الوصف
تبين هذه الرسالة صفات الزوجة الصالحة، وحكمة تعدد الزوجات، وصفات المرأة الصالحة، وذكر هديه في الأسماء والكنى، والحث على تحجب المرأة المسلمة صيانة لها وما ورد في الكفاءة في النكاح، والتحذير من الأنكحة المنهي عنها كنكاح الشغار، والإجبار والنهي عن تزويج من لا يصلي، والحث على إرضاع الأم ولدها وبيان أضرار الإرضاع الصناعي وذكر هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في النكاح، وأحكام زينة المرأة وأخيرًا.
عبد الله بن جار الله بن إبراهيم الجار الله
الجزء الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
}وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{
[الروم – 21]
نداء إلى كل مسلم ومسلمة
إن أعداءنا من اليهود والنصارى يخطون لأن يكون في بلاد المسلمين جيش من النساء بلا رجال حتى تنتشر الرذيلة وتعم الفاحشة - بشتى أنواع الطرق والوسائل، ليفسدوا علينا ديننا ودنيانا. فهل أنتم مستيقظون؟!!([1]).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:- فلأهمية الزواج في الإسلام وكثرة فوائده وأضرار غلاء المهور على الفرد والمجتمع فقد جمعت في الجزء الأول ما أمكنني جمعه من الحث على النكاح وذكر فوائده والتحذير من غلاء المهور وبيان أضراره وسوء عواقبه والحث على تسهيل الزواج وتذليل عقباته والترغيب في الزواج المبكر وفضله وحسن عاقبته والحث على تيسير الصداق. وذكر الشروط والمواصفات للزواج المفضل وذكر آداب الزواج ليلة الزفاف وما بعدها.
أما في هذه الرسالة وهي الجزء الثاني فقد ذكرنا شيئًا من أحكام الحياة بعد الزواج، وصفات الزوجة الصالحة وذكر الحقوق الزوجية وحكمة تعدد الزوجات وصفات المرأة الصالحة وذكر هديه في الأسماء والكنى والحث على تحجب المرأة المسلمة صيانة لها وما ورد في الكفاءة في النكاح والتحذير من الأنكحة المنهي عنها كنكاح الشغار والإجبار والنهي عن تزويج من لا يصلي والحث على إرضاع الأم ولدها وبيان أضرار الإرضاع الصناعي وذكر هدي النبي ﷺ في النكاح، وأحكام زينة المرأة وأخيرًا
ما يتعلق بأحكام المولود من الولادة حتى البلوغ إلى غير ذلك مما يفيد القراء ويحل مشاكلهم ويرشدهم إلى ما ينفعهم ويحذرهم مما يضرهم في دينهم ودنياهم وآخرتهم وخصوصًا المزوجين والمتزوجين منهم. وهذه الرسالة مستفادة من كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ وكلام المحققين من أهل العلم وأسأل الله تعالى أن ينفع بها من كتبها أو قرأها أو طبعها أو نشرها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه بجنات النعيم وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
المؤلف في 15/4/1408هـ.
صح عنه ﷺ من حديث أنس t، أنه ﷺ قال: «حبب إلى، من دنياكم: النساء، والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة»([3]) هذا لفظ الحديث، ومن رواه «حبب إلى من دنياكم ثلاث»، فقد وهم، ولم يقل ﷺ: «ثلاث» والصلاة ليست من أمور الدنيا التي تضاف إليها. وكان النساء والطيب أحب شيء إليه، وكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة، وكان قد أعطى قوة ثلاثين في الجماع وغيره، وأباح الله له من ذلك ما لم يُبحه لأحد من أمته.
وكان يقسم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة، وأما المحبة فكان يقول: «اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما لا أملك»([4]) فقيل: هو الحب والجماع، ولا تجب التسوية في ذلك، لأنه مما لا يملك.
وهل كان القسم واجبًا عليه، أو كان له معاشرتهن من غير قسم؟ على قولين للفقهاء. فهو أكثر الأمة نساءً قال ابن عباس: تزوجوا، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً.([5])
وطلق ﷺ، وراجع، وآلى إيلاءً مؤقتًا بشهر، ولم يظاهر أبدًا، وأخطأ من قال: إنه ظاهر خطأ عظيمًا، وإنما ذكرته هنا تنبيها على قبح خطئه ونسبته إلى ما برأه الله منه.
وكانت سيرته مع أزواجه حسن المعاشرة، وحسن الخلق. وكان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها.([6]) وكان إذا هويت شيئًا لا محذور فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه، فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقًا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حجرها، ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خُلُقه مع أهله أنه يمكنها من اللعب، ويريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده، وهي متكئة على منكبيه تنظر، وسابقها في السفر على الأقدام مرتين، وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة.
وكان إذا أراد سفرًا، أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها، خرج بها معه، ولم يقض للبواقي شيئًا، وإلى هذا ذهب الجمهور.
وكان يقول: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»([7]) وربما مد يده إلى بعض نسائه في حضرة باقيهن([8]).
وكان إذا صلى العصر، دار على نسائه، فدنا منهن واستقرأ أحوالهن، فإذا جاء الليل، انقلب إلى بيت صاحبة النوبة، فخصها بالليل. وقالت عائشة: كان لا يفضل بعضنا على بعضٍ في مكثه عندهن في القسم، وقل يوم إلا كان يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو في نوبتها، فيبيت عندها([9]).
وكان يقسم لثمان منهن دون التاسعة، ووقع في «صحيح مسلم»([10]) من قول عطاء أن التي لم يكن يقسم لها في صفية بنت حيي، وهو غلط من عطاء رحمه الله، وإنما سودة، فإنها لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة.
وكان ﷺ يقسم لعائشة يومها ويوم سودة، وسبب هذا الوهم - والله أعلم - أنه كان قد وجد على صفية في شيء، فقالت لعائشة: هل لك أن ترضي رسول الله ﷺ عني، وأهب لك يومي؟ قال: نعم، فقعدت عائشة إلى جنب النبي ﷺ في يوم صفية، فقالت: «إليك عني يا عائشة، فإنه ليس يومك» فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأخبرته بالخبر، فرضي عنها.([11]) وإنما كانت وهبتها ذلك اليوم وتلك النوبة الخاصة، ويتعين ذلك، وإلا كان يكون القسم لسبع منهن، وهو خلاف الحديث الصحيح الذي لا ريب فيه أن القسم كان لثمانٍ، والله أعلم. ولو اتفقت مثل هذه الواقعة لمن له أكثر من زوجتين، فوهبت إحداهن يومها للأخرى، فهل للزوج أن يوالي بين ليلة الموهوبة وليلتها الأصلية وإن لم تكن ليلة الواهبة تليها، أو يجب عليه أن يجعل ليلتها هي الليلة التي كانت تستحقها الواهبة بعينها؟ على قولين في مذهب أحمد وغيره.
وكان ﷺ يأتي أهله آخر الليل، وأوله، فكان إذا جامع أول الليل، ربما اغتسل ونام، وربما توضأ ونام. وذكر أبو إسحاق السبيعي عن الأسود عن عائشة أنه كان ربما نام، ولم يمس ماء وهو غلط عند أئمة الحديث([12])، وقد أشبعنا الكلام عليه في كتاب «تهذيب سنن أبي داود» وإيضاح علله ومشكلاته.
وكان يطوف على نسائه بغسل واحد، وربما اغتسل عند كل واحدة، فعل هذا وهذا. وكان إذا سافر وقدم، لم يطرق أهله ليلاً([13])، وكان ينهى عن ذلك.
ثبت عنه ﷺ أنه قال: «إن أخنع اسم عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله»([15]).
وثبت عنه أنه قال: «أحب الأسماء إلي الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام، وأقبحها حرب ومرة»([16]).
وثبت عنه أنه قال: «لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح، فإنك تقول: أثمت هو؟ فلا يكون، فيقال: لا»([17]).
وثبت عنه أنه غير اسم عاصية، وقال: «أنت جميلة»([18]).
وكان اسم جويرية برة فغيره رسول الله ﷺ باسم جويرية([19]).
وقالت زينب بنت أم سلمة: نهى رسول الله ﷺ أن يسمى بهذا الاسم، فقال: «لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم»([20]).
وغير اسم أصرم بزرعة([21])، وغير اسم أبي الحكم بأبي شريح([22]).
وغير اسم حزنٍ جد سعيد بن المسيب وجعله سهلاً فأبى، وقال: «السهل يوطأ ويمتهن»([23]).
قال أبو داود: وغير النبي ﷺ اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب، فسماه هشامًا، وسمى حربًا سلمًا، وسمى المضطجع المنبعث، وأرضًا (تسمى) عفرةً سماها خضرةً، وشعب الضلالة سماه شعب الهدى وبنو الزنية سماهم بني الرشدة، وسمى بني مغوية بني رشدة([24]).
فصل: في فقه هذا الباب
لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليها، اقتضت الحكمة أن يكون بينها وبينها ارتباط وتناسب، وأن لا يكون المعنى معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها، فإن حكمة الحكيم تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل للأسماء تأثير في المسميات، وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن والقبح، والخفة والثقل، واللطافة والكثافة، كما قيل:
وقلما أبصرت عيناك ذا لقب | إلا ومعناه إن فكرت في لقبه |
وكان ﷺ يستحب الاسم الحسن، وأمر إذا أبردوا إليه بريدًا أن يكون حسن الاسم حسن الوجه([25]). وكان يأخذ المعاني من أسمائها في المنام واليقظة، كما رأى أنه وأصحابه في دار عقبة بن رافع، فأتوا برطب من رطب ابن طاب، فأوله بأن لهم الرفعة في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن الدين الذي قد اختاره الله لهم قد أرطب وطاب([26])، وتأول سهولة أمرهم يوم الحديبية من مجيء سهيل بن عمرو إليه([27]).
وندب جماعة إلى حلب شاة، فقام رجلٌ يحلبها، فقال: «ما اسمك؟» قال: مرة، فقال: اجلس، فقام آخر فقال: «ما اسمك؟» قال: أظنه حرب، فقال: اجلس، فقام آخر فقال: «ما اسمك؟» فقال: يعيش، فقال: «احلبها»([28]).
وكان يكره الأمكنة المنكرة الأسماء، ويكره العبور فيها، كما مر في بعض غزواته بين جبلين، فسأل عن اسميهما فقالوا: فاضحٌ ومخزٍ، فعدل عنهما، ولم يجز بينهما.
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه. أما بعد:
فلا يخفى على كل من له معرفة ما عمت به البلوى من تبرج الكثير من النساء وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال، وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم عليهن إبداؤها، ولا شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة. ومن أعظم أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات لما يترتب على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد، فاتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي سفهائكم وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن وألزموهن التحجب والتستر واحذروا غضب الله سبحانه وعظيم عقوبته فقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه»([30]) وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بتحجب النساء ولزومهن البيوت وحذرهن من التبرج والخضوع بالقول للرجال صيانة لهن عن الفساد وتحذيرًا من أسباب الفتنة فقال تعالى: }يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([31]) نهى سبحانه في هذه الآيات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين، وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وهو تليين القول وترقيقه لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على ذلك، وأمر بلزومهن البيوت، ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وطهارتهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة عصمنا الله وإياكم من مضلات الفتن، ويدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الآية }وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{ فإن هذه الأوامر أحكام عامة لنساء النبي ﷺ وغيرهن، وقال عز وجل: }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([32]).
فهذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وتسترهن منهم، وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها، وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة، وأن التحجب طهارة وسلامة، فيا معشر المسلمين تأدبوا بتأديب الله، وامتثلوا أمر الله، وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة ووسيلة النجاة، قال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا{([33]) والجلابيب جمع جلباب والجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها للتحجب والتستر به، أمر الله سبحانه جميع نساء المؤمنين بإدناء جلابيبهن على محاسنهن من الشعور والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فلا يفتتن ولا يفتن غيرهن فيؤذيهن.
وقال تعالى: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا{([34]) الآية أمر سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج، وما ذلك إلا لعظم فاحشة الزنا وما يترتب عليها من الفساد الكبير بين المسلمين، ولأن إطلاق البصر من وسائل مرض القلب ووقوع الفاحشة، وغض البصر من أسباب السلامة من ذلك فغض البصر وحفظ الفرج أزكى للمؤمن في الدنيا والآخرة، وإطلاق البصر والفرج من أعظم أسباب العطب والعذاب في الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية من ذلك.
ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من الفساد والفتنة، ويدل على ذلك أيضًا ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها في قصة الإفك أنها خمرت وجهها لما سمعت صوت صفوان بن المعطل السلمي وقالت: إنه كان يعرفها قبل الحجاب([35]) فدل ذلك على أن النساء بعد نزول الآية - آية الحجاب - لا يعرفن بسبب تخميرهن وجوههن، ولا يخفى ما وقع فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج، وإبداء المحاسن، فوجب سد الذرائع وحسم الوسائل المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش. ومن أعظم أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء، وسفرهم بهن من دون محرم، وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»([36]).
وقال ﷺ: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما»([37]).
وقال ﷺ: «لا يبيتن رجل عند امرأة إلا أن يكون زوجًا أو ذا محرم» رواه مسلم في صحيحه. فاتقوا الله أيها المسلمون، وخذوا على أيدي نسائكم، وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم وتعرض لغضب الله وعموم عقابه، عافانا الله وإياكم من شر ذلك.
ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» متفق عليه.
ومن أعظم الفساد: تشبه الكثير من النساء بنساء الكفار من النصارى وأشباههم في لبس القصير من الثياب وإبداء الشعور والمحاسن ومشط الشعور على طريقة أهل الكفر والفسق ووصل الشعر ولبس الرؤوس الصناعية المسماة (الباروكة). وقال ﷺ: «من تشبه بقوم فهو منهم»([38]) ومعلوم ما يترتب على هذا التشبيه وهذه الملابس القصيرة التي تجعل المرأة شبه عارية من الفساد والفتنة وقلة الدين وقلة الحياء فالواجب الحذر من ذلك غاية الحذر ومنع التساهل في ذلك مع البنات الصغار لأن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن له وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن فيقع بذلك الفساد والمحذور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات من النساء.
فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم عليكم وتعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر عليه، واعلموا أن الله سبحانه سائلكم عن ذلك ومجازيكم على أعمالكم وهو سبحانه مع الصابرين ومع المتقين والمحسنين فاصبروا وصابروا واتقوا الله وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين، وأسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح ولاة أمرنا ويقمع بهم الفساد وينصر بهم الحق ويصلح لهم البطانة وأن يوفقنا وإياكم وإياهم وسائر المسلمين لما فيه صلاح العباد والبلاد في المعاش والمعاد إنه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أولاً: حقوق الزوجة على زوجها:
يجب للزوجة على زوجها حقوق كثيرة ثبتت لها بقول الله تعالى: }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ{([40]) ولقوله ﷺ: «إن لكم على نسائكم حقًا ولنسائكم عليكم حقًا». رواه الترمذي وصححه ومن هذه الحقوق:
أولاً: نفقتها من طعام وشراب وكسوة وسكن بالمعروف وأن يكون ذلك حلالاً لا إثم فيه ولا شبهة فلا يجوز أن يهدم دينه ويهلك نفسه بالإنفاق عليها من المال الخبيث والكسب الحرام كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال كل لحم نبت من حرام فالنار أولى به([41]) فعلى الزوج أن يطعم نفسه وأهله وأولاده حلالاً حتى يؤجر على ذلك لقول الرسول ﷺ «إذا أنفق الرجل على أهله نفقه يحتسبها فهي له صدقة». متفق عليه ومعنى يحتسبها أي يقصد بها وجه الله والتقرب إليه وهذا هو أهم ما يجب على الزوج.
ثانيًا: أن يعلمها الضروري من أمور دينها إن كانت لا تعلم ذلك أو يأذن لها أن تحضر مجالس العلم لتتعلم ذلك ويحرم عليه منعها إلا أن يسأل هو ويخبرها لقول الله تعالى في سورة التحريم: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا{([42]) ولقوله ﷺ: «ألا واستوصوا بالنساء خيرًا فإنما هن عوان (أي أسيرات) عندكم» متفق عليه.
ثالثًا: أن يلزمها بتعاليم الإسلام وآدابه فيمنعها أن تتبرج ويحول بينها وبين الاختلاط بغير محارمها من الرجال ويأمرها بإطالة ملابسها إن كانت قصيرة ويأمرها بتوسيعها إن كانت ضيقة ويبين لها ما قال الرسول ﷺ صنفان من أهل النار لم أرهما كذا وكذا([43]).
رابعًا: العدل فيجب على الزوج أن يعدل بين أزواجه فإن الله تعالى عندما أباح للرجل الزيادة على الواحدة قيد ذلك بالعدل لقول الله تعالى: }إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ{([44]) ولقوله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{([45]) ويكون العدل في أمور كثيرة أذكر منها الطعام والشراب والكسوة والسكن والمبيت وقد سأل رجل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال: «أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت» حديث حسن رواه أبو داود، وقال معنى لا تقبح أي لا تقل قبحك الله. كما ثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة أحد شقيه ساقطًا أو مائلاً»([46]).
خامسًا: أن لا يفشى سرها وأن لا يذكر عيبًا فيها إذ هو الأمين عليها والمطالب برعايتها لقوله ﷺ: «إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها» رواه مسلم.
سادسًا: أن يأمر أهله وأولاده وسائر من في رعايته بالصلاة والمحافظة عليها لقول الله تعالى: }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا{ سورة طه من آية 132. ولقول الرسول ﷺ: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع» حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن.
سابعًا: أن يسمح لها بالخروج إذا احتاجت إليه كزيارة أهلها وأقاربها وجيرانها وكذلك إذا استأذنته بالخروج إلى صلاة الجماعة وكان خروجها شرعيًا بحيث لا تمس طيبًا ولا تخرج بزينة تفتن بها الرجال فمن السنة أن يأذن لها ولكنه ينبغي أن ينصحها بأن صلاتها في بيتها أفضل لها.
ثامنًا: على الزوج أن يتحمل أذى زوجته ويتغافل عن كثير مما يبدر منها رحمة بها وشفقة عليها وقد أمر الله تعالى بمعاشرة النساء بالمعروف كما أمر بمصاحبة الوالدين فقال تعالى في الوالدين }وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا{ سورة لقمان آية 15. وقال تعالى: }وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ{ [19 النساء].
تاسعًا: أن لا يسمح لها أن تشتري مجلات خليعة أو تقرأ القصص الفاسقة وأن لا يسمح لزوجته بالاختلاط بالنساء ذوات السمعة السيئة إذ هو الراعي المسؤول عنها والمكلف بحفظها وصيانتها لقوله تعالى: }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{([47]) ولقوله ﷺ: «الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته». متفق عليه.
عاشرًا: على الزوج أن لا يسهر خارج المنزل إلى ساعة متأخرة من الليل لما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: لأبي الدرداء لما بلغ قيام الليل وصيام النهار وإهمال أهله قال له ﷺ: «إن لأهلك عليك حقًا»([48]) كذلك في الرجال من لا يحفظ حق زوجته إلا ما دام راغبًا فيها ومتعلقا ًبها فإذا كبرت أو مرضت أو افتقرت طلقها أو أعرض عنها ونسي ما كان بينهما ألم يسمع قول الله تعالى: }وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{([49]).
ثانيًا: حقوق الزوج على زوجته
وللزوج على زوجته حقوق ثابتة لقول الله تعالى: }وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ{([50]) ولقوله ﷺ: «إن لكم على نسائكم حقًا»([51]) وهذه الحقوق هي:
أولاً: طاعته في المعروف فتطيعه في غير معصية الله تعالى وبالمعروف فلا تطيعه فيما لا تقدر عليه أو يشق عليها لقوله تعالى: }فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً{([52]).
ثانيًا: صيانة عرض الزوج والمحافظة على شرفها ورعاية ماله وسائر شؤون منزله لقوله تعالى: }فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ{([53]) وقول الرسول ﷺ: «والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها» متفق عليه.
ثالثًا: تلزم بيت زوجها فلا تخرج منه إلا بإذنه ورضاه لقوله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ{([54]) سورة الأحزاب.
رابعًا: السفر معه إذا شاء ذلك ولم تكن قد اشترطت عليه في عقدها عدم السفر إذ سفرها معه من طاعته الواجبة عليها.
خامسًا: تسليم نفسها له متى طلبها للاستمتاع بها لقوله ﷺ: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأت فبات غضبانًا عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح» متفق عليه.
سادسًا: استئذانه في صوم التطوع إذا كان حاضرًا غير مسافر لقوله ﷺ: «لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته إلا بإذنه» متفق عليه.
سابعًا: أن تحسن القيام على تربية أولادها منه في صبر فلا تغضب على أولادها أمامه ولا تدعوا عليهم ولا تسبهم فإن ذلك قد يؤذيه منها ولربما استجاب الله دعاءها عليهم فيكون مصابها بذلك عظيم لقوله ﷺ: «لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم» رواه مسلم.
ثامنًا: لا تضيعي فراغك سدى ولا تشغليه باللهو بل عليك بالقرآن وتلاوة آياته وبالأخص سورة النور لما فيها من الآداب الواجب إحاطة علم كل فتاة بها وكذلك سورة الأحزاب وبسيرة الرسول ﷺ وصحابته لقول الله تعالى: }وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا{([55]) وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
الأصل للمرأة أن تجلس في البيت قال الله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([57]).
وقال الله تعالى: }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([58]) في هذه الآية الكريمة نص واضح على وجوب بحجب النساء عن الرجال وتسترهن وقد أوضح الله سبحانه في هذه الآية أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة وأن التحجب طهارة وسلامة وقد حدد الإسلام لخروج المرأة من البيت للحاجة الماسة شروطًا منها:
1- الخروج للحاجة لا للهو وإضاعة الأوقات كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: «أذن لكن في الخروج لحاجتكن»([59]).
2- الخروج بإذن الزوج أو الولي من الأب أو الأم أو الأخ والعم.
3- أن تطيل المسلمة لباسها إلى أن يستر قدميها وأن تسبل خمارها على رأسها فتستر عنقها ونحرها وصدرها ووجهها لأن الوجه مجمع المحاسن وأن لا يكون حجابها خفيفًا ولا ضيقًا ولا قصيرًا بل يكون سميكًا وأن يكون خاليًا من الألوان المغرية والزينة الظاهرة ولا متعطرة ولا تلبس ملابس الرجال ولا غيرها مما هو خاص بهم وقد ورد في الأحاديث الصحيحة اللعن للمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال.
4- وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ{([60]) وقوله تعالى: }وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ{([61]) إلى آخر الآية الكريمة.
5- وأن تغض نظرها في سيرها فلا تنظر هنا وهناك لغير حاجة وإذا احتاجت إلى محادثة الرجال تتحدث إليهم بعادي الكلام فلا تلين بصوتها ولا تخضع به لئلا يطمع فيهن من في قلبه مرض، قال تعالى: }فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفًا{([62]) ولقوله تعالى: }وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ{([63]).
6- ترك التعطر واستعمال أدوات الزينة فتخرج من البيت ويجد الناس رائحة العطر منها كما ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية»([64]).
7- تمشي متواضعة في أدب وحياء ولا تتخذ خلاخل ولا حذاء يضرب على الأرض بقوة فيسمع قرع حذائها فربما وقعت الفتنة، قال تعالى: }وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ{([65]).
8- لا ترفع النقاب عن وجهها في الطريق والأسواق ومجامع الرجال إلا أن تضطرها إلى ذلك حاجة وعلى قدر تلك الحاجة.
9- وإذا دخلت على صديقة لها تزورها فلا تضع ثيابها فقد يكون في البيت رجل يتلصص عليها أو يكون في المجلس امرأة سوء فتصفها لمن يرغب فيها ولا ريب أنه محرم على المرأة أن تصف امرأة أجنبية لزوجها فقد يدعو ذلك إلى الإثم كما صح عن الرسول ﷺ أنه قال: «لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها»([66]) أي لا تصف لزوجها ما رأت من حسن المرأة.
10- ولا تسافر المرأة سفر يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها لقول الرسول ﷺ: «لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها» وهو زوجها أو من تحرم عليه متفق عليه. وقال رجل: يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال انطلق فحج مع امرأتك([67])، وقد كانت الزوجة من السلف الصالح تقول لزوجها إذا خرج إلى عمله اتق الله وإياك والكسب الحرام إنا نصبر على الجوع والضر ولا نصبر على النار.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليم والصلاة والسلام على محمد ﷺ وبعد:
فلا يخفى على كل من له معرفة ما عمت به البلوى في كثير من البلدان من تبرج الكثير من النساء واختلاطهن وخلوتهن بالرجال الأجانب وتغييرهن لخلق الله تعالى وسفورهن وعدم تحجبهن من الرجال وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن إبداءها ولا شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة، قال الله تعالى: }وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ{([69]) نهى سبحانه في هذه الآيات نساء النبي أمهات المؤمنين وهن من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول للرجال وأمرهن أن يلزمن البيوت ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنى، وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن وطهارتهن فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة، وقال عز وجل }وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ{([70]) ففي هذه الآية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب النساء عن الرجال وقد أوضح سبحانه أن التحجب أطهر لقلوب الرجال والنساء وأبعد لهن عن الفاحشة وأسبابها وأشار سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث ونجاسة وأن التحجب طهارة وسلامة، ومن أعظم أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء كما صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: «لا يحل لامرأة أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم لها ولا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»([71]) وهو زوجها أو من تحرم عليه، فاتقوا الله أيها المسلمون وخذوا على أيدي نسائكم وامنعوهن مما حرم الله عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن والتشبه بأعداء الله من النصارى واليهود واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الإثم، ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم لأن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن النبي ﷺ أنه قال: «ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء»([72]).
وقال: «فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء»([73])، فيا معشر المسلمين تأدبوا بتأديب الله وامتثلوا أمر الله وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة، أيها الأخوات بهذا التبرج الذميم قد خرجت المرأة المسلمة من السنن الإسلامية والآداب الدينية وبهذا التبرج قد خسرت نفسها وأضاعت كرامتها ولوثت سمعتها وأزالت الثقة منها وأصبح حال المرأة أسوأ من حالها أيام الجاهلية فإنا لله وإنا إليه راجعون، عباد الله مالكم تركتكم بناتكم وأخواتكم وزوجاتكم يخرجن إلى الأسواق خالعات جلباب الحياء ومتزينات ومتعطرات ولابسات الملابس الضيقة الخفيفة القصيرة والتي تحدد أجزاء الجسم ورافعات العباءة إلى منتصف ظهورهن كاشفات الصدور والنحور ومبديات السيقان والنهود وغيرها وذاهبات بهذا الشكل الفاضح إلى الأفراح والأسواق ويمشي الرجل اليوم إلى جنب المرأة المتكشفة المتعرية جنبًا إلى جنب في الشوارع ويتضاحكان بلا حياء ولا خجل وتمد يدها إلى البائع بلا حياء ولا خجل وتتلكم معه، أيتها الأخوات المسلمات إنه يحرم على المرأة المسلمة اختلاطها بالرجال الذين ليسوا من محارمها وخلوتها بهم وتبرجها أمامهم وإبداء محاسنها، يا أيها المسلمون اتقوا الله في نسائكم فكيف تسمحون لنسائكم يذهبن إلى بعض أهل المعارض وغيرهم الذين يجعلون لدكاكينهم أبوابًا مسترة بالزجاج والأقمشة وتدخل الفتاة عند صاحب المعرض يخلو بها لا يراهم أحد لقد حرم الله سبحانه وتعالى هذا العمل إنه لا يجوز خلوة الرجل مع المرأة ولو كان أخا زوجها فكيف يخلو بها صاحب المعرض المستور لقد احتاط الإسلام للمرأة من الأقارب وجعل النبي ﷺ مخالطة القريب كالموت حين قال: «إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو؟ قال الحمو الموت» رواه البخاري. والحمو هو أخو الزوج وأقاربه كابن العم ونحوه فإذا كان أقارب الزوج موتًا وهلاكًا للمرأة فكيف بالأجنبي، وكذلك التساهل في اختلاط الفتيان بالفتيات وإتاحة المجال للخلوة في البيت مع بعضهم البعض هذا مما ينشأ عنه الفساد الكثير ومتى تكشفت الفتاة في الأسواق والشوارع وصافحت ومازحت تساهلت بعرضها وتسامحت. لقد حذر الرسول ﷺ عن الخلوة فقال: «لا يخلو رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان»(*).
كذلك حذر عليه أفضل الصلاة والتسليم من مس يد امرأة لا تحل له فقال: «لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»([74]) والمخيط كالإبرة.
وقال ﷺ: «ما من ذنب بعد الشرك بالله أعظم من نطفة وضعها رجل في فرج لا يحل له»([75]). وإن كنت أيتها المؤمنة تخافين من عقاب الله وعذابه الشديد لا تتزيني ولا تتبرجي أمام الناس ولا تلبسي الملابس الفاضحة ولا مغيرة لخلق الله ولا متشبهة بنساء الكفرة من النصارى وأشباههم.
وأما ما عليه بعض النساء اليوم من وضع المكياج والمناكير والمساحيق وتلويث أظافيرها وغير ذلك من التغير الواضح ولا أدري لماذا لم يعجبهن خلق الله تعالى ولقد قال سبحانه: }فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ{([76]) وما الداعي إلى التبديل يا معشر النساء إذا كان هذا هو التقدم فلا أهلاً ولا مرحبًا به الذي يجعل الرب غاضبًا علينا فويل لهذه المتعلمة المتجاهلة التي لا تستطيع أن تعصى هواها وتستطيع أن تعصي خالقها ومولاها وهي تسمع آيات الله تتلى عليها وتفهم أمره المؤكد بالاحتشام ثم تصر على تبرجها متكبرة كأنها لم تسمعها ألم تسمع وعيد الله لها ولأمثالها في قوله تعالى: }وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آيَاتِ اللهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{ سورة الجاثية الآيتان 6/7.
فهذه الظالمة لنفسها التي عرفت الحق ورأت نورًا ثم عصت الله على علم وتغافلت عن أمره على فهم تلك التي ينطبق عليها قول الله تعالى: }أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ{([77]) سورة الجاثية إلى آخر الآية فيا لهذه المتبرجة من ضالة غافلة تبيع الجنة بثمن بخس وتشتري الجحيم بثمن غالي. مهلاً أيتها الساخرات الضاحكات بالصالحات فإن تضحكن من هذا فسوف يضحكن منكن غدًا بين يدي أحكم الحاكمين. قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ{([78]) سورة المطففين إلى آخر السورة.
أيها الأب كيف أهملت تربية ابنتك الدينية ولم تفكر في سعادتها الأبدية وسعيت على تعليمها العادات والتقاليد الفاسدة وتركتها أيها الأب ترتفع في المدارس على غير هدى تتعلم ما لا ينفعها ولكن يضرها. ولقد حذر النبي ﷺ النساء من لبس الملابس الخفيفة التي تشف عما تحتها ولا تسترها عن أعين الناظرين فقد وصف صنفًا من أهل النار يوم القيامة بقوله ﷺ: «ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا». رواه مسلم. معنى كأسنمة البخت: أي يكبرن رؤوسهن بنحو عصابة وغير ذلك وثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء»([79]) وذلك بسبب قلة طاعتهن لله ولرسوله ولأزواجهن وكثرة تبرجهن والتبرج هو أنه إذا أرادت الخروج لبست أفخر ملابسها وخرجت تفتن الناس بنفسها فإن هي سلمت لم يسلم الناس منها.
وكذلك ما من امرأة تعبد ربها وتطيع زوجها وتحفظ فرجها وتلزم بيتها إلا رضي الله عنها وأرضاها وثبت عن رسول الله ﷺأنه قال: «إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت»([80]). إنه لثواب عظيم ما أجدر زوجاتنا أن يحرصن عليه، }جنة عرضها السموات والأرض{ تعطى ثمنًا لطاعة الزوج وعبادة الله تعالى، ما أرخص الثمن وما أغلى المبيع فإن أمرها زوجها بمعصية الله ورسوله فلا طاعة له لقول الرسول ﷺ: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»([81]).
(أمل ورجاء)
أختي المسلمة الرجاء التستر العام الذي أمرك الله به في البيت وفي الشوارع وفي الأسواق وفي الأفراح وفي ركوب السيارات والطائرات وغيرها من وسائل المواصلات وفي الدوائر الحكومية بأنواعها وأنت تعلمين ماذا جاء عن الله ورسوله في التي تتكشف عند الأجانب وكل من ليس محرم لها وأنت تعلمين يا أختي المسلمة اللباس الذي شرعه الله تبارك وتعالى لك، أما الذي عليه بعض نساء اليوم من اللباس فكثير منها غير جائز فمن حق القيم عليها أن يلزمها الاحتشام واتخاذ اللباس الساتر والنظر إلى ملابسها إذ هو الراعي المسؤول عنها والمكلف بحفظها وصيانتها لقول الله سبحانه: }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ{([82]) ولقوله تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ{([83]) ولقوله عليه الصلاة والسلام: «الرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته وكذلك المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها»([84]) فاتقوا الله أيها المسلمون وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن وألزموهن التحجب، وإن المرأة أيها المسلم في كل اتجاهاتها عورة وإكرام العورة سترها وذلك حفظ لشرفها وكرامتها، أيها المسلمون احذروا غضب الله تعالى وانظروا يا عباد الله ماذا فعل الله ببني إسرائيل حينما أهملوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاستحقوا الطرد واللعن والغضب بسبب تركهم النهي عن المنكر والأمر بالمعروف فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم وتعاونوا على البر والتقوى وتواصلوا بالحق والصبر عليه وهو سبحانه مع الصابرين ومع المتقين والمحسنين فاصبروا وصابروا واتقوا الله لعلكم تفلحون. أسأل الله الهداية لي ولكم ولجميع المسلمين والمسلمات وأن يهدينا ونساءنا إلى سبيل الرشاد والتوفيق لما يحبه ربنا ويرضاه وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين.
إلى كل مسلم إلى كل منصف إلى كل من استرعاه الله رعية من بنات وأخوات وقرائب أسوق هذا الرجاء - فأوصيك أيها المسلم الكريم ونفسي بتقوى الله }وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ{([86]) وأوصيك بالإحسان إلى مولياتك من بنات وأخوات وقرائب فهن أمانة في عنقك وقد استرعاك الله عليهن ومن الإحسان إليهن تزويج البالغة من الخاطب الكفؤ والمبادرة بذلك حينما يتقدم لخطبتها واتخاذ جانب اليسر والتسامح من باب التعاون على البر والتقوى والحذر كل الحذر من وضع العوائق دون تحقيق الزواج أو رفع المهور بحيث يتعذر على الخاطب إحضار المطلوب فيتعطل هو ويلتمس غيرها وقد يجد من يقنع باليسير مع الكفاف والعفاف بينما تبقى مخطوبته الأولى في سجن الوحدة والانفراد والحرمان الذي قد يفضي بها يومًا إلى الترمل والعجز فاتق الله يا أخي المسلم وأحسن إلى مولياتك كما أحسن كثيرون جدًا إلى مولياتهم بالمبادرة إلى تزويجهن وتسهيل أمور الزواج وإعانتهم من أموالهم لإظهارهن بالمظهر المناسب، ومنهم من يدفعون تكاليف الزواج والمهور من جيوبهم لوجه الله حينما تكون أحوال الزوج المادية تقتضي ذلك، ومنهم من إذا شعر بحاجة ابنته أو موليته للزواج التمس لها من أقاربه أو من غير أقاربه ممن يفترس فيه الكفاءة والصلاحية ويدفع المهر من ماله وقد يؤمن لهما مع ذلك النفقة والمسكن كل ذلك لراحة ابنته وإنقاذها من زوبعة الوحدة والوساوس والأفكار السوداء والخواطر المتجهمة وليفوز بثواب إحسانه عند الله حيث أحسن إليها بإخراجها إلى دنيا الحياة الزوجية فأصبحت زوجة وأمًا ومدبرة في بيتها وراعية أمينة بعد أن كانت معطلة مطمورة مقهورة معذبة وأحسن إلى نفسه بحسن الاختيار لها وسلم من ظلمها وحرمانها ومآسيها ورعى الأمانة وأصاب السنة والفطرة فأحسن الله إلى كل من أحسن إلى موليته كهذا المحسن ولم يوصد الباب دون الخطاب ولم يعرقل زواجها لأغراضه ومن يفعل ذلك فقد خان أمانته وظلم نفسه وعرضها لأعظم مسؤولية أمام الله حينما يسأله تعالى لم حرم موليته من الزواج الشرعي ومن الذرية ومن معنويتها ومقامها في المجتمع ولم أيمها وأرملها وحسرها وقسرها وأذلها وأضاع نصيبها وحقوقها في الحياة وعرضها للأخطار والأضرار والأمراض والأفكار ولم خالف فيهن وصية رسول الله ﷺ القائل: «استوصوا بالنساء خيرًا»([87]): «فإنهن عوان عندكم - أي أسيرات - أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله»([88]) الحديث وقال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»([89]) فهي وصية نبوية شاملة لازمة الامتثال لما تضمنه من معاني السمو والعطف والرحمة وفيض الإحسان من نبي الرحمة ورسول الهدى ﷺ.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى.
أما بعد:
فقد نهى النبي ﷺ نساء المسلمات عن التشبه بالرجال بلفظ اللعن الدال على أن فعل ذلك حرام وكبيرة من كبائر الذنوب وهذا عام فيما فيه مشابهة للرجال فيما يختصون به سواء كان في اللباس أو المشاركة لهم في الأعمال والمصانع والمكاتب والمطابع ونحو ذلك أو في قص الشعور ففي صحيح مسلم عن ابن عباس قال: «لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال» فقص شعر المرأة منهي عنه لعموم الحديث وقد مضت القرون السابقة على محافظة المرأة على شعر رأسها والعمل على تحسينه وتجميله والرجال على إعفاء اللحي ثم حدثت المشابهة المنهي عنها المخالفة لهدي النبي ﷺ وهدي أصحابه والسلف الصالح والاقتداء بأعداء الإسلام والمسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين ومن أدلة النهي عن قص شعورهن ما في ذلك من التشبه بأعداء الإسلام المنهي عنه والوعيد على من فعل ذلك ففي المسند والسنن عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «من تشبه بقوم فهو منهم» وهذا التشبه في قص الشعر سواء كان من الأمام المسمى بالقصة أو من جميع الرأس، وطول شعر رأس المرأة من مظاهر جمالها عند العرب أما قص شيء قليل منه في الحج والعمرة فهو عبادة ومنسك وشعيرة من شعائر الحج وواجب من واجباته ومع ذلك لم يسمح لهن إلا بقص شيء يسير منه ففي المسند عن ابن عباس أن رسول الله ﷺ قال: «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير» وعن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «تجمع رأسها وتأخذ قدر أنملة» رواه سعيد بن منصور فإذا لم يرخص لهن إلا بقص جزء قليل في مناسك الحج والعمرة فما دليل من أجاز لهم القص بلا حدود حتى صارت المرأة المسلمة مع الأسف كالبريطانية والفرنسية والأمريكية في لبساها وقص شعرها وحذائها وأصباغها وتركت السنة خلف ظهرها وتعرضت للوعيد الشديد والله المستعان.
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:
فإن من جملة ما أخبر به النبي ﷺ من المعجزات وحذر منه لبس الثياب القصيرة والشفافة والضيقة مجاراة ومشابهة لأعداء الإسلام وسببًا للفتنة والفساد لأهل الإجرام والعقول الضعيفة وامتحانًا لشرف المرأة وكرامتها وفي ذلك الوعيد الشديد.
وهو ما رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا».
وعن أسامة بن زيد قال: «كساني رسول الله ﷺ قبطية كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي» فقال لي رسول الله ﷺ: «ما لك لم تلبس القبطية؟ قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال رسول الله ﷺ مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها» رواه أحمد والبيهقي والطبراني وابن أبي شيبة قال في المصباح القبطي بضم القاف ثوب كتان رقيق يعمل بمصر نسبة إلى القبط والغلالة قال في التهذيب: الثوب الذي يلبس تحت الثياب.
وعن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم» رواه أحمد وأبو داوود والطبراني (وإسناده حسن قال شيخ الإسلام ابن تيمية إسناده قوي).
فدلت هذه الأحاديث على تحريم الثياب الضيقة التي تبين مقاطع وحجم أعضاء المرأة ومحاسنها من الثديين ودقة الخصر ونحو ذلك وعلى تحريم اللباس الذي يصف لون البشرة من بياض وحمرة وسواد وعلى تحريم التشبه بغير المسلمين من اليهود والنصارى والمشركين والملحدين وأن هذه الثياب محرمة سواء كانت للبيت أو خارجه لإطلاق الأحاديث في ذلك ودلت أيضًا على الوعيد الشديد في ذلك وأن الواجب على المرأة المسلمة تقوى الله سبحانه وأن لا تعرض نفسها للفتنة بها وانتهاك عرضها وشرفها في الدنيا والعذاب في الآخرة فإنها لا تطيقه ولا تتحمله. وأن على المسؤولين منع المدرسات والطالبات من هذه الألبسة الدخيلة على الإسلام والمسلمين المختلفة الأسماء والمتفقة في معارضة هذه الأحاديث الثابتة عن النبي ﷺ وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
أحمد بن عبد الرحمن القاسم
قال ابن القيم رحمه الله إن ولي الأمر يجب عليه أن يمنع من اختلاط الرجال بالنساء في الأسواق، والفرج، ومجامع الرجال.
قال مالك رحمه الله ورضي عنه: أرى للإمام أن يتقدم إلى الصناع في قعود النساء إليهم. وأرى أن لا يترك المرأة الشابة تجلس إلى الصناع. فأما المرأة المتجالة والخادم الدون، التي لا تتهم على القعود، ولا يتهم من تقعد عنده: فإني لا أرى بذلك بأسًا. انتهى.
فالإمام مسئول عن ذلك، والفتنة به عظيمة. قال ﷺ «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» وفي حديث آخر: أنه قال للنساء «لكن حافات الطريق».
ويجب عليه منع النساء من الخروج متزينات متجملات، ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات، كالثياب الواسعة والرقاق. ومنعهن من حديث الرجال في الطرقات. ومنع الرجال من ذلك.
وإن رأى ولي الأمر أن يفسد على المرأة - إذا تجملت وتزينت وخرجت - ثيابها بحبر ونحوه، فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء وأصاب. وهذا من أدنى عقوبتهن المالية.
وله أن يحبس المرأة إذا أكثرت الخروج من منزلها، ولاسيما إذا خرجت متجملة، بل إقرار النساء على ذلك إعانة لهن على الإثم والمعصية. والله سائل ولي الأمر عن ذلك.
وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t النساء من المشي في طريق الرجال. والاختلاط بهم في الطريق فعلى ولي الأمر أن يقتدى به في ذلك.
وقال الخلال في جامعه: أخبرني محمد بن يحيى الكحال: أنه قال لأبي عبد الله أرى الرجل السوء مع المرأة؟ قال: صح به. وقد أخبر النبي ﷺ: «أن المرأة إذا تطيبت وخرجت من بيتها فهي زانية».
ويمنع المرأة إذا أصابت بخورًا أن تشهد عشاء الآخرة في المسجد. فقد قال النبي ﷺ «المرأة إذا خرجت استشرفها الشيطان».
ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال: أصل كل بلية وشر. وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة. واختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا. وهو من أسباب الموت العام، والطواعين المتصلة.
ولما اختلط البغايا بعسكر موسى، وفشت فيهم الفاحشة: أرسل الله عليهم الطاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفًا. والقصة مشهورة في كتب التفاسير.
فمن أعظم أسباب الموت العام: كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات. ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية - قبل الدين - لكانوا أشد شيء منعا لذلك.
قال عبد الله بن مسعود t «إذا ظهر الزنا في قرية أذن الله بهلاكها».
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا إبراهيم بن الأشعث حدثنا عبد الرحمن بن زيد العمى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «ما طفف قوم كيلا، ولا بخسوا ميزانًا، إلا منعهم الله عز وجل القطر. ولا ظهر في قوم الزنا إلا ظهر فيهم الموت. ولا ظهر في قوم لوط إلا ظهر فيهم الخسف. وما ترك قوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا لم ترفع أعمالهم، ولم يسمع دعاؤهم».
(من كتاب الطرق الحكمية
في السياسية الشرعية)
لابن القيم ص280-281.
فتوى الشيخ/ محمد بن صالح العثيمين فيها
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: انتشر في الآونة الأخيرة ذهاب بعض الفتيات إلى الكوافيرة وهي التي تصفف الشعر على موضات مختلفة منها ما اشتهر عند الفتيات بـ (قصة كاريه) وهي قصة أخذت من مجلة الأزياء التايلندية المنتشرة في الأسواق، ومنها تجعيد الشعر أي تخشينه على الموضة الأمريكية، ولا يخفى عليكم أن ذلك تشبهًا بالكافرات.
ومما تقوم به الكوافيرة وضع المساحيق على الوجه وإزالة شعر الحاجبين وإزالة الشعور الداخلية وكل ذلك يستغرق الساعات الطويلة والمبالغ الطائلة مما يصل إلى حد الإسراف والتبذير.
نرجو بيان حكم ذلك بالتفصيل لانتشاره بين أكثر الفتيات، لعل الله ينقذ بفتواكم هذه بعض فتياتنا اللاتي انخدعن وجرين وراء الموضة الغربية ونسين أو تناسين أنهن مسلمات يرجون الجنة ويخفن من النار. وجزاكم الله خيرًا.
فأجاب فضيلته قائلاً:
الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فإنه يجب أن يعرف الإنسان قبل الإجابة على هذا السؤال أن أعداء المسلمين يكيدون للإسلام والمسلمين من كل وجه وفي كل زمان. ولا يخفى علينا جميعًا أن الكفار استعمروا كثيرًا من بلاد الإسلام بقوة السلاح، ولما أخرجهم الله تعالى منها أرادوا أن يغزوها بفساد الأفكار والأخلاق. والله عز وجل قد بين في كتابه، ورسوله ﷺ قد بين في سنته ما فيه التحذير من موافقة هؤلاء الكفار في أعمالهم مما يختص بهم. قال الله عز وجل: }وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ{ وقال الله عز وجل: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ{ وقال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{.
وأنا أسوق هاتين الآيتين لا لأن هؤلاء يتخذون اليهود والنصارى أولياء ويتخذون أعداء الله أولياء ولكن تشبههم بهم فيما هم عليه من اللباس والهيئة يفضي إلى أن يتخذوهم أولياء يحبونهم ويعظمونهم ويتخطون خطاهم حيثما كانوا. ولهذا حذر النبي ﷺ من هذا الأمر وقال: (من تشبه بقوم فهو منهم).
فعلى المسلمين وخصوصًا الرجال ذوي الألباب والعقول عليهم أن يتقوا الله عز وجل في هؤلاء النساء اللاتي وصفهن النبي ﷺ بقوله: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن» يعني النساء.
فعلى الرجال أن يمنعوا هؤلاء النساء من السير وراء هذه الموضات الحادثة التي أراد بها محدثوها وجالبوها إلينا أن ننسى الله عز وجل، وأن ننسى ما خلقنا له وأن لا يكون همنا إلا التشبث بهذه الأشياء والافتتان بهذه الأزياء التي لا تجر إلينا إلا البلاء والشر والفساد وكون الإنسان لا يهمه في هذه الحياة إلا أن يشبع رغبته من شهوة فرجه وبطنه.
وأرى أن هذه الكوافيرات فيها عدة محاذير:
* المحذور الأول: ما تفعله الكوافيرات من التحلية بحلي الكفار في الشعر وغيره، ومن المعلوم أن ذلك محرم لأنه من التشبه بهم ومن تشبه بقوم فهو منهم، كما ثبت فيه الحديث عن رسول الله ﷺ.
* المحذور الثاني: أن عملهن كما ذكر السائل يكون فيه النمص، والنمص قد لعن النبي ﷺ فاعله فلعن النامصة والمتنمصة. واللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله. ولا أعتقد أن مؤمنا أو مؤمنة يرضى أن يفعل فعلاً يكون سببًا لطرده وإبعاده من رحمة الله عز وجل.
* المحذور الثالث: أن في هذا إضاعة لمال كثير بدون فائدة. بل إضاعة لمال كثير لما فيه مضرة. فالمرأة المصففة للشعور المحولة لشعور المؤمنات إلى مثل شعور الكافرات أو الفاجرات تأخذ منا أموالاً كثيرة طائلة، لا نجني منها ثمرة سوى التحول إلى موضات قد تكون مدمرة.
* المحذور الرابع: أن في ذلك تنمية لأفكار النساء أن يتخذن مثل هذه الحلي التي يتمتع بها نساء الكافرين، حتى تميل المرأة بعد ذلك إلى ما هو أعظم من هذا الأمر من تحلل وفساد في الأخلاق.
* المحذور الخامس: أنه كما ذكر السائل أن هذه الكوافيرات يفعلن بالنساء من هتك العورات ما لا حاجة إليه فإن هذه الكوافيرة تمر ما يسمونه بالحلاوة على أفخاذ المرأة وعلى ما حول قُبُلها حتى تطلع عليه بدون حاجة.
ومن المعلوم أن النبي ﷺ نهى أن تنظر المرأة إلى عورة المرأة. إلا إذا كان هناك حاجة تدعو إلى النظر، وهذا ليس بحاجة.
ثم ما الفائدة من أن نجعل المرأة كأنها صورة من المطاط ليس فيها شيء من الشعر. وما يدرينا لعل في إزالة الشعر الذي أنبته الله بحكمته مضرة على الجلد ولو على المدى البعيد.
ثم ما يدرينا لعل الصواب قول من يقول: إن إزالة الشعر من الساقين والفخذين والبطن لا تجوز لأن هذا الشعر من خلق الله عز وجل وإزالته من تغيير خلق الله. وقد أخبر الله عز وجل أن تغيير خلق الله من اتباع أوامر الشيطان. ولم يأمر الله تعالى ولا رسوله بإزالة هذا الشعر. فالأصل أنه محرم لا يزال، هكذا ذهب إليه بعض أهل العلم. والذين قالوا بالجواز لا يقولون إن إزالته وإبقاءه على حد سواء بل الورع والأولى ألا يزال هذا الشعر، وإن كان ليس بحرام لأن دليل تحريمه ليس بذاك القوى.
وإنني أؤكد النصيحة على الرجال وعلى النساء ألا ينخدعوا في هذه الأمور. وأرى أنه تجب مقاطعة هذه الكوافيرات، وأن تقتصر النساء على التجمل بما لا يكون مضرًا في الدين موقعًا في الحرام بالتشبه بالكفار.
وإذا أراد الله سبحانه وتعالى المحبة بين الزوجين فإنها لا تحصل بمعاصي الله، وإنما تحصل بطاعة الله، والتزام ما فيه الحياء والحشمة.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحمي شعبنا من كيد أعدائنا، وأن يردنا إلى ما كان عليه سلفنا الصالح من الحشمة والحياء، إنه جواد كريم والله الموفق.
1- يطلب منها أن تفعل من خصال الفطرة ما يختص بها ويليق بها من قص الأظافر وتعاهدها. لأن تقليم الأظافر سنة بإجماع أهل العلم لأنه من خصال الفطرة الواردة في الحديث ولما في إزالتها من النظافة والحسن. وما في بقائها طويلة من التشويه والتشبه بالسباع وتراكم الأوساخ تحتها ومنع وصول ماء الوضوء إلى ما تحتها. وبعض المسلمات قد ابتلين بتطويل الأظافر تقليدًا للكافرات وجهلاً بالسنة. ويسن للمرأة إزالة شعر الإبطين والعانة عملاً بالحديث الوارد في ذلك ولما فيه من التجمل. والأحسن أن يكون ذلك كل أسبوع أولاً يترك أكثر من أربعين يومًا.
1- ما يطلب منها وما تمنع منه في شعر رأسها وشعر حاجبيها وحكم الخضاب وصبغ الشعر:
أ- يطلب من المسلمة توفير شعر رأسها ويحرم عليها حلقه إلا من ضرورة. قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ مفتي الديار السعودية رحمه الله: وأما شعر رءوس النساء فلا يجوز حلقه لما رواه النسائي في سننه بسنده عن علي t. ورواه البزار بسنده في مسنده عن عثمان t. ورواه ابن جرير بسنده عن عكرمة t قالوا: نهى رسول الله ﷺ أن تحلق المرأة رأسها. والنهي إذا جاء عن النبي ﷺ فإنه يقتضي التحريم ما لم يرد له معارض. قال ملاَّ عليّ قاري في المرقاة شرح المشكاة: قوله: (أن تحلق المرأة رأسها) وذلك لأن الذوائب للنساء كاللحي للرجال في الهيئة والجمال انتهى.
وأما قص المرأة شعر رأسها فإن كان لحاجة غير الزينة كأن تعجز عن مؤنته أو يطول كثيرًا ويشق عليها فلا بأس بقصه بقدر الحاجة. كما كان بعض أزواج النبي ﷺ يفعلنه بعد وفاته لتركهن التزين بعد وفاته ﷺ واستغنائهن عن تطويل الشعر.
وأما إن كان قصد المرأة من قص شعرها هو التشبه بالكافرات والفاسقات أو التشبه بالرجال فهذا محرم بلا شك للنهي عن التشبه بالكفار عمومًا وعن تشبه المرأة بالرجال - وإن كان القصد منه التزين فالذي يظهر لي أنه لا يجوز. قال شيخنا الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان: (إن العرف الذي صار جاريا في كثير من البلاد بقطع المرأة شعر رأسها إلى قرب أصوله سنة إفرنجية مخالفة لما كان عليه نساء المسلمين ونساء العرب قبل الإسلام. فهو من جملة الانحرافات التي عمت البلوى بها في الدين والخلق والسمت وغير ذلك. ثم أجاب عن حديث: أن أزواج النبي ﷺ يأخذ من رؤوسه حتى تكون كالوفرة. بأن أزواج النبي ﷺ إنما قصرن رؤوسهن بعد وفاته ﷺ لأنهن كن يتجملن في حياته ومن أجمل زينتهن شعورهن. أما بعد وفاته ﷺ فلهن حكم خاص بهنا لا تشاركهن فيه امرأة واحدة من نساء جميع أهل الأرض وهو انقطاع أملهن انقطاعًا كليًا من التزويج ويأسهن منه اليأس الذي لا يمكن أن يخالطه طمع. فهن كالمعتدات المحبوسات بسببه ﷺ إلى الموت قال تعالى: }وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا{ واليأس من الرجال بالكلية قد يكون سببًا للترخيص في الإخلال بأشياء من الزينة لا تحل لغير ذلك السبب. انتهى.
فعلى المرأة أن تحتفظ بشعر رأسها وتعتني به وتجعله ضفائر، ولا يجوز لها جمعه فوق الرأس أو من ناحية القفا. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (22/145) كما يقصد بعض البغايا أن تضفر شعرها ضفيرًا واحدًا مسدولاً بين الكتفين. وقال الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية: وأما ما يفعله بعض نساء المسلمين في هذا الزمن من فرق شعر الرأس من جانب وجمعه من ناحية القفا أو جعله فوق الرأس كما تفعله نساء الإفرنج فهذا لا يجوز لما فيه من التشبه بنساء الكفار. وعن أبي هريرة t في حديث طويل. قال قال رسول الله ﷺ: «صنفان من أهل النار لم أرهما - قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس. ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات. رؤوسهن كأسنمة البخت العجاف لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» رواه مسلم. وقد فسر بعض العلماء قوله: (مائلات مميلات) بأنهن يتمشطن المشطة الميلا. وهو مشطة البغايا. ويمشطن غيرهن تلك المشطة. وهذه مشطة نساء الإفرنج ومن يحذو حذوهن من نساء المسلمين.
وكما تمنع المرأة المسلمة من حلق شعر رأسها أو قصه من غير حاجة فإنها تمنع من وصله والزيادة عليه بشعر آخر. لما في الصحيحين: «لعن رسول الله ﷺ الواصلة والمستوصلة» والواصلة هي التي تصل شعرها بشعر غيرها. والمستوصلة هي التي يعمل بها ذلك. لما في ذلك من التزوير. ومن الوصل المحرم لبس الباروكة المعروفة في هذا الزمان. روى البخاري ومسلم وغيرهما: أن معاوية t خطب لما قدم المدينة وأخرج كبة من شعر. أو قصة من شعر فقال: ما بال نسائكم يجعلن في رؤوسهن مثل هذا. سمعت رسول الله ﷺ يقول: «ما من امرأة تجعل في رأسها شعرًا من شعر غيرها إلا كان زورًا» والباروكة شعر صناعي يشبه شعر الرأس وفي لبسها تزوير.
ب- ويحرم على المرأة المسلمة إزالة شعر الحاجبين أو إزالة بعضه بأي وسيلة من الحلق أو القص أو استعمال المادة المزيلة له أو لبعضه. لأن هذا هو النمص الذي لعن النبي ﷺ من فعلته فقد لعن ﷺ النامصة والمتنمصة؛ والنامصة هي التي تزيل شعر حاجبيها أو بعضه للزينة في زعمها. والمتنمصة التي يفعل بها ذلك. وهذا من تغيير خلق الله الذي تعهد الشيطان أن يأمر به بني آدم حيث قال كما حكاه الله عنه }وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ{ في الصحيح عن ابن مسعود t أنه قال: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله عز وجل». ثم قال: ألا ألعن من لعن رسول الله ﷺ وهو في كتاب الله عز وجل؟! يعني قوله: }وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا{.
ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره (2/359) طبعة دار الأندلس. وقد ابتلى بهذه الآفة الخطيرة التي هي كبيرة من كبائر الذنوب كثير من النساء اليوم حتى أصبح النمص كأنه من الضروريات اليومية. لا يجوز لها أن تطيع زوجها إذا أمرها بذلك لأنه معصية.
ج- ويحرم على المرأة تفليج أسنانها للحسن بأن تبردها بالمبرد حتى تحدث بينها فرجا يسيرة رغبة في التحسين. أما إذا كانت الأسنان فيها تشويه وتحتاج إلى عملية تعديل لإزالة هذا التشويه. أو فيها تسوس واحتاجت إلى إصلاحها من أجل إزالة ذلك فلا بأس، لأن هذا من باب العلاج وإزالة التشويه ويكون ذلك على يد طبيبة مختصة.
د- ويحرم على المرأة عمل الوشم في جسمها - لأن النبي ﷺ لعن الواشمة والمستوشمة - والواشمة هي التي تغرز اليد أو الوجه بالإبر ثم تحشو ذلك المكان بالكحل أو المداد. والمستوشمة هي التي يفعل بها ذلك. وهذا عمل محرم وكبيرة من كبائر الذنوب. لأن النبي ﷺ لعن من فعلته أو فعل بها. واللعن لا يكون إلا على كبيرة من الكبائر.
ه- حكم الخضاب للنساء وصبغ الشعر.
1- الخضاب: قال الإمام النووي في المجموع (1/324): أما خضاب اليدين والرجلين بالحناء فمستحب للمتزوجة من النساء للأحاديث المشهورة فيه. انتهى. يشير إلى ما رواه أبو داود: أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها عن خضاب الحناء فقالت لا بأس به. ولكني أكرهه. فإن حبي رسول الله ﷺ كان يكره ريحه. ورواه النسائي: وعنها رضي الله عنها قالت: أومأت امرأة من وراء ستر بيدها كتاب إلى رسول الله ﷺ فقبض النبي ﷺ يده وقال: «ما أدري أيد رجل أم يد امرأة؟!» قالت: بل يد امرأة. قال: «لو كنت امرأة لغيرت أظفارك» يعني الحناء. أخرجه أبو داود والنسائي. لكن لا تصبغ أظفارها بما يتجمد عليها ويمنع الطهارة.
2- وأما صبغ المرأة شعر رأسها فإن كان شيبًا فإنها تصبغه بغير السواد لعموم نهيه ﷺ عن الصبغ بالسواد. قال الإمام النووي في رياض الصالحين صفحة 626 باب نهي الرجل والمرأة عن خضاب شعرهما بالسواد. قال في المجموع (1/324) ولا فرق في المنع من الخضاب بالسواد بين الرجل والمرأة، هذا مذهبنا. انتهى. وأما صبغ المرأة لشعر رأسها الأسود ليتحول إلى لون آخر فالذي أرى أن هذا لا يجوز لأنه لا داعي في ذلك تشبهًا بالكافرات. ويباح للمرأة أن تتحلى من الذهب والفضة بما جرت به العادة وهذا بإجماع العلماء. لكن لا يجوز لها أن تظهر حليها للرجال غير المحارم بل تستره خصوصًا عند الخروج من البيت والتعرض لنظر الرجال إليها لأن ذلك فتنة. وقد نهيت أن تسمع الرجال صوت حليها الذي في رجلها تحت الثياب فكيف بالحلي الظاهر.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة والهدى وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد يقول تعالى: }وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{([91]) وقد فسر الصحابة رضي الله عنهم الذين شاهدوا الوحي والتنزيل وهم أعلم الناس بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ الآية بأن المرأة إذا بلغت سن الإياس فارتفع حيضها لكبرها وطابت نفسها عن الزواج وذهب جمالها أن تخفف من لباسها لعدم الرغبة فيها في الغالب فتترك الجلباب كالعباءة أو الرداء وتقتصر على تغطية وجهها مع سعة ثيابها وطولها أما أن تكشف وجهها وتترك الحجاب فهذا لم يرد فعله في عهد النبي ﷺ وعهد خلفائه والسلف والصالح ولو جاز ذلك لكان قسم كبير من الصحابيات والتابعات يكشفن وجوههن وإليك الآثار عن الصحابة في تفسير الآية الكريمة فعن ابن عباس قال: المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكرهه الله، رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي وعن ابن مسعود في قوله «فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن» قال الجلباب أو الرداء رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي وعن مجاهد في قوله: (وأن يستعففن خير لهن) قال يلبسن جلابيبهن رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم قال ابن كثير رحمه الله وكذلك روي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والزهري والأوزاعي وغيرهم وقال أبو صالح تضع الجلباب وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار وقال ابن الجوزي قوله: (أن يضعن ثيابهن) أي عند الرجال ويعني بالثياب الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار وهذا المراد بالثياب لا جميع الثياب وإنما ذكرنا هذا لأن بعض المفتين سامحهم الله يفتون بجواز السفور لكبيرات السن مع مخالفة ذلك للآثار السابقة المفسرة للآية الكريمة وفق الله الجميع لهدي كتابه وسنة رسوله ﷺ والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد آله وصحبه وسلم.
أحمد بن عبد الرحمن القاسم
الإسلام دين عالمي شامل كامل يصلح لكل العصور والأمكنة. لذا فقد أباح الإسلام تعدد الزوجات ذلك أن الظروف قد تقتضي التعدد لصالح الذكر أو الأنثى أو كليهما فالله تعالى أعلم بما يصلح خلقه فهو المتصف بالعلم المطلق ولا يصف الدواء إلا من علم الداء. قال الله تعالى: }فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً{([92]) وعن عمير الأسدي قال: (أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت الرسول ﷺ فذكرت له ذلك فقال: اختر منهن أربعًا)([93]) وقال ﷺ: «وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني»([94]) وقد أكثر من الزوجات وعدد الصحابة والتابعون ومن جاء بعدهم من أهل العلم وممن عدد نساءه الحسين. وابن عمر رضي الله عنهما وغيرهما كثير.
(فهذا سيدنا عمر t يعرض ابنته حفصة على أبي بكر الصديق مع أن عنده امرأة تدعى أم رومان) ولم تكن زوجة أبي بكر مريضة ولا عاقرًا.
ولا يحق للأنثى والذكر الاعتراض على مشروعية التعدد فذلك اعتراض على المشرع الخالق الواحد الأحد سبحانه وتعالى: }لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ{ سورة الأنبياء آية 23.
فكما أن المريض لا يحق له الاعتراض على الصحيح. وكذلك الفقير لا يحق له الاعتراض على الغني. وكذلك المشوه الخلقة لا يحق له الاعتراض على السليم وكذلك العقيم لا يحق له الاعتراض على من يولد له. وهكذا مما لا يعلم حكمته إلا الله فكذلك التعدد لا يعترض عليه ولا تشوه صورته أمام الناس. لأن به حكم وفوائد منها ما نعلمه ومنها ما نجهله. ولما تمنى بعض النساء ما يخص الرجال نزل قوله تعالى: }وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ{([95]) والذي يظهر لنا بعلمنا القاصر أن التعدد تقضيه الحياة خاصة لفئة من الناس أعطاهم الله نعمة الدين والعقل والصحة والمال وفي الغالب أن الرجال لهم النصيب الأوفر من هذه النعم. ولذا جعل التعدد من نصيبهم دون النساء. فلو أخذنا تركيب الرجل النفسي والجسمي والعضوي وما كلفه الله به من العمل لوجدناه أحق بالتعدد. وإليك تفصيل ذلك فيما يلي:
1- لو جمع الرجل أكثر من امرأة بعقد شرعي لما حصل اختلاط في الأنساب بخلاف العكس. فجهاز الرجل التناسلي يؤهله لذلك بخلاف المرأة.
2- التركيب الجسمي للرجل أصح من المرأة في الغالب فبحكم طبيعة عمله وخلوه من الحيض والنفاس والحمل والإرضاع فيكون جسمه أصح من المرأة التي قضى الله عليها بالحمل والحيض والنفاس والولادة والإرضاع، والرجل في الغالب يتحكم بعقله وبواسطته يستطيع إدارة امرأتين وثلاث وأربع وهذا بخلاف من تتحكم فيه العاطفة التي يحتاج إليها لتربية الأطفال والحنان عليهم ولذلك نجد النساء لا يصمدن أمام المشاهد المؤثرة وينسين سريعًا ويبكين لأتفه الأسباب. ومن هنا جاءت شهادتها فيما لا يطلع عليه في الغالب إلا الرجال على النصف من شهادة الرجل كالبيع والشراء ونحو ذلك.
3- وشرع الجهاد بحق الرجال دون النساء حيث الجهاد فيه دماء وجثث لا يتحمل منظرها كثير من النساء.
4- الرجل في الغالب يتمكن من الإنجاب إلى سن متأخرة من حياته بخلاف النساء فإنهن يتوقفن عن الإنجاب في سن مبكرة المعروف بسن الإياس. فالبعض منهن في الأربعين والبعض في الخامسة والأربعين والغالب في الخمسين من عمرها.
5- ويوجد بعض الرجال أعطاهم الله قدرة جنسية زائدة ومعلوم ما يطرأ على المرأة من حيض وحمل ونفاس فالتعدد يساعد على حل المشكلة. ويرى الإمام أحمد بن حنبل في زمانه أن يتزوج الرجل أربعًا.
6- حسب الإحصاءات ثبت أن موت الرجال أكثر من النساء بسبب الحوادث والحروب التي يتعرض لها الرجال أكثر من النساء مما يترتب عليه بقاء نسبة الإناث أكثر من نسبة الرجال فلا حل لهذه المشكلة إلا بالتعدد يضاف إلى ذلك أن نسبة مواليد الإناث أكثر من الذكور مما يضاعف المشكلة حتى يعلم أنه ليس من علاج إلا بالتعدد مع وجود نسبة قليلة من الرجال لا يتزوجون ألبتة بسبب ظروف النفقة وغيرها. وبعضهم يؤخر الزواج إلى سن متأخرة بخلاف الفتاة التي تكون مستعدة للزواج في سن مبكرة.
7- الرجل بحكم اختلاطه بالناس. قد يكون كريمًا أو عالمًا يبحث الناس عنه لعلمه أو صاحب جاه. أو تكون طبيعة عمله يحتاج إلى من يساعده. فالرجل في تلك الأحوال بحاجة إلى عدد من النساء يتكاتفن في العناية بشؤون الأولاد من جهة وتقديم الخدمة الكاملة للرجل من جهة أخرى فالتعدد يحل كثيرًا من مثل هذه المشكلات.
8- كذلك ما يطرأ على المرأة من عقم أو مرض ونحوهما من مثل كراهته لها أو حبه لغيرها ونحو ذلك فأيهما أولى. التعدد. أم الطلاق. الحقيقة أن التعدد أفضل بكثير للمرأة الأولى والثانية. أما الأولى فسلمت من الطلاق. والثانية استفادت من هذا الرجل الناضج في دينه وعقله وماله. وربما كانت المرأة الثانية مطلقة أو أرملة أو عانسًا أو بها عيب خلقي ونحو ذلك. ولنفرض أن الأولى سليمة من العقم والمرض. نسألها يا مسلمة أين التجرد عن الأنانية أين الإيثار أين التضحية أين الأخوة الإسلامية؟!
ونوجه السؤال كذلك للمرأة الثانية المترددة في قبول الرجل المتزوج أين الإيثار أين التضحية أين الأخوة الإسلامية؟ ولربما فتح الله للأولى والثانية والزوج خيرًا كثيرًا وسعة في الرزق والمال والولد وجمع بينهم إذا علم منهم صدق النية. صحيح أن الأولى والثانية قد يكرهون مثل هذا الزواج. ولكن هل المكروه معلومة نتائجه. الجواب «لا» قال تعالى: }وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ{([96]) وقال تعالى: }فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا{([97]).
9- أليس كثير النسل مطلبًا شرعيًّا. يساعد الأمة في زيادة الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري ويسد بهم ثغور المسلمين ويكثر بهم أمة محمد ﷺ يوم القيامة. وبكثرة النسل نستغني عن الأيدي المخالفة لنا في المعتقد والدين. ولذلك يقول رسولنا ﷺ: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة»([98]) أليس التعدد وسيلة من وسائل تكثير النسل لهذه الغايات السامية.
10- إن المرأة لا يمكن أن تستغنى عن الرجل بأي حال من الأحوال مهما عملت ومهما كسبت ومهما توصلت إلى أعلى المراكز الاجتماعية والثقافية.
11- مما تقدم يتبين لنا أن التعدد أمر يقتضيه النقل والعقل لمصلحة الفرد والجماعة فحري بالمرأة الأولى والثانية والثالثة والرابعة أن يرضين بما قسم الله لهم ومعلوم أنه لا يأخذ أحد في هذه الدنيا شيئًا إلا نصيبه وحري بالمرأة ألا ترد الرجل المتدين صاحب الخلق سواء كان متزوجًا أم لا ولقد رسم لنا رسول الله ﷺ المقياس الذي نتبعه في ذلك فقال: «إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه ألا تفعلون تكن فتنة وفساد كبير»([99]) ولم يفرق ﷺ بين المتزوج وغير المتزوج. المهم الدين والأمانة.
وقال ﷺ: «ثلاثة لا تؤخرهن: الصلاة إذا وجبت والجنازة إذا حضرت والأيم إذا وجدت كفئًا»([100]) ولما سئل أحد السلف ممن تزوج ابنتك. قال: (أزوجها صاحب الدين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها) دعونا نفترض أن هذه المرأة التي رفضت التعدد أنها تزوجت برجل منفرد لكنه لا يصلي أو يتعاطى المخدرات والخمور والدخان أو يسهر الليالي بما لا فائدة فيه أو يسافر للفساد أو أنه رجل بخيل أو أحمق أو أخرق. أو قد تتزوج برجل كفء ثم يتزوج عليها فوقعت فيما هربت منه. ونقولها بحق إن المرأة العاقلة هي التي تقبل نصف وثلث وربع زوج عاقل متدين خير لها من منفرد يتصف بما مضى من الصفات المنحرفة. وخير لها من أن تمضي زهرة شبابها بدون زوج فتندم ولا ينفع الندم. وما قلناه يتضح إذا حكم العقل. وأبعدت العاطفة. ولذلك جعل الله ولاية المرأة بيد الرجل حتى يكمل النقص الموجود لديها. قال ﷺ: «لا نكاح إلا بولي»([101]) لذلك فالواجب على الرجال ألا يدخروا وسعًا في تقديم النصح والمشورة لمن جعل الله ولايتها في يده وعليه بذل الجهد في إقناعها بالرجل العاقل المتدين سواء كان معه زوجة أم لا. وعليه أن يصبر في مناظرتها ومقارعتها بالحجة حتى يزول هذا الخوف الذي زرع في قلبها نتيجة الافتراءات على التعدد بسبب المشاهدة والقراءة التي تشوه التعدد. ولا ننسى حديث بعض النساء اللاتي مررن بتجربة فاشلة مع التعدد إما لحمقها أو بسبب ضعف الوازع الديني لديها فنغصت حياة زوجها فطلقها. أو بسبب أنها وقعت بيد أحمق أو بيد رجل ضعيف الوازع الديني فطلقها. وهذا لا غرابة فيه فقد يظلم وقد يطلق. ولكن مثل هذا الصنيع أليس يحصل من المنفرد الذي ليس عند إلا زوجة واحدة.
فإذا عرف السبب بطل العجب. وكلنا يعلم أن الدين الإسلامي يحرم الظلم بشتى ألوانه ويحرم ظلم الزوجة. ويزداد تحريم الظلم فيمن عنده أكثر من زوجة ولذلك يقول المصطفى ﷺ: «من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما دون الأخرى جاء يوم القيامة وشقه مائل»([102]).
إذن ما يفعله بعض الرجال من ظلم لزوجاتهم وتنكر بعضهم لزوجاتهم القديمات أمر لا يقره الشرع ويأثمون على ذلك. ولذلك يستحسن للرجل أن يبادر بالتعدد ما دام أنه في مرحلة الشباب وهذا لصالح زوجته الأولى. حتى يجد في القديمة ما يجده في الجديدة من الحيوية والشباب. وبمبادرته سيساعد في حل كثير من المشكلات.
ولقد بين ﷺ وهو صفوة الخلق طريقة التعامل بين الزوجات فقال ﷺ: «اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك»([103]) ومعلوم أن الذي يملكه ﷺ من حيث النفقة والكسوة والمسكن وغيرها مما هو في مقدور الرجل أن يعدل فيه. والذي لا يملكه الحب ودواعيه فإنه لا يلام شرعًا على ذلك إذا لم يتكلم به أمامهن. فالمقصود هو الميل القلبي الذي لا يتحكم به الإنسان إنما هو إلى الله تعالى والمهم أن يجتهد المسلم ويتحرى العدل ويعقد النية على ذلك والله عليه شهيد ورقيب حتى نكون بحق خير أمة أخرجت للناس. انظر إلى وضع الغرب والشرق. حينما تنكبوا طريق الإسلام كيف ضلوا وأضلوا فمنعوا تعدد الزوجات وفي المقابل سمحوا بتعدد العشيقات والخليلات فانتشر الزنا وقل الحيا فتبودلت الزوجات وامتهنت الكرامات وتمزقت الأسرة وشرد الأطفال وكثر اللقطاء وتفشت بينهم الأمراض المزمنة كالإيدز. والهربس والسيلان والزهري... }وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{([104]) وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على آخر الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وأصحابه الطيبين).
وبعد:
فقد ابتليت المجتمعات الإسلامية ببلاء التقليد الأعمى للغرب فكلما جد جديد هناك سواء النافع والضار تلقفته أجهزة الإعلام ومهدت له وبينما يتم شحنه وتصديره فإذا ما نزل إلى الأسواق الإسلامية إذا بوسائل الإعلام قد سبقته وحببته إلى النفوس الضعيفة فيتهافت عليه طلابه وهكذا دون تثبت أو اختبار وسواء كان هذا الشيء ضارًا في الدين أو الصحة والمال إلى آخر ما هنالك من الشرور التي لا تخفى.
والذي أحب أن أتكلم عنه هو بعض أضرار موانع الحمل وكذلك أضرار تغذية الأطفال بالأغذية الصناعية. واستبدال لبن الأم باللبن الصناعي.
فأولاً: أضرار موانع الحمل: ثبت طبيًا أن الأقراص المانعة للحمل فيها ضرر على المرأة التي تأكلها، منها:
أ- ضعف في القوة وضيق في التنفس وسرعة ضربات القلب خصوصًا عند القيام بأي مجهود عملي أو صعود درج أو كثرة مشي.
ب- اضطراب في العادة الشهرية ونزيف في بعض الأحيان.
ج- عدم شهية للطعام.
د- ظهور تورم وترهل في مراق اللحم إلى آخر ما هنالك، الشيء الذي دعا النساء في أوروبا إلى تركها والعدول عنها إلى موانع أخرى ليس لها دخل في الجسم - هذا من الناحية الصحية.
ه- هذه الأضرار المذكورة تصيب المرأة التي سبق أن أنجبت أما البكر فهي أشد تعرضًا للأخطار مع إصابتها بخطر العقم الدائم إذا تناولت مانعًا للحمل وهي لا تزال بكرًا.
أما من الناحية الدينية فلا يحل لامرأة صحيحة متعافية لا تشكو من مرض لا يحل لها أن تأكل مانعًا للحمل بالكلية فهذا لا يجوز أبدًا إلا في حالات نادرة جدًا عند بعض النساء التي ربما يكون لديها مرض عضال يكون الحمل معه سببًا للوفاة.
لأنه من المعروف أن الإسلام يأمر بتكثير سواد المسلمين والرسول عليه الصلاة والسلام يحث الأمة على التزاوج واختيار الولود من النساء ولو كانت سوداء على المرأة الحسناء لكنها عاقر. يفيد عليه الصلاة والسلام أنه مكاثر بنا الأمم يوم القيامة.
أضرار التغذية الصناعية على الأطفال
مما لا شك فيه أن كل أبوين يريدان لأطفالهما الصحة والعافية:
وقبل أن أكتب بعض أضرار التغذية الصناعية.
تعالوا بنا لنلقي الضوء على مدى تكريم الله للإنسان وتشريفه له منذ أن تنفخ فيه الروح وهو في رحم أمه إلى أن يعقل فيكلفه الله بعبادته فقد ثبت في الحديث الشريف أن الله يرسل ملكًا إلى الجنين وهو في بطن أمه فيؤمر بكتابة رزقه وأجله وشقي أو سعيد([105]) كذلك يراعي الإسلام الأم الحامل ويأمر بالرفق بها حفاظًا عليها وعلى جنينها فالصيام مثلاً ركن من أركان الإسلام ومع ذلك فالحامل إذا خافت على نفسها أو على جنينها في بطنها أو طفلها الرضيع إذا خافت عليه حق لها أن تفطر وتقضي مكانه إذا زال العذر.
ثم إن وضع الجنين في بطن أمه وضع عجيب فالله تعالى قد حماه وهو في رحم أمه من تقلبات الجو الخارجية فنجد أن الأم الحامل في فصل الصيف تتصبب عرقًا بينما الجنين في بطنها لا يحس بشيء من ذلك إذ أن جو الرحم مكيف له تكييفًا لا يزيد ولا ينقص بل ثابت على درجة حرارة مناسبة، وكذلك بالنسبة لفصل الشتاء فتجد أن الجو شديد البرودة والناس يحتمون منه بالوسائل المعروفة وتتعرض الحامل للبرد بينما الجنين في بطنها لا يحس بالبرد إذ أن لديه تدفئة طبيعية مناسبة فسبحان الخلاق العظيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.
ثم إن وضع الجنين في رحم أمه له وضع يناسب كل حالة من حالات وضع الأم فهي واقفة له وضع وهي جالسة له وضع وهي نائمة على جنبها الأيمن أو الأيسر أو على ظهرها فللجنين أوضاع وهيئة وجلوس ونوم على حسب هذه الحالات... وهكذا حتى لو تدحرجت الأم مع الدرج أو سقطت من عال فللجنين وضع يتناسب والحادث.
وهكذا بالنسبة للأمراض والأوبئة فالجنين في رحم الأم في مأمن منها وما ذكرت هو قليل من كثير من رحمة الله وتكريمه لبني الإنسان فكيف ببعض الناس يجني على طفله ويحرمه رزقًا ساقه الله إليه وذلك بالعدول عن إرضاع الطفل من أمه وإعطائه حليبًا صناعيًّا بحجة أن الأم ليس فيها حليب أو حفاظًا على صحتها وهذا خطأ واعتداء على حق وحرمة الطفل فالله تعالى هو الذي أمر بإرضاع الطفل من أمه حولين كاملين وحاشا الله أن يأمر بذلك ولا يوجد حليب في ثدي المرأة حولين كاملين قال الله عز وجل: }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلادَكُمْ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ الآية 232 من سورة البقرة.
فهذا إرشاد من الله للوالدات أن يرضعن أولادهن حولين كاملين فالله الخالق المدبر الرازق الذي أوجد هؤلاء الأولاد من ماء مهين قادر على أن يوجد اللبن في صدر المرضع ولمدة عامين، دون أن يؤثر ذلك على المرضع أو ينقص من صحتها، كما يتوهمه من لا علم عنده بحكمة الله وقدرته، وإلا لو تفكر بالحيوانات الثديية لوجد أنها تلد خمسة وستة وأقل وأكثر وبقدرة الله تغذي جميع ما تلد دون الاستعانة بأحد إلا بالله الواحد الأحد.
قد تدعي بعض النساء أن صدرها ناشف وليس فيها لبن فكيف تصدق وقد تلونا قبل قول الله عز وجل: }وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ{ الآية.. فهل تصدق المرأة بادعائها وهذا قول الله، ثم قد لا يكون بها لبن في الأيام الأولى للولادة وهنا تعالوا نلقي نظرة على حياة المولود في أسبوعه الأول ومن أين يتغذى. فمن حكمة الله جل وعلا أن أي مولود جديد يخرج للدنيا سواء من بطن الأم أو من بطن البيضة فإن الله عز وجل يزوده بغذاء يكفيه بينما يحضر طعامه الجديد ثم يأمر كبد الأم أن تفرز غذاء خاصًا ذا تركيب مركز يتزود به الجنين قبل أن يترك رحم الأم ثم بعد خروجه للدنيا يكون معه من الغذاء ما يكفيه لمدة من أربعة إلى سبعة أيام.. مع أن هذا الغذاء به مخزون لتغطية نقص الفيتامينات والغذاء لمدة ستة أشهر قادمة فيما لو أعطي الطفل غذاء ناقصًا مع أنه يشتمل أي هذا المخزون على مادة وقائية لكثير من الأمراض.. فالطفل لا يحتاج في أيامه الخمسة الأولى إلى شيء إلا إن حنك بتمر فطيب كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يحنك صبيان الصحابة فقد كانوا عندما يولد لأحدهم مولود قبل أن يذق أي مطعوم يأتي به إلى النبي ﷺ فيأخذ تمرًا ثم يلوكه بفمه الشريف ويختلط التمر بريقه عليه الصلاة والسلام ثم يطعمه الطفل فيكون أول ما يدخل فمه ريق النبي عليه الصلاة والسلام..
وهذه المدة أي الأسبوع الأول لولادة الطفل كافية لتحضير اللبن بقدرة الله بصدر الأم، فيكون الطفل محتاجًا للغذاء ومستعد لالتقام ثدي أمه بل إن رضاعته في هذا الوقت ضرورية جدًا لأن ثدي الأم يكون مستعدًا الآن بغذاء عظيم الفائدة يسمى بلغة الطب المسمار وهو ما يسمى باللبا وهو مهم جدًا لأنه يبني عظام الوليد ويقويه على مقاومة الأمراض فقد قيل على قوله تعالى: }وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى{([106]) لو رفضت الأم إرضاع ولدها فللحاكم إجبارها على إرضاعه اللبأ لأنه لا يوجد حليب يقوم مقامه.
كما أنه ثبت طبيًا أن إرضاع الوليد للبأ ضروري له كما أنه ضروري للأم أيضًا لأنها بإرضاعها وليدها إياه تساعد بذلك على سرع التئام رحمها لأن الرحم يكون بحجم المولود عندما يتركه فإذا قامت الأم بإرضاع مولودها اللبأ فإن الرحم يلتئم ويتقلص بإذن الله ويرجع إلى وضعه الطبيعي إلى أن يكون بحجم الكمثرى.
أما إن لم ترضع في أيامها الأولى.. فتصاب بما يأتي:
1- بالتهاب الرحم وتأخر التئامه مع ما يحصل من نزيف مؤذ وربما تعفن الرحم والتهابات شديدة.
2- يكون ذلك سببًا لنضوب اللبن وجفاف الثديين لأن الثدي كما يقال إن حرك در وإن ترك قر.
الإرضاع سبب لتأخر الحمل...
يلاحظ أن بعض النساء تحمل بسرعة وهذا بسبب عدم إرضاعها مولودها فالمرأة التي ترضع غالبًا لا تحمل إلا بعد أن تفطم ولدها.
* عدم الإرضاع يسبب سرطان الثدي.
ثبت طبيًا أن عدم الإرضاع من الثدي يسبب السرطان فيه فتدل الإحصائيات أن 17% من النساء اللائي استؤصلت أثداؤهن بسبب السرطان والأورام الخبيثة حصل ذلك لهن لعدم استعمال الثدي لما خلق له وهو الإرضاع.
* معظم وفيات الأطفال بسبب عدم إرضاعهم من أمهاتهم.
ثبت طبيًا حسب الإحصاءات الأخيرة أن 20% من وفيات الأطفال سببها عدم إرضاعهم من أمهاتهم، وأن السلامة 100% للأطفال الذين يرضعون من أمهاتهم، إذ أنه ثبت أن السرطان لم يكن فيما سبق يصيب الأطفال لأنه من مرض الكبار أما وقد غذوا تغذية صناعية فإن السرطان بدأ يصيب الأطفال والحالة هذه كما يشير بعض الأطباء أن سبب مرض السرطان للأطفال جاء أيضًا من أقراص موانع الحمل التي كانت الأم تأكلها قبل أن تحمل بهذا المولود مع أن معظم النساء اللاتي يستعملن حبوب موانع الحمل دون حاجة إليها ودون أخذ رأي الطب فيها فحصل لبعضهن ولادات غير طبيعية كما أن بعضهن ولدن أولادًا مشوهين أو ناقصي الخلقة وما ذاك إلا عقوبة عافانا الله من الشر وغفر للجميع ما ارتكبوه من الآثام.
وبعد يا أختي المسلمة.
اتقي الله فالله يقول لك (لا تضار والدة بولدها) وأي ضرر أكبر من حرمانه من رزق ساقه الله إليه، وثقي أنك باعتمادك على الله فإن اللبن سيوجد في صدرك ويتربى ولدك عليه ويسلم من الأمراض، كما أن في ذلك سلامتك أنت فجربي الرجوع إلى الله وإلى أمره فالله أصدق القائلين.. فبمجرد أن يلامس فم طفلك ثديك سوف يدر عليه ويتربى المولود على حبك وحب ذويه ويكون صالحًا معافى أما إن ترك الصبي إن بكى وضعت في فمه الرضاعة التي تكون سببًا لنقل الأمراض لتعرضها للجراثيم ثم بعد ذلك يقدم له الحليب الصناعي. فاعلمي أن ثديك سوف يجف من اللبن وابنك سوف يرضى بالأمر الواقع ويشرب ما قدم له ويظهر ضعيف البنية هش العظام مع تعرضه للأمراض الجسمية والنفسية إذ أنه ثبت أن الأطفال الذين تغذوا تغذية صناعية فقدوا كثيرًا من آدميتهم وأصيبوا بكثير من الأمراض النفسية والجسمية... حتى أن التجارب أثبتت أن معظم الجرائم الكبيرة كالقتل والخطف والسرقة في البلاد الأوروبية لا يقوم بها إلا أولئك الذين غذوا تغذية صناعية وتولت دور المحاضن تربيتهم، كما أنه يلاحظ في الآونة الأخيرة ظهور العقوق في الأولاد وعدم انصياعهم لأوامر الوالدين من أولئك الذين لم يتغذوا من أمهاتهم.
فعليك أختي المسلمة الرجوع إلى أمر الله تعالى وتنفيذه بإرضاع الطفل رضاعة طبيعية ليحصل ارتباط ولدك بك ارتباطًا وثيقًا فيكون ذلك سببًا في إظهار جيل قوي البنية نافع لوالديه ولمجتمعه والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف([107]).
والتجربة أكبر برهان ودليل كما يقال - فهل الجيل الأول مثل جيلنا الحاضر وهي تشتكي المرأة الأولى ما تشتكيه امرأة الوقت الحاضر من الأمراض والالتهابات في الأرحام ومن تعرضها للنزيف الهائل الذي قد يودي بحياة كثيرات من أولئك النسوة اللاتي ابتلين بهذه الأدواء نتيجة لتغيير فطرة الله التي فطر الناس عليها.
أرجو الله أن يوفق الجميع رجالاً ونساءً إلى الرجوع إلى كتاب ربنا وتوجيه نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي لم يترك خيرًا في الدنيا والآخرة إلا وجهنا إليه.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.
عبد الله بن الشيخ علي الغضية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين أما بعد:
فهذه نصيحة فيما يتعلق بالأحكام المتعلقة بالمولود من ولادته إلى بلوغه فأقول:
أولاً: المطلوب بعد ولادته:
1- استحباب البشارة لقوله تبارك وتعالى: }فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ{([108]) وقوله: }أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى{([109]).
2- استحباب تحنيكه عندما يولد - والتحنيك مضغ تمرة ثم يدلك بها حنك المولود - لحديث أبي موسى t قال: «ولد لي غلام فأتيت به النبي ﷺ فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة»([110]).
ثانيًا: المطلوب في اليوم السابع:
1- حلق الرأس والتصدق بوزن الشعر فضة، لقوله ﷺ لفاطمة لما ولدت الحسن «احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره فضة على المساكين»([111]).
2- التسمية: وتجوز في اليوم الأول أو الثالث إلى اليوم السابع يوم العقيقة لقوله ﷺ «ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم»([112]) وعلى الوالد أن يحسن اسم مولوده.
3- الختان: وهو من سنن الفطرة لقوله ﷺ: «الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط»([113]) ولقوله ﷺ للرجل الذي أتاه فقال: قد أسلمت يا رسول الله قال ﷺ: «ألق عنك شعر الكفر واختتن»([114]) ووقت الختان: قيل في أيام الأسبوع الأولى من ولادته، وقيل إلى مشارفة سن البلوغ، والصحيح والأفضل هو اليوم السابع لحديث جابر قال: «عق رسول الله ﷺ عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام»([115]). وهو واجب في حق الرجال، ومكرمة في حق النساء لقوله ﷺ: «إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل»([116])، وكان ﷺ يقول لأم عطية: «أشمي ولا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل»([117]) وختان المرأة جلدة كعرف الديك فوق الفرج.
ثالثًا: العقيقة وأحكامها:
1- العقيقة: ومعناها لغة: القطع، وشرعًا: الذبح عن المولود.
حكمها: سنة مؤكدة لقوله ﷺ وفعله، فأما قوله: فهو ما أخرجه البخاري في صحيحه عن سليمان الضبي قال: قال رسول الله ﷺ: «مع الغلام عقيقة، فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى»([118]) وأما فعله: فلحديث ابن عباس، أن رسول الله ﷺ «عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا»([119]) وفي رواية أخرى عن أنس: «كبشين»([120]) ولحديث سمرة قال: قال رسول الله ﷺ «كل غلام رهينة بعقيقة تذبح عنه يوم سابعه ويسمى فيه ويحلق رأسه»([121]) ووقتها: قال الإمام أحمد «تذبح يوم السابع، فإن لم يفعل ففي أربعة عشر، فإن لم يفعل ففي إحدى وعشرين»، ولما رواه البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها([122]).
2- المثل والمفاضلة بين الذكر والأنثى: العقيقة في حق الجنسين مشروعة وليس هناك خلاف إلا في المفاضلة، فإنه يعق عن الغلام شاتان، وعن الأنثى شاة واحدة، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ: «عن الغلام شاتان متكافئتان وعن الجارية شاة»([123]) وفي رواية أخرى: «أمرنا رسول الله ﷺ أن نعق عن الجارية شاة وعن الغلام شاتان»([124]) ومعنى متكافئتان: أي متساويتان في السن، والنوع، والجنس، والسمن.
3- وهناك أحكام عامة تجب مراعاتها في العقيقة وهي: يجري في العقيقة ما يجري في الأضحية من الأحكام، من بلوغ السن، والسلامة من العيوب، والصدقة والإهداء، والأكل منها، ويستثنى من حكم الأضحية الاشتراك في الإبل والبقر، فلا يصح في العقيقة امتثالاً لأمره ﷺ رغبة في حصول المقصود من إراقة الدم عن الولد، فإذا عق ببقرة أو بدنة فلا بد أن تكون العقيقة بأحدهما كاملة عن مولود واحد.
كما أن من الأمور التي تجب مراعاتها في عقيقة المولود، ألا يكسر من عظام الذبيحة شيئًا، سواء حين توزيعها، أو عند الأكل، لما روي عن جعفر بن محمد عن أبيه، وعن عائشة أيضًا، أن النبي ﷺ قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن والحسين: «أن ابعثوا إلى القابلة برجل، وكلوا وأطعموا ولا تكسروا منها عظمًا: وكان يقول. تقطع جزولاً ولا يكسر لها عظم»([125]) والجزول: الأعضاء.
رابعًا: واجبات الأبوين نحو مواليدهم:
1- يجب تربيتهم تربية إسلامية، لأن الله تعالى فطرهم على الإسلام كما أخبر الرسول ﷺ قال: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»([126]).
2- يؤمر بالعبادات وهو في سن السابعة. كما ورد في الحديث([127]).
3- يجب تعريفه أحكام الحلال والحرام عند بلوغه سن التكليف.
4- يجب تربيته على حب الله وحب رسوله وتلاوة القرآن والعمل بالسنة المطهرة.
5- تعليمه التوحيد، والسيرة النبوية، وغرس التقوى والعبودية ومراقبة الله في قلبه، والرحمة والأخوة والإيثار والعفو والجرأة.
6- يجب تحذيره من الكذب والسرقة والخصام والسباب والميوعة والانحلال.
7- يجب نهيه عن التقليد للآخرين، فيما يخالف تعاليم الإسلام وعن الإسراف، وعن استماع الغناء، وعن التخنث والتشبه بالنساء والاختلاط المحرم والنظر إلى محارم الناس.
8- يجب نهي البنت عن السفور والاختلاط بغير محارمها والتشبه بالرجال، كما يجب تعليمها العفاف والاحتشام وما يجب عليها أن تعمله فيما يرضي الله.
9- يجب الابتعاد عن جليس السوء، فإنه هو المؤثر الأول في حياة الطفل.
10- أمرهم بمراعاة حقوق الأبوين، والأرحام، والجيران، والمعلم، والرفيق، والكبير، والصغير.
خامسًا: أسباب انحراف الأطفال:
1- حالات الطلاق وما يصحبها من شتات وضياع وغل وترك للأطفال، وعدم متابعتهم وسؤالهم عما ينقصهم. وتفقد أحوالهم ونفسياتهم وتلبية احتياجاتهم.
2- الفراغ الذي يتحكم في حياتهم.
3- مخالطة أهل الفساد ورفاق السوء.
4- سوء تربية ومعاملة الأبوين.
5- مشاهدة أفلام الجريمة والخلاعة.
6- تخلي الأبوين عن تربية أولادهم.
وهذه الأسباب الستة تؤدي بهم إلى الظواهر المتفشية مثل ظاهرة التدخين، وظاهرة تعاطي المسكرات والمخدرات، وظاهرة الزنا واللواط، وسيحاسب الأولياء على إهمال أولادهم ويسئلون عنهم يوم القيامة أمام رب العالمين لقوله ﷺ: «كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، فكلكم راع ومسؤول عن رعيته»([128]).
كتبت هذه النصيحة لي، ولإخواني من المسلمين وللمسؤولين فيهم في المستشفيات. أسأل الله تبارك وتعالى أن ينفع بها وأن يجعلها خالصة لوجهه الكريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
كتبها الفقير إلى ربه
عمر بن غرامة العمروي
(انظر تحفة الودود في أحكام المولود لابن القيم)
فقد اشتمل على أحكام المولود من الولادة إلى الوفاة،
بل إلى أن يستقر في الجنة أو النار
([1]) رسالة (الكلماء في بيان محاسن تعدد الزوجات).
([2]) زاد المعاد في هدي خير العباد لابن القيم رحمه الله 1/150-154 بتحقيق شعيب وعبد القادر الأرنؤوط.
([3]) رواه النسائي 7/61 في عشرة النساء: باب حب النساء، وأحمد في "المسند" 3/128 و199 و285، وسنده حسن، وصححه الحاكم 2/160 من طريق آخر، ووافقه الذهبي.
([4]) أخرجه الترمذي (1140) في النكاح: باب ما جاء في التسوية بين الضرائر، وأبو داود (2134) في النكاح: باب القسمة بين النساء، والنسائي 7/64 في عشرة النساء باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض، وابن ماجة (1971) في النكاح: باب القسمة بين النساء، والدرامي 2/144 في النكاح: باب القسمة بين النساء، وابن حبان (1305) والحاكم في "المستدرك" 2/187 من حديث عائشة رضي الله عنها، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
([5]) أخرجه البخاري 9/99 عن سعيد بن جبير قال: قال لي ابن عباس: هل تزوجت؟ قلت: لا، فتزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساءً.
([6]) أي يرسلهن سربًا سربًا ويردهن إليها.
([7]) رواه الترمذي (3892) في المناقب: باب فضل أزواج النبي ﷺ، والدرامي 2/159 في النكاح: باب حسن معاشرة النساء، وابن حبان "موارد" (1312) في النكاح: باب عشرة النساء من حديث عائشة رضي الله عنها، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح وهو كما قال: ورواه ابن ماجة (1977) في النكاح: باب حسن معاشرة النساء من حديث ابن عباس، وسنده حسن في الشواهد.
([8]) روى مسلم (1462) من حديث أنس رضي الله عنه قال: كان للنبي ﷺ تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع، فكن يجتمعن كل ليلة في بيت التي يأتيها، فكان في بيت عائشة، فجاءت زينب، فمد يده إليها، فقالت: هذه زينب، فكف النبي ﷺ يده.
([9]) أخرجه أبو داود (2135) في النكاح: باب في القسم بين النساء، وسنده حسن وتمامه: ولقد قالت سودة بنت زمعة حسين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله ﷺ: يا رسول الله يومي لعائشة، فقبل ذلك رسول الله ﷺ منها. وخبر تنازل سودة عن يومها لعائشة أخرجه البخاري.
9/274، ومسلم (1463) وأزواجه التسعة هن: عائشة، وحفصة، وسودة، وزينب، وأم سلمة، وأم حبيبة، وميمونة، وجويرية، وصفية، رضي الله عنهن جميعًا، وسودة رضي الله عنها لما كبرت جعلت يومها لعائشة فكان رسول الله ﷺ يقسم لثمان.
([10]) رقم (1465).
([11]) رواه ابن ماجة (1973) في النكاح: باب المرأة تهب يومها لزوجها، وفي إسناده سمية البصرية، الراوية عن عائشة وهو لا تعرف، وباقي الإسناد رجاله ثقات.
([12]) رواه أبو داود (288) في الطهارة: باب في الجنب يؤخر الغسل، والترمذي (188) في الطهارة: باب في الجنب ينام قبل أن يغتسل، وابن ماجه (583) في الطهارة: باب في الجنب ينام كهيئته لا يمس ماء من حديث سفيان وغيره عن أبي إسحاق عن الأسود، عن عائشة وسنده قوي، ونقل الحافظ تصحيحه عن الدارقطني والبيهقي، وقال: ويؤيده ما رواه هشيم عن عبد الملك عن عطاء عن عائشة مثل رواية أبي إسحاق عن الأسود، وما رواه ابن خزيمة (211) وابن حبان (232) عن ابن عمر أنه سأل النبي ﷺ أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم ويتوضأ إن شاء " وإسناده صحيح، وأخرجه مسلم في صحيحه" (306) (24) بلفظ: "نعم ليتوضأ ثم لينم حتى يغتسل إذا شاء"، وروى الإمام أحمد 6/101 و254 وابن أبي شيبة 2/173/2 من حديث مطرف عن عامر الشعبي، عن عائشة قالت: كان رسول الله ﷺ يبيت جنبًا، فيأتيه بلال، فيؤذنه بالصلاة، فيقوم فيغتسل، فأنظر إلى تحدر الماء من رأسه، ثم يخرج فأسمع صوته في صلاة الفجر، ثم يظل صائما. قال مطرف: فقلت لعامر: في رمضان؟ قال نعم سواء رمضان أو غيره، وسنده صحيح. ربما تقدم يتبين لك خطأ المصنف في دعواه أن الحديث غلط عند أئمة الحديث.
([13]) أخرجه البخاري 9/296، 297، ومسلم 3/1527 (182) من حديث جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً" وروى البخاري 3/493، ومسلم (1928) من حديث أنس أنه ﷺ كان لا يطرق أهله ليلاً، وكان يأتيهم غدوة أو عشية.
([14]) والختان من خصال الفطرة كما في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط" وقد ذهب إلى وجوبه الشعبي، وربيعة والأوزاعي، ويحيي بن سعيد الأنصاري، ومالك، والشافعي، وأحمد، وعن أبي حنيفة، واجب وليس بفرض، وعنه سنة يأثم بتركه، واحتجوا بأدلة كثيرة وفيرة بسطها المؤلف رحمه الله في كتابه "تحفة المودود" ص160-184 فراجعه.
(*) من زاد المعاد لابن القيم بتحقيق الأرنؤوط 2/334.
([15]) أخرجه البخاري 10/486 في الأدب: باب أبغض الأسماء إلى الله، ومسلم (2143) في الأدب: باب تحريم التسمي بملك الأملاك، والترمذي (2839)، وأبو داود (4961) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ومعنى أخنع اسم، أي: أذل وأفجر وأفحش.
([16]) أخرجه مسلم (2132) في الآداب: باب النهي عن التكني بأبي القاسم، والترمذي (2835) و(2036) من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله، وعبد الرحمن" وأما لفظ المؤلف، فقد أخرجه أبو داود (4950) والنسائي 6/218 و219، والبخاري في "الأدب المفرد" 2/277 من حديث أبي وهب الجشمي، وفي سنده عقيل بن شبيب وهو مجهول، وباقي رجاله ثقات.
([17]) أخرجه مسلم (2137) في الأدب: باب كراهة التسمية بالأسماء القبيحة، والترمذي (2838)، وأبو داود (4958) من حديث سمرة بن جندب. قال الخطابي رحمه الله: قد بين النبي ﷺ المعنى في ذلك، وكراهة العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها إما التبرك بها، أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذرهم أن يفعلوا لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد، وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثم يسار، أثم رباح، فإذا قيل: لا، تطيروا بذلك وتشاءموا به، وأضمروا على الإياس من اليسر والنجاح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الإياس من خيره.
([18]) أخرجه مسلم (2139) وأبو داود (4952) من حديث ابن عمر.
([19]) أخرجه مسلم (2140) من حديث ابن عباس.
([20]) أخرجه مسلم (2142) (19) من حديث زينب بنت أبي سلمة.
([21]) أخرجه أبو داود (4954) من حديث أسامة بن أخدري، وإسناده صحيح.
([22]) أخرجه أبو داود (4955) والنسائي 8/226 – 227، والبخاري في "الأدب المفرد" من حديث المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جده هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله ﷺ مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله ﷺ، فقال: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء، أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله ﷺ: ما أحسن هذا، فما لك من الولد؟ قال: لي شريح ومسلم وعبد الله، قال: فمن أكبرهم؟ قلت: شريح، قال: فأنت أبو شريح، وإسناده صحيح.
([23]) أخرجه البخاري 10/473-474 في الأدب: باب اسم الحزن، وأبو داود (4956).
([24]) ذكره أبو داود في "سننه" بعد حديث الحزن (4956) وقال: تركت أسانيدها للاختصار.
([25]) أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي ﷺ" ص274 من حديث أبي هريرة، وفي سنده عمر بن راشد وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه البزار ص242 من حديث بريدة بنحوه، ورجاله ثقات، فيتقوى به وذكره السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص82 من حديث أبي هريرة، ومن حديث بريدة، وقال: وأحدهما يقوى الآخر.
([26]) أخرجه مسلم (2270) في الرؤيا: باب رؤيا النبي ﷺ، وأبو داود (5025) في الأدب: باب ما جاء في الرؤيا، وأحمد 3/286.
([27]) أخرجه البخاري 5/251 عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو، قال النبي ﷺ: "قد سهل لكم من أمركم" قال الحافظ: وهو مرسل، ولم أقف على من وصله بذكر ابن عباس فيه، لكن له شاهد موصول عند ابن أبي شيبة من حديث سلمة بن الأكوع، قال: بعثت قريش سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى إلى النبي ﷺ ليصالحوه، فلما رأى النبي ﷺ سهيلاً، قال: قد سهل لكم من أمركم، وللطبراني نحوه من حديث عبد الله بن السائب.
([28]) أخرجه مالك في "الموطأ" 2/973 في الاستئذان: باب ما يكره من الأسماء من حديث يحيى بن سعيد وهو مرسل أو معضل، وقد وصله ابن عبد البر من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن عبد الرحمن بن جبير، عن يعيش الغفاري، ورجاله ثقات.
([29]) مختصر من رسالة الحجاب - للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.
([30]) رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
([31]) سورة الأحزاب آية 32-33.
([32]) سورة الأحزاب آية 53.
([33]) سورة الأحزاب آية 59.
([34]) سورة النور آية 30-31.
([35]) في الحديث الذي رواه أحمد والبخاري ومسلم.
([36]) رواه البخاري ومسلم.
([37]) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
([38]) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه ابن حبان.
([39]) من رسالة (نصائح دينية) تأليف دخيل بن مفرج الحجيلي.
([40]) سورة البقرة آية (227).
([41]) رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن أبي بكر بلفظ (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به) وصححه الألباني.
([42]) سورة التحريم آية 6.
([43]) جزء من حديث رواه مسلم وأحمد ولفظه (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون الناس. ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا).
([44]) سورة النحل، آية 90.
([45]) سورة النساء، آية 3.
([46]) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي عن أبي هريرة.
([47]) سورة النساء آية 34.
([48]) جزء من حديث أخرجه البخاري.
([49]) سورة البقرة آية 237.
([50]) سورة البقرة آية 228.
([51]) رواه الترمذي وصححه.
([52]) سورة النساء، آية 34.
([53]) سورة النساء، آية 34.
([54]) سورة الأحزاب، آية 32.
([55]) سورة الأحزاب، آية 34.
([56]) المصدر السابق.
([57]) سورة الأحزاب، آية 33.
([58]) سورة الأحزاب، آية 53.
([59]) جزء من حديث أخرجه البخاري.
([60]) سورة الأحزاب آية 59.
([61]) سورة النور، آية 31.
([62]) سورة الأحزاب، آية 32.
([63]) سورة النور، آية 31.
([64]) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح.
([65]) سورة النور، آية 31.
([66]) رواه البخاري وأحمد والترمذي وأبو داود عن ابن مسعود رضي الله عنه.
([67]) رواه البخاري ومسلم.
([68]) المصدر السابق.
([69]) سورة الأحزاب، أية 33.
([70]) سورة الأحزاب، آية 53.
([71]) متفق عليه.
([72]) رواه البخاري ومسلم.
([73]) رواه مسلم.
(*) رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه.
([74]) رواه الطبراني. وصححه الألباني.
([75]) رواه ابن أبي الدنيا. وضعفه الألباني.
([76]) سورة الروم آية 30.
([77]) سور الجاثية آية 23.
([78]) سورة المطففين آية 29.
([79]) أخرجه مسلم وأحمد والترمذي.
([80]) أخرجه ابن حبان في صحيحه وصححه الألباني.
([81]) أخرجه أحمد والحاكم. وصححه الألباني.
([82]) سورة النساء آية 34.
([83]) سورة التحريم آية 6.
([84]) متفق عليه.
([85]) من رسالة (الطرق الشرعية لحل المشاكل الزوجية) للشيخ سليمان الحميضي.
([86]) سورة الطلاق، آية 2-3.
([87]) رواه البخاري ومسلم.
([88]) رواه ابن ماجة والترمذي وقال حديث حسن.
([89]) رواه الترمذي والدارمي وصححه الألباني.
([90]) كتبها الشيخ أحمد بن عبد الرحمن القاسم.
([91]) سورة النور، آية 60.
([92]) الآية رقم 3 من سورة النساء.
([93]) رواه أبو داود وابن ماجة وحسن إسناده ابن كثير.
([94]) جزء من حديث رواه البخاري.
([95]) الآية رقم 32 من سورة النساء.
([96]) آية رقم 216 من سورة البقرة.
([97]) الآية رقم 19 من سورة النساء.
([98]) رواه أبو داود والنسائي عن معقل بن يسار وصححه ابن حبان والحاكم.
([99]) رواه الترمذي. وقال حديث حسن وابن ماجة والحاكم.
([100]) رواه الترمذي من حديث على بن أبي طالب وقال: غريب وليس إسناده بمتصل.
([101]) جزء من حديث رواه الشافعي والبيهقي عن ابن عباس ولفظه: لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل.
([102]) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
([103]) رواه الخمسة إلا أحمد.
([104]) من أراد الاستزادة من هذا الموضوع فليقرأ الكتب التالية:
أ- الإسلام وتعدد الزوجات لإبراهيم النعمة.
ب- تعدد الزوجات لا تعدد العشيقات لعبد الحليم عويس.
ج- تعدد الزوجات لعبد الناصر العطار.
د- حكمة تعدد زوجات النبي ﷺ للصواف.
ه- المرأة بين الفقه والقانون لمصطفى السباعي.
و- الإسلام وتعدد الزوجات لعبد التواب هيكل.
([105]) حديث ابن مسعود "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يبعث الله إليه ملكًا ويؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقيًا أو سعيدًا"... الخ أخرجه البخاري ومسلم والأربعة.
([106]) الآية رقم 5 من سورة الطلاق.
([107]) جزء من حديث رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز. وإن أصابك سيء فلا تقل لو إني فعلت كذا كان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان".
([108]) سورة هود آية 71.
([109]) الآية رقم 39 من سورة آل عمران.
([110]) أخرجه البخاري. وتمامه "ودعا له بالبركة ودفعه إلى" وكان أكبر ولد أبي موسى.
([111]) رواه الإمام أحمد والبيهقي والطبراني في المعجم الكبير. وحسنه الألباني.
([112]) رواه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.
([113]) رواه الجماعة عن أبي هريرة رضي الله عنه.
([114]) رواه أبو داود والبيهقي وأحمد من حديث عثيم بن كليب عن أبيه عن جده. وحسنه الألباني.
([115]) أخرجه بهذا اللفظ الطبراني في المعجم الصغير وابن عدي في الكامل والبيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأخرجه النسائي وأحمد والطبراني في الكبير عن بريدة بدون "وختنهما لسبعة أيام" قال الحافظ ابن حجر: وسنده صحيح.
([116]) أخرجه بهذا اللفظ الترمذي والشافعي وابن ماجة وأحمد. وأخرجه مسلم بلفظ "إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل".
([117]) أخرجه الطبراني والحاكم عن الضحاك بن قيس بلفظ "اخفضي ولا تنهكي فإنه انظر للوجه وأحظى عند الزوج" وصححه الألباني.
([118]) أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي وأحمد ورواه البخاري في صحيحه معلقًا.
([119]) أخرجه أبو داود والطحاوي والبيهقي والطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال الألباني إسناده صحيح على شرط البخاري.
([120]) أخرجه الطحاوي في المشكل وابن حبان والطبراني في المعجم والأوسط وابن عدي في الكامل.
([121]) رواه الخمسة وصححه الترمذي.
([122]) ورواه الحاكم وفيه "قالت عائشة: بل السنة أفضل عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة تقطع جدولاً ولا يكسر لها عظم فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذلك يوم السابع فإن لم يكن ففي أربعة عشر فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين" وقال الحاكم صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.
([123]) رواه أحمد وابن ماجة والبيهقي والترمذي وصححه.
([124]) وهذا لفظ ابن ماجة.
([125]) ذكره أبو داود في "كتاب المراسيل".
([126]) أخرجه البخاري ومسلم وأحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([127]) وهو ما أخرجه أبو داود والترمذي والدارمي والحاكم والطحاوي والبيهقي من حديث سبرة بن معبد أن النبي ﷺ قال: "مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين وإذا بلغ عشر فاضربوه عليها" قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
([128]) رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما.