الوصف
وجوب صلاة الجماعة في المسجد: خطبةٌ ذكر فيها الشيخ الأدلة من الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح على وجوب صلاة الجماعة في المسجد.
للل
وجوب صلاة الجماعة في المساجد
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليماً كثيراً، أَمّا بعد:
عباد الله! اتقوا الله تعالى كما أمركم بذلك فقال: â يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا á.
عباد الله: إن صلاة الجماعة فرض عين على الرجال المكلفين القادرين، حضراً وسفراً، للصلوات الخمس؛ لأدلة صريحة كثيرة من الكتاب والسنة الصحيحة، والآثار، ومنها ما يأتي:
أمر الله تعالى حال الخوف بالصلاة جماعة فقال: ]وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ[([1])، فالله ﷻ أمر بالصلاة في الجماعة في شدة الخوف، ثم أعاد هذا الأمر سبحانه مرة ثانية في حق الطائفة الثانية، فلو كانت الجماعة سُنَّة لكان أولى الأعذار بسقوطها عذر الخوف، ولو كانت فرض كفاية لأسقطها سبحانه عن الطائفة الثانية بفعل الأولى، فدّل ذلك على أن الجماعة فرض على الأعيان.
وأمر الله ﷻ بالصلاة مع المصلين فقال: ]وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ[([2])،فقد أمر الله ﷻ بالصلاة مع جماعة المصلين، والأمر يقتضي الوجوب.
وعاقب الله من لم يُجب المؤذن فيصلي مع الجماعة بأن حال بينهم وبين السجود يوم القيامة، قال ﷻ: ]يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ[([3]). فقد عاقب سبحانه من لم يجب الداعي إلى الصلاة مع الجماعة بأن حال بينه وبين السجود يوم القيامة، وعن أبي سعيد الخدري t قال:سمعت النبي ﷺ يقول:((يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياءً وسمعة،فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً)).وفي لفظ: ((.. فيُكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من كان يسجد اتقاءً ورياءً إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خرَّ على قفاه..))([4]).
وهذا فيه عقوبة للمنافقين وأن ظهورهم يوم القيامة تكون طبقاً واحداً: أي فقار الظهر كله يكون كالفقارة الواحدة، فلا يقدرون على السجود([5]).
وأمر النبي ﷺ بالصلاة مع الجماعة، فعن مالك بن الحويرث t قال: أتيت النبي ﷺ في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة – وكان رحيماً رفيقاً- فلما رأى شوقنا إلى أهالينا قال: ((ارجعوا فكونوا فيهم، وعلّموهم، وصلُّوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم))([6]).
فالنبي ﷺ أمر بصلاة الجماعة، والأمر يقتضي الوجوب.
وهمّ النبي ﷺ بتحريق البيوت على المتخلفين عن صلاة الجماعة؛ فعن أبي هريرة t أن رسول الله ﷺ فقد ناساً في بعض الصلوات فقال: ((لقد هممتُ أن آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أُخالِفَ([7]) إلى رجالٍ يتخلَّفون عنها فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم، ولو عَلِمَ أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها)). وهذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: ((والذي نفسي بيده لقد هممتُ أن آمر بحطب ليحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذّن لها، ثم آمر رجلاً فيؤمُّ الناس، ثم أخالف إلى رجالٍ فأحرّق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقاً سميناً([8])، أو مرماتين حسنتين([9]) لشهد العشاء)). وفي لفظ لمسلم: ((إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً([10])، ولقد هممتُ أن آمر بالصلاة فتُقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قومٍ لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار))([11]). وفي هذا الحديث دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين([12]).
ولم يرخص النبي ﷺ للأعمى بعيد الدار في التخلف عن الجماعة؛ فعن أبي هريرة t قال: أتى النبي ﷺ رجل أعمى فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله ﷺ أن يرخص له؛ فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولَّى دعاه فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة؟)) فقال: نعم، قال: ((فأجب))([13]).
وعن ابن أم مكتوم t أنه سأل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، إني رجل ضرير البصر، شاسع الدار، ولي قائد لا يلائمني، فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: ((هل تسمع النداء؟)) قال: نعم، قال: ((لا أجد لك رخصة))([14]). وفي لفظ أنه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي ﷺ: ((أتسمع حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح؟ فحي هلا([15])))([16]).
وهذا يصرح فيه النبي ﷺ بأنه لا رخصة للمسلم في التخلف عن صلاة الجماعة إذا سمع النداء،ولو كان مخيراً بين أن يصلي وحده أو جماعة، لكان أولى الناس بهذا التخيير هذا الأعمى الذي قد اجتمع له ستة أعذار: كونه أعمى البصر،وبعيد الدار،والمدينة كثيرة الهوام والسباع، وليس له قائد يلائمه،وكبير السن،وكثرة النخل والشجر بينه وبين المسجد([17]).
وبيَّن النبي ﷺ أن من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهماعن النبي ﷺ أنه قال: ((من سمع النداء فلم يأته فلا صلاةَ له إلا من عُذرٍ))([18]). وهذا يدل على أن صلاة الجماعة فرض عين، وقال الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله: ((معنى لا صلاة له: أي لا صلاة كاملة بل ناقصة، والجمهور على الإجزاء...))([19]).
وتركُ صلاة الجماعة من علامات المنافقين ومن أسباب الضلال؛ لقول عبد الله بن مسعود t: ((لقد رأيتُنا وما يتخلَّف عن الصلاة إلا منافق قد عُلِم نفاقه، أو مريض، إن كان المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلاة، وقال: إن النبي ﷺ علمنا سنن الهُدى، وإن من سنن الهُدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه)). وفي رواية: أن عبد الله قال: ((من سرَّه أن يلقى الله تعالى غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات، حيثُ يُنادَى بهِنَّ؛ فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى([20])، وإنهنَّ من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يُصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم([21])، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجدٍ من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفعه بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتُنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يُهادى بين الرجلين([22]) حتى يقام في الصف))([23]).
وهذا يدل على أن التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم،وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب،ولا بفعل مكروه، ومعلوم أن من استقرأ علامات النفاق في السنة وجدها إما بترك فريضة، أو فعل محرم([24])،وفي هذا كله تأكيد أمر الجماعة،وتحمل المشقة في حضورها،وأنه إذا أمكن المريض ونحوه التوصل إليها استحب له حضورها([25]).
وعن أبي هريرة t عن النبي ﷺ قال: ((إن للمنافقين علامات يُعرَفون بها: تحيتهم لعنةٌ، وطعامهم نُهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هَجْراً([26])، ولا يأتون الصلاة إلا دَبْراً([27]) مستكبرين، لا يألفون ولا يُؤلفون،خُشُبٌ([28]) بالليل،صُخُبٌ بالنهار))([29]).وفي لفظ: ((سُخُبٌ بالنهار))([30]).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء وصلاة الفجر أسأنا به الظن))([31]). وفي رواية عنه t: ((كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة الغداة أسأنا به الظن))([32]).
وتارك صلاة الجماعة متوعد بالختم على قلبه؛لحديث ابن عباس وابن عمر y أنهما سمعا النبي ﷺ يقول على أعواده([33]): ((لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم([34]) الجماعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكوننَّ من الغافلين))([35]). وهذا التهديد لا يكون إلا على ترك واجب عظيم.
واستحواذ الشيطان على قوم لا تقام فيهم الجماعة؛ لحديث أبي الدرداء t قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((ما من ثلاثة في قرية، ولا بدوٍ لا تقام فيهم الصلاة([36]) إلا قد استحوذ عليهم الشيطان([37])، فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية))([38]). قال زائدة: قال السائب: يعني بالجماعة: الصلاة في الجماعة([39])، فقد أخبر النبي ﷺ باستحواذ الشيطان عليهم بترك الجماعة التي شعارها الأذان، وإقامة الصلاة، ولو كانت الجماعة ندباً يخير الرجل بين فعلها وتركها لما استحوذ الشيطان على تاركها وتارك شعارها([40]).
وتحريم الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي صلاة الجماعة؛ لحديث أبي الشعثاء قال: كنا قعوداً في المسجد مع أبي هريرة t فَأَذَّن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصره حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة t: ((أمَّا هذا فقد عصى أبا القاسم ﷺ))([41]). فقد جعله أبو هريرة t عاصياً لرسول الله ﷺ بخروجه بعد الأذان؛ لتركه الصلاة جماعة([42]).
قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى-: ((فيه كراهة الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي المكتوبة إلا لعذر والله أعلم))([43]). وقد جاء النهي صريحاً، فعن أبي هريرة t قال: أمرنا رسول الله ﷺ: ((إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي))([44]). وعنه t قال: قال رسول الله ﷺ: ((لا يسمع النداء في مسجدي هذا ثم يخرج منه إلا لحاجة، ثم لا يرجع إليه إلا منافق))([45]).
وذكر الإمام عبد العزيز بن عبد الله ابن باز - رحمه الله- أنه لا يجوز الخروج من المسجد الذي أُذِّن فيه،إلا لعذر:كأن يريد الوضوء أو يصلي في مسجد آخر.
قال الترمذي - رحمه الله-: ((وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي ﷺ، ومن بعدهم، أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان إلا من عذر، أو يكون على غير وضوء، أو أمرٌ لا بد منه))([46]).
وذكر المباركفوري - رحمه الله-: أن الحديث يدل على أنه لا يجوز الخروج من المسجد، بعدما أذن فيه، إلا للضرورة، كمن كان جنباً، أو عليه حدث أصغر، أو الذي حصل له رعاف، أو الحاقن، ونحوهم، وكذا من يكون إماماً لمسجد آخر، ومن في معناه([47]).
وتفقد النبي ﷺ للجماعة في المسجد يدل على وجوب صلاة الجماعة؛ لحديث أبي بن كعب t قال: صلى بنا رسول الله ﷺ يوماً الصبح، فقال: ((أشاهد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((أشاهد فلان؟)) قالوا: لا، قال: ((إن هاتين الصلاتين([48]) أثقل الصلوات على المنافقين، ولو تعلمون ما فيهما، لأتيتموها ولو حبواً على الركب، وإن الصف الأول على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضيلته لابتدرتموه، وإن صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى))([49]).
وإجماع الصحابة y على وجوب صلاة الجماعة؛ فقد ذكر الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى- إجماع الصحابة على وجوب صلاة الجماعة، وذكر نصوصهم في ذلك، ثم قال: ((فهذه نصوص الصحابة كما تراها: صحةً، وشهرةً، وانتشاراً، ولم يجئ عن صحابي واحد خلاف ذلك، وكل من هذه الآثار دليل مستقل في المسألة، لو كان وحده، فكيف إذا تعاضدت وتظافرت، وبالله التوفيق))([50]).
وقال الترمذي - رحمه الله-: ((وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي ﷺ أنهم قالوا: من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له))([51]). وقال بعض أهل العلم: هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لأحد في ترك الجماعة إلا من عذر))([52]).
وقال مجاهد: ((وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل، ولا يشهد جمعة ولا جماعة؟ قال: هو في النار))([53]).
قال الترمذي - رحمه الله-: ((ومعنى الحديث: أن لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها، واستخفافاً بحقها، وتهاوناً بها))([54]).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلَّهِ قَانِتِينَ} بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين. فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد: فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي رسول الله ﷺ ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
عباد الله إن من الواجبات العظيمة على جميع المسلمين أن يحافظوا على الصلوات الخمس، ويأمروا بها أولادهم، وذويهم، ويلزموهم بذلك، وأن يحافظ الرجال على هذه الصلوات مع جماعة المسلمين، فقد أوجبها الله تعالى على الرجال جماعة وأن يركعوا مع الراكعين، ولم يعذر المجاهدين في سبيل الله تعالى بترك الصلاة جماعة، وقد هَمَّ النبي ﷺ بإحراق المتخلفين عن الصلاة جماعة بالنار، ولم يرخص للأعمى الذي يسمع النداء بالصلاة بل أمره بالإجابة، وبيّن أن ترك صلاة الجماعة من علامات المنافقين، وأن من سمع النداء ثم لم يجب فلا صلاة له إلا من عذر، فاتقوا الله عباد الله وأطيعوه بالمحافظة على هذا الركن العظيم والأصل الأصيل من أركان الإسلام.
واللهَ أسألُ أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، وانصر عبادك المؤمنين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات واغفر لأمواتنا وأموات المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين. ]رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [، عباد الله ] إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [، فاذكروا الله يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
([1]) سورة النساء، الآية: 102.
([2]) سورة البقرة، الآية: 43
([3]) سورة القلم، الآيتان: 42-43.
([4]) متفق عليه: البخاريبرقم 4919 ورقم 7439، ومسلم، برقم 182.
([5]) انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، 3/114.
([6]) متفق عليه: البخاري، برقم 628، ومسلم، برقم 674.
([7]) أخالف إلى رجال: أي أذهب إليهم، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.
([8]) عَرقا: العرق: العظم بما عليه من بقايا اللحم بعدما أخذ عنه معظم اللحم. جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.
([9]) المرماة:قيل:هو ما بين ظلفي الشاة، وقيل:سهمان يرمي بهما الرجل. انظر جامع الأصول لابن الأثير، 5/568.
([10]) حبواً: الحبو حبو الصبي الصغير على يديه ورجليه، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/160.
([11]) متفق عليه: البخاري، برقم 644، ومسلم، برقم 651.
([12]) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/161.
([13]) مسلم، برقم 653.
([14]) أبو داود، برقم 552، وقال العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود: ((حسن صحيح))، 1/110.
([15]) ((حيَّ)) أي هلمَّ، وكلمة ((هلا)) بمعنى عَجَّل وأسرع. جامع الأصول لابن الأثير، 5/566].
([16]) أبو داود، برقم 553، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/110.
([17]) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم ص76، وصحيح الترغيب والترهيب، للألباني ص173.
([18]) ابن ماجه ، برقم 793، والدارقطني برقم 4، وابن حبان ((الإحسان))، 5/415 برقم 2064، والحاكم وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، 1/245، وأخرجه أبو برقم 551، وصححه ابن القيم في كتاب الصلاة، ص76، والألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/132، وصحيح سنن أبي داود، 1/110، وفي إرواء الغليل، 2/327، وسمعت الإمام ابن باز أثناء تقريره على الحديث رقم 427 من بلوغ المرام يقول: ((لا بأس به على شرط مسلم))، وهذا كما قال الحافظ ابن حجر في البلوغ: ((وإسناده على شرط مسلم)).
([19]) تقريره رحمه الله على بلوغ المرام، الحديث رقم 427.
([20]) سنن الهدى، روي بضم السين وفتحها، وهما بمعنى متقارب، أي طرائق الهدى والصواب. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
([21]) وفي رواية أبي داود برقم 550 ((ولو تركتم سنة نبيكم لكفرتم)) . قال الألباني في صحيح سنن أبي داود: (( لضللتم))، وهو المحفوظ، 1/110.
([22]) يهادَى: أي يمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما، شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
([23]) مسلم،كتاب المساجد ومواضع الصلاة،باب صلاة الجماعة من سنن الهدى،برقم 654.
([24]) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم، ص77.
([25]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/162.
([26]) لا يقربون المساجد إلا هجراً: يعني لا يقربون المساجد بل يهجرونها، انظر: شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/51.
([27]) دَبْراً: أي آخراً، حين كاد الإمام أن يفرغ. شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/61.
([28]) خشب بالليل: أي ينامون الليل لا يصلون، شبههم في تمددهم نياماً بالخشب المطرحة، شرح المسند لأحمد شاكر، 15/51.
([29]) صخب: سخب وصخب: الضجة واضطراب الأصوات للخصام على الدنيا شحّاً وحرصاً. انظر: شرح المسند، لأحمد شاكر، 15/51.
([30]) أحمد في المسند، 2/293، وحسن إسناده العلامة أحمد محمد شاكر، في شرحه للمسند، 15/50-51، برقم 7913.
([31]) ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الصلوات، في التخلف في العشاء والفجر، وفضل حضورهما، 1/332، ورواه الطبراني في المعجم الكبير، 12/271، برقم 13085، والبزار [مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد لابن حجر، 1/228، برقم 301]، قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: ((رواه الطبراني في الكبير والبزار، ورجال الطبراني موثوقون)).
([32]) البزار [مختصر زوائد مسند البزار، لابن حجر، 1/228، برقم 302]، وقال ابن حجر: ((وهذا إسناد صحيح))، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 1/40: ((رواه البزار ورجاله ثقات)).
([33]) على أعواده: أي على المنبر الذي اتخذه من الأعواد. شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.
([34]) عن ودعهم الجماعات: أي تركهم. شرح السندي على سنن ابن ماجه، 1/436.
([35]) ابن ماجه، برقم 794، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، 1/132، والحديث أخرجه مسلم، برقم 865، لكنه بلفظ: ((الجُمُعات)).
([36]) لا تقام فيهم الصلاة:أي جماعة.عون المعبود شرح سنن أبي داود،للعظيم آبادي، 2/251.
([37]) استحوذ عليهم الشيطان: أي غلبهم وحولهم إليه، عون المعبود شرح سنن أبي داود، 2/251.
([38]) فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، أي إن الشيطان يتسلط على الخارج عن الجماعة. انظر: عون المعبود، 2/251.
([39]) أبو داود، برقم 547، والنسائي، برقم 847، وأحمد، 6/446، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي، 1/246 وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، 1/109، وفي صحيح سنن النسائي، 11/182.
([40]) انظر: كتاب الصلاة، لابن القيم، ص80.
([41]) مسلم، برقم 655.
([42]) انظر: كتاب الصلاة لابن القيم، ص81.
([43]) شرح النووي على صحيح مسلم، 5/163.
([44]) أخرجه أحمد في المسند، 2/537، قال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5: ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح)).
([45]) أخرجه الطبراني في الأوسط [مجمع البحرين، 2/22، برقم 643]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد، 2/5: ((رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح)).
([46]) سنن الترمذي،برقم 204.
([47]) انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، للمباركفوري، 2/607.
([48]) إن هاتين الصلاتين: أي صلاة العشاء والفجر، كما تقدم.
([49]) سنن أبي داود، برقم554، واللفظ له، والنسائي، برقم 843، وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود 1،/110، وفي صحيح سنن النسائي، 1/183.
([50]) كتاب الصلاة، ص81-82.
([51]) سنن الترمذي،برقم 217.
([52]) سنن الترمذي،برقم 217.
([53]) سنن الترمذي، برقم 218، قال العلامة أحمد محمد شاكر في حاشيته على سنن الترمذي، 1/424: ((وهذا إسناد صحيح، وهذا الحديث وإن كان موقوفاً ظاهراً على ابن عباس إلا أنه مرفوع حكماً؛ لأن مثل هذا مما لا يعلم بالرأي...)).
([54]) سنن الترمذي، في الباب السابق، 1/424.