي تجزئه، وفي مسلم: ((ومن مس الحصى فقد لغا))، ولكن لا مانع [من] الإشارة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الإشارة لا مانع منها في الصلاة للحاجة))([150]).

18 - لا تتخذ الحلقات في المسجد قبل صلاة الجمعة؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما : ((أن النبي ﷺ‬ نهى عن التحلُّق يوم الجمعة قبل الصلاة، وعن الشراء والبيع في المسجد)). ولفظ الترمذي: ((نهى عن تناشد الأشعار في المسجد، وعن البيع والشراء فيه، وأن يتحلق الناس فيه يوم الجمعة قبل الصلاة))([151]).

19 -يتحول إذا نعس من مجلسه إلى مقعد آخر؛لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول:((إذا نعس أحدكم وهو في المسجد فليتحوَّلْ من مجلسه ذلك إلى غيره) ولفظ الترمذي:((إذا نعس أحدكم يوم الجمعة فليتحوَّل عن مجلسه)).ولفظ أحمد:((إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحوَّل إلى غيره)).وفي لفظ آخر لأحمد:((إذا نعس أحدكم في المسجد يوم الجمعة فليتحوَّل من مجلسه ذلك إلى غيره))([152]).

20 - لا يحتبئ في المسجد قبل صلاة الجمعة والإمام يخطب؛ لحديث معاذ بن أنس t أن رسول الله ﷺ‬: ((نهى عن الحُبوة يوم الجمعة والإمام يخطب))([153]).وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: ((نهى رسول الله ﷺ‬ عن الاحتباء يوم الجمعة)) يعني والإمام يخطب([154]).

21 - الدنوُّ من الإمام عند الموعظة والخطبة؛ لحديث سمرة بن جندب أن النبي ﷺ‬ قال: ((احضروا الذكر، وادنوا من الإمام؛ فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها))([155])؛ ولحديث أوس بن أوس t قال: سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((من غسَّل واغتسل، ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام واستمع ولم يلغ، كان له بكل خطوة عمل سنة: أجر صيامها وقيامها))([156]).

22 - إذا وافق يوم عيد يوم الجمعة حضر الإمام ومن شاء من الناس، وصلى بهم؛ لحديث إياس بن أبي رملة الشامي، قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان وهو يسأل زيد بن أرقم، قال: أشهدت مع محمد رسول الله ﷺ‬ عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة، فقال: ((من شاء أن يصلي فليصلِّ))([157])؛ ولحديث أبي هريرة t عن رسول الله ﷺ‬ أنه قال: ((قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمّعون))([158])؛ ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله ﷺ‬ أنه قال: ((اجتمع عيدان في يومكم هذا فمن شاء أجزأه من الجمعة وإنا مجمعون([159]) إن شاء الله))([160] ولحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: اجتمع عيدان على عهد رسول الله ﷺ‬،فصلى بالناس ثم قال:((من شاء أن يأتي الجمعة فليأتها،ومن شاء أن يتخلف فليتخلف))([161]).

وهذه الأحاديث تدل على أن صلاة الجمعة بعد صلاة العيد تصير رخصة: يجوز فعلها وتركها، وهو خاص بمن صلى العيد دون من لم يصلّها، ومن لم يحضر صلاة الجمعة، فإنه يصلي ظهراً؛ لأن الظهر هي الفرض الأصلي المفروض ليلة الإسراء، والجمعة متأخر فرضها، وهي بدل عن الظهر، ثم إن الجمعة إذا فاتت في غير يوم العيد وجب صلاة الظهر إجماعاً فهي البدل عنها([162]). أما الإمام فلا تسقط عنه على الصحيح، لقوله ﷺ‬: ((وإنا مجمعون))؛ ولأنه لو تركها لامتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه، ومن يريدها، بخلاف غيره من الناس([163]).

وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول عن حديث زيد بن أرقم: [هذا] ((يدل على أنه لا بأس أن يترك الجمعة من حضر صلاة العيد، لكن يصلي ظهراً، ومن قال: لا يصلي ظهراً فقد غلط، وهو كالإجماع من أهل العلم))([164]).

23 - قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؛ لحديث أبي سعيد الخدري t أن النبي ﷺ‬ قال: ((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له نور ما بينه وبين الجمعتين))([165]).

24 - النداء الأول لصلاة الجمعة؛ لحديث السائب بن يزيد، قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي ﷺ‬، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما ، فلما كان عثمان t، وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء([166] وفي رواية: التأذين الثاني)). وفي لفظ: ((إن الأذان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر، في عهد رسول الله ﷺ‬، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فلما كان في خلافة عثمان t وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك))([167]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((قوله: زاد النداء الثالث: في رواية وكيع عن ابن أبي ذئب: فأمر عثمان بالأذان الأول، ونحوه للشافعي من هذا الوجه، ولا منافاة بينهما؛ لأنه باعتبار كونه مزيداً يسمى ثالثاً، وباعتبار كونه مقدماً على الأذان والإقامة يسمى أولاً. [أما رواية] أن التأذين الثاني أمر به عثمان وتسميته ثانياً أيضاً متوجه بالنظر إلى الأذان الحقيقي، لا الإقامة))([168]). والنداء الأول للجمعة الذي جعله عثمان t ليس ببدعة؛ لأمر النبي ﷺ‬ باتباع الخلفاء الراشدين، بقوله: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ))([169]). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله بعد كلامه على رويات الأذان الذي جعله عثمان: ((وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياساً على بقية الصلوات، فألحق الجمعة بها وأبقى خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب))([170]). وعلق القسطلاني في شرحه للبخاري على حديث السائب بن يزيد، فذكر بأن النداء الذي زاده عثمان هو عند دخول الوقت، وسماه ثالثاً باعتبار كونه مزيداً على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة، وأطلق على الإقامة أذاناً تغليباً بجامع الإعلام فيهما، وكان هذا الأذان لما كثر المسلمون، فزاده اجتهاداً منه وموافقة سائر الصحابة له بالسكوت، وعدم الإنكار فصار إجماعاً))([171]).

وقال الإمام شيخنا ابن باز رحمه الله: ((إن الناس كثروا في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان t في المدينة، فرأى أن يزاد الأذان الثالث، ويقال له الأذان الأول؛ لأجل تنبيه الناس على أن اليوم يوم الجمعة حتى يستعدوا ويبادروا إلى الصلاة...)) ([172]).

25 - السنة أن يصلي بعد الجمعة أربع ركعات، أما قبل صلاة الجمعة فيصلي صلاة مطلقة، وليس لها قبلها سنة راتبة مقدرة،بل يشتغل بالتطوع المطلق،والذكر حتى يخرج الإمام([173]).

أما راتبة الجمعة التي بعدها؛ فلحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه حفظ من رسول الله ﷺ‬ السنن الرواتب وفيه: ((... وركعتين بعد الجمعة في بيته))([174]). وعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربعاً)). وفي لفظ: ((إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً) وفي لفظ ثالث: ((من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصلِّ أربعاً)). قال سهيل أحد رواة الحديث: ((فإن عجل بك شيء فصلِّ ركعتين في المسجد، وركعتين إذا رجعت))([175]).

وذكر ابن القيم أن ابن تيمية قال: ((إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين))([176]). وكان ابن عمر رضي الله عنهما : ((إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين))([177]). وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يذكر خلاف العلماء في ذلك ثم قال: ((وقال آخرون: أقلها اثنتان وأكثرها أربع، ولا فرق بين كونها تصلى في البيت أو في المسجد، وهذا القول أظهر؛ لأن القول مقدم على الفعل، والأربع أفضل؛ لأنه يتعلق بها الأمر))([178]).

26 - لا تُعدَّدُ صلاة الجمعة في القرية الواحدة أو البلد الواحد إلا لحاجة لابد منها: كسعة البلد، وكثرة سكانه، أو بُعد الجامع، أو ضيقه، أو خوف فتنة، فيجوز إقامة أكثر من جمعة؛ لهذه الأعذار؛ ولغيرها من الأعذار التي تشق على الناس، قال الخرقي رحمه الله تعالى: ((وإذا كان البلد كبيراً يحتاج إلى جوامع فصلاة الجمعة في جميعها جائزة))([179]).

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: ((وجملته أن البلد متى كان كبيراً، يشق على أهله الاجتماع في مسجد واحد، ويتعذر ذلك لتباعد أقطاره، أو ضيق مسجده عن أهله... جازت إقامة الجمعة فيما يحتاج إليه من جوامعها...)) ([180]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((... فإقامة الجمعة في المدينة الكبيرة في موضعين للحاجة يجوز عند أكثر العلماء))([181]). وقال رحمه الله: ((ويجوز إقامة جمعتين في بلد واحد؛ لأجل الشحناء، بأن حضروا كلهم وقعت الفتنة، ويجوز ذلك للضرورة إلى أن تزول الفتنة))([182]). أما إذا لم يكن لذلك حاجة فلا يجوز؛ لأن النبي ﷺ‬ لم يكن يجمع إلا في مسجد واحد هو مسجده بالمدينة([183]). ولا يشترط على الصحيح إذن الإمام لإقامة الجمعة، ورجح العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: أن إذن الإمام يشترط في تعدد الجمعة، أما لإقامة الجمعة فلا يشترط كما تقدم([184]).

27 - إذا أحدث في صلاته أخذ بأنفه ثم انصرف؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي ﷺ‬: ((إذا أحدث أحدكم في صلاته؛ فليأخذ بأنفه ثم ينصرف))([185]).

28 - لا يصلي المأمومون بين السواري إلا لحاجة؛ لحديث أنس([186])، وحديث قرة([187]) رضي الله عنهما .

29 - لا يتخذ مكاناً خاصَّاً لا يصلي إلا فيه؛ لحديث عبد الرحمن بن شبل t([188]).

30 -لا يمرُّ بين يدي المصلي وسترته؛لحديث أبي جهم t([189]).

31 - لا يحجز مكاناًَ بسجادة ونحوها، وإنما يتقدم بنفسه([190]).

32 - لا يرفع صوته بالقراءة إذا كان ذلك يشوش على الناس؛ لحديث أبي سعيد t([191]).

33 - يستحضر المشي إلى الصلاة وما أعد الله لذلك([192]).

34 - يلتزم بآداب المشي إلى المسجد([193]).

35 - لا حرج في تكلم الخطيب وتكليمه للمصلحة؛ لحديث جابر t([194])، وحديث أبي الزاهرية([195])، وحديث أنس t([196]).

36 - السجود أثناء الزحام: ((من كبرتكبيرة الإحرام مع الإمام ثم حصل له زحام شديد لا يستطيع السجود؛ فإنه يسجد على حسب استطاعته، فقيل: يسجد على ظهر إنسان أو رجله ويُمَكِّن الجبهة والأنف، لقول عمر بن الخطاب t: ((إذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر أخيه))([197]). قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((وهذا قاله بمحضر من الصحابة وغيرهم في يوم جمعة، ولم يظهر له مخالف فكان إجماعاً؛ ولأنه أتى بما يمكنه حال العجز فصح كالمريض))([198]).

وقيل: لا يسجد على ظهر أحد ولا على رجله، ولكنه يومئ غاية الإمكان([199]).

وقيل: إن شاء سجد على ظهر إنسان أو رجله، وإن شاء انتظر الزحام والأفضل السجود([200]).

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يرجح أن الإنسان إذا حصل له زحام شديد في الحرم فلم يستطع السجود فإنه ينتظر حتى يقوم الناس ثم يسجد.

ورجح العلامة ابن عثيمين ((أنه يومئ بالسجود إيماء؛ لأن الإيماء في السجود قد جاءت به السنة، ويليه القول بأنه ينتظر ثم يسجد...)) ([201]).

37 - لا يصلي في موضعه الذي صلى فيه الجمعة، حتى يتكلم أو يخرج؛لحديث السائب بن يزيد عن معاوية t([202]). والله ﷻ‬ أعلم.

 عاشراً: خصائص الجمعة كثيرة متعددة، منها ما يأتي:

1 - يقرأ في فجرها بسورتي: ] الم، تَنزِيلُ [ ((السجدة))، و] هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [.

2 - استحباب كثرة الصلاة على النبي ﷺ‬ يوم الجمعة وليلة الجمعة([203]).

3 - صلاة الجمعة من آكد فروض الإسلام، ومن أعظم مجامع المسلمين.

4 - الأمر بالاغتسال في يومها، وهو أمر مؤكد جداً.

5 - التطيب فيه وهو أفضل من التطيب في غيره من أيام الأسبوع.

6 - السواك فيه وله مزية على السواك في غيره.

7 - التبكير للصلاة.

8 - أن يشتغل بالصلاة،والذكر،والقراءة حتى يخرج الإمام.

9 - الإنصات للخطبة إذا سمعها وجوباً في أصح القولين.

10 - قراءة سورة الكهف في يومها.

11 - لا يكره فعل الصلاة في يومها وقت الزوال لمن ينتظر الصلاة.

12 - قراءة سورة الجمعة وسورة المنافقون، أو سبح والغاشية، أو الجمعة والغاشية في صلاة الجمعة.

13 - يوم الجمعة يوم عيد متكرر في الأسبوع.

14 - يستحب أن يلبس فيه أحسن الثياب التي يقدر عليها.

15 - يستحب فيه تجمير المسجد،لما رواه سعيد بن منصور عن عمر أنه أمر بذلك.

16 - لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه إذا دخل وقتها وأذن لها إلا لعذر.

17 - للماشي إلى الجمعة بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها.

18 - يوم تكفير السيئات ما لم تُؤتَ الكبائر.

19 - جهنم تُسجَّر كل يوم إلا يوم الجمعة؛ لحديث أبي قتادة في ذلك([204]).

20 - في يوم الجمعة ساعة الإجابة لا يسأل الله عبد مسلم شيئاً فيها إلا أعطاه.

21 - فيه صلاة الجمعة التي خصت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها، من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإقامة، والاستيطان، والجهر بالقراءة.

22 - في يوم الجمعة الخطبة التي فيها الثناء على الله وتذكير العباد.

23 - يوم الجمعة هو اليوم الذي يستحب أن يتفرغ فيه للعبادة.

24 - جعل الله سبحانه التعجيل فيه إلى المسجد بدلاً من القربان وقائم مقامه، فيجتمع للرائح فيه الصلاة والقربان.

25 - للصدقة فيه مزية عليها في سائر الأيام([205]).

26 - أنه يوم يتجلى الله ﷻ‬ فيه لأوليائه المؤمنين في الجنة.

27 - أنه قد فُسِّر الشاهد الذي أقسم الله به بيوم الجمعة.

28 - أنه اليوم الذي تفزع منه السموات والأرض والجبال والبحار والخلائق كلها إلا الإنس والجن، وذلك لخوفهم أن تقوم القيامة.

29 - أنه اليوم الذي ادَّخره الله لهذه الأمة وأضل عنه أهل الكتاب قبلهم.

30 - أنه خيرة الله من أيام الأسبوع، كما أن رمضان خيرته من شهور العام، وليلة القدر خيرته من الليالي، ومكة خيرته من الأرض، ومحمد خيرته من خلقه.

31 - ذكر ابن القيم أن الموتى تدنو أرواحهم من قبورهم وتوافيها في يوم الجمعة فيعرفون زوارهم ومن يمرُّ بهم ويسلِّم عليهم. وذكر في ذلك آثاراً عن بعض السلف. قلت:وهذا يحتاج إلى دليل صحيح عن المعصوم ﷺ‬.

32 - أنه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يكون في صيام كان يصومه كمن يصوم يوماً ويفطر يوماً. ويكره أيضاً إفراد ليلتها بالقيام إلا ما كان يفعله المسلم في غير ليلة الجمعة فلا حرج من ذلك.

33 - أنه يوم اجتماع الناس وتذكيرهم بالمبدأ والمعاد، ويتذكر المسلمون اجتماع اليوم الأكبر([206]).

 الحادي عشر: شروط صحة الجمعة على النحو الآتي:

الشرط الأول: الوقت، فلا تصح صلاة الجمعة إلا في وقتها المشروع، ومما يدل على وقت صلاة الجمعة حديث أنس بن مالك t: ((أن النبي ﷺ‬ كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس))([207]). وحديث سلمة بن الأكوع t، قال: ((كنا نجمِّع مع رسول الله ﷺ‬ إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء))([208]). وفي لفظ: ((كنا نصلي مع رسول الله ﷺ‬ الجمعة، فنرجع وما نجد للحيطان فيئاً نستظل به)).

وعن أنس بن مالك t قال: ((كنا نبكر بالجمعة، ونقيل بعد الجمعة))([209]). وفي لفظ: ((كنا نبكر إلى الجمعة ثم نقيل)). وعن جعفر بن محمد عن أبيه أنه سأل جابر بن عبد الله: متى كان رسول الله ﷺ‬ يصلي الجمعة؟ قال: ((كان يصلي ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها)). زاد عبد الله في حديثه: حين تزول الشمس: يعني النواضح. وفي رواية: ((كنا نصلي مع رسول الله ﷺ‬،ثم نرجع فنريح نواضحنا([210]قال حسن: فقلت لجعفر: في أي ساعة تلك؟ قال: زوال الشمس([211]). وعن سهل بن سعد t قال: ((ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة)). زاد ابن حُجر: ((في عهد رسول الله ﷺ‬))([212]).

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس)) فيه إشعار بمواظبته ﷺ‬ على صلاة الجمعة إذا زالت الشمس، وأما رواية أبي حميد التي بعدها عن أنس: ((كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة، فظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار، لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر فيما تقدم أن التبكير يطلق على فعل الشيء في أول وقته، أو تقديمه على غيره، وهو المراد هنا، والمعنى: أنهم كانوا يبدؤون بالصلاة قبل القيلولة، بخلاف ما جرت به عادتهم في صلاة الظهر في الحر؛ فإنهم كانوا يقيلون ثم يصلون؛ لمشروعية الإبراد))([213]).

قال الإمام البخاري رحمه الله: ((باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس،وكذلك يُروَى عن عمر،وعلي،والنعمان بن بشير، وعمر بن حريث y ))([214]). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((باب وقت الجمعة)) أي أوله، ((إذا زالت الشمس)) جزم بهذه المسألة مع وقوع الخلاف فيها لضعف دليل المخالفة عنده))([215])، ثم وصل الحافظ ابن حجر رحمه الله الآثار عن هؤلاء الصحابة، فقال: ((فأما الأثر عن عمر، فروى أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة له، وابن أبي شيبة من رواية عبد الله بن سيدان، قال: ((شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته إلى نصف النهار، وشهدتها مع عمر فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول: انتصف النهار)) رجاله ثقات إلا عبد الله بن سيدان... فإنه تابعي كبير، إلا أنه غير معروف العدالة، قال ابن عدي: شبه المجهول، وقال البخاري: ((لا يتابع على حديثه، بل عارضه ما هو أقوى منه، فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس، وإسناده قوي)). وفي الموطأ عن مالك بن أبي عامر قال: ((كنت أرى طنفسة([216]) لعقيل بن أبي طالب تطرح يوم الجمعة إلى جدار المسجد الغربي فإذا غشيها ظل الجدار خرج عمر)) إسناده صحيح. وهو ظاهر في أن عمر كان يخرج بعد زوال الشمس... والذي يظهر [أن الطنفسة] كانت تفرش داخل المسجد، وعلى هذا فكان عمر يتأخر بعد الزوال قليلاً، وفي حديث السقيفة عن ابن عباس قال: ((فلما كان يوم الجمعة زالت الشمس خرج عمر فجلس على المنبر) وأما علي فروى ابن أبي شيبة من طريق أبي إسحاق أنه: ((صلى خلف عليّ الجمعة بعدما زالت الشمس)). إسناده صحيح. وروى أيضاً من طريق أبي رزين قال: ((كنا نصلي مع علي الجمعة، فأحياناً نجد فيئاً وأحياناً لا نجد)). وهذا محمول على المبادرة عند الزوال، أو التأخير قليلاً. وأما النعمان بن بشير، فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سماك بن حرب قال: ((كان النعمان بن بشير يصلي بنا الجمعة بعدما تزول الشمس)). قلت: [القائل ابن حجر] وكان النعمان أميراً على الكوفة في أول خلافة يزيد بن معاوية. وأما عمرو بن حريث فأخرجه ابن أبي شيبة أيضاً، من طريق الوليد بن العِزار قال: ((ما رأيت إماماً كان أحسن صلاة للجمعة من عمرو بن حريث، فكان يصليها إذا زالت الشمس)) إسناده صحيح أيضاً، وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضاً...))([217]).

وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((المستحب إقامة الجمعة بعد الزوال؛ لأن النبي ﷺ‬ كان يفعل ذلك...؛ ولأن في ذلك خروجاً من الخلاف؛ فإن علماء الأمة اتفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة، وإنما الخلاف فيما قبله، ولا فرق في استحباب إقامتها عقيب الزوال بين شدة الحر وبين غيره؛ فإن الجمعة يجتمع لها الناس، فلو انتظروا الإبراد شق عليهم، وكذلك كان النبي ﷺ‬ يفعلها إذا زالت الشمس في الشتاء والصيف([218]) على ميقات واحد([219])،وهذا هو الأفضل والأكمل والأحوط([220]).

وآخر وقت الجمعة هو آخر وقت صلاة الظهر وهو أن يكون ظل الشيء كطوله بعد في الزوال، فإذا خرج وقت صلاة الظهر قبل إدراك ركعة بعد أداء الواجب من الخطبتين صليت ظهراً؛ لقول النبي ﷺ‬: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))([221])، وهذا هو الصواب أنها لا تدرك إلا بإدراك ركعة([222])، فإذا أدرك من الوقت ما يمكنه أن يخطب ثم يصلي ركعة فله أن يفعل ذلك([223]) وإلا صليت ظهراً([224]).

الشرط الثاني: الجماعة، فلا تنعقد صلاة الجمعة إلا بحضور جماعة،والصواب أنها تنعقد بثلاثة:واحد يخطب واثنان يستمعان؛ لأن اسم الجمع يتناول الثلاثة؛ ولأن الله تعالى قال: ]  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [([225]) بصيغة الجمع فيدخل فيه الثلاثة([226])؛ ولعموم حديث أبي سعيد tقال: قال رسول الله ﷺ‬: ((إذا كانوا ثلاثة فليؤمّهم أحدهم، وأحقّهم بالإمامة أقرؤهم))([227])، واختار هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية، فَنُقِلَ عنه في الاختيارات: ((وتنعقد الجمعة بثلاثة: واحد يخطب، واثنان يستمعان، وهو إحدى الروايات عن أحمد([228])، وقول طائفة من العلماء))([229] وسمعت شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله يقول: ((واختلف الناس في عدد الجمعة، فقيل: أربعون، وقيل: خمسون، وقيل: اثنا عشر، وقيل: أربعة، وقيل: ثلاثة، وقيل: اثنان، وأحسن ما قيل: إنها تنعقد بثلاثة:إمام ومأمومَيْن،واختاره ابن تيمية،وهذا فيه احتياط وبرأة للذمة))([230]وسمعته مرة أخرى يقول: ((والصواب أن صلاة الجمعة تصح بثلاثة:الإمام،واثنان معه))([231]قلت:وهذا القول الذي لا تطمئن النفس إلا إليه))([232]).

الشرط الثالث: أن يكونوا بقرية مستوطنين بها مبنية بما جرت به العادة لا يرحلون عنها صيفاً ولا شتاء، قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((فأما القرية فيعتبر أن تكون مبنية بما جرت به العادة ببنائها به: من حجر، أو طين، أو لَبِن، أو قصب، أو شجر ونحوه، فأما أهل الخيام وبيوت الشعر... فلا جمعة عليهم ولا تصح منهم؛ لأن ذلك لم ينصب للاستيطان غالباً، وكذلك كانت قبائل العرب حول المدينة فلم يقيموا جمعة، ولا أمرهم بها النبي ﷺ‬، ولو كان ذلك لم يخفَ ولم يُترك نقله مع كثرته وعموم البلوى به، لكن إن كانوا مقيمين بموضع يسمعون النداء لزمهم السعي إليها، كأهل القرية الصغيرة إلى جانب المصر... ويشترط في القرية أن تكون مجتمعة البناء بما جرت به العادة في القرية الواحدة، فإن كانت متفرقة المنازل تفرقاً لم تجرِ العادة به لم تجب عليهم الجمعة))([233])، ولكن لو اجتمع في القرية الصغيرة ما تنعقد به الجمعة وجبت عليهم ويتبعهم الباقون، ولا يشترط اتصال البناء بعضه ببعض، ومتى كانت القرية لا تجب عليهم الجمعة، ولكن كانوا يسمعون النداء من المدينة؛ فإنه يلزمهم السعي إليها لعموم الآية([234])، وقد تقدم شيء من التفصيل في ذلك، في حكم صلاة الجمعة: من تجب عليه ومن لا تجب عليه([235]).

وقد أقيمت الجمعة في زمن النبي ﷺ‬ في قرية بالبحرين، فعن ابن عباس أنه قال: ((إن أول جمعة جُمّعت بعد جمعة في مسجد رسول الله ﷺ‬ في مسجد عبد القيس بجوثى من البحرين)) يعني قرية من البحرين([236] قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((ووجه الاستدلال منه أن الظاهر أن عبد القيس لم يُجَمِّعوا إلا بأمر النبي ﷺ‬؛ لما عُرِفَ من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي؛ ولأنه لو كان ذلك لا يجوز لنزل فيه القرآن، كما استدل جابر وأبو سعيد على جواز العزل بأنهم فعلوه والقرآن ينزل فلم يُنهَوا عنه))([237])، وتقدم أن أسعد بن زرارة أول من جَمَّعَ في المدينة قبل مقدم النبي ﷺ‬ في قرية يقال لها: هزم النبيت في حرة بني بياضة على ميل من المدينة([238])، وقد فَصَّل شيخ الإسلام تفصيلاً واضحاً عن الاستيطان وقد ذكرته في شروط فرضية الجمعة وأنها فرض عين بشروط ثمانية([239]).

الشرط الرابع: تقدم خطبتين؛ لأن النبي ﷺ‬ كان يخطب قبل صلاة الجمعة خطبتين يقعد بينهما، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي ﷺ‬ يخطب خطبتين يقعد بينهما)). وفي لفظ: ((كان النبي ﷺ‬ يخطب قائماً ثم يقعد، ثم يقوم كما يفعلون اليوم))([240]). وعن جابر بن سمرة قال: ((كانت للنبي ﷺ‬ خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس)). وفي لفظ: ((كان يخطب قائماً ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة))([241])؛ ولأن النبي ﷺ‬ قال: ((... صلوا كما رأيتموني أصلي))([242]). وقد قال الله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [([243])، والذكر هو الخطبة؛ ولأن النبي ﷺ‬ ما ترك الخطبة للجمعة في حال من الأحوال([244])، وجاء عن عمر t قال: ((إنما جعلت الخطبة مكان الركعتين))([245])، وجاء ذلك عن عطاء، وطاوس، ومجاهد، ومكحول([246])، وهذا مذهب عامة العلماء أن صلاة الجمعة لا تصح إلا بخطبتين قبلها([247])، فظهر أن الخطبتين لصلاة الجمعة شرط من شروط صحتها، ويؤكد ذلك الأمور التالية:

1 - أن الله أمر بالسعي إلى ذكر الله من حين النداء، والتواتر القطعي أن النبي ﷺ‬ كان إذا أذن المؤذن يوم الجمعة خطب خطبتين، فالسعي إلى الخطبة واجب، وما كان السعي إليه واجباً فهو واجب.

2 - أن النبي ﷺ‬ حرم الكلام والإمام يخطب وهذا يدل على وجوب الاستماع إلى الخطبة، ووجوب الاستماع إليهما يدل على وجوبهما.

3 - مواظبة النبي ﷺ‬ موظبة دائمة وهذا الدوام المستمر صيفاً وشتاء، شدة ورخاء يدل على جوبهما.

4 - أنه لو لم تجب لها خطبتان لكانت كغيرها من الصلوات ولا يستفيد الناس من التجمع لها، ومن أهم الأغراض لهذه الصلاة: الموعظة وتذكير الناس([248]).

ويشرع أن تشتمل الخطبة على أربعة أمور([249]):

حمد الله تعالى، والصلاة على رسوله ﷺ‬ وقراءة آية من كتاب الله تعالى،والأمر بتقوى الله تعالى؛لحديث جابر بن عبد الله t قال: كان رسول الله ﷺ‬ يخطب الناس: يحمد الله، ويثني عليه بما هو أهله...))([250])؛ ولأن كل أمر لا يبدأ فيه بحمد الله تعالى، فهو أقطع، أبتر، أجذم، ناقص البركة والخير([251])؛ ولقول عمر بن الخطاب t: ((إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك ﷺ‬))([252])؛ ولقول علي بن أبي طالب t: ((كل دعاء محجوب حتى تصلي على محمد ﷺ‬ وآل محمد))([253])؛ ولحديث جابر بن سمرة t قال: ((كانت للنبي ﷺ‬ خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكر الناس))([254]). ولفظ أبي داود: ((كانت صلاة رسول الله ﷺ‬ قصداً، وخطبته قصداً، يقرأ آيات من القرآن ويذكر الناس))([255] ولحديث أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضي الله عنها قالت: ((لقد كانت تنورنا وتنور رسول الله ﷺ‬ واحداً([256])، سنتين أو سنة وبعض سنة، وما أخذت ]  ق*  وَالْقُرْآنِ الـْمَجِيدِ [ إلا عن لسان رسول الله ﷺ‬، يقرؤها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس))([257])، وعن صفوان بن يعلى عن أبيه أنه سمع النبي ﷺ‬ يقرأ على المنبر: ] وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ [([258]) ([259] قال الإمام النووي رحمه الله: ((فيه القراءة في الخطبة وهي مشروعة بلا خلاف، واختلفوا في وجوبها، والصحيح عندنا وجوبها، وأقلها آية)). قوله: ((ما حفظت (ق) إلا من فِيّ رسول الله ﷺ‬ يخطب بها كل جمعة)) قال العلماء: ((سبب اختيار ق أنها مشتملة على البعث، والموت، والمواعظ الشديدة، والزواجر الأكدية، وفيه دليل للقراءة في الخطبة كما سبق، وفيه استحباب قراءة (ق) أو بعضها في كل خطبة))([260])، وعن جابر بن عبد الله t قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم([261] ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعين: السبابة والوسطى، ويقول: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي([262]) هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)). ثم يقول: ((أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعاً([263]) فإليَّ وعليَّ)). وفي لفظ: ((كانت خطبة النبي ﷺ‬ يوم الجمعة: يحمد الله، ويثني عليه، ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته...)). وفي لفظ: ((كان رسول الله ﷺ‬ يخطب الناس: يحمد الله، ويثني عليه بما هو أهله، ثم يقول: من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وخير الحديث كتاب الله...))([264]).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن ضماداً([265]) قدم مكة، وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح([266]) فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون:إن محمداً مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي،قال: فلقيه فقال: يا محمد إني أرقي من هذه الريح،وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك؟ فقال رسول الله ﷺ‬: ((إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأن محمداً عبده ورسوله،أما بعد)) قال: فقال أعد عليّ كلماتك هؤلاء،فأعادهن عليه رسول الله ﷺ‬،  ثلاث مرات،قال:فقال:لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة،وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر([267] قال: فقال: هات يدك أبايعك على الإسلام، قال: فبايعه، فقال رسول الله ﷺ‬: ((وعلى قومك؟))قال:((وعلى قومي،قال:فبعث رسول الله ﷺ‬ سرية فمروا بقومه، فقال صاحب السرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟ فقال رجل من القوم: أصبت منه مطهرة([268]فقال:ردُّوها؛فإن هؤلاء قوم ضماد))([269]).

قال النووي رحمه الله عن حديث جابر t، قوله: ((إذا خطب احمرّت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش)) يستدل بهذا على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته، ويجزل كلامه، ويكون مطابقاً للفصل الذي يتكلم فيه: من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمراً عظيماً، وتحديده خَطْباً جسيماً... ثم قال [و] ((فيه استحباب قول أما بعد في خطب: الوعظ، والجمعة، والعيد، وغيرها، وكذا في خطب الكتب المصنفة، وقد عقد البخاري باباً في استحبابه وذكر فيه جملة من الأحاديث... وقوله: ((كانت خطب النبي ﷺ‬ يوم الجمعة: يحمد الله ويثني عليه)) فيه دليل للشافعي t أنه يجب حمد الله تعالى في الخطبة ويتعين لفظه، ولا يقوم غيره مقامه))([270]).

وعن عبد الله بن مسعود t قال: أُتي رسول الله ﷺ‬ جوامع الخير وخواتمه - أو قال:فواتح الخير - فعلَّمنا خطبة الصلاة وخطبة الحاجة:

خطبة الصلاة: التحيات لله، والصلوات، والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته،السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وخطبة الحاجة: إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ [([271]). ] يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [([272]). ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [([273]) ([274]). [أما بعد]([275]).

وكان أحياناً لا يذكر هذه الآيات الثلاث([276] لحديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي ﷺ‬ قال: ((الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، أما بعد))([277]).

وينبغي أن يقول أحياناً بعد قوله: أما بعد([278]):

((فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة [وكل ضلالة في النار]))([279] وفي لفظ النسائي: ((... إن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))([280]).

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في خصائص يوم الجمعة: ((... إن فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله، وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية، ولرسوله ﷺ‬ بالرسالة، وتذكير العباد بأيامه، وتحذيرهم من بأسه ونقمته، ووصيتهم بما يقربهم إليه، وإلى جناته، ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود الخطبة، والاجتماع لها))([281]).

وقال رحمه الله في موضوع آخر:((وكان مدار خطبه على حمد الله،والثناء عليه بآلائه،وأوصاف كماله،ومحامده، وتعليم قواعد الإسلام،وذكر الجنة والنار،والمعاد، والأمر بتقوى الله، وتبيين موارد غضبه، ومواقع رضاه، فعلى هذا كان مدار خطبه، وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين، ومصلحتهم، ولم يكن يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله، ويتشهد فيها بكلمتي الشهادة، ويذكر فيها نفسه باسمه العام،وثبت عنه أنه قال: ((كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء))([282]) ([283]).

فظهر مما تقدم أهمية مشروعية اشتمال الخطبة على ما يأتي:

1-   حمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله.

2-   الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة.

3-   الصلاة على النبي ﷺ‬ وخاصة مع الدعاء.

4-   قراءة بعض الآيات من كتاب الله تعالى.

5-   الوصية بتقوى الله ﷻ‬.

وسنن خطبة الجمعة كثيرة، منها ما يأتي:

1 - يسلم على المأمومين. والسلام هنا نوعان:

النوع الأول: يسلم سلاماً خاصاً إذا دخل المسجد على من يلاقيه وهذا من السنة بناءً على النصوص العامة التي يؤمر فيها بالسلام على من يقابل من المسلمين؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في حقوق المسلم على المسلم: ((وإذا لقيته فسلم عليه))([284])، ولقوله ﷺ‬: ((أفشوا السلام بينكم))([285]).

النوع الثاني: يسلم تسليماً عاماً إذا صعد المنبر، قبل أن يجلس؛ لأن ذلك روي عن النبي ﷺ‬([286])، وثبت من فعل أبي بكر، وعمر([287])، وعثمان([288])، وعمر بن عبد العزيز([289]) y . قال العلامة الألباني رحمه الله تعالى:((ومما يشهد للحديث ويقويه جريان عمل الخلفاء عليه))([290]وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:((... وإن كان الحديث المرفوع فيه ضعيفاً لكن الأمة عملت به،واشتهر بينها أن الخطيب إذا جاء وصعد المنبر فإنه يسلم على الناس،وهذا التسليم العام.أما الخاص فإنه إذا دخل المسجد سلم على من يلاقيه أولاً،وهذا من السنة بناء على النصوص العامة: أن الإنسان إذا أتى قوماً فإنه يسلم عليهم))([291])، والله الموفق([292]).

2 - يخطب على منبر أو موضع عالٍ مرتفع، والأفضل أن يكون ثلاث درجات، وأن يكون عن يمين القبلة؛ لأن منبر النبي ﷺ‬ كان كذلك([293] قال العلامة ابن القاسم: ((وأجمع المسلمون على ذلك في كل عصر ومصر))([294]).

والمنبر: مرقاة الخطيب سمي منبراً؛ لارتفاعه وعلوه([295])، وقد ثبت أن النبي ﷺ‬ اتخذ منبراً في مسجده، فعن أبي حازم قال: سألوا سهل بن سعد t من أي شيء المنبر؟ فقال: ((ما بقي بالناس أعلم مني: هو من أثل الغابة عمله فلان مولى فلانة لرسول الله ﷺ‬)). وفي لفظ: ((بعث رسول الله ﷺ‬ إلى امرأة أن مُري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أجلس عليهن)). وفي لفظ: ((والله إني لأعرف مما هو، ولقد رأيته أول يوم وضع، وأول يوم جلس عليه رسول الله ﷺ‬، أرسل رسول الله ﷺ‬ إلى فلانة امرأة من الأنصار: ((مُري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا كلمت الناس)) فأمرته فعملها من طرفاءِ الغابة، ثم جاء بها فأرسلت إلى رسول الله ﷺ‬، فأمر بها فوضعت هاهنا...))([296]).

وعن جابر t أن امرأة قالت: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئاً تقعد عليه؟ فإن لي غلاماً نجاراً، قال: ((إن شئت)). وفي لفظ: ((كان جذع يقوم عليه النبي ﷺ‬ فلما وُضِعَ له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشارحتى نزل النبي ﷺ‬ فوضع يده عليه))، وفي لفظ: ((فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت أن تنشق، فنزل النبي ﷺ‬ حتى أخذها فضمها إليه، فجعلت تئن أنين الصبي الذي يسكَّت حتى استقرت، قال: بكت على ما كانت تسمع من الذكر))([297] وفي لفظ: ((كان المسجد مسقوفاً على جذوع من النخل، فكان النبي ﷺ‬ يقوم إلى جذع منها، فلما صُنِعَ له المنبر فكان عليه...)) الحديث.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي ﷺ‬ لما بدَّن([298]) قال له تميم الداري:ألا أتخذ لك منبراً يجمع أو يحمل عظامك؟ قال:((بلى)) فاتخذ له منبراً مرقاتين))([299]).وعن سهل بن سعد t قال:أرسل رسول الله ﷺ‬ إلى امرأة: ((انظري غلامك النجار يعمل لي أعواداً أكلم الناس عليها)) فعمل هذه الثلاث درجات،ثم أمر بها رسول الله ﷺ‬ فَوُضِعَتْ هذا الموضع([300]).

وعن سلمة بن الأكوع t قال: ((وكان بين المنبر والقبلة قدر ممر الشاة))([301]). وعن سهل t: ((أنه كان بين جدار المسجد مما يلي القبلة وبين المنبر ممر الشاة))([302]).

3 - يجلس إذا سلم على المأمومين حتى يفرغ المؤذن؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:((كان النبي ﷺ‬ يخطب خطبتين: كان يجلس إذا صعد المنبر،حتى يفرغ - أراه قال - المؤذن،ثم يقوم فيخطب،ثم يجلس فلا يتكلم،ثم يقوم فيخطب))([303]).

4 - يخطب قائماً؛ لحديث جابر بن سمرة، قال: ((كانت للنبي ﷺ‬ خطبتان يجلس بينهما، يقرأ القرآن ويذكّر الناس)). وفي لفظ: ((كان يخطب قائماً ثم يجلس، ثم يقوم فيخطب قائماً، فمن نبأك أنه كان يخطب جالساً فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة))([304])، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ﷺ‬ كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاء عير([305]) من الشام فانفتل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، فأنزلت هذه الآية التي في الجمعة: ] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لـَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَالله خَيْرُ الرَّازِقِينَ [([306] وفي لفظ لمسلم: ((فابتدرها أصحاب رسول الله ﷺ‬ حتى لم يبق معه إلا اثنا عشر رجلاً فيهم أبو بكر وعمر...))([307]). وعن أبي عبيدة عن كعب بن عجرة قال: دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعداً، فقال: ((انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً وقد قال الله تعالى: ] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لـَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَالله خَيْرُ الرَّازِقِينَ [([308]).

5 - يجلس بين الخطبتين جلسة خفيفة؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: ((كان النبي ﷺ‬ يخطب قائماً ثم يقعد، ثم يقوم))([309])، وهذه الجلسة سنة عند جمهور أهل العلم([310]).

6 - يعتمد على عصا أو قوس؛ لحديث الحكم بن حَزْن الكلفي، قال: وفدت إلى رسول الله ﷺ‬ سابع سبعة أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه، فقلنا: يا رسول الله! زرناك فادع الله لنا بخير، فأمر بنا أو أمر لنا بشيء من التمر والشأن إذ ذاك دونٌ، فأقمنا بها أياماً شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله ﷺ‬، فقام متوكئاً على عصاً أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه: كلمات، خفيات، طيبات، مباركات، ثم قال: ((أيها الناس إنكم لن تطيقوا - أو لن تفعلوا - كلما أمرتم به، ولكن سدِّدوا، وأبشروا))([311]).

وعن البراء t أن النبي ﷺ‬ نُووِلَ يوم العيد قوساً فخطب عليه([312]).

والحديث فيه مشروعية الاعتماد على عصا أو قوس، قيل: والحكمة في ذلك: الاشتغال عن العبث، وقيل: إنه أربط للجأش([313] قال الإمام ابن القيم رحمه الله: ((ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان في الحرب يعتمد على قوس، وفي الجمعة يعتمد على عصا))([314]).

وسمعت شيخنا عبد العزيز ابن باز رحمه الله يقول:((إن اعتمد على عصاً فلا بأس،وإن لم يعتمد على شيء فلا بأس))([315]).

7 - يقصر الخطبة ويطيل الصلاة؛ لحديث جابر بن سمرة t قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ لا يطيل الموعظة يوم الجمعة؛ إنما هي كلمات يسيرات))([316]).

وعن عمار بن ياسر t قال: ((أمرنا رسول الله ﷺ‬ بإقصار الخطب))([317])؛ لحديث عمار t قال أبو وائل: ((خطبنا عمار بن ياسر فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، فقال لي: إني سمعت رسول الله ﷺ‬ يقول: ((إنَّ طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً))([318]).

وعن جابر بن سمرة t قال: ((كنت أصلي مع رسول الله ﷺ‬ فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً))([319]).

وعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما ،قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ يكثر الذكر،ويقل اللغو،ويطيل الصلاة،ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة))([320]).

وهذه الأحاديث تدل على مشروعية إقصار الخطبة وإكمال الصلاة، وقوله: ((فكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً)) أي بين الطول الظاهر والتخفيف الماحق([321]).

وطول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه: أي علامة ظاهرة على فقهه، قوله ﷺ‬: ((فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة)) قال الإمام النووي رحمه الله: ((الهمزة في واقصروا همزة وصل، وليس هذا الحديث مخالفاًَ للأحاديث المشهورة في الأمر بتخفيف الصلاة؛ لقوله في الرواية الأخرى: وكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً؛ لأن المراد بالحديث الذي نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهي حينئذ قصد: أي معتدلة، والخطبة قصد بالنسبة إلى وضعها، وقوله: ((وإن من البيان لسحراً)) قيل: من الفهم وذكاء القلب. وقيل فيه تأويلان:

الأول:أنه ذم؛لأنه إمالة القلوب وصرفها بمقاطع الكلام إليه حتى يكسب من الإثم به كما يكسب بالسحر.

والثاني: أنه مدح؛ لأن الله تعالى امتن على عباده بتعليمهم البيان، وشبهه بالسحر، لميل القلوب إليه وأصل السحر: الصرف: فالبيان يصرف القلوب ويميلها إلى ما تدعو إليه، واختار الإمام النووي رحمه الله أن هذا هو الصحيح([322]).

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يذكر أن قوله: ((إن من البيان لسحراً)) على معنيين: إن استخدم في الحق وبيانه وإيضاحه فهو محمود وحلال، وإن استخدم في رد الحق وتزيين الباطل فهو مذموم لا يجوز.

وفي تقصير الخطبة ثلاث فوائد:لا يحصل الملل للسامعين، وأوعى للسامع فيحفظ ما سمع،وفي ذلك اتباع السنة([323]).

8 - يرفع صوته حسب طاقته ويفخم أمر الخطبة ويظهر غاية غضبه على حسب نوع الخطبة، ويجزل كلامه؛ لحديث جابر t قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ إذا خطب احمرَّت عيناه، وعلا صوتُه، واشتدّ غضبُه حتى كأنه منذر جيش...))([324]). قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ((يستدل بهذا على أنه يستحب للخطيب أن يفخِّم أمر الخطب، ويرفع صوته، ويجزل كلامه، ويكون مطابقاً للفصل الذي يتكلم فيه: من ترغيب أو ترهيب))([325]).

9 - يستحب أن يؤذن المؤذن إذا جلس الإمام على المنبر، لحديث السائب بن يزيد t قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي ﷺ‬، وأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما ، فلما كان عثمان t وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء))([326]).

10 - لا يرفع يديه على المنبر في الدعاء بل يشير بإصبعه ولا يحرك يديه عند الانفعال؛ لحديث حصين عن عمارة بن رؤيبة قال: ((رأى بشر بن مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: قبح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله ﷺ‬ ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبحة))([327]).

ولفظ الترمذي: ((عن حصين قال: سمعت عمارة بن رؤيبة الثقفي وبشر بن مروان يخطب فرفع يديه في الدعاء، فقال عمارة: قبح الله هاتين اليدين القصيرتين، لقد رأيت رسول الله ﷺ‬ وما يزيد على أن يقول: هكذا - وأشار هشيم بالسبابة))([328]).

وفي لفظ أبي داود: ((رأى عمارةُ بنُ رؤيبة بشَر بنَ مروان وهو يدعو في يوم الجمعة...))([329]).

قال الإمام النووي رحمه الله: ((هذا فيه أن السنة أن لا يرفع اليد في الخطبة وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم، وحكى القاضي عن بعض السلف وبعض المالكية إباحته؛ لأن النبي ﷺ‬ رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى([330]). وأجاب الأولون بأن هذا الرفع كان لعارض))([331]).قلت:وهو أنه دعا للاستسقاء، فعن أنس t: أن رسول الله ﷺ‬ كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفع يديه حتى يُرى بياض إبطيه))([332])، فلا يرفع الإمام ولا المأموم اليدين في الدعاء أثناء الخطبة إلا إذا كان الدعاء في الخطبة للاستسقاء، وكذلك في جميع المواضع التي يخطب ويوعظ فيها. أما غير ذلك فإن رفع اليدين حال الدعاء سنة، ومن أسباب قبول الدعاء واستجابته؛ ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله على قوله: ((كان لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء)): ((هذا الحديث يوهم ظاهره أنه لم يرفع ﷺ‬ إلا في الاستسقاء،وليس الأمر كذلك،بل قد ثبت رفع يديه في الدعاء في مواطن غير الاستسقاء،وهي أكثر من أن تحصر،وقد جمعت منها نحواً من ثلاثين حديثاً، من الصحيحين أو أحدهما،وذكرتها في أواخر باب صفة الصلاة من شرح المهذب،ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ،بحيث يرى بياض إبطيه إلا في الاستسقاء، أو أن المراد: لم أره رفع وقد رآه غيره رفع فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة - وهم جماعات - على واحد لم يحضر ذلك،ولابد من تأويله لما ذكرناه، والله أعلم))([333]).

وعلى كل حال: فلا يرفع يديه الإمام والمأموم أثناء الدعاء في جميع الخطب والمواعظ إلا في خطبة الاستسقاء، أو إذا استسقى الإمام في خطبة الجمعة أما غير ذلك فيكون رفع الأيدي وعدمه في مواضع:

أ - مواضع وأحوال رفع فيها النبي ﷺ‬، فنحن نرفع فيها، والأصل في الدعاء رفع اليدين.

ب - مواضع أو أحوال لم يرفع فيها النبي ﷺ‬ وقد وجد سبب الرفع فنحن لا نرفع فيها، مثل الدعاء في الخطبة، والذكر أدبار الصلوات المفروضة: قبل السلام، وبعد السلام، أما رفع الأيدي بعد السلام من النوافل فلا حرج كالدعاء بعد صلاة الاستخارة وغيرها([334]).

11 - يخطب مترسلاً معرباً من غير عجلة ولا تمطيط؛ لأنه أبلغ وأحسن؛ لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ‬ ((كان يحدِّث حديثاً لو عدّه العادُّ لأحصاه)).وفي لفظ للبخاري: ((إن رسول الله ﷺ‬ لم يكن يسرد الحديث كسردكم))([335]). والمعنى: لو عد العادّ كلماته، أو مفرداته، أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل، والتفهيم([336] وقوله: ((لم يكن يسرد الحديث كسردكم)) أي لم يكن يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض؛ لئلا يلتبس على المستمع، إنما كان حديث رسول الله ﷺ‬: فصلاً، فهماً، تفهمه القلوب، واعتذر عن أبي هريرة t بأنه كان واسع الرواية، كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث، كما قال بعض البلغاء: أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي على فِيَّ([337]).

فالسنة للخطيب أن لا يُكثر الحديث؛ لئلا يمل الناس، ولا يستعجل في المتابعة بل يتثبت ويتأنّى([338]).

12 - يقصد تلقاء وجهه؛لأن في التفاته إلى أحد جانبيه إعراضاً عن الجانب الآخر، ويذكر أن النبي ﷺ‬ كان يفعل ذلك يخطب مستقبل المأمومين،ونقل عن ابن المنذر أنه قال:هذا كالإجماع،وقال النووي:لا يلتفت يميناً ولا شمالاً، قال ابن حجر: لأن ذلك بدعة([339])، وأما المأمومون فإنهم ينحرفون إلى الإمام ويستقبلونه بوجوههم؛ لحديث ابن مسعود t: ((كان رسول الله ﷺ‬ إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا))([340])؛ ولحديث ثابت t: ((كان النبي ﷺ‬ إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم))([341]).

13 - يدعو للمسلمين؛ لأن الدعاء لهم مسنون في غير الخطبة، ففيها أولى، وإن دعا للسلطان فحسن؛ لأن صلاحه نفع للمسلمين، فالدعاء له دعاء لهم([342]).

 الثاني عشر:صفة صلاة الجمعة:

صلاة الجمعة ركعتان بالنص وبإجماع المسلمين،فعن عمر بن الخطاب t قال: ((صلاة الجمعة ركعتان،وصلاة الفطر ركعتان،وصلاة الأضحى ركعتان،وصلاة السفر ركعتان،تمام غير قصر على لسان محمد ﷺ‬))([343]).وقال الإمام ابن المنذر:((وأجمعوا على أن صلاة الجمعة ركعتان،وأجمعوا على أن من فاتته الجمعة من المقيمين أن يصلوا أربعاً))([344])،فإذا فرغ الإمام من خطبة الجمعة نزل وأخذ المؤذن في الإقامة،ثم أمر الإمام بتسوية الصفوف،ثم صلى ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ويستحب أن يقرأ في الركعة الأولى بسورة ((الجمعة)) وفي الركعة الثانية بسورة ((المنافقون))([345])،أو ((بسبح والغاشية))([346]) أو ((بالجمعة والغاشية))([347]) كل ذلك ثبت عن النبي ﷺ‬([348]).

ومن أدرك مع الإمام منها ركعة بركوعها وسجدتيها أضاف إليها ركعة أخرى، وكانت له جمعة، ومن أدرك مع الإمام أقل من ركعة دخل معه بنية الظهر وأتمها ظهراً إذا كان قد دخل وقت الظهر؛ لحديث أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ‬ قال: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة))([349] ولحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد أدرك الصلاة)). ولفظ النسائي: ((من أدرك ركعة من الجمعة أو غيرها فلقد تمت صلاته)). وفي لفظ للنسائي أيضاً: ((من أدرك ركعة من صلاة من الصلوات فقد أدركها، يقضي ما فاته)). ولفظ الدارقطني: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته))([350]). وتدرك الركعة بإدراك ركوعها مع الإمام قبل أن يرفع، وهذا هو الصواب وبالله التوفيق([351]).

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى: ((أما من أدرك أقل من ركعة، فإنه لا يكون مدركاً للجمعة ويصلي ظهراً أربعاً))([352]).

والسنة أن يصلي بعد الجمعة أربع ركعات في بيته، وإن صلاها في المسجد فلا بأس، وإن صلى ركعتين فلا بأس؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما ([353])، ولكن الأفضل أن يصلي أربعاً؛ لحديث أبي هريرة t([354]) والله الموفق([355]).

وصلى الله وسلم،وبارك على عبده ورسوله،نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

%%%



([1]) معجم المقاييس في اللغة، كتاب الجيم، باب الجيم والميم وما بينهم،ا ص224 .

([2]) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، باب الجيم مع الميم، 287، وقال: ((وفي حديث الجمعة: أول جمعة جمِّعت بعد المدينة بجواثى جمعت: بالتشديد أي صليت، ويوم الجمعة سمي به لاجتماع الناس فيه)) النهاية، 1/297 .

([3]) انظر: لسان العرب لابن منظور، باب العين، فصل الجيم، 8/58، والقاموس المحيط، باب العين، فصل الجيم، ص917 .

([4]) وسميت بالجمعة؛ لاجتماع الناس لها، وقيل: لِمَا جمع فيها من الخير، وقيل: لجمعها الخلق الكثير، وقيل: لأن آدم جمع مع حواء فيها، وقيل: لأنه اليوم الذي اجتمعت فيه المخلوقات وكمالها، وقيل: سمي يوم الجمعة؛ لأن آدم جمع خلقه فيها، ونقل المرداوي عن مجمع البحرين أن هذا القول أولى، وقال عبد الرحمن بن محمد بن قاسم: قال الحافظ: هو أصحها، ويليه: لاجتماع الناس لها. قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: ((باب ذكر العلة التي أحسب لها سميت الجمعة جمعة)) ثم أورد حديث سلمان قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((يا سلمان ما يوم الجمعة) قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((يا سلمان ما يوم الجمعة) قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا سلمان ما يوم الجمعة) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((يا سلمان يوم الجمعة به جمع أبوك - أو أبوكم - أنا أحدثك عن يوم الجمعة، ما من رجل يتطهر يوم الجمعة كما أمرتم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة، فيقعد، فينصت حتى يقضي صلاته إلا كان كفارة لِمَا قبله من الجمعة)) صححه ابن خزيمة، 3/117- 118، برقم 1732، وقال العلامة الألباني: ((إسناده حسن))، والحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، 6/237،برقم 6089،وأحمد في المسند،5/439-440،وفي الفتح الرباني،6/45،قال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/174:((روى النسائي بعضه [3/104]، ورواه الطبراني في الكبير بإسناد حسن)) انتهى.

وفي لفظ أحمد: ((… لا يتطهر الرجل فيحسن طهوره ثم يأتي يوم الجمعة فينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كان كفارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة)) 5/439، وفي لفظ لأحمد أيضاً: ((… ألا أحدثك عن يوم الجمعة؟ لا يتطهر رجل مسلم ثم يمشي إلى المسجد ثم ينصت حتى يقضي الإمام صلاته إلا كانت كفارة لِمَا بينها وبين الجمعة التي بعدها ما اجتنبت المقتلة)) 5/440 .

وقد كان يوم الجمعة يسمَّى في الجاهلية: ((العروبة))؛ لأن العرب كانت تعظمه، وقيل [ذكره السهيلي في الروض الأنف، 1/8، 2/196]: أول من سمى العروبة كعب بن لؤي، فكانت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم، فيخطبهم، ويذكرهم بمبعث رسول الله ﷺ‬ ويعلمهم بأنه من ولده، ويأمرهم باتباعه والإيمان به)) انظر: الكشاف للزمخشري، 4/97، والوسائل في مسامرة الأوائل، للسيوطي، 19، والإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، 4/102-103، والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي،5/175،وحاشية ابن قاسم على الروض المربع،2/418، وسبل السلام، 3/153 .

([5]) معجم لغة الفقهاء، للدكتور محمد روَّاس، ص145، وانظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام لابن الملقن، 4/101 .

([6]) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/432-434، والإنصاف للمرداوي المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/159-160، والشرح الكبير المطبوع مع المقنع والإنصاف، 5/178، وحاشية عبد الرحمن بن محمد بن قاسم على الروض المربع، 2/420 .

([7]) البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم 892، 4371 .

([8] ) سورة الجمعة، الآية: 9.

([9]) انظر: المغني لابن قدامة،، 3/158، والشرح الكبير، 5/157 .

([10]) ودعهم: الودع: الترك، وهو مصدر: ودع يدع ودعاً، وزعم بعض النحويين أن مصدر مثل هذا الفعل: متروك، وكذلك أفعالها الماضية، وأنهم يستغنون عن ((ودع)) بترك، وعن الودع بالترك، ونحو ذلك، ورسول الله ﷺ‬ أفصح وأعرف بالعربية. جامع الأصول لابن الأثير، 642، 5/667 .

([11]) مسلم، كتاب الجمعة، باب التغليظ في ترك الجمعة، برقم 865 .

([12]) طبع الله على قلبه: الطبع والختم واحد، والمراد أنه بتركه الجمعة قد أغلق قلبه وختم عليه فلا يصل إليه شيء من الخير. جامع الأصول لابن الأثير، 5/666 .

([13]) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب التشديد في ترك الجمعة، برقم 1052، والنسائي، كتاب الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، برقم 1370، والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في ترك الجمعة من غير عذر، برقم 500، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب فيمن ترك الجمعة من غير عذر، برقم 1125،والحديث حسنه الترمذي،وقال الألباني في صحيح سنن النسائي،1/442: ((حسن صحيح)) وقال عبد القادر الأرناؤوط في تحقيقه لجامع الأصول، 5/666: ((وصححه جماعة، وهو حديث صحيح بشواهده))، ورواه النسائي من حديث جابر t برقم 1368، وابن ماجه برقم 1126، بلفظ: ((من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة طبع الله على قلبه))، وقال الألباني في صحيح النسائي، 1/442: ((حسن صحيح)).

([14]) النسائي، كتاب الجمعة، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، برقم 1370، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/443 .

([15]) المغني لابن قدامة، 3/159 .

([16]) الإجماع لابن المنذر، ص44 .

([17]) وقيل: تجب على المملوك؛ لأنه داخل في قوله تعالى: ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الـْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ الله وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [ [الجمعة: 9]. وهي رواية عن أحمد، وقيل: إذا أذن له سيده لزمته وإذا لم يأذن له لا تلزمه، وهي رواية ثالثة عن أحمد، انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي، 5/171، والمغني لابن قدامة، 3/217، والشرح الكبير، 5/160، وقال السعدي رحمه الله: ((الصواب أن الجمعة والجماعة تجب على العبيد الأرقاء؛ لأن النصوص عامة في دخولهم، ولا دليل يدل على إخراج العبيد، وأما حديث طارق بن شهاب: ((الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة) فذكر منهم العبد المملوك فهو حديث ضعيف الإسناد… وأصح منه حديث حفصة في سنن النسائي مرفوعاً: ((رواح الجمعة واجب على كل محتلم)) [برقم 1370، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/443] وهو عام في الحر والمملوك، والأصل أن المملوك حكمه حكم الحر في جميع العبادات البدنية المحضة التي لا تعلق لها بالمال)). الاختيارات الجلية، ص69، واختار تلميذه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله القول الثالث، وهو أن الجمعة تلزم العبد إذا أذن له سيده، وقال: ((وهذا القول قول وسط بين قول من يلزمه جمعة مطلقاً وقول من لا يلزمه مطلقاً)) الشرح الممتع، 5/9، ولكن سماحة شيخنا الإمام ابن باز ذكر أن حديث طارق بن شهاب صحيح؛ وأن مرسل الصحابي لا يضر، وهو مقبول وقد ذكر غير واحد إجماع أهل العلم على قبول مرسل الصحابي، وقد صرح بالسماع عن أبي موسى الأشعري فزال ما يخشى منه معنى كلامه رحمه الله، وسيأتي نصه إن شاء الله مع تخريج الحديث.

وقال شيخ الإسلام في الفتاوى، 24/184: ((وجوبها على العبد قوي إما مطلقاً وإما إذا أذن له سيده)).

([18]) انظر: المغني، 3/244-446، والشرح الكبير، لابن قدامة، 5/160-164، والإنصاف للمرداوي، 5/160-166، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/418-424، والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 5/7-19.

([19]) انظر: الشرح الكبير، 5/160، والكافي لابن قدامة، 1/477-478 .

([20] ) سورة الفرقان، الآية:23.

([21] ) سورة الأنعام، الآية: 88.

([22]) انظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/421، والشرح الممتع، لابن عثيمين، 5/10-11.

([23]) أخرجه أبو داود،كتاب الحدود،بابٌ في المجنون يسرق أو يصيب حداً،برقم 443، واللفظ له،والترمذي،تاب الحدود،باب من جاء فيمن لا يجب عليه الحد،رقم 1423، وابن ماجه،كتاب الطلاق،باب طلاق المعتوه والصغير والنائم،برقم 2042،وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/56،وإرواء الغليل 2/5-6، وغيرهما.

([24]) النسائي، كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه من الأزواج، برقم 3432، وأبو داود، كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حداً، برقم 4398، وابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المجنون والصغير والنائم، برقم 2042، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود،1/55، وفي إرواء الغليل، برقم 297 .

([25]) انظر: الإجماع لابن المنذر، ص44 .

([26]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الجمعة للمملوك والمرأة، برقم 1067، قال أبو داود: طارق بن شهاب قد رأى النبي ﷺ‬ ولم يسمع منه شيئاً. وصحح الحديث العلامة الألباني في صحيح أبي داود، 1/294، ورواه الحاكم عن طارق بن شهاب عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما ، 1/288، وقال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين))، ووافقه الذهبي. وسمعت شيخنا ابن باز يقول: ((لمرسل مرسل صحابي وقد ذكر غير واحد إجماع أهل العلم على قبول مرسل الصحابي، وقد صرح بالسماع عن أبي موسى الأشعري فزال ما يخشى، وإن صلى هؤلاء الأربعة أجزأتهم)) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 494.

([27]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 494 .

([28]) مدر: الطين اليابس. القاموس المحيط، فصل الميم، باب الراء، ص609 .

([29]) فتاوى ابن تيمية 24/166، 169، وقال ابن تيمية رحمه الله: ((وتجب الجمعة على من أقام في غير بناء: كالخيام وبيوت الشعر ونحوها، وهو أحد قولي الشافعي، وحكاه الأزجي رواية عن أحمد…)) وقال أبو العباس ابن تيمية في موضع آخر: ((يشترط مع إقامتهم في الخيام ونحوها أن يكونوا يزرعون كما يزرع أهل القرية)) الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية،ص119،وانظر:المغني لابن قدامة، 3/203.

([30]) مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي ﷺ‬، برقم 1218 .

([31]) انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، 24/178-179 بتصرف يسير، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/13، والشرح الكبير، 5/169 .

([32]) وحكي عن الزهري، والنخعي، أن صلاة الجمعة تجب على المسافر؛ لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، والصواب ما تقدم. انظر: الشرح الكبير، 5/169، والمغني لابن قدامة، 3/216، لكن إذا أجمع المسافر إقامة تمنع القصر ولم يرد استيطاناً لبلد: كطالب العلم، أو التاجر الذي يقيم ليبيع متاعه، أو مشتري شيء لا ينجز إلا في مدة طويلة ففيه وجهان عند الحنابلة:

الوجه الأول: تلزمه الجمعة لعموم الآية،ودلالة الأخبار؛فإن الأخبار جاءت بوجوب الجمعة إلا على خمسة:المريض،والمسافر،والمرأة، والصبي،والمملوك، وليس المسافر المقيم إقامة تمنع القصر من هؤلاء الخمسة.

الوجه الثاني: لا تجب عليه؛لأنه ليس بمستوطن، والاستيطان من شروط الوجوب؛ ولأنه لم ينوِ الإقامة في هذا البلد على الدوام، فأشبه أهل القرية الذين يسكنونها صيفاً ويظعنون عنها شتاء. انظر: المغني لابن قدامة، 3/218، والشرح الكبير، المطبوع مع المقنع والإنصاف، 5/170 .

والصواب أن المسافر الذي أقام إقامة تمنع القصر ولم ينو الاستيطان أن وجوب صلاة الجمعة عليه فيه تفصيل:

أ - إذا أقام المسافرون إقامة تمنع القصر في مكان لا تقام فيه صلاة الجمعة فلا تجب عليهم صلاة الجمعة؛ لأنهم أشبه بالمسافرين وسكان البادية، والجمعة إنما تجب على المستوطنين.

ب - إذا أقاموا في مكان تقام فيه صلاة الجمعة من المسلمين المستوطنين فالمشروع أن يصلوا معهم؛ لأن الجمعة تلزمهم بغيرهم، ورجحه المرداوي في الإنصاف قال: ((فالصحيح من المذهب أن الصلاة تلزمه بغيره)) الإنصاف، 5/170، وهذا ما أفتى به شيخنا ابن باز أهل الغربة في مجموع الفتاوى، 12/376-377، وانظر: المغني لابن قدامة، 3/218، والشرح الكبير، 5/170، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/25، وحاشية ابن قاسم مع الروض المربع، 2/426 .

([33] ) سورة الجمعة، الآية: 9.

([34]) تقدم غير مرة: أن الفرسخ ثلاثة أميال.

([35]) انظر: الإنصاف للمرداوي، 5/160، والمغني لابن قدامة، 3/244، والشرح الكبير لابن قدامة، 5/160، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/218-424، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/7-19، وصحيح البخاري، رقم 902 .

([36]) وقد سبق أن الأعذار التي تسقط بها الجمعة والجماعة ثمانية أشياء: المرض، والخوف على النفس أو المال أو العرض، والمطر، والدحض، والريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة، وحضور الطعام والنفس تتوق إليه، ومدافعة أحد الأخبثين، وأن يكون له قريب يخاف موته ولا يحضره، وتقدمت الأدلة على ذلك في الأعذار المسقطة لصلاة الجماعة.

([37]) انظر: الكافي لابن قدامة، 1/478-479 .

([38]) الإجماع لابن المنذر، ص44 .

([39]) اختلف أهل العلم في إمامة المسافر في صلاة الجمعة، وكذلك إمامة المملوك، فقال قوم لا يؤم المسافر ولا المملوك في صلاة الجمعة، ولا يعتبر بهما في العدد المشروط، وقال آخرون: بل تصح إمامتهما ويعتبر بهما في العدد المشروط، واختار شيخ الإسلام أن العبد والمسافر تنعقد بهما الجمعة، وتصح إمامتهما؛ لأن من صحت منه انعقدت به، وصحت إمامته. نقله ابن قاسم في حاشية الروض، 2/427 وبين أن إمامة المرأة والخنثى لا تصح بلا نزاع، وأما إمامة العبد والمسافر فتجوز وفاقاً إلا مالكاً في العبد، وجمهور العلماء على خلافه، ونقل أبو حامد إجماع المسلمين على صحتها خلف المسافر، حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/427، وذكر المرداوي أن من حضرها منهم أجزأته عن الظهر بلا نزاع، وذكر رواية عن الإمام أحمد أن صلاة الجمعة تنعقد بالعبد ويؤم فيها، وقال في الصبي المميز إن قلنا تجب عليه انعقدت به وأم فيها. انظر الإنصاف، 5/173-174، والمغني، 3/220، والشرح الكبير، 5/173،ورجح العلامة ابن عثيمين أن الصحيح أن الجمعة تنعقد بالمسافر والعبد ويصح أن يكونوا أئمة وخطباء؛ لأن القول بعدم صحة ذلك لا دليل عليه. الشرح الممتع، 5/23 .

([40]) مسلم،تاب المساجد،باب فضل صلاة الجماعة وبيان التشديد في التخلف عنها، برقم 652 .

([41]) مسلم، برقم 865، وتقدم تخريجه في الأصل في وجوب صلاة الجمعة.

([42]) أبو داود، برقم 1052، والنسائي، برقم 1370، والترمذي، برقم 500، وتقدم تخريجه في الأصل في وجوب الجمعة.

([43]) سورة الجمعة، الآية: 9.

([44]) يعبر الفقهاء بقولهم: ((لا يجوز لمن تلزمه الجمعة السفر في يومها بعد الزوال)) المغني لابن قدامة، 3/247، والشرح الكبير، 5/182، والمقنع، 5/182، ولكن قال العلامة ابن عثيمين: ((الأولى أن يعلق الحكم بما علقه الله به وهو النداء إلى الجمعة؛ لأنه من الجائز أن يتأخر الإمام عن الزوال… فلا ينادى للجمعة إلا عند حضور الإمام، ولكن الغالب أن الإمام يحضر إذا زالت الشمس)) الشرح الممتع،5/29-30 .

([45]) انظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي، 5/182، 185، والشرح الممتع، 5/30 .

([46]) اختلف العلماء في جواز السفر يوم الجمعة على أقوال:

أولاً: اختلفوا في جوازه من طلوع الفجر إلى الزوال على خمسة أقوال:

القول الأول: الجواز، وهو قول أكثر العلماء، كعمر بن الخطاب، والزبير بن العوام، وأبي عبيدة، وابن عمر، والحسن، وابن سيرين، والزهري، وأبي حنيفة، ومالك في المشهور عنه، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل في المشهور عنه، وهو القول القديم للشافعي، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم.

القول الثاني:المنع منه،وهو قول الشافعي في الجديد،ورواية عن أحمد،ورواية عن مالك.

القول الثالث: جواز السفر للجهاد دون غيره، وهو رواية عن أحمد.

القول الرابع: جواز السفر الواجب دون غيره، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي من الشافعية، ومال إليه إمام الحرمين.

القول الخامس: جواز سفر الطاعة واجباً كان أو مسنوناً، وهو قول كثير من الشافعية، وصححه الرافعي.

ثانياً: اختلفوا في جواز السفر يوم الجمعة بعد الزوال، فذهب أبو حنيفة والأوزاعي إلى جوازه كسائر الصلوات، وقال عامة العلماء بعدم جوازه وفرقوا بين الجمعة وغيرها. والصواب في ذلك إن شاء الله تعالى أن السفر يوم الجمعة لا يجوز بعد الأذان الذي بعد دخول وقت الجمعة إلا أن يخشى حصول مضرة من تخلفه للجمعة: كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن من السفر إلا معها، وما شابه ذلك من الأعذار، وقد جاز التخلف عن الجمعة لعذر المطر الشاق فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى. وكذلك يجوز السفر بعد الزوال إذا تيقن أن يأتي بصلاة الجمعة في طريقه في مسجد آخر، والله أعلم. انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/492-493، وزاد المعاد لابن القيم، 1/382-385، والمغني لابن قدامة، 3/247-248، والمقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 5/182، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/430 .

([47]) بيد أنهم: أي غير أنهم؛ فإن بيد تأتي: بمعنى غير، وبمعنى على، وبمعنى من أجل. وقيل: ميد بمعنى غير أيضاً. انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 2/491 .

([48]) قال: أي قال الراوي، ويفسره ما في النسائي: ((يعني يوم الجمعة)).

([49]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب فرض الجمعة، برقم 876، ورقم 3486،ومسلم، كتاب الجمعة،باب هداية الله هذه الأمة ليوم الجمعة،برقم 855 .

([50]) مسلم، كتاب الجمعة، باب هداية الله هذه الأمة ليوم الجمعة، برقم 856 .

([51]) مسلم، كتاب الجمعة، باب في الساعة التي يوم الجمعة، برقم 854 .

([52]) مسيخة، وروي مصيخة، والسين بدلاً من الصاد، ومعناهما: منتظرة لقيام الساعة .

([53]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، رقم 1046، واللفظ له، 1/290، والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، برقم 491، والنسائي، كتاب الجمعة، باب ذكر الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة، برقم 1429، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/290، وصحيح الترمذي، 1/278 وغيرهما.

([54]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب فضل يوم الجمعة، 1084، وأحمد، 3/430، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/321، ومشكاة المصابيح، 1/400 .

([55]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة، برقم 1047، والنسائي، كتاب الجمعة، باب إكثار الصلاة على النبي ﷺ‬ يوم الجمعة، برقم 1373، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب فضل الجمعة، برقم 1085، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/290، وصحيح ابن ماجه، 1/322، وصحيح النسائي، 1/443 .

([56]) أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين في زوائد المعجمين، برقم 4879، 8/154، وبرقم 944 مختصراً، 2/197]، قال المنذري في الترغيب والترهيب: ((رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد))، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، 1/435: ((حسن صحيح))، وقال في موضع آخر في صحيح الترغيب والترهيب، 3/525: ((حسن لغيره)).

([57]) مسلم، كتاب الجنة ونعيمها، باب في سوق الجنة وما ينالون فيها من النعيم والجمال، برقم 2833 .

([58]) المفهم لِمَا أشكل من تلخيص مسلم، 7/178 .

([59]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، برقم 935، ومسلم، كتاب الجمعة، بابٌ في الساعة التي في يوم الجمعة، برقم 852 .

([60]) ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 2/416-421: ثلاثة وأربعين قولاً في اختلاف العلماء في ساعة الجمعة، ثم قال: ((ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبي موسى وحديث عبد الله بن سلام… وقد اختلف السلف أيهما أرجح)). ثم بيّن أن أكثر العلماء كأحمد وغيره رجحوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، ثم مال ابن حجر في آخر كلامه إلى قول ابن القيم أن الإجابة ترجى في ساعة الصلاة أيضاً، فكلاهما ساعة إجابة، وإن كان الساعة المخصوصة هي آخر ساعة بعد العصر. انظر: الفتح، 2/416-422 .

([61]) زاد المعاد لابن القيم، 1/389-390 .

([62]) انظر: المرجع السابق، 1/390، وشرح النووي على صحيح مسلم، 6/388 .

([63]) مسلم، كتاب الجمعة، باب في الساعة التي في يوم الجمعة، برقم 853، قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام (488): ((ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة) قال النووي: ((هذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وقال: لم يسنده غير مخرمة عن أبيه عن أبي بردة، ورواه جماعة عن أبي بردة من قوله، ومنهم من بلغ به أبا موسى ولم يرفعه، قال: [القائل الدارقطني]: ((والصواب أنه من قول أبي بردة، كذلك رواه يحيى القطان عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة وتابعه واصل الأحدب ومخالد روياه عن أبي بردة من قوله، وقال النعمان بن عبد السلام عن الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه موقوف ولا يثبت قوله عن أبيه، وقال أحمد بن حنبل عن حماد بن خالد: قلت لمخرمة سمعت من أبيك شيئاً؟ قال: لا. هذا كلام الدارقطني. وهذا الذي استدركه [القائل النووي] بناه على القاعدة المعروفة له ولأكثر المحدثين أنه إذا تعارض في رواية الحديث: وقف ورفع، أو إرسال واتصال حكموا بالوقف والإرسال، وهي قاعدة ضعيفة ممنوعة، والصحيح طريقة الأصوليين، والفقهاء، والبخاري، ومسلم، ومحققي المحدثين أنه يحكم بالرفع والاتصال؛ لأنها زيادة ثقة، وقد سبق التنبيه على مثل هذا في الفصول السابقة في مقدمة الكتاب، وسبق التنبيه على مثل هذا في مواضع أخرى بعدها، وقد روينا في سنن البيهقي عن أحمد بن سلمة قال: ذاكرت مسلم بن الحجاج حديث مخرمة هذا فقال مسلم: هو أجود حديث وأصحه في بيان ساعة الجمعة)) انتهى كلام النووي رحمه الله. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/390، وسمعت شيخنا الإمام ابن باز يقول عن حديث أبي بردة عن أبي موسى أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 488: ((القاعدة أن زيادة الثقة مقبولة، وهذا ما لا يقال بالرأي فلا يمنع أن يكون مرفوعاً))، وسمعته يقول أثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم 853: ((والصواب مع مسلم، فإن زيادة الثقة مقبولة، وهو صحيح مرفوعاً)).

([64]) زاد المعاد لابن القيم، 1/390 .

([65]) أخرجه النسائي، بلفظه، كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة، برقم 1387، وما بين المعقوفين من السنن الكبرى له، 1/256/1697، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب الإجابة، أية ساعة هي في يوم الجمعة، برقم 1048، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/279، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في فتح الباري، 2/420، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/448، وفي صحيح أبي داود، 1/290 .

([66]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في الجمعة، برقم 1139، وقال العلامة الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/337: ((حسن صحيح)) وكذلك في مشكاة المصابيح، برقم 1359 .

([67]) الترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الساعة التي ترجى في يوم الجمعة، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 1/277، وفي صحيح الترغيب، 1/238 .

([68]) أحمد في المسند، 2/272، ويشهد له حديث جابر السابق.

([69]) أبو داود، برقم 1046، والترمذي، برقم 491، والنسائي، برقم 1429، والإمام مالك في الموطأ، 1/182، 183، وصححه الألباني، وتقدم تخريجه في يوم الجمعة خير يوم طلعت عليه الشمس.

([70]) نقلاً عن فتح الباري لابن حجر، 2/421، وزاد المعاد لابن القيم، 1/391 .

([71]) وذكر الحافظ أن كثيراً من الأئمة رجحوا هذا القول: كأحمد وإسحاق، ومن المالكية الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه ابن الزملكاني شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن نص الشافعي، وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحدهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ: كحديث أبي موسى هذا فإنه أُعل بالانقطاع والاضطراب. أما الانقطاع؛ فلأن مخرمة لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة، وزاد إنما هي كتب كانت عندنا، وقال علي بن المديني: لم أسمع أحداً من أهل المدينة يقول عن مخرمة إنه قال في شيء من حديثه سمعت أبي، ولا يقال مسلم يكتفي في المعنعن بإمكان اللقاء مع المعاصرة، وهو كذلك هنا؛ لأنا نقول وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كافٍ في دعوى الانقطاع. وأما الاضطراب فقد رواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبي بردة من قوله، وهؤلاء من أهل الكوفة، وأبو بردة كوفي فهم أعلم بحديثه من بكير المدني، وهم عدد وهو واحد، وأيضاً فلو كان عن أبي بردة مرفوعاً لم يُفتِ فيه برأيه بخلاف المرفوع، ولهذا جزم الدارقطني بأن الموقوف هو الصواب)) فتح الباري، 2/422 .

([72]) زاد المعاد في هدي خير العباد، 1/394 .

([73]) المرجع السابق، 1/394 .

([74]) المرجع السابق، 1/396 .

([75]) سمعته أثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم 853 .

([76]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الجمعة، برقم 881، ومسلم، كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم 850 .

([77]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الاستماع إلى الخطبة يوم الجمعة، برقم 929، ومسلم، كتاب الجمعة، باب فضل التهجير يوم الجمعة، برقم 24-(850). وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم 850: ((والساعة الأولى تبدأ من ارتفاع الشمس؛ لأن المصلي لـه أن يجلس بعد صلاة الفجر إلى الشروق في المسجد)).

([78]) استمع وأنصت: هما شيئان متمايزان وقد يجتمعان: فالاستماع الإصغاء والإنصات السكوت؛ ولهذا قال الله تعالى: ] وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ [ (الأعراف: 180)، شرح النووي على صحيح مسلم، 6/396 .

([79]) من مس الحصى فقد لغا: أي تكلم، واتفقت أقوال المفسرين على أن اللغو: ما لا يحسن من الكلام، وقيل: خبت من الأجر، وقيل: بطلت فضيلة جمعتك، وقيل: صارت جمعتك ظهراً، انظر: فتح الباري لابن حجر، 2/414، والنهاية في غريب الأثر لابن الأثير، 4/258، وجامع الأصول لـه، 5/687 .

([80]) مسلم، كتاب الجمعة، باب فضل من استمع وأنصت في الخطبة برقم 857 .

([81]) ويتطهر ما استطاع من الطهر: المراد به المبالغة في التنظيف، أو المراد به التنظيف بأخذ الشارب، والظفر، والعانة، أو المراد بالغسل غسل الجسد والتطهر غسل الرأس، وقوله:((ويدهن)) المراد به إزالة شعث الرأس.فتح الباري لابن حجر،2/371 .

([82]) البخاري، كتاب الجمعة، باب الدهن للجمعة، برقم 883 .

([83]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة، برقم 1097، وقال الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/326: ((حسن صحيح)).

([84]) أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، برقم 343، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/103 .

([85]) أبو داود، كتاب الطهارة، باب في الغسل يوم الجمعة، برقم 347، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/104 .

([86]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الكلام والإمام يخطب، برقم 1113، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/305 .

([87]) واختلف العلماء في معنى قوله ﷺ‬: ((غسَّل واغتسل، وبكَّر وابتكر…)) فقيل: هو من الكلام المتظاهر الذي يراد به التوكيد، ولم تقع المخالفة بين المعنيين لاختلاف اللفظين، ألا تراه يقول: ((ومشى ولم يركب)) ومعناهما واحد، وإلى هذا ذهب الأثرم صاحب أحمد. وقيل: قوله: ((غسل)) معناه غسل الرأس خاصة؛ لأن العرب لهم شعور، فأفرد غسل الرأس من أجل ذلك، وإلى هذا ذهب مكحول، وقيل: ((اغتسل)) معناه غسل سائر الجسد، وقال بعضهم: ((غسَّل)) معناه: أصاب أهله قبل خروجه إلى الجمعة؛ ليكون أملك لنفسه، وأحفظ في طريقه لبصره، فأوجب على أهله الغسل، فكأنه غسل زوجته واغتسل، وقيل: غسَّل للجنابة واغتسل للجمعة، وقيل: غسَّل بالغ في النظافة والدلك، واغتسل: صب الماء عليه، وقيل: حمل غيره على الغسل بالحث والترغيب، والتذكير. وقوله: ((بكَّر)) أي راح في أول الوقت، ((وابتكر)) أي أدرك أول الخطبة، وقيل: كرره للتأكيد، وقيل: ((غسَّل)) إسباغ الوضوء وإكماله، ثم اغتسل بعد الوضوء للجمعة، وقيل: غسل الرجل امرأته إذا جامعها، وقال الإمام ابن خزيمة في صحيحه: ((من قال في الخبر: غسّل واغتسل (يعني بالتشديد) معناه: جامع فأوجب الغسل على زوجته، أو أمته واغتسل، ومن قال: ((غَسَلَ واغتسل (بالتخفيف) أراد غسل رأسه. واغتسل: فضل سائر الجسد، لخبر طاوس عن ابن عباس. انظر: معالم السنن للخطابي، 1/213، والمفهم للقرطبي، 1/484، وجامع الأصول لابن الأثير، 3/430، والترغيب للمنذري، 1/434، وتحفة الأحوذي، 3/3-4.

([88]) أبو داود، كتاب الطهارة،باب في الغسل يوم الجمعة،برقم 345،والترمذي،كتاب الجمعة، باب ما جاء في فضل الغسل يوم الجمعة،برقم 496،وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في الغسل يوم الجمعة،برقم 1087،والنسائي،كتاب الجمعة، باب فضل غسل يوم الجمعة، برقم 1380،وصححه الألباني في صحيح النسائي،1/445، وفي صحيح المراجع السابقة، وفي غيرها، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/433 .

([89]) مسلم، كتاب الطهارة، باب الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لِمَا بينهن، ما اجتنبت الكبائر، برقم 233 .

([90]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة وهل على الصبي شهود الجمعة أو على النساء، برقم 877، وبابٌ هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، برقم 894، وباب الخطبة على المنبر، برقم 919، ومسلم، كتاب الجمعة، باب كتاب الجمعة، برقم 844.

([91]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب فضل الغسل يوم الجمعة، وهل على الصبي شهود يوم الجمعة، أو على النساء؟ برقم 878، وباب: حدثنا أبو نعيم، برقم 882، ومسلم، كتاب الجمعة، باب كتاب الجمعة، برقم 845.

([92]) وأن يستن: أي يدلك أسنانه بالسواك. فتح الباري لابن حجر، 2/364.

([93]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الطيب، برقم 880، ومسلم، كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم 846.

([94]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، بابٌ: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، برقم 897، 898، ومسلم، كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة، برقم 849.

([95]) النسائي، كتاب الجمعة، باب إيجاب الغسل يوم الجمعة، برقم 1377، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/44، وفي إرواء الغليل، 1/173.

([96]) البخاري، كتاب الجمعة، بابٌ: هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم. قبل الحديث رقم 894.

([97]) أبو داود، كتاب الطهارة، باب الرخصة في ترك الغسل، برقم 354، والترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في الوضوء يوم الجمعة، برقم 497، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء في الرخصة في ذلك، برقم 1091، والنسائي، كتاب الجمعة، باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة، برقم 1379، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/445، وفي جميع المواضع السابقة في التخريج.

([98]) مسلم، برقم 27 - (857)، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([99]) اقتبست هذا كله من فتاوى سماحة شيخنا الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله، انظر: مجموع الفتاوى له، 12/404، والفتاوى الإسلامية، 1/419، وسمعته في تقريراته الكثيرة أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 818 وصحيح مسلم، الحديث رقم 844، ومنتقى الأخبار، الأحاديث ذات الرقم 400-407، وبلوغ المرام، الحديث رقم 120، ورقم 123.

([100]) وقد ذكر ذلك الإمام الترمذي بعد أن ساق حديث سمرة بن جندب ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل) قال الترمذي: ((والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ‬ ومن بعدهم اختاروا الغسل يوم الجمعة. ورأوا أن يجزئ الوضوء من الغسل يوم الجمعة. قال الشافعي [القائل الترمذي] ومما يدل على أن أمر النبي ﷺ‬ بالغسل يوم الجمعة أنه على الاختيار لا على الوجوب حديث عمر حيث قال لعثمان: والوضوء أيضاً، وقد علمت أن رسول الله ﷺ‬ أمر بالغسل يوم الجمعة؟ فلو علما أن أمره ﷺ‬ على الوجوب لا على الاختيار لم يترك عثمان حتى يرده، ويقول له: ارجع فاغتسل، ولما خفي على عثمان ذلك مع علمه، ولكن دل في هذا الحديث أن الغسل يوم الجمعة، فيه فضل من غير وجوب يجب على المرء في ذلك)) [الترمذي بعد إخراجه لحديث سمرة بن جندب،برقم 497].

            وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله في الغسل يوم الجمعة: ((لا خلاف في استحباب ذلك وفيه آثار صحيحة... وليس بواجب في قول أكثر أهل العلم... وهو قول الأوزاعي، والثوري، ومالك، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وقيل: إن هذا إجماع)) [المغني لابن قدامة، 3/225]...

            وقال الإمام ابن عبد البر: ((وأجمع العلماء على أن غسل الجمعة ليس بواجب إلا طائفة من أهل الظاهر قالوا بوجوبه وشددوا في ذلك، وأما سائر العلماء والفقهاء، فإنما هم فيه على قولين: أحدهما أنه سنة، والآخر أنه مستحب، وأن الأمر به كان لعلة فسقط، والطيب يجزئ عنه)) [التمهيد، 14/151-152]، قال الإمام ابن قدامة: (( وحكي عن أحمد رواية أخرى أنه واجب)) [المغني، 3/225].

            وقال الإمام النووي رحمه الله: ((اختلف العلماء في غسل الجمعة فحكى وجوبه عن طائفة من السلف حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك، وذهب جمهور من العلماء من السلف والخلف، وفقهاء الأمصار، إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك، وأصحابه، واحتج من أوجبه بظواهر هذه الأحاديث، واحتج الجمهور بأحاديث صحيحة، منها حديث الرجل الذي دخل وعمر يخطب، وقد ترك الغسل، وقد ذكره مسلم، وهذا الرجل هو عثمان بن عفان جاء مبيناً في الرواية الأخرى، ووجه الدلالة أن عثمان فعله وأقره عمر، وحاضروا الجمعة، وهم أهل الحل والعقد، ولو كان واجباً لما تركه، ولألزموه، ومنها قوله ﷺ‬: ((من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) حديث حسن في السنن مشهور، وفيه دليل على أنه ليس بواجب، ومنها، قوله ﷺ‬: ((لو اغتسلتم يوم الجمعة)) [ولفظه عند مسلم: عن عائشة أنها قالت: كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم من العوالي، فيأتون في العباء، ويصيبهم الغبار، فتخرج منهم الريح، فأتى رسول الله ﷺ‬ إنسان منهم وهو عندي، فقال رسول الله ﷺ‬: ((لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا)) وفي لفظ: ((لو اغتسلتم يوم الجمعة)) برقم 847]. وهذا اللفظ يقتضي أنه ليس بواجب؛ لأن تقديره لكان أفضل وأكمل، ونحو هذا... وأجابوا عن الأحاديث الواردة في الأمر به أنها محمولة على الندب جمعاً بين الأحاديث، وقوله ﷺ‬: ((واجب على كل محتلم)) أي متأكد في حقه، كما يقول الرجل لصاحبه: حقك واجب عليّ: أي متأكد، لا أن المراد الواجب المتحتم المعاقب عليه)) [شرح النووي على صحيح مسلم، 6/381-382].

وذكر الإمام القرطبي رحمه الله أن قوله ﷺ‬: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم))، وقوله ﷺ‬: ((إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل)) ظاهر في وجوب غسل الجمعة، وبه قال أهل الظاهر، وحكي عن بعض الصحابة، وعن الحسن، وحكاه الخطابي عن مالك، ومعروف مذهبه وصحيحه: أنه سنة، وهو مذهب عامة أئمة الفتوى، وحملوا تلك الأحاديث على أنه واجب وجوب السنن المؤكدة، ودلهم على ذلك أمور:

أحدها: قوله ﷺ‬ في حديث أبي هريرة: ((من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع، وأنصت، غفر له...)) [مسلم، برقم 857]. فذكر فيه الوضوء واقتصر عليه دون الغسل، ورتب الصحة والثواب عليه، فدل على أن الوضوء كافٍ من غير غسل، وأن الغسل ليس بواجب [بل سنة مؤكدة].

وثانيها: تقرير عمر والصحابة لعثمان y على صلاة الجمعة بالوضوء من غير غسل، ولم يأمروه بالخروج، ولم ينكروا عليه، فصار ذلك كالإجماع منهم على أن الغسل ليس بشرط في صحة الجمعة ولا واجب.

وثالثها: قوله لهم ﷺ‬ حين وجد منهم الريح الكريهة: ((لو اغتسلتم ليومكم هذا)) وهذا عرض، وتحضيض، وإرشاد للنظافة المستحسنة، ولا يقال مثل ذلك اللفظ في الواجب.

ورابعها: ما يقطع مادة النزاع ويحسم كل إشكال حديث الحسن عن سمرة، قال: قال رسول الله ﷺ‬: ((من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)) [أبو داود، برقم 354، والترمذي، برقم 497، والنسائي، برقم 1379، وابن ماجه، برقم 1091، وتقدم تخريجه قبل صفحات]، وهذا نص في موضع الخلاف، غير أن سماع الحسن من سمرة مختلف فيه، وقد صح عنه أنه سمع منه حديث العقيقة، فيحمل حديثه عنه على السماع إلى أن يدل دليل على غير ذلك، والله تعالى أعلم.

وخامسها: أنه عليه الصلاة والسلام قد قال: ((غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم، وسواك، ويمسك من الطيب ما قدر عليه)) [متفق عليه: البخاري، برقم 880، ومسلم، برقم 846]، وظاهر هذا وجوب السواك، والطيب، وليس كذلك بالاتفاق، يدل على أن قوله: ((واجب ليس على ظاهره، بل المراد به: ندب المؤكد، إذ لا يصح تشريك ما ليس بواجب مع الواجب في لفظ ((الواو)) والله تعالى أعلم)). [ المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/479-480] [وانظر: فتح الباري، لابن حجر، 2/356-364، وزاد المعاد، 1/376-377].

وقال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى على حديث أبي هريرة المتفق عليه: ((حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوماً، يغسل فيه رأسه وجسده)) [البخاري، برقم 897، 898، ومسلم، برقم 849]، وحديث جابر: ((على كل رجل مسلم في كل سبعة أيام غسل يوم، وهو يوم الجمعة)) [النسائي، برقم 1377]. قال رحمه الله: ((وهذا في أحد قولي العلماء هو غسل راتب مسنون للنظافة في كل أسبوع، وإن لم يشهد الجمعة، بحيث يفعله من لا جمعة عليه... وأما الأحاديث في غسل يوم الجمعة [فـ]متعددة، وذلك يعلل باجتماع الناس بدخول المسجد وشهود الملائكة، ومع العبد ملائكة، وقد ثبت عن النبي ﷺ‬ أنه قال: ((إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم)) [مسلم، كتاب المساجد، باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى يذهب ذلك الريح وإخراجه من المسجد، برقم 564]. مجموع فتاوى ابن تيمية، 1/307-308. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية: ((أن غسل الجمعة يجب على من له عرق أو ريح يتأذى به غيره، وهو بعض مذهب من يوجبه مطلقاً بطريق الأولى)) الاختيارات العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص30، والمستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد ابن تيمية، جمع محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، 3/41.

وقال الإمام ابن القيم رحمه الله عن غسل يوم الجمعة: ((وهو أمر مؤكد جداً، ووجوبه أقوى من وجوب الوتر، وقراءة البسملة في الصلاة، ووجوب الوضوء من مس النساء، ووجوب الوضوء من مس الذكر، ووجوب الوضوء من القهقهة في الصلاة، ووجوب الوضوء من الرعاف والحجامة، والقيء، ووجوب الصلاة على النبي ﷺ‬ في التشهد الأخير، ووجوب القراءة على المأموم، وللناس في وجوبه ثلاثة أقوال: النفي، والإثبات، والتفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه فيستحب له، والثلاثة لأصحاب أحمد)) زاد المعاد، 1/376-377، وممن أوجب غسل الجمعة من العلماء المتأخرين المعاصرين فضيلة العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، فقد رجح وجوب غسل الجمعة وانتصر له في كتابه [الشرح الممتع، 5/108-110]، أما شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله فقد سبق قوله أن القول بالوجوب قول قوي، ولكن رجح أن غسل الجمعة سنة مؤكدة. والذي أراه أنه ينبغي للمسلم أن يعتني بغسل يوم الجمعة قبل الصلاة؛ لعظم الأمر؛ وللفضل العظيم في ذلك، وخروجاً من خلاف من قال بوجوبه مطلقاً، والله الموفق.

وذكر الحافظ ابن رجب أن أكثر العلماء على أن غسل الجمعة يستحب وليس بواجب، وقد حكي عن عمر، وعثمان، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم من الصحابة y ، وبه قال جمهور فقهاء الأمصار: الثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، وأحمد في ظاهر مذهبه، وإسحاق، ورواه ابن وهب عن مالك، وأما الأمر بالغسل فمحمول على الاستحباب. [فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن رجب، 8/78-82 بتصرف].

([101]) متفق عليه: البخاري، برقم 880، ومسلم واللفظ له، برقم 846، وتقدم في الأدب الأول من آداب الجمعة.

([102]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب السواك يوم الجمعة، برقم 887، وكتاب التمني، باب ما يجوز من اللهو، برقم 7240، ومسلم، كتاب الطهارة، باب السواك، برقم 252.

([103]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء في الزينة يوم الجمعة، برقم 1098، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه 1/326.

([104]) البخاري، برقم 883، 910، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([105]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 2/371.

([106]) ابن ماجه، برقم 1097، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([107]) أبو داود، برقم 343، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([108]) حلة سيراء: أي حرير، وسميت سيراء؛ لأنها مأخوذة من السيور، هذا وجه التشبيه. فتح الباري لابن حجر، 2/374.

([109]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب يلبس أحسن ما يجد، برقم 886، ومسلم، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم لبس الحرير، برقم 2068.

([110]) انظر: فتح الباري لابن حجر 2/374.

([111]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب اللبس للجمعة، برقم 1078، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/297.

([112]) الترمذي، كتاب الجمعة، باب ما جاء في استقبال الإمام إذا خطب، برقم 509، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 1/287، وفي الصحيحة، برقم 2080.

([113]) ابن ماجه،كتاب إقامة الصلوات،باب ما جاء في استقبال الإمام وهو يخطب،برقم 1136،وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه،1/336،وفي الصحيحة، برقم 2080.

([114]) سنن الترمذي، في آخر الحديث رقم 509.

([115]) متفق عليه: البخاري، برقم 881، ومسلم، برقم 850، وتقدم تخريجه في فضل صلاة الجمعة.

([116]) انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن رجب، 8/89.

([117])فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن رجب، 8/90.

([118]) سورة سبأ، الآية: 12.

([119]) النسائي، برقم 1387، والسنن الكبرى للنسائي، 1/526، وأبو داود، برقم 1048، وتقدم تخريجه في ساعة الجمعة.

([120]) اقتبسته من فتح الباري للحافظ ابن رجب، 8/89-100.

([121]) المرجع السابق، 6/53.

([122]) حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/475، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/385.

([123]) سمعته أثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم 850.

([124]) انظر: خلاف العلماء في متى تكون ساعات التبكير: المغني لابن قدامة، 3/169، ورجح أن وقت سعي الفضيلة يكون من أول النهار. وشرح النووي على صحيح مسلم 6/385، ورجح عند أصحابه أن تعيين الساعات من طلوع الفجر. والمفهم للقرطبي 2/485، ورجح قول الإمام مالك وأن تعيين الساعات يكون بعد الزوال. والمقنع والشرح الكبير، 5/275، ورجح كما رجح صاحب المغني. والإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، للمرداوي، 5/275، ورجح أن التبكير الأفضل بعد طلوع الفجر. ونيل الأوطار، 2/506، وقال: ((ومجموع الروايات يدل على أن المراد بالرواح: الذهاب، وما ذكرته المالكية أقرب إلى الصواب، وذكر الأقوال. وانظر: تفصيل جميع الأقوال في فتح الباري،لابن حجر، 2/366-370، ورجح ابن القيم في زاد المعاد، 1/398-407 أن الساعات من أول النهار، وأن الذي يصلي الفجر يجلس في مكانه ينتظر صلاة الجمعة أفضل من الذي يذهب ثم يجيء في وقتها، وبين أن لفظ: ((التهجير إلى الجمعة)) هو التبكير والمبادرة إلى كل شيء وهي لغة أهل الحجاز ومن جاورهم. والرواح هو الذهاب والمضي.

([125]) أبو داود، برقم 345، والترمذي، برقم 496، وابن ماجه، برقم 1087، والنسائي، برقم 1380، وتقدم تخريجه في فضل صلاة الجمعة.

([126]) البخاري، كتاب الجمعة، باب المشي إلى الجمعة... برقم 907.

([127]) انظر: فتح الباري لابن حجر، 2/391-392.

([128]) انظر: المرجع السابق، 2/291-292، والمغني لابن قدامة، 3/168.

([129]) متفق عليه: البخاري: كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، برقم 891، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في يوم الجمعة، برقم 879.

([130]) مسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة، برقم 877.

([131]) مسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة، برقم 878.

([132]) مسلم، كتاب الجمعة، باب ما يقرأ في صلاة الجمعة، برقم 63-(878)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يقرأ به في الجمعة، برقم 1124.

([133]) البيهقي في الكبرى، كتاب الجمعة، باب ما يؤمر به في ليلة الجمعة ويومها من كثرة الصلاة على رسول الله ﷺ‬ ،3/249. وذكر العلامة الألباني طرقه في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 3/397، برقم 1407، ثم قال: ((وبالجملة فالحديث بهذه الطرق حسن على أقل الدرجات، وهو صحيح بدون ذكر ليلة الجمعة؛ لحديث أوس)) وانظر: تمام المنة في التعليق على فقه السنة للألباني، ص324.

([134]) أبو داود، برقم 1047، والنسائي، برقم 1373، وابن ماجه، برقم 1085، وصححه الألباني في هذه المواضع، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم 1527، وتقدم تخريجه في فضل يوم الجمعة، رقم 3.

([135]) متفق عليه: البخاري، برقم 935، ومسلم، برقم 852، وتقدم تخريجه في فضل يوم الجمعة برقم 6.

([136]) تقدمت أقوال أهل العلم في هذه الساعة في فضل يوم الجمعة برقم 6. وانظر: المغني لابن قدامة، 3/237-239.

([137]) البخاري، برقم 910، ورقم 883، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([138]) أبو داود، برقم 343، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([139]) أبو داود، برقم 347، وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([140]) النسائي، كتاب الجمعة، باب النهي عن تخطي رقاب الناس والإمام على المنبر يوم الجمعة، برقم 1398، وأبو داود بلفظه، كتاب الصلاة، باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة، برقم 1118، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/451، وصحيح أبي داود، 1/307.

([141]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، بابٌ: لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد مكانه، برقم 911، ومسلم، كتاب السلام، باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه، برقم 2177.

([142]) مسلم، برقم 28- (2177)، وتقدم تخريجه.

([143]) مسلم، كتاب السلام، باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه، برقم 2178.

([144]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب إذا رأى الإمام رجلاً جاء وهو يخطب أمره أن يصلي ركعتين، برقم 930، وباب من جاء والإمام يخطب صلى ركعتين خفيفتين، برقم 931، وكتاب التهجد، باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم 1166، ومسلم، كتاب الجمعة، باب التحية والإمام يخطب، برقم 875.

([145]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب، برقم 934، ومسلم، كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة، برقم 851.

([146]) مسلم، برقم 857، وتقدم تخريجه في فضائل الجمعة.

([147]) أبو داود، برقم 1113، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/305، وتقدم تخريجه بتمامه في فضائل صلاة الجمعة.

([148]) أحمد في المسند، 1/230، وقال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام، الحديث رقم 478: ((رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو يفسر حديث أبي هريرة في الصحيح مرفوعاً: ((إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت)) ا.هـ. وأورده الحافظ ابن حجر أيضاً في فتح الباري،2/414،وقال عقبه:((وله شاهد قوي في جامع حماد بن سلمة عن ابن عمر موقوفاً)) أهـ.وقال العلامة أحمد شاكر في شرحه وترقيمه لمسند أحمد،برقم 2033: ((إسناده حسن))،وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/184:((رواه أحمد والبزار، والطبراني في الكبير،وفيه مجالد بن سعيد وقد ضعفه الناس،ووثقه النسائي في رواية)).والحديث ضعفه الألباني في مشكاة المصابيح، وفي تمام المنة، ص337.

([149]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 2/414، وسبل السلام للصنعاني، 3/172.

([150]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم478.

([151]) النسائي، برقم 714، وأبو داود، برقم 1079، والترمذي، برقم 322، وابن ماجه، برقم 1133، وحسنه الألباني في هذه المواضع كلها، وتقدم تخريجه في المساجد: أحكام المساجد، برقم 16.

([152]) أبو داود، برقم 1119، والترمذي، برقم 526، وأحمد في المسند، 2/22، 32، 135، وصححه الألباني في سنن أبي داود، 1/208، وقد صرح محمد بن إسحاق بالسماع في رواية أحمد، 2/135، وتقدم تخريجه في المساجد، أحكام المساجد، برقم 17.

([153]) أبو داود،برقم 1110،والترمذي،برقم 514،وقال:هذا حديث حسن،وحسنه الألباني في صحيح أبي داود،1/206،وتقدم تخريجه في المساجد: أحكام المساجد، برقم 21.

([154]) ابن ماجه، برقم 1134، وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/187، وتقدم تخريجه في المساجد.

([155]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الدنو من الإمام عند الموعظة، برقم 1108، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/304.

([156]) أبو داود، برقم 345، والترمذي، برقم 496، وابن ماجه برقم 1087، والنسائي، برقم 1380، وصححه الألباني في هذه المواضع كلها.وتقدم تخريجه في فضائل صلاة الجمعة.

([157]) أبو داود،كتاب الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، برقم 1070، النسائي، كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في التخلف عن الجمعة لمن شهد العيد، برقم 1590، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم، برقم 1310، وأحمد، 4/372، والحاكم، 1/288، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه ابن خزيمة في صحيحه، 2/359، برقم 1464، وصححه ابن المديني كما في تلخيص الحبير، 2/88، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/295، وصحيح النسائي، 1/516، وصحيح ابن ماجه، 1/392.

([158]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد، برقم 1073، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/296.

([159]) وإنا مجمعون: أي مصلون الجمعة.

([160]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم، برقم 1311، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/392.

([161]) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب ما جاء فيما إذا اجتمع العيدان في يوم، برقم 1313، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/392.

([162]) انظر: سبل السلام للصنعاني، 3/179-180 بتصرف يسير.

([163]) المغني، لابن قدامة، 3/243.

([164]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 483. وسمعته يقول أثناء تقريره على الحديث رقم 1644 من منتقى الأخبار للمجدّ ابن تيمية عن فعل ابن الزبير t حينما ترك الظهر اكتفاءً بصلاة العيد: ((وهذا اجتهاد ابن الزبير، والصواب أنه لابد من صلاة الظهر، والنبي ﷺ‬ صلى العيد وصلى الجمعة في يوم واحد،وهذا الذي ينبغي للأمة أن يصلوا العيد ويصلوا الجمعة)).وانظر:المغني لابن قدامة،3/243.

([165]) الحاكم، 2/368، وصحح إسناده، وأخرجه البيهقي، 3/249، وصححه الألباني في إرواء الغليل، 3/93، برقم 626، وفي صحيح الترغيب والترهيب، 1/445، والحديث له عدة ألفاظ ذكرها العلامة الألباني في الإرواء، 3/63-65، وانظر: صحيح الترغيب والترهيب، 1/209، برقم 225، 1/455 ،برقم 736، وانظر: زاد المعاد لابن القيم، 1/377، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/120-122، والمغني لابن قدامة، 3/236.

([166]) الزوراء: قال البخاري رحمه الله: ((موضع بالسوق بالمدينة)) البخاري، برقم 912.

([167]) البخاري، كتاب الجمعة، باب الأذان يوم الجمعة، برقم 912، وباب المؤذن الواحد يوم الجمعة، برقم 913، وباب التأذين عند الخطبة، برقم 916، وباب الجلوس على المنبر عند التأذين، برقم 915.

([168]) فتح الباري لابن حجر، 2/394.

([169]) أخرجه أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم 4607، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، برقم 2676، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، برقم 42-44، وأحمد، 4/46-47، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 3/119 وغيره.

([170]) فتح الباري، لابن حجر، 2/394.

([171]) انظر: إرشاد الساري شرح صحيح البخاري، للقسطلاني، 2/585، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 8/198.

([172]) مجموع فتاوى ابن باز، 12/348.

([173]) انظر: زاد المعاد، لابن القيم، 1/277، 436، 378.

([174]) البخاري، برقم 182، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع: السنن الرواتب.

([175]) مسلم، برقم 881، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع: راتبة الجمعة.

([176]) زاد المعاد، 1/440.

([177]) أبو داود، برقم 1130، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع: راتبة الجمعة.

([178]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 484، وانظر للفائدة ما تقدم في صلاة التطوع: راتبة الجمعة.

([179]) مختصر الخرقي المطبوع مع المغني لابن قدامة، 3/212.

([180]) المغني لابن قدامة، 3/212-213.

([181]) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 24/208.

([182]) المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، لمحمد بن قاسم، 3/127.

([183]) انظر: المغني لابن قدامة، 3/212-215، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف،  5/252- 255، والروض المربع مع حاشية ابن قاسم، 2/462-464، والكافي لابن قدامة، 1/496-497، ومجموع فتاوى العلامة ابن باز، 12/351-358، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، 8/256-263، 264، 266، والشرح الممتع للعلامة ابن عثيمين، 5/92، 93.

([184]) الشرح الممتع، 5/33، و170.

([185]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب استئذان المحدث للإمام، برقم 1114، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/306.

([186]) الحاكم وصححه، 1/218، وتقدم تخريجه في المساجد، أحكام المساجد، برقم 15.

([187]) الحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/218 وتقدم في أحكام المساجد، برقم 15.

([188]) أبو داود، برقم 862 وغيره، وتقدم تخريجه في أحكام المساجد، برقم 28.

([189]) متفق عليه: البخاري، برقم 510، ومسلم، برقم 507، وتقدم تخريجه في أحكام المساجد، برقم 27.

([190]) تقدم في المساجد: أحكام المساجد، برقم 38.

([191]) أبو داود، برقم 1332، وغيره، وتقدم في أحكام المساجد، برقم 14.

([192]) تقدم فضل المشي في المساجد من رقم 1-16.

([193]) تقدمت آداب المشي إلى المساجد في المساجد من رقم 1-16.

([194]) وتقدم تخريجه في الأدب، رقم 17 من هذه الآداب.

([195]) وتقدم تخريجه في الأدب، رقم 17 من هذه الآداب.

([196]) البخاري، برقم 1029، ومسلم، برقم 897.

([197]) أخرجه أحمد في المسند، 1/32، والبيهقي في السنن، 3/182-183، والطيالسي في المسند، برقم 70، وعبد الرزاق في المصنف، كتاب الجمعة، باب من حضر الجمعة فزحم فلم يستطع يركع مع الإمام، 3/233، برقم 5465، و5469، قال العلامة الألباني في تمام المنة في التعليق على فقه السنة، ص341: ((وصله البيهقي، وإسناده صحيح)).

([198]) المغني لابن قدامة، 3/186، فذكره عن أحمد وقال: ((وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال عطاء والزهري ومالك لا يفعل، قال مالك: وتبطل الصلاة)). وانظر: الشرح الكبير، 5/209-211.

([199]) نقله المرداوي في الإنصاف، 5/210 عن ابن عقيل.

([200]) نقله المرداوي في الإنصاف، 5/210.

([201]) الشرح الممتع، 5/64، وانظر: حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/442-443.

([202]) مسلم برقم 710، وتقدم تخريجه في آداب الإمام، وفي آداب المأموم في الإمامة.

([203]) لحديث أنس t يرفعه: ((أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة)) رواه البيهقي وحسّن إسناده الأرناؤوط في تخريج زاد المعاد لابن القيم، 1/376.

([204]) زاد المعاد لابن القيم، 1/387.

([205]) ذكر ذلك الإمام ابن القيم في زاد المعاد، 1/407.

([206]) زاد المعاد لابن القيم، 1/375-425 بتصرف يسير فكل هذه الخصائص لخصتها من هذا الكتاب القيم لابن القيم، فانظر أدلتها هناك.

([207]) البخاري، كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، برقم 904.

([208]) متفق عليه: البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، برقم 4168، ومسلم، كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، برقم 860.

([209]) البخاري، كتاب الجمعة، باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس، برقم 905، وباب القائلة بعد الجمعة، برقم 940.

([210]) نريح نواضحنا: هو جمع ناضح وهو البعير الذي يستقى به، سمي بذلك؛ لأنه ينضح الماء: أي يصبه، ومعنى نريح: أن نريحها من العمل وتعب السقي ونخليها منه، شرح النووي على صحيح مسلم، 6/398.

([211]) مسلم، كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، برقم 858.

([212]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب قول الله تعالى: ] فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ الله وَاذْكُرُوا الله كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [ [الجمعة: 10]، برقم 941، ومسلم، كتاب الجمعة، باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس، برقم 859.

([213]) فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر، 2/387.

([214]) البخاري،كتاب الجمعة،باب وقت الجمعة إذا زالت الشمس،قبل الحديث رقم 903.

([215]) فتح الباري لابن حجر، 2/387.

([216]) الطفنسة: كساء له خمل يجلس عليه، جامع الأصول لابن الأثير، 5/673.

([217]) فتح الباري، لابن حجر، 2/387: نقل هذه الآثار عن الصحابة وصححها كما ترى. ثم ذكر ما يعارض هذه الآثار، ومنها أن عبد الله بن مسعود صلى الجمعة ضحى، وضعفه، ومنها ما نقل أن معاوية صلى الجمعة ضحى، وضعفه أيضاً. وقال في احتجاج بعض الحنابلة بقوله ﷺ‬: ((إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين)) فلما سماه عيداً جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى، وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيداً أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقاً سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم)) فتح الباري لابن حجر، 2/387.

([218]) وأما حديث أنس t: ((كان النبي ﷺ‬ إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة)) يعني الجمعة [البخاري، برقم 906]، فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قوله: ((بابٌ إذا اشتد الحر يوم الجمعة)) لما اختلف ظاهر النقل عن أنس وتقرر أن طريق الجمع أن يحمل الأمر على اختلاف الحال بين الظهر والجمعة كما قدمناه جاء عن أنس حديث آخر يوهم خلاف ذلك ترجم المصنف هذه الترجمة لأجله... قوله: ((وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة)) لم يجزم المصنف بحكم الترجمة لاحتمال الواقع في قوله: يعني الجمعة؛ لاحتمال أن يكون من كلام التابعي، أو من دونه، وهو ظن ممن قاله، والتصريح عن أنس في رواية حميد الماضية أنه كان يبكر بها مطلقاً من غير تفصيل، ويؤيده الرواية المعلقة الثانية فإن فيها البيان: بأن قوله: ((يعني الجمعة) إنما أخذه قائله مما فهمه من التسوية بين الجمعة والظهر عند أنس حيث استدل لما سئل عن الجمعة: ((كان يصلي الظهر)) وأوضح من ذلك رواية الإسماعيلي من طريق أخرى عن حرمي ولفظه: ((سمعت أنساً - وناداه يزيد الضبي يوم الجمعة يا أبا حمزة قد شهدت الصلاة مع رسول الله ﷺ‬ فكيف كان يصلي الجمعة -؟ فذكره ولم يقل يعني الجمعة... وعرف بهذا أن الإبراد بالجمعة عند أنس إنما هو بالقياس على الظهر، لا بالنص، لكن أكثر الأحاديث تدل على التفرقة بينهما)) [فتح الباري لابن حجر، 2/389].

([219]) المغني لابن قدامة، 3/159-160،والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف،5/190.

([220]) اختلف العلماء في أول وقت صلاة الجمعة هل يجوز قبل الزوال، أو لا يجوز إلا بعده. قال الإمام القرطبي رحمه الله على قوله: ((كنا نجمع مع رسول الله ﷺ‬ إذا زالت الشمس)) دليل للجمهور على أحمد بن حنبل وإسحاق، إذ قالا: إنه يجوز أن تصلى الجمعة قبل الزوال، وهذا الحديث مبين للأحاديث التي بعده، ولا متمسك لأحمد وإسحاق في شيء منها مع هذا النص، فإنها كلها محتملة، وهو القاضي عليها المبيِّن لها)) [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 2/495].

وقال الإمام النووي رحمه الله: ((وهذه الأحاديث ظاهرة في تعجيل الجمعة، وقد قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وجماهير العلماء: من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم لا تجوز الجمعة إلا بعد الزوال، ولم يخالف في هذا إلا أحمد بن حنبل، وإسحاق، فجوّزاها قبل الزوال، قال القاضي: وروي في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شيء إلا ما عليه الجمهور، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها، وأنهم كانوا يؤخرون الغداء والقيلولة في هذا اليوم إلى ما بعد صلاة الجمعة؛ لأنهم ندبوا إلى التبكير إليها، فلو اشتغلوا بشيء من ذلك قبلها خافوا فواتها أو فوت التبكير إليها، وقوله: ((نتتبع الفيء)) إنما كان ذلك لشدة التبكير، وقصر حيطانه، وفيه تصريح بأنه كان قد صار فيء يسير، وقوله: ((ما نجد فيئاً نستظل به)) موافق لهذا؛ فإنه لم ينف الفيء من أصله، وإنما نفى ما يستظل به، وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به)) [شرح النووي على صحيح مسلم ،6/397-398].

وقال الإمام ابن الملقن عن حديث سلمة بن الأكوع t: ((فيه دلالة على أن وقت الجمعة وقت الظهر لا يجوز إلا بعد الزوال، وبه قال مالك، وأبو حنيفة، والشافعي، وجماعة العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم، ولم يخالف في ذلك إلا أحمد وإسحاق، فقالا: بجوازها قبل الزوال، قال الخرقي في السادسة تمسكاً بهذا الحديث)) [الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، 4/179].

وقال الخرقي: ((وإن صلوا الجمعة قبل الزوال في الساعة السادسة أجزأتهم)) قال الإمام ابن قدامة: ((وظاهر كلام الخرقي أنه لا يجوز صلاتها فيما قبل السادسة، وروي عن ابن مسعود، وجابر، وسعيد، ومعاوية، أنهم صلوا قبل الزوال. وقال القاضي وأصحابه: يجوز فعلها في وقت صلاة العيد، وقال مجاهد: ما كان للناس عيد إلا في أول النهار، وروي عن ابن مسعود، ومعاوية أنهما صليا الجمعة ضحى، وقالا: إنما عجلنا خشية الحر عليكم، ولأنها عيد فجاز في وقت العيد: كالفطر والأضحى، والدليل على أنها عيد قول النبي ﷺ‬: ((إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين...)) [ابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، 1/326] وقوله ﷺ‬: ((قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان)) [أبو داود وغيره، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/296] وقال أكثر أهل العلم: وقتها وقت الظهر إلا أنه يستحب تعجيلها في أول وقتها؛ لقول سلمة بن الأكوع: ((كنا نجمع مع النبي ﷺ‬ إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء)) متفق عليه. وقال أنس: كان رسول الله ﷺ‬ يصلي الجمعة حين تميل الشمس. رواه البخاري؛ ولأنهما صلاتا وقت فكان وقتهما واحداً، كالمقصورة والتامة؛ ولأن إحداهما بدل عن الأخرى، وقائمة مقامها، فأشبها الأصل المذكور؛ ولأن آخر وقتهما واحد، فكان أوله واحداً: كصلاة الحضر والسفر. ولنا على جوازها في السادسة: السنة والإجماع، أما السنة فما روي عن جابر بن عبد الله قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ يصلي - يعني الجمعة - ثم نذهب إلى جمالنا فنريحها حين تزول الشمس)). أخرجه مسلم. وعن سهل بن سعد قال: ((ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة في عهد رسول الله ﷺ‬)). متفق عليه. قال ابن قتيبة: ((لا يسمى غداء، ولا قائلة بعد الزوال)). وعن سلمة بن الأكوع قال: ((كنا نصلي مع رسول الله ﷺ‬ الجمعة، ثم ننصرف وليس للحيطان فيء نستظل به)). رواه أبو داود. وأما الإجماع فروى الإمام أحمد عن وكيع، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن الحجاج، عن عبد الله بن سيدان قال: ((شهدت يوم الجمعة مع أبي بكر، وكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، ثم شهدتها مع عمر، وكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول انتصف النهار، ثم شهدتها مع عثمان فكانت خطبته وصلاته إلى أن أقول زال النهار، فما رأيت أحداً عاب ذلك ولا أنكره)) [رواه الدارقطني، 2/17، وقال في التعليق المغني على الدارقطني: رواته كلهم ثقات إلا عبد الله بن سيدان متكلم فيه... قال البخاري: لا يتابع على حديثه، وقال أبو القاسم اللالكائي: مجهول، وقال ابن عدي شبه مجهول...] وكذلك روي عن ابن مسعود، وجابر، وسعيد، ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال، وأحاديثهم تدل على أن النبي ﷺ‬ فعلها بعد الزوال في كثير من أوقاته، ولا خلاف في جوازه، وأنه الأفضل، والأولى، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال، ولا تنافي بينهما، وأما في أول النهار، فالصحيح أنها لا تجوز؛ لما ذكره أهل العلم؛ ولأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل: من نص أو ما يقوم مقامه، وما ثبت عن النبي ﷺ‬ ولا عن خلفائه أنهم صلوها في أول النهار؛ ولأن مقتضى الدليل كون وقتها وقت الظهر، وإنما جاز تقديمها عليه بما ذكرنا من الدليل، وهو مختص بالساعة السادسة فلم يجز تقديمها عليها، والله أعلم؛ ولأنها لو صليت في أول النهار لفاتت أكثر المصلين؛ لأن العادة اجتماعهم لها عند الزوال، وإنما يأتيها ضحىً آحاد من الناس وعدد يسير، كما روي عن ابن مسعود أنه أتى الجمعة فوجد أربعة قد سبقوه فقال: رابع أربعة وما رابع أربعة ببعيد. إذا ثبت هذا فالأولى أن لا تصلى إلا بعد الزوال؛ ليخرج من الخلاف، ويفعلها في الوقت الذي كان النبي ﷺ‬ يفعلها فيه في أكثر أوقاته، ويجعلها في أول وقتها في الشتاء والصيف؛ لأن النبي ﷺ‬ كان يعجلها، بدليل الأخبار التي رويناها؛ ولأن الناس يجتمعون لها في أول وقتها، ويبكرون إليها قبل وقتها، فلو انتظر الإبراد بها لشق على الحاضرين، وإنما يجعل الإبراد بالظهر في شدة الحر رفعاً للمشقة التي يحصل أعظم منها بالإبراد بالجمعة)) انتهى كلام ابن قدامة. [المغني، 3/239-242]، وانظر: الشرح الكبير، 5/186-190، والإنصاف للمرداوي، 5/185-190]. ومما يستدل به على أن الجمعة تصح في الساعة السادسة قبل الزوال بساعة حديث أبي هريرة t: ((من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ثم ذكر: الثانية، والثالثة، والرابعة، ثم الخامسة، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر، فيكون حضور الإمام على مقتضى حديث أبي هريرة في الساعة السادسة [انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/41].

وذكر العلامة ابن عثيمين رحمه الله الأقوال الثلاثة:

القول الأول: أول وقت صلاة الجمعة وقت صلاة العيد بعد ارتفاع الشمس، ثم قال: بأن أثر عبد الله بن سيدان ضعيف كما تقدم، وإن صح فليس فيه دليل؛ لأن قوله: كانت خطبته وصلاته قبل نصف النهار يدل على أنها قريبة من النصف، ولو كانت في أول النهار، لقال: كانت صلاته في أول النهار، وهذا يدل على أن صلاة أبي بكر t كانت قريبة من الزوال، والقول بأن صلاة الجمعة تصح قبل الزوال هو المذهب، بل هو من المفردات.

القول الثاني: أنها لا تصح إلا بعد الزوال، وهذا مذهب الأئمة الثلاثة.

القول الثالث: أنها تصح في الساعة السادسة قبل الزوال بساعة استناداً لحديث أبي هريرة: ((من راح في الساعة الأولى))... وهذا القول هو الراجح أنها لا تصح في أول النهار إنما تصح في السادسة، والأفضل على القول بأنها تصح في السادسة أن تكون بعد الزوال وفاقاً لأكثر العلماء. [الشرح الممتع، 5/41-42].

وسمعت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله يقول على حديث سلمة بن الأكوع t: ((وهذا الحديث يدل على أن وقتها وقت الظهر، لكن بمراعاة التبكير في أول وقت الظهر، وبهذا قال جمهور أهل العلم، وقال آخرون: يجوز أن تقدم قبل الزوال، واختلفوا: فبعضهم قال: يكون وقتها بعد ارتفاع الشمس، وقال آخرون: الساعة السادسة قُبيل الزوال، وهذا أظهر؛ لما جاء في الأحاديث الصحيحة من فضل التبكير، وأن في الساعة السادسة يخرج الإمام، والساعة السادسة قُبيل الزوال، والتبكير بالجمعة قبل الزوال لا حرج فيه [يعني في الساعة السادسة] والأحوط، والأولى، والأفضل الخروج من الخلاف، وأن تصلى بعد الزوال عملاً بالأحاديث كلها، وخروجاً من الخلاف، واحتياطاً لهذه العبادة العظيمة)) [سمعته من سماحة الإمام رحمه الله أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 470، وأثناء تقريره على صحيح مسلم، الحديث رقم 858، وسمعته مرة يضعف القول بأن أول وقت الجمعة بعد ارتفاع الشمس كصلاة العيد].

وقال الإمام الشوكاني عن قول الجمهور: لا تصح الصلاة قبل الزوال حتى في الساعة السادسة: ((واستدلالهم بالأحاديث القاضية بأنه ﷺ‬ صلى الجمعة بعد الزوال لا ينفي الجواز قبله)) [نيل الأوطار، 2/539].

([221]) متفق عليه:البخاري،برقم 580،ومسلم،برقم 607،وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.

([222]) وقيل: تدرك بإدراك تكبيرة الإحرام في الوقت، قال العلامة ابن عثيمين: ((الصحيح أن جميع الإدراكات لا تكون إلا بركعة؛ لقول النبي ﷺ‬: ((من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)) هذا منطوق الحديث، ومفهومه أن من لم يدرك ركعة لم يدرك الصلاة، وهذا عام في جميع الإدراكات. [الشرح الممتع، 5/43] وهو الذي اختاره الخرقي رحمه الله في مختصره قال: ((ومتى دخل وقت العصر وقد صلوا ركعة أتموا بركعة أخرى، وأجزأتهم جمعة)) انظر: مختصر الخرقي مع المغني 3/191، والشرح الكبير، 5/190-193، والإنصاف، 5/190.

([223]) المغني لابن قدامة، 3/192.

([224]) اختلف العلماء بما تدرك به صلاة الجمعة في الوقت على النحو الآتي:

1-     ظاهر كلام الخرقي أن الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة في وقتها. واختاره ابن قدامة.

2-     وقال القاضي: متى دخل وقت العصر بعد إحرامه أتمها جمعة، ونحو هذا قال أبو الخطاب؛ لأنه أحرم بها في وقتها أشبه ما لو أتمها فيه.

3-     والمنصوص عن أحمد أنه إذا دخل وقت العصر بعد تشهده وقبل سلامه سلم وأجزأته، وهذا قول أبي يوسف، ومحمد، وظاهر هذا أنه متى دخل الوقت قبل ذلك بطلت أو انقلبت ظهراً.

4-     وقال أبو حنيفة: إذا خرج الوقت قبل فراغه منها بطلت ولا يبني عليها ظهراً؛ لأنهما صلاتان مختلفتان فلا يبني إحداهما على الأخرى كالظهر والعصر، والظاهر أن مذهب أبي حنيفة في هذا كما ذكرنا عن أحمد؛ لأن السلام عنده ليس من الصلاة.

5-     وقال الشافعي: لا يتمها جمعة ويبني عليها ظهراً، لأنهما صلاتا وقت واحد فجاز بناء إحداهما على الأخرى، كصلاة الحضر والسفر، واحتجوا على أنه لا يتمها جمعة بأن ما كان شرطاً في بعضها كان شرطاً في جميعها: كالطهارة وسائر الشروط.

والصواب ما قاله الخرقي وابن قدامة؛ ولهذا قال ابن قدامة: ((ولنا قوله ﷺ‬: ((من أدرك من الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة)) [متفق عليه]؛ ولأنه أدرك من الجمعة ركعة فكان مدركاً لها، كالمسبوق بركعة؛ ولأن الوقت شرط يختص بالجمعة فاكتفي به في ركعة كالجمعة، وما ذكروه ينتقض بالجماعة فإنه يكتفى بإدراكها في ركعة)) المغني، 3/191-192.

([225]) سورة الجمعة، الآية: 9.

([226]) انظر: الشرح الكبير، لابن قدامة مع المقنع والإنصاف، 5/199 .

([227]) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب من أحق بالإمامة، برقم 672 .

([228]) الاختيارات العلمية من الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص119-120، وانظر: الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف للمرداوي المطبوع مع المقنع والشرح الكبير، 5/199، والإحكام شرح أصول الأحكام للعلامة عبد الرحمن بن محمد القاسم، 1/442-444.

([229]) اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في العدد الذي تقوم بهم الجمعة،وقد ذكر الحافظ ابن حجر خمسة عشر قولاً:فقيل:تصح من الواحد، وقيل: اثنان كالجماعة، وقيل: اثنان مع الإمام، وقيل: ثلاثة مع الإمام، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثنا عشر، وقيل: اثنا عشر غير الإمام، وقيل: عشرون، وقيل: ثلاثون، وقيل: أربعون بالإمام، وقيل: أربعون غير الإمام، وقيل: خمسون، وقيل: ثمانون، وقيل: جمع كثير بغير قيد، قال ابن حجر: ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل، ويمكن أن يزداد العدد باعتبار زيادة شرط: كالذكورة، والحرية، والبلوغ، والإقامة، والاستيطان، فيكمل بذلك عشرين قولاً. انظر فتح الباري لابن حجر، 2/423، بتصرف.

([230]) سمعته أثناء تقريره على بلوغ المرام لابن حجر، الحديث رقم 491.

([231]) سمعته أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 936.

([232]) وقد استدل الإمام الشافعي، والإمام أحمد وعمر بن عبد العزيز وغيرهم في اشتراط الأربعين لصلاة الجمعة، بما رواه أبو داود، برقم 1069، وابن ماجه، برقم 1082 عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وكان قائد أبيه بعدما عمي بصره، عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحّم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة؟ قال: لأنه أوّل من جمّع بنا في هزم النبيت من حرة بني بياضة في نقيع يقال له نقيع الخصمان، قلت: كم كنتم يومئذ؟ قال: أربعون)) [وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/295، وصحيح ابن ماجه 1/320، والعلامة ابن باز في مجموع الفتاوى، 12/361. وقال الشوكاني: وصحح الحافظ إسناده]. وذكر الإمام الشوكاني أيضاً: ((بأنه لا دلالة في الحديث على اشتراط الأربعين؛ لأن هذه واقعة عين، وذلك أن الجمعة فرضت على النبي ﷺ‬ وهو بمكة قبل الهجرة كما أخرجه الطبراني عن ابن عباس، فلم يتمكن من إقامتها هنالك من أجل الكفار، فلما هاجر من هاجر من أصحابه إلى المدينة كتب إليهم يأمرهم أن يجمِّعوا، واتفق أن عدتهم إذن كانت أربعين، وليس فيه ما يدل على أن ما دون الأربعين لا تنعقد بهم الجمعة، وقد تقرر في الأصول أن وقائع الأعيان لا يحتج بها على العموم... وما أخرجه الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال: أول من قدم المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير وهو أول من جمع بها يوم الجمعة قبل أن يقدم النبي ﷺ‬، وهم اثنا عشر رجلاً، وفي إسناده صالح بن أبي الأخضر وهو ضعيف. قال الحافظ: ويجمع بينه وبين حديث الباب بأن أسعد كان أميراً، ومصعب كان إماماً...)) انتهى كلام الشوكاني في نيل الأوطار، 2/494-495. وأما ما أخرجه الدراقطني عن جابر t: ((مضت السنَّة أن في كل أربعين فما فوق جمعة وأضحى وفطر)). فقال العلامة الألباني في إرواء الغليل، 3/69: ((ضعيف جداً)). وسمعت شيخنا ابن باز يقول أثناء تقريره على بلوغ المرام، الحديث رقم 491: ((ضعيف))؛ بل قد ضعفه ابن حجر في البلوغ أيضاً.

([233]) المغني، لابن قدامة، 3/203.

([234]) المرجع السابق، 3/203.

([235]) انظر: الشرط السادس من شروط فرضية الجمعة.

([236]) البخاري، كتاب الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، برقم 892، وكتاب المغازي، باب وفد عبد القيس، برقم 4371.

([237]) فتح الباري، لابن حجر، 2/380، وذكر آثاراً عن الصحابة في إقامة الجمع في القرى. وانظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/498.

([238]) أبو داود، برقم 1069، وابن ماجه، برقم 1082، وتقدم في شرط الجماعة في صلاة الجمعة في الهامش.

([239]) تقدم تحت حكم صلاة الجمعة من تجب عليه ومن لا تجب عليه، رقم 6، وانظر: فتاوى ابن تيمية، 24/160، 190، واختيارات ابن تيمية، ص119، وانظر أيضاً: الإحكام في شرح أصول الأحكام لابن قاسم، 1/445، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/55.

([240]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب الخطبة قائماً، برقم 920، وباب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة، برقم 928، ومسلم، كتاب الجمعة، باب ذكر الخطبتين قبل الصلاة وما فيهما من الجلسة، برقم 861.

([241]) مسلم، كتاب الجمعة، باب ذكر الخطبتين وما فيهما من الجلسة، برقم 862.

([242]) البخاري، كتاب الأذان، باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة، برقم 631.

([243]) سورة الجمعة، الآية: 9.

([244]) المغني لابن قدامة، 3/171، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/219.

([245]) أخرجه ابن أبي شيبة في باب الرجل تفوته الخطبة،من كتاب الصلاة في المصنف،2/128.

([246]) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الصلاة، باب الرجل تفوته الخطبة، 2/128.

([247]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/398، والمغني لابن قدامة، 3/171، 173، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/219.

([248]) انظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين، 5/66.

([249]) من أهل العلم من جعل هذه الأربعة الأمور من شروط صحة الخطبتين فلا تصح إلا بها، فقال: ((من شرط صحة الخطبتين: حمد الله، والصلاة على رسوله محمد ﷺ‬، وقراءة آية، والوصية بتقوى الله تعالى، وقال الإمام ابن قدامة، رحمه الله: ((ومن شرط صحتهما: حمد الله تعالى، والصلاة على رسوله ﷺ‬، وقراءة آية، والوصية بتقوى الله تعالى، وحضور العدد المشترط)) [المقنع مع الشرح الكبير والإنصاف، 5/218، وانظر: المغني له، 3/173-176]. وقال الشيخ العلامة الزركشي: ((واعلم أن هذه الأربع: من الحمد، والصلاة، والقراءة، والموعظة أركان للخطبتين، لا تصح واحدة من الخطبتين إلا بهن)) [شرح الزركشي على مختصر الخرقي، 2/178] وذكر الإمام النووي أنه يشترط عند الشافعي في الخطبة: الوعظ، والقرآن، وأن الخطبتين لا تصح إلا بحمد الله تعالى، والصلاة على رسول الله ﷺ‬، والوعظ قال: ((وهذه الثلاثة واجبات في الخطبتين، وتجب قراءة آية من القرآن في إحداهما على الأصح، ويجب الدعاء للمؤمنين في الثانية على الأصح، وقال مالك وأبو حنيفة والجمهور:يكفي من الخطبة ما يقع عليه الاسم)) [شرح النووي على صحيح مسلم،6/399]، وذكر عن ابن تيمية أن ذم الدنيا وذكر الموت لا يكفي في الخطبة، بل لابد من مسمى الخطبة عرفاً، ولا تحصل باختصار يفوت به المقصود، ويجب في الخطبة أن يشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، وأوجب في موضع آخر الشهادتين، وتردد في وجوب الصلاة على النبي ﷺ‬ في الخطبة وقال في موضع آخر ويحتمل - وهو الأشبه - أن الصلاة عليه ﷺ‬ فيها واجبة مع الدعاء، ولا تجب مفردة؛ لقول عمر وعلي رضي الله عنهما : الدعاء موقوف بين السماء والأرض حتى تصلي على نبيك ﷺ‬، وتقديم الصلاة عليه ﷺ‬ على الدعاء؛ لوجوب تقديمه على النفس، وبين أن الأمر بتقوى الله واجب إما بالمعنى وهو أشبه من أن يقال الواجب لفظ التقوى، وصرح بوجوب القراءة في الخطبة. [انظر: الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص120-121]. وانظر: الإنصاف لمعرفة الراجح من الخلاف مع المقنع والشرح الكبير، 5/220-221، وقال العلامة السعدي رحمه الله: ((وأما اشتراط تلك الشروط في الخطبتين: الحمد، والصلاة على رسول الله، وقراءة آية من كتاب الله فليس على اشتراط ذلك دليل، والصواب أنه إذا خطب خطبة يحصل بها المقصود والموعظة، أن ذلك كافٍ وإن لم يلتزم بتلك المذكورات، نعم من كمال الخطبة الثناء فيها على الله وعلى رسوله، وأن تشتمل على قراءة شيء من كتاب الله، أما كون هذه الأمور شروطاً لا تصح إلا بها سواء تركها عمداً أو خطأ أو سهواً ففيه نظر ظاهر، وكذلك كون مجرد الإتيان بهذه الأركان الأربعة من دون موعظة تحرك القلوب يجزئ ويسقط الواجب وذلك لا يحصل به مقصود فغير صحيح)) [المختارات الجلية، ص70].

([250]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867.

([251]) انظر: مسند الإمام أحمد، 2/359، وسنن أبي داود، برقم 4840، وابن ماجه، برقم 1894، وابن حبان، برقم 1993 (موارد).

([252]) الترمذي، كتاب الوتر، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي ﷺ‬، برقم 486، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي، 1/274، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة تحت الحديث رقم 2035.

([253]) الطبراني في الأوسط 4/448 مصورة الجامعة الإسلامية، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة لكثرة طرقه، الحديث رقم 2035.

([254]) مسلم، برقم 862، وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة صلاة الجمعة.

([255]) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس،برقم 1101، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود،1/303،وأصله في صحيح مسلم،برقم 866.

([256]) التنور: الكانون يخبز فيه. القاموس المحيط، ص456.

([257]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة، والخطبة، برقم 873.

([258]) سورة الزخرف، الآية: 77.

([259]) متفق عليه: البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدم من ذنبه، برقم 3230، ومسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة، والخطبة، برقم 871.

([260]) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/410.

([261]) منذر جيش: المنذر: المعلم المعروف للقوم بما يكون قد دهمهم من عدو أو غيره، وهو المخوف. جامع الأصول لابن الأثير، 5/680.

([262]) الهدي:السيرة والطريقة.جامع الأصول، 5/680،قال النووي:((لفظ الهدي له معنيان:أحدهما بمعنى الدلالة والإرشاد،وهو الذي يضاف إلى الرسل والقرآن والعباد.

والثاني: بمعنى اللطف والتوفيق والعصمة والتأييد وهو الذي تفرد الله به)) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/403.

([263]) الضياع: العيال، جامع الأصول لابن الأثير، 5/680. والضياع: الأطفال والعيال. شرح النووي، 6/404.

([264]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867.

([265]) ضماد:هو ضماد بن ثعلبة الأزدي من أزد شنوءة،تمييز الصحابة لابن حجر، 2/210.

([266]) الريح: أي الأرواح الخبيثة [الجن].

([267]) ناعوس البحر: قيل: لجته، وقيل: وسطه، وقيل: قعره الأقصى، وقيل: عمقه ولجته. شرح النووي على مسلم، 6/406-407.

([268]) مطهرة: الميضأة والمطهرة: ما يتوضأ به ويتطهر فيه من الآنية، تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص112.

([269]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 868.

([270]) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/405-406.

([271]) سورة آل عمران، الآية: 102.

([272]) سورة النساء، الآية: 10.

([273]) سورة الأحزاب، الآيتان: 70-71.

([274]) ابن ماجه، كتاب النكاح، باب خطبة النكاح، برقم 1892، والترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في خطبة النكاح، برقم 1105، وأبو داود، كتاب النكاح، باب في خطبة النكاح، برقم 2118، والنسائي، كتاب الجمعة، باب كيفية الخطبة، برقم 1403، واللفظ لابن ماجه، وصححه الألباني في هذه المواضع كلها.

([275]) هذه من رواية ابن عباس الآتية، وتقدمت أيضاً في قصة ضماد من حديث ابن عباس.

([276]) انظر تمام المنة في التعليق على فقه السنة للألباني، ص335.

([277]) ابن ماجه، كتاب النكاح، باب خطبة النكاح، برقم 1893، وصححه الألباني في هذا الموضع، وفي خطبة الحاجة (31)، وأصله في صحيح مسلم، برقم 868 في قصة ضماد، وتقدمت.

([278]) انظر: تمام المنة في التعليق على فقه السنة، للألباني، ص335.

([279]) مسلم،من حديث جابر،برقم 867،وتقدم وما بين المعقوفين من سنن النسائي،برقم 1577.

([280]) النسائي، كتاب صلاة العيدين، باب كيف الخطبة، برقم 1577، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/512، وهو في مسلم كما تقدم إلا ((وكل ضلالة في النار)).

([281]) زاد المعاد، 1/398، وانظر هديه ﷺ‬ في خطبته في زاد المعاد،1/186-191 و1/425-440.

([282]) أبو داود، كتاب الأدب، باب في الخطبة، برقم 4841، والترمذي، في كتاب النكاح، باب ما جاء في خطبة النكاح، برقم 1106، وقال: حديث حسن صحيح غريب، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 3/189، وصحيح سنن الترمذي، 1/562، وهو في مسند أحمد، 2/302-343.

([283]) زاد المعاد، فصل في هديه ﷺ‬ في خطبته، 1/188-189.

([284]) متفق عليه من حديث أبي هريرة t: البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، برقم 1240، ومسلم، كتاب السلام، باب من حق المسلم على المسلم رد السلام، برقم 2162.

([285]) مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، برقم 54.

([286]) روي ذلك عن جابر يرفعه: ((كان إذا صعد المنبر سلم)) ابن ماجه، برقم 1109، وفيه ابن لهيعة.

([287]) عن عطاء أن النبي ﷺ‬ كان إذا صعد المنبر، أقبل بوجهه على الناس، فقال: السلام عليكم. مصنف عبد الرزاق، 3/192 مرسلاً، برقم 5281. وعن الشعبي قال: كان رسول الله ﷺ‬ إذا صعد المنبر [يوم الجمعة] أقبل على الناس بوجهه وقال: ((السلام عليكم))، فكان أبو بكر وعمر يفعلان ذلك بعد النبي ﷺ‬. مصنف عبد الرزاق، 3/193، برقم 5282، وابن أبي شيبة، 2/114، واللفظ له، وصحح مرسل عطاء الأرناؤوط في تحقيق زاد المعاد، 1/187، وقال الألباني في الأحاديث الصحيحة تحت الحديث رقم 2076 عن مرسل الشعبي: ((هو مرسل لا بأس به في الشواهد) وقال عن مرسل عطاء: ((ورجاله ثقات رجال الشيخين)). وقال الألباني أيضاً في تمام المنة، ص333: ((هذان المرسلان... يقويان حديث جابر ولا سيما وقد جرى عمل الخلفاء عليه كما حققته في الصحيحة (2076) بما لا تراه في مكان آخر إن شاء الله تعالى)).

([288]) عن أبي نضرة قال: كان عثمان قد كبر فإذا صعد المنبر سلم فأطال قدر ما يقرأ إنسان أم الكتاب)) ابن أبي شيبة، 2/114، وقال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 5/107، تحت الحديث رقم 2076: ((وإسناده صحيح)).

([289]) عن عمر بن هاجر أن عمر بن عبد العزيز كان إذا استوى على المنبر سلم على الناس وردوا عليه. ابن أبي شيبة، 2/114، وقال الألباني في الصحيحة، 5/107، برقم 2076: ((وسنده صحيح)).

وروى البيهقي عن ابن عمر قال: ((كان رسول الله ﷺ‬ إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس، فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم)). البيهقي في الكبرى ، 3/205، وقال: ((وروي في ذلك عن ابن عباس، وابن الزبير، ثم عن عمر بن عبد العزيز، 3/205. وقد أشار العلامة الألباني إلى هذا الشاهد لما سبق بقوله: ((وللحديث شاهد آخر من حديث ابن عمر مرفوعاً به وفيه زيادة أوردته من أجلها في الضعيفة (4194) من رواية البيهقي وابن عساكر)) الأحاديث الصحيحة، 5/107.

([290]) الأحاديث الصحيحة، 5/107.

([291]) الشرح الممتع، 5/80.

([292]) انظر: الشرح الكبير، لابن قدامة، 5/236، وزاد المعاد لابن القيم ،1/186.

([293]) قال ابن قدامة في الشرح الكبير، 5/235:((ويستحب أن يكون المنبر عن يمين القبلة؛لأن النبي ﷺ‬ هكذا صنع)) وقال المرداوي في الإنصاف: ((لكن يكون المنبر عن يمين مستقبلي القبلة)) وعبر عنه:((عن يمين مستقبل القبلة بالمحراب يلي جنبه من جهة يمين المصلي في المحراب)) حاشية ابن قاسم على الروض المربع،20/452.

([294]) حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/452.

([295]) لسان العرب، لابن منظور، باب الراء، فصل الميم، 5/189.

([296]) البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، برقم 377، وباب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد، برقم 448، وكتاب الجمعة، باب الخطبة على المنبر، برقم 917.

([297]) البخاري، كتاب الصلاة، باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد، برقم 449،وكتاب الجمعة،باب الخطبة على المنبر،برقم 918،وكتاب البيوع، باب النجار،برقم 2095،وكتاب المناقب،باب علامات النبوة في الإسلام،برقم 3585.

([298]) بدَّن: بدَّن الرجل بالتشديد: إذا كبر، وبالتخفيف: ((بَدَنَ)) إذا سمن. جامع الأصول لابن الأثير، 11/188.

([299]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب اتخاذ المنبر، برقم 1081، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/202.

([300]) مسلم، كتاب المساجد، باب جواز الخطوة والخطوتين في الصلاة، برقم 544.

([301]) مسلم، كتاب الصلاة، باب دنوِّ المصلي من السترة، برقم 509.

([302]) البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب ما ذكر عن النبي ﷺ‬ وحض على اتفاق أهل العلم وما يجتمع عليه الحرمان: مكة والمدينة، وما كان بهما من مشاهد النبي ﷺ‬ والمهاجرين والأنصار، ومصلى النبي ﷺ‬ والمنبر، برقم 7334.

([303]) أبو داود،كتاب الصلاة،باب الجلوس إذا صعد المنبر،برقم 1092،وصححه الألباني في صحيح أبي داود،1/301،وأصل الحديث متفق عليه:البخاري،برقم 920، ومسلم،برقم 862،وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة صلاة الجمعة.

([304]) مسلم، برقم 862، وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة الجمعة، وقوله: ((ألفي صلاة: المراد الصلوات الخمس لا الجمعة؛ فإنها أقل من ذلك. انظر: شرح النووي، 6/400.

([305]) العير: الإبل التي تحمل الطعام. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/400.

([306]) سورة الجمعة، الآية: 11.

([307]) متفق عليه: البخاري، كتاب الجمعة، باب إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة فصلاة الإمام ومن بقي جائزة، برقم 936، ومسلم، كتاب الجمعة، باب قوله تعالى: ] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لـَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَالله خَيْرُ الرَّازِقِينَ [، برقم 863.

([308]) مسلم، كتاب الجمعة،باب قوله تعالى:] وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لـَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ الله خَيْرٌ مِّنَ اللهوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَالله خَيْرُ الرَّازِقِينَ [،برقم 864.

([309]) متفق عليه: البخاري، برقم 920، ومسلم، برقم 861، وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة الجمعة.

([310]) ذهب الإمام الشافعي إلى أن خطبة الجمعة لا تصح من القادر على القيام إلا قائماً في الخطبتين، ولا يصح حتى يجلس بينهما، وأن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين... وقال أبو حنيفة ومالك والجمهور: الجلوس بين الخطبتين سنة ليس بواجب ولا شرط. شرح النووي على صحيح مسلم، 6/398-399، وذكر ابن قدامة أن الجلسة بين الخطبتين ليست بواجبة في قول أكثر أهل العلم، وذكر قول الشافعي بالوجوب. ثم رجح أنها مستحبة؛ لأنه قد سرد الخطبة جماعة منهم: المغيرة بن شعبة، وأبي بن كعب، وعلي؛ ولأن جلوس النبي ﷺ‬ كان للاستراحة فلم تكن واجبة. المغني لابن قدامة، 3/176-177.

([311]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب الرجل يخطب على قوس، برقم 1096، وحسن إسناده في التلخيص، 2/65، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/302.

([312]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب يخطب على قوس، برقم 1145، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/314.

([313]) انظر: نيل الأوطار للشوكاني، 2/551.

([314]) زاد المعاد، 1/429.

([315]) أشكلت علي هذه المسألة في زاد المعاد، 1/429، فسألته فأجاب رحمه الله.

([316]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب إقصار الخطب، برقم 1107، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود، 1/303.

([317]) أبو داود، كتاب الصلاة، باب إقصار الخطب، برقم 1106، وصححه الألباني في صحيح أبي داود، 1/303.

([318]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 869.

([319]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 866.

([320]) النسائي، كتاب الجمعة، باب ما يستحب من تقصير الخطبة، برقم 1414، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/456.

([321]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/402.

([322]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 6/402-408.

([323]) انظر: الشرح الممتع لابن عثيمين، 5/86.

([324]) مسلم، برقم 867، وتقدم تخريجه في الشرط الرابع من شروط صحة الخطبة.

([325]) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/405-406.

([326]) البخاري،برقم 912، 913، 915، 916،وتقدم تخريجه في آداب الجمعة،رقم 23.

([327]) مسلم، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 874.

([328]) الترمذي، كتاب الجمعة، باب كراهية رفع الأيدي على المنبر، برقم 515.

([329]) أبو داود، كتاب الصلاة،باب رفع اليدين على المنبر،برقم 1104،وأحمد،4/136.

([330]) البخاري، برقم 1029، ومسلم، برقم 897، وتقدم تخريجه.

([331]) شرح النووي على صحيح مسلم، 6/411.

([332]) متفق عليه: البخاري، كتاب الاستسقاء، باب رفع الإمام يده في الاستسقاء، برقم 1031، وكتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ‬، برقم 3565، ومسلم، كتاب الاستسقاء، باب رفع اليدين بالدعاء في الاستسقاء، برقم 895.

([333]) شرح النووي على صحيح مسلم،6/442،وانظر:فتح الباري لابن حجر،2/517.

([334]) سمعت شيخنا ابن باز رحمه الله يذكر أثناء تقريره على صحيح البخاري، الحديث رقم 6341 أن الأصل في الدعاء رفع اليدين إلا المواطن التي لم يرفع فيها النبي ﷺ‬ وقد وجدت أسباب الرفع فلم يرفع فنحن لا نرفع.

وذكر العلامة ابن عثيمين أنه لا يحرك الخطيب يديه عند الانفعال.الشرح الممتع،5/85.

([335]) متفق عليه: البخاري، كتاب المناقب، باب صفة النبي ﷺ‬، برقم 3567، 3568، ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أبي هريرة الدوسي t، برقم 160-(2493) وكتاب الزهد، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم، برقم 71-(2493).

([336]) انظر: فتح الباري، لابن حجر، 6/578-579.

([337]) فتح الباري، لابن حجر، 6/578-579.

([338]) انظر: شرح النووي، 16/287، و18/339، والكافي لابن قدامة، 1/493.

([339]) نقلاً عن حاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/456، وانظر: الشرح الكبير، 5/240، والمغني لابن قدامة، 3/179، والكافي، 1/492.

([340]) الترمذي، برقم 509، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 6.

([341]) ابن ماجه، برقم 1136، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 6.

([342]) الكافي لابن قدامة، 1/494، والشرح الكبير، 5/243، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، والشرح الممتع، وكأنه توقف عن السنية حتى يأتي الدليل، وبين بأنه إذا لم يكن دليل فهو جائز. الشرح الممتع، 5/87.

([343]) النسائي، كتاب الجمعة، باب عدد صلاة الجمعة، برقم 1419، وكتاب تقصير الصلاة في السفر، برقم 1239، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلوات، باب تقصير الصلاة، برقم 1063، 1064، وأحمد، 1/37، وصححه الألباني في صحيح النسائي، 1/457، 464، وفي صحيح ابن ماجه، 1/315، وفي إرواء الغليل، 3/105، برقم 638.

([344]) الإجماع لابن المنذر، ص45، برقم 73، وانظر: الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 5/248، وحاشية ابن قاسم على الروض المربع، 2/460، والشرح الممتع لابن عثيمين، 5/88.

([345]) مسلم، برقم 877، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 11.

([346]) مسلم، برقم 877، وتقدم تخريجه في آداب الجمعة برقم 11.

([347]) رواية لمسلم، برقم 63 (878).

([348]) انظر: الشرح الكبير، لابن قدامة،5/249،وحاشية ابن قاسم على الروض،2/460.

([349]) متفق عليه:البخاري،برقم 580،ومسلم،برقم 607،وتقدم تخريجه في صلاة الجماعة.

([350]) ابن ماجه،كتاب إقامة الصلوات،باب ما جاء فيمن أدرك من الجمعة ركعة،برقم 1123،والنسائي،كتاب المواقيت،باب من أدركه من الصلاة،برقم 556، 557، والدارقطني،2/12،برقم 12،وصححه الألباني في إرواء الغليل،3/84،برقم 622.

([351]) قال الإمام ابن قدامة: ((أكثر أهل العلم يرون أن من أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام فهو مدرك لها ويضيف إليها أخرى، ويجزئه، وهذا قول ابن مسعود، وابن عمر، وأنس، وسعيد بن المسيب، والحسن، وعلقمة، والأسود، وعروة، والزهري، والنخعي، ومالك، والشافعي، والثوري، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، وقال: عطاء، وطاوس، ومجاهد، ومكحول: من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً؛ لأن الخطبة شرط للجمعة فلا تكون جمعة في حق من لم يوجد في حقه شرطها)) ثم رجح ابن قدامة رحمه الله: أن من أدرك ركعة فقد أدرك الصلاة، ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا مخالف لهم في عصرهم [المغني لابن قدامة، 3/183-184] وانظر: الشرح الكبير لابن قدامة، 5/204-206، والشرح الممتع، 5/61-62.

([352]) المغني لابن قدامة، 3/184.

([353]) البخاري، برقم 182، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([354]) مسلم، برقم 881، وتقدم تخريجه في صلاة التطوع.

([355]) تقدم الكلام عن سنة الجمعة بعدها في آداب الجمعة، برقم 26.